07 - 09 - 2020, 06:40 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 18 نعمة الملوكية
إن كان الرحوم يتعرف على رحمة الله ويتجاوب معها، هكذا حتى في علاقتنا مع بعضنا البعض، فأننا نتفاعل معًا... الملتصق بالرحماء ينعم بالحياة الرحيمة، والملتصق بالقديسين ينعم معهم بالقداسة التي هي عطية الله لهم. لذلك يقول القديس أكليمندس الإسكندري: [ينبغي علينا أن نلتصق بالقديسين [25-26]، لأن من يلتصق بهم يتقدس[364]].
وكأن سرّ مجدنا هو التجاوب مع الله وقديسيه خلال الحياة الرحيمة الطاهرة؛ وذلك بروح الاتضاع والخضوع لعمل نعمته الإلهية. "لأنك أنت يارب تنجي شعبًا متواضعًا، وتذل عيون المتعظمين" [27]. ما ورد في العددين 25، 26 يخصان معاملات الله مع الأفراد، الآن يطبق ذات المبدأ على مستوى شعب الله ككل؛ فإنهم إذ يخضعون معًا بروح الاتضاع لإرادة الله يختبرون الله كمعين لهم، أما الذين يتكبرون في عجب باطل فيضعهم الله[365]؛ لأن طبيعة الله وخطته هي أن يمنح الخلاص للمعوزين والودعاء والمتضعين، بينما يكره الله الكبرياء في أي كائن! |
||||
07 - 09 - 2020, 06:40 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 18 نعمة الملوكية
بالاتضاع يتقبل المؤمن نعمة الله واهبة الاستنارة:
"لأنك أنت تنير سراجي، إلهي يضيء ظلمتي" [28]. يفيض قلب المرتل بالشكر والثقة معترفًا أن الله يضيء سراجه، بمعنى أن الله يهبه الحياة الحقة، إذ لا انفصال بين الاستنارة والحياة، فعندما تعرض داود في أواخر أيامه للقتل أشار عليه رجاله ألا يعود يخرج إلى الحرب حتى لا ينطفئ سراج إسرائيل (2 صم 22: 17). أدرك المرتل أنه ليس إلا سراجًا لا يستطيع أن يضيء بذاته إنما يحتاج إلى زيت النعمة الإلهية، يحتاج إلى السيد المسيح "نور العالم" أن يعلن ذاته فيه نورًا يبدد كل ظلمة قاتلة، منعمًا عليه بحيوية جديدة. وكأنه مع كل ظلمة آلام يصرخ إلى مخلصه لتفسح له الآلام الطريق لبهجة متجددة وتذوُّق جديد لحياة الاتحاد مع الله تحثه على ممارسة أعمال صالحة أكثر[366]. * "لأنك أنت تنير سراجي". ضياؤنا لا يصدر عن أنفسنا، بل أنت يارب الذي تنير سراجي. "إلهي يضيء ظلمتي". إننا في ظلمة الخطية؛ ولكن آه يارب، أنت تضيء ظلمتي. القديس أغسطينوس * مصباحًا واحدًا أنظر، وبنوره أستضيء، والآن أنا في ذهول، أبتهج روحيًا، إذ في داخلي ينبوع الحياة، ذاك الذي هو غاية العالم غير المحسوس. * إحمل نير ربك بقلبك، وعجب عظمته في عقلك دائمًا، فتسكب فيك نور ربك الوهج الذي يضيء قلبك. القديس يوحنا سابا "الشيخ الروحاني" * أيها النور الحقيقي، الذي تمتع به طوبيا عند تعليمه ابنه، مع أنه كان أعمى! أيها النور، الذي جعل اسحق - فاقد البصر - يعلن لابنه عن مستقبله! أيها النور غير المنظور، يا من ترى أعماق القلب البشري! أنت هو النور، الذي أنا عقل يعقوب، فكشف لأولاده عن الأمور المختلفة!... أنت هو الكلمة القائل: "ليكن نور"، فكان نور. قل هذه العبارة الآن أيضًا، حتى تستنير عيناي بالنور الحقيقي، وأميّزه عن غيره من النور... نعم، خارج ضياءك، تهرب الحقيقة مني، ويقترب الخطأ إليّ. يملأني الزهو، وتهرب الحقيقة مني! القديس أغسطينوس |
||||
07 - 09 - 2020, 06:40 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 18 نعمة الملوكية
إذ يضيء الرب النفس - أرض المعركة الروحية - لا يقوى عدو الخير بكونه مصدر الظلمة الداخلية أن يقف أمامه، إذ يقول المرتل:
"لأني بك أنجو من البلوى (التجربة). وبإلهي أثب السور" [29]. وبحسب النص العبري: "لأني بك اقتحمت جيشًا، وبإلهي تسوَّرت أسوارًا". المؤمن ضعيف جدًا بذاته، لكنه يتسلق الأسوار بل ويثب عليها؛ هذه الأسوار يضعها العدو كعوائق ضد ثقته بالله. بالله يجتاز المرتل كل تجربة وكل ضيقة بنصرات متجددة، محطمًا مدن العدو الحصينة. * ليس بقوتي الشخصية لكن بقوتك أنت وحدك أتغلب على التجربة... بمعونة الله وليس بقدرتي أقفز (أو أثب) على السور الذي أقامته الخطية بين الإنسان وأورشليم السماوية. القديس أغسطينوس * مكتوب: "بإلهي أثب السور"، سور الشر الذي يفرق الإخوة ويثير الانقسامات بينهم، ويحيد بهم عن الحق البابا أثناسيوس الرسولي * لقد عرف (المرتل) أن قوة المؤمنين تكمن في تقديم الشكر لله، إذ بفرحهم يقفزون فوق أسوار الأعداء، وذلك مثل القديسين القائلين: "... بإلهي أثب السور" البابا أثناسيوس الرسولي إلهنا هو يضيء حياتنا، ويرفعنا فوق كل تجربة فلا نتحطم، ويثب بنا فوق كل الحواجز... طريقه طريق ضيِّق وصعب لكنه عذب ومملوء أمانًا، لذا يقول المرتل: "إلهي طريقه نقية، كلام الرب مُختبر بالنار، وهو ناصر جميع المتكلين عليه" [30]. |
||||
07 - 09 - 2020, 06:40 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 18 نعمة الملوكية
طريق الرب الضيق نقي، من يدخله يدرك كمال الطريق من جهة الحب والرحمة والعدالة والقداسة والصلاح والأمان والضمان والنجاح. علينا أن نبدأ الطريق الإلهي وننتظر لنرى نهايته. الله في معاملاته مع شعبه كجماعة كما مع كل عضو منها بعيدة كل البعد عن الخطأ إذ هو أمين في عهده، وقادر على تحقيق وعوده في اللحظات الحاسمة، واهب النصرة الأكيدة للمتكلين عليه.
* عندما يتخلى إنسان عن إرادته الذاتية يتطلع في الحال إلى طريق الله بكونها بلا عيب، ليس فيها عوائق، أما إذا اعتدّ الإنسان بإرادته الذاتية فأنه لا يرى طريق الرب بلا عيب أو بدون عوائق الأب دوروثيؤس من غزة * "هو ناصر جميع المتكلين عليه". كل من يتكل على المسيح لا على الأنا، يجتاز التجربة بسلام، لأن الإيمان يوّلد رجاءً. القديس أغسطينوس الجزء الثاني: نعمة الملوكية 1. الاعداد لنعمة الملوكية: يبدأ الجزء الثاني من المزمور باعلان يترنّم به مجموعة من المرتلين في العبادة الجماعية، يسبحون به الله في شكل سؤال بلاغي: "لأن مَن إله غير الرب؟! أو من هو إله سوى إلهنا؟!" [31]. هنا يقارن المرتل بين الله "يهوه" والآلهة الأخرى التي يتعبد لها الأمم، ممجدًا سموه العالي. في الأعداد [32-36] أُعد داود لاعتلاء مركزه، حيث ينال نعمة الملوكية. الله هو المعلم والمدافع عن البطل الملك داود؛ إذ يمنحه قوة لا تُقهر، وسرعة حركة فيطأ المرتفعات بخطوات واسعة في ثقة بإلهه (تث 33: 29؛عا 4: 13؛ ميخا 1: 3). الله هو الذي يدرب الملك فيحسن استخدام الأسلحة، يهبه الحماية بالترس الإلهي، فلا تخور قوته، يعضده بقدرته الإلهية "يمينه". غير أن تمتع المرتل بنعمة الملوكية وقوة النصرة لا تدفعه إلى الكبرياء والاعتداد بذاته، إذ هو يعلم ضعف بشريته. "الله الذي يمنطقني بالقوة وجعل طريقي بلا عيب" [32]. |
||||
07 - 09 - 2020, 06:41 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 18 نعمة الملوكية
إذ يقيم الله الإنسان ملكًا روحيًا يمنطق حقويه بالقوة، فيمتلئ حيوية وحقًا وقداسة! يسير في طريق الله الملوكي الذي بلا عيب كأنه طريقه هو، يحمل قوة الله عاملة فيه وأيضًا بره وقداسته. بهذا ينطلق إلى أرض المعركة بلا خوف، لأنه ليس للعدو - إبليس - موضع في قلبه. الخطية التي نزعت عن الإنسان كرامة الملوكية وسلطانها يحطمها الله المخلص ليرد إليه نعمة الملوكية الكاملة والغالبة.
"ويثبت رجليّ كالإيل، ويقيمني على أعاليه" [32]. الإيل أو أنثى الظبي مدهشة في حركتها ورشاقتها، تستطيع أن تقفز إلى مسافات كبيرة، وتجري بسرعة عظيمة، ورغم خجلها بطبيعتها لكن عند إثارتها للمباراة تصير مقاتلاً مدهشاً يقاتل بالقائمتين. الاشارة هنا إلى سرعة هذا الحيوان يستخدمها داود النبي ليس فقط ليعلن عما وهبه الله من سرعة الحركة فلا يكون في متناول يد أعدائه، وإنما ليشير أيضًا إلى هجومه على العدو الشرير[370]. نلاحظ هنا في نعمة الملوكية لا يقف الإنسان مدافعًا ضد العدو وإنما أيضًا يهاجمه، لأنه جندي صالح لحساب ملكوت الله. "يكون الهجوم بالحب والصلاة الدائمة ضد الشر لا ضد نفوس الخطاة". وقد عبّر المرتل عن الصلاة الهجومية والحب الغالب بقوله: "بإلهي أثب السور" [29]؛ أي يقفز بالحب والصلاة إلى مدينة العدو ليحطم الشر وينقذ النفوس الأسيرة. خلال نعمة الملوكية يتحرك المؤمن كالإيل بسرعة فائقة في محبة المسيح وفي الشهادة له وفي ممارسة كل فضيلة خاصة حب الآخرين، ومع نهاية كل حركة يقيمه الله على مرتفعاته (أعاليه) فلا يلحق به إبليس ولا يمسه شر! * "ويثبت رجليّ كالإيل". جعل حبي كاملاً فأستطيع القفز فوق أشراك هذا العالم الشائكة الشريرة. "ويقيمني على أعاليه"، أي يركز نظراتي على المسكن السماوي حتى أبلغ إلى ملء الله (أف 3: 19). القديس أغسطينوس |
||||
07 - 09 - 2020, 06:41 PM | رقم المشاركة : ( 26 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 18 نعمة الملوكية
مع كل حركة حب وجهاد في الرب يرفعني بتعزياته الإلهية كما إلى جبله المقدس ليعلن لي بهاء مجده داخلي، فأعود من جديد لأدخل في معركة جديدة روحية، لا ضد لحم ودم بل ضد أجناد الشر الروحية في السمويات (أف 6: 12)، لذا يكمل المرتل: قائلاً:
"الذي يُعلّم يديَّ القتال، وجعل ساعديَّ أقواسًا من نحاس. ومنحني نصرة خلاصي، ويمينك عضدَّتني" [34-35]. * يعلمني الله أن أكون ماهرًا في القتال ضد المقاومين (الشياطين) الذين يهدفون إلى إقامة حاجز يحجبني عن ملكوت السموات. القديس أغسطينوس إنها سلسلة لا تنقطع من الحروب، يتبعها نصرات متتالية، وتمتع متجدد بقوة الله الغالبة بنا وفينا. يقول الرسول: "إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية، بل قادرة بالله على هدم حصون، هادمين ظنونًا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله، ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح" (2 كو 10: 3-5). ويقول المرتل: "يسقط عن يسارك ألوف، وعن يمينك ربوات، وأنت لا يقتربون إليك" (مز 91: 7). |
||||
07 - 09 - 2020, 06:41 PM | رقم المشاركة : ( 27 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 18 نعمة الملوكية
2. استسلام الأعداء:
مع كل خبرة جديدة يتشدد قلب المؤمن ليجاهد خلال نعمة الملوكية حتى المنتهى، قائلاً: "أوسعت خطواتي تحتي وعقباي لم يضعفا. أطرد أعدائي فأدركهم، ولا أرجع حتى يفنوا" [36-37]. * إذ أتقوى بقوتك لذلك أنطق بالكلمات التالية بجسارة: "أطرد أعدائي فأدركهم ولا أرجع حتى يفنوا"[371]. القديس يوحنا كاسيان توسيع الخطوات أو مكان الوقوف يعطي ثباتًا وشجاعة لا يمكن أن يهزهما شيء ما. يرى القديس غريغوريوس أسقف نيصص أن القديس بولس يشبه داود النبي في قتاله ضد عدوه، فكان يجري بسرعة من أمامه. [هكذا كان بولس مقاتلاً سريع الحركة ورشيقًا، وكان داود يوسّع خطواته أثناء تعقبه عدوه، وأيضًا العريس في سفر النشيد يشبه الظبي يقفز بسرعة على الجبال، طافرًا على التلال (نش 2: 8-9)[372]]. ظن العمالقة أنهم غلبوا وانتصروا إذ هربوا بالأسرى والغنيمة بعدما أحرقوا صقلع بالنار، لكن داود النبي استشار الرب وانطلق يتقبهم حتى أدركهم وكسرهم واسترد كل ما أخذوه (1 صم 30). وهكذا إذ نسلك حسب مشورة الله ونستند على نعمته الغنية تهرب الخطايا وتذوب قلوب الشياطين من أمامنا، نلحق بهم ونسترد كل ما قد فقدناه! بقوله: "لا أرجع حتى يفنوا" يعلن المرتل أنه لم يقف عند نواله نصرة ما أو حتى سلسلة نصرات، إنما يجاهد حتى يبلغ كمال النصرة، حتى يتدمر العدو تمامًا... الأمر الذي لم يتحقق بداود – بصورة كاملة - وإنما بالسيد المسيح ابن داود، الذي غلب مملكة الظلمة، واهبًا هذه النصرة لمؤمنيه، حتى بصليبه لا يُترك في قلوبهم أو أفكارهم أو كلماتهم أو أعمالهم أثرًا للخطية، فيترنم كل واحد منهم قائلاً: "أطرد أعدائي فأدركهم، ولا أرجع حتى يفنوا" وكما يقول القديس بولس: "إله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعًا" (رو 16: 20). * لا تكف عن ملاحقتي حتى يفنى شري، وأعود إلى رجُلي الأول، الذي يعطيني صوفي وكتاني، زيتي ودقيقي، ويقوتني بأغنى الأطعمة. إنه هو الذي سيَّج حولي، وأغلق عليّ طرقي الشريرة، حتى أجده بكونه الطريق الحقيقي، القائل في الإنجيل: "أنا هو الطريق والحق والحياة"[373]. القديس جيروم * ليس المصارعون وحدهم هم الذين أحيانًا يلقون آخرين أرضًا وأحيانًا يسقطون هم بدورهم، فإن الشياطين أيضًا تصارع ضدنا، أحيانًا تلقينا إلى أسفل وأخرى نلقيهم نحن إلى أسفل. يقول المرتل: "أضيّق عليهم (أسحقهم) فلا يستطيعون الوقوف" [38]، وأيضًا: "عندما يقترب مني الأشرار ليأكلوا لحمي، الذين يضايقونني وأعدائي هم ضعفوا وسقطوا"[374]. القديس أوغريس من بنطس |
||||
07 - 09 - 2020, 06:41 PM | رقم المشاركة : ( 28 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 18 نعمة الملوكية
القديس أوغريس من بنطس
* إذا صليت ضد آلامك (شهواتك الشريرة) والشياطين التي تهاجمك، تتذكر ذاك الإنسان القائل: "أطرد أعدائي فأدركهم، ولا أرجع حتى يسقط جميعهم. أسحقهم فلا يستطيعون الوقوف، يسقطون تحت قدميَّ إلخ..." تقول هذا في الحظة الحاسمة التي فيها تتسلح ضد خصمك بالاتضاع القديس أوغريس من بنطس * "أذريهم كالهباء أمام وجه الريح" [42]. أحوّلهم إلى غبار، لأنهم رفضوا اغداق نعمة الله عليهم. إنهم مختالون بأنفسهم ومتعجرفون بكبريائهم، فحُرموا من صلابة الرجاء الذي لا يتزعزع، صاروا كغبار يُدفع بعيدًا عن الأرض الصلبة الثابتة. القديس أغسطينوس هكذا بعدما أعلن المرتل أن الله هو سرّ قوته ونصرته، فلا يهرب من ساحة القتال بل يهاجم الخطايا ويبث الحرب على الشياطين، يحطم أسوارهم الواهية، ويبدد طاقتهم، ويقتفي آثارهم حتى يهلكهم تمامًا... الآن يكشف عن ضعف العدو المعتدّ بذاته ومتعجرف حتى على الله نفسه. يصور المرتل حال العدو هكذا: أ. إنهم هاربون أمامه في غاية الضعف: "يجعل الرب أعداءك القائمين عليك منهزمين أمامك، في طريق واحدة يخرجون عليك، وفي سبع طرق يهربون أمامك" (تث 28: 7). ب. يسقطون واحد وراء الآخر حتى يفنى الكل [38]، ويستأصلهم الرب [41]. ج. يصيرن في مذلة تحت قدميه. د. يصرخون وليس من يخلص أو يستجيب [42]. ه. يصيرون كالهباء ليس لهم قيمة ولا موضع استقرار، يود الكل أن يتخلص منهم؛ ومثل طين الشوارع يدوسهم المرتل [42]. بينما يصير المؤمن كالجبل العالي المستقر المرتفع نحو السماويات يصير العدو كطين الشوارع تحت الأقدام! |
||||
07 - 09 - 2020, 06:42 PM | رقم المشاركة : ( 29 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 18 نعمة الملوكية
3. رئاسة على الأمم:
"نجني من مقاومات الشعب، وتقيمني رأسًا على الأمم. الشعب الذي لم أعرفه تعبدّ لي. وبسمع الآذان أطاعني. أبناء الغرباء كذبوني. أبناء الغرباء تعتقوا وتعرجوا من سبلهم" [ 43-45]. لا يمكن أن تتحقق هذه الكلمات بالكامل إلا في شخص ربنا يسوع المسيح، ابن داود، الذي نزل إلى عالمنا، وصار ملكًا على جميع المؤمنين القادمين من الأمم؛ هو ملك الملوك (رؤ 17: 14). الشعب المذكور هنا هو كنيسة العهد الجديد، أما أبناء الغرباء فهم اليهود الذين صاروا غرباء. لقد أراد السيد المسيح أن يجددهم خلال العهد الجديد، لكنهم تمسكوا بالإنسان العتيق (تعتقوا) (يو 8: 34-59). لهذا لا يدعون بعد شعب الله ولا أمة مقدسة بل حكام سدوم وشعب عمورة، بل فاقوا بهذا إثم سدوم، لذلك قيل: "سدوم مبررة أمامي" (حز 16: 48؛ مرا 4: 6). * "وبسمع الآذان أطاعني"؛ لم تراني أعينهم قط، لكنهم بقبولهم الكارزين بي أطاعوا أول نداء لصوتي. القديس أغسطينوس * "أبناء الغرباء تعتقوا". أبناء لا يستحقون أن ينسبوا لي، بل هم غرباء وبحق دعوا هكذا... صار هؤلاء البنون غرباء، هؤلاء الذين أردت أن أجدد شبابهم حسب تدبير العهد الجديد، لكنهم لبثوا في إنسانهم العتيق. إنهم "تعرجوا من سبلهم". يزحفون بقدم واحد (كعرج) مكتفين بالعهد القديم، رافضين العهد الجديد بشدة، فصاروا عُرجًا. حتى في اتباعهم الناموس القديم فضَّلوا تقليداتهم الخاصة بهم عن تقليدات الله؛ حسبوا عدم غسل الأيدي جريمة، وما إلى ذلك من طرق سلكوها، متجاهلين طريق وصايا الله. القديس أغسطينوس * حقًا إنه لأمر يدعونا للعجب، كيف أن الذين نشأوا على (معرفة) الكتب النبوية، الذين كانوا يسمعون موسى كل يوم يخبرهم عشرة آلاف أمرًا يخص مجيء المسيح، ثم جاء الأنبياء الآخرون من بعده، وقد عاينوا المسيح نفسه يصنع المعجزات كل يوم في وسطهم، مكرسًا كل وقته لهم وحدهم، ولم يكن قد سمح بعد لتلاميذه أن يسلكوا في طريق الكرازة للأمم، أو الدخول إلى مدينة السامريين، كما لم يفعل هو ذلك، معلنًا في كل موضع أنه قد أُرسل إلى خراف بيت إسرائيل الضالة (مت 10: 5)... (أقول) كيف أنهم بالرغم من رؤيتهم للعلامات وسماعهم للأنبياء وكيف كان يذكّرهم المسيح بنفسه باستمرار، مع ذلك صيَّروا أنفسهم عميانًا وأغبياءً تمامًا فإن كل هذه الأمور لم تأتِ بهم إلى الإيمان بالمسيح (مت 15: 24). أما الأمم الذين لم يتمتعوا بشيء من هذه الأمور، إذ لم يسمعوا صوت الوحي الإلهي قط، أو كما يقول قائل، ولا حتى في حلم، بل كانوا دومًا مبلين بشعرائهم الأغبياء، مستعبدين للأصنام والحجارة، ولم يقتنوا شيئًا ذات معنى أو صالحًا لا في عقائدهم ولا في أحاديثهم... وبالرغم من سقوطهم كما إلى أعماق الشر، فجأة كما لو كان بقوة آلية ظهروا أمامنا مضيئين من العلاء، ومن أعلى قمة السماء؟! القديس يوحنا الذهبي الفم * قدم الأنبياء الاعلان؛ لكن ما هو هذا "الشعب" الذي كان يجهل الله، إلا شعبنا الذي لم يعرف الله في الماضي؟ والشعب الذي انتبه إلى الله عندما سمع عنه بالآذن، فتحولنا إليه بعدما هجرنا الأوثان؟[377]. العلامة ترتليان |
||||
07 - 09 - 2020, 06:42 PM | رقم المشاركة : ( 30 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 18 نعمة الملوكية
هكذا دُعي اليهود للتمتع بالبنوة لله لكن الذين جحدوا المسيح ورفضو النبوات صاروا أبناء الشيطان... وكما يقول القديس إيريناؤس: [الذين لا يؤمنون ولا يطيعون إرادة الله هم أبناء الشيطان وملائكته، إذ يصنعون أعماله. هذا هو الحال كما أعلن الله في إشعياء: "ربيت بنين ونشأتهم؛ أما هم فعصوا عليّ" (إش 1: 2). مرة أخرى يقول إن هؤلاء البنين صاروا بني الغرباء يكذبون عليّ [45]. فبحسب الطبيعة هم أبناء، إذ هكذا خُلقوا، لكن حسب أعمالهم لم يعودوا أبناء له[378]].
4. حمد وشكر: تقدم الحرب الروحية خبرات جديدة للنصرة بالرب، تدفع القلب كله إلى حياة التهليل. وكأن تسبيح الرب والتهليل إنما يتحقق خلال الحرب الروحية، فيقول المؤمن المجاهد مع المرتل: "حيّ هو الرب، ومبارك هو إلهي، ويتعالى إله خلاصي... من أجل هذا اعترف لك يارب في الأمم. وأُرتل لاسمك يا معظم خلاص ملكه. وصانع الرحمة بمسيحه، داود وزرعه إلى الأبد" [46-50]. هكذا يسبح داود النبي الله الذي وهبه نعمة الملوكية، وسنده بنصرات متوالية. إنه يمجد الله ويرتل لاسمه، مخبرًا بأعماله العجيبة الكريمة، التي رفعته ليعتلي العرش. هنا يعترف داود كملك أنه "ملك لله"، على خلاف شاول الذي رفضه الله. ليتنا نتهلل بالله واهبنا نعمة الملوكية، هذا الذي مسحنا بروحه القدوس لنصير ملوكه هو! |
||||
|