ثم كان بعد حين أن عاين نبوخذ نصّر حلماً آخر أقلقه. رأى شجرة عظمت حتى بلغ ارتفاعها السماء ثم نزل "ساهر قدّيس" فقطعها إلا أصلها في الأرض. والشجرة كانت بشراً أُعطي قلب وحش سبعة أزمنة. وجيء بدانيال مفسِّراً فاستفظع الحلم وخشي البوح بتفسيره إلا بعد الأمان. والكلام كان أن نبوخذ نصّر هو تلك الشجرة. فقد زادت عظمته وبلغ السماء وسلطانه أقصى الأرض، فاستكبر، والله مزمع أن يزيل عنه المُلك ويطرده من بين الناس ويُسكنه بين الوحوش ثم يردّ له عقله ويستردّه بين الناس ويعيد إليه ملكه ليتعلم أن من سار بالكبرياء فهو قادر على إذلاله (34:4) وأن المُلك لله "يجعله لمن يشاء... وجميع سكان الأرض يُحسبون كلا شيء أمامه". وقد حدث كما تفوّه دانيال وتعلّم الملك درساً قائلاً: "باركت العليّ وسبّحت وعظّمتُ شأن الحي للأبد الذي سلطانه سلطان أبدي وملكه إلى جيل فجيل" (31:4).