رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المعمدان بروح إيليا قال السيد المسيح إن مجيء يوحنا المعمدان هو مجيء إيليا المنتظَر، فقد قال عن يوحنا المعمدان: «هٰذَا هُوَ ٱلَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي ٱلَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ ٱلْمَوْلُودِينَ مِنَ ٱلنِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانِ، وَلٰكِنَّ ٱلأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانِ إِلَى ٱلآنَ مَلَكُوتُ ٱلسَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ، وَٱلْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. لأَنَّ جَمِيعَ ٱلأَنْبِيَاءِ وَٱلنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا، فَهٰذَا هُوَ إِيلِيَّا ٱلْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ» (متى ١١: ١٠-١٥). ومما يؤيد هذه الفكرة أن ملاك الرب وقف عن يمين مذبح البخور، حيث كان زكريا يبخّر وقال له: «طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَٱمْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ٱبْناً وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا. وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَٱبْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ، لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيماً أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِهِمْ. وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ ٱلآبَاءِ إِلَى ٱلأَبْنَاءِ، وَٱلْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ ٱلأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْباً مُسْتَعِدّاً» (لوقا ١: ١٣-١٧). في هذه الكلمات اقتبس ملاك الرب، ولعله جبرائيل، نبوة النبي ملاخي، وقال إنها ستتحقق في يوحنا المعمدان الذي يتقدم أمام المسيح بروح إيليا وقوته. إذاً إيليا الثاني هو إيليا روحي: هو يوحنا المعمدان. ولو أننا تأملنا حياة يوحنا المعمدان لوجدنا أن شخصيته وعمله يشابهان شخصية النبي إيليا وعمله. في المنظر الخارجي كان الاثنان متشابهين، فكلاهما عاش في الصحراء، وبدأت خدمتهما الدينية للّه بطريقة مباشرة (قارن ١ملوك ١٧: ١ ولوقا ٣: ٢). وكان الإثنان يلبسان نفس الملابس: لباس من وبر الإبل وعلى وسطه حزام من جلد (٢ملوك ١: ٨ ومتى ٣: ١٤). ولم يكن عمل إيليا تقديم رسالة جديدة من عند اللّه، ولكن هدفه كان أن يُعيد الشعب إلى العهد القديم مع اللّه، إلى سلطان اللّه. لقد تهدَّمت العبادة التي علَّم بها موسى، وإيليا يُعيدها إلى أصلها، وهكذا كان عمل يوحنا المعمدان أن يردّ كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم، ويردَّ قلوب الأبناء إلى الآباء، والعصاةَ إلى فكر الأبرار. وهذا يعني أن عمل المعمدان ليس خَلْق عبادة جديدة، ولا تقديم أفكار جديدة، لكن تثبيت العهود القديمة بين الناس وإلههم. لقد كان المعمدان جباراً في وعظه وتوبيخه للناس، بغضّ النظر عن مستواهم الاجتماعي، شأنه في ذلك شأن إيليا الذي كان يوبخ الملك. فقد كان يقول: «ٱلآنَ قَدْ وُضِعَتِ ٱلْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ ٱلشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي ٱلنَّارِ» (لوقا ٣: ٩) ولقد التقى المعمدان بهيرودس وجهاً لوجه ووبَّخه، لأنه تزوَّج بامرأة أخيه، كما واجه إيليا الملك الشرير أخآب، وبعده ابنه أخزيا. لقد تحققت نبوة النبي ملاخي بمجيء سابقٍ للسيد المسيح، يهيّئ الطريق أمامه، تكون له روح إيليا وقوته. وجاء إيليا الثاني يوحنا المعمدان. إننا باحترام كبير ننظر إلى إيليا النبي، الإِنسان الذي سلم نفسه للّه، وكان واقفاً أمام اللّه باستمرار، فاستمدَّ القوة من عرش النعمة، فدعا كل الشعب ليرجعوا إلى عهودهم المقدسة الأولى. وهكذا فعل يوحنا المعمدان وهو يدعو قائلاً: «أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلٰكِنِ ٱلَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، ٱلَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَنَارٍ. ٱلَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى ٱلْمَخْزَنِ، وَأَمَّا ٱلتِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ» (متى ٣: ١١ ، ١٢). هي دعوة لك للتوبة! |
|