كان جسمه نظيفاً ومشعاً نموذج التضحيّة في أوشفيتز
كان الـ٢٩ من يوليو الذكرى الـ٧٩ للنداء الدموي الذي أُطلق في أوشفيتز عندما قدم الأب ماكسيميليانو كولبي حياته من أجل رفيقه في السجن فرانشيسك غاجونيشيك وهو علماني ورب عائلة.
لم يحدد المؤرخون تاريخ هذه الحادثة لكن التاريخ الأكثر تداولاً هو ٢٩ يوليو ١٩٤١ بحسب شهادات عديدة. اختير يومها ١٠ مساجين ليُقتلوا وذلك بعد اكتشاف سلطات المعتقل فرار أحد سجناء المبنى ١٤.
كان ميشال ميشردسينسكي الذي توفي في العام ٢٠٠٦ آخر الشهود على هذه الحادثة التي قدم خلالها أب فرنسيسكاني كان في المعتقل منذ شهرين نفسه متطوعاً ليموت بدلاً عن رفيق له في السجن لا يعرفه شخصياً. أورد في شهادته التاريخ: ٢٩ يوليو وقال ان قائد المعتقل كان غائباً فقرر المدير أن ينتقم من السجناء بعد اكتشافه فرار سجين فأدانهم بالموت لتقاعسهم في التبليغ.
وكان الأب ماكسيميليانو أُدخل المعتقل في ٢٨مايو ١٩٤١ وأعطي الرقم ١٦٦٧٠. في البداية، طُلب منه جمع الحطام للبناء بعدها طُلب منه الاهتمام بالمواشي.
تدهورت حالته الصحيّة سريعاً في أوشفيتز ونُقل الى مستشفى المعتقل. اهتم به المساجين. عندما شعر أن حاله أفضل، أُخرج. عمل بعدها في غسل الثياب والمطبخ.
ويُقال انه قال لزميله في الزنزانة أسابيع قبل موته: “إن الكراهية ليست بالقوة الخلاقة فوحده الحب هو كذلك.”
في ٢٩ يوليو، طلب من قائد المعسكر، كارل فريتش باللغة الألمانيّة أن يموت هو مكان سجين لم يكن يعرفه شخصياً إذ كان هذا الأخير يطلب استرحاماً كونه رب عائلة.
أمضى الأب كولبي أيامه الأخيرة في الزنزانة رقم ١٨ من المبنى ١١ حيث نُقل مع المساجين الآخرين ليموت جوعاً. ويُقال انهم في الأيام الأولى كانوا يُصلون ويرنمون قبل أن تتلاشى الأصوات شيئاً فشيئاً. كان الألمان يسحبون الجثث تباعاً وكان الأب كولبي آخر الصامدين إذ توفي في ١٤ أغسطس بعد أن ساعدوه على الموت من خلال حقنه بحمض الكربون.
وقال برونو بورغوويك، مترجم المبنى: “كان الأب كولبي جالساً على الأرض متكئاً على الحائط وعيناه مفتوحتان. كان جسمه نظيف ومُشع.”
وكان البابا بولس السادس أعلنه طوباوياً في ١٧ أكتوبر ١٩٧١ وأعلنه البابا يوحنا بولس الثاني قديساً شهيداً في ١٠ أكتوبر ١٩٨٢