منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12 - 08 - 2020, 07:32 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,765

الرف الأخير

- لازم تخلى المنزل فورا... البيت ايل للسقوط.

استمعت العجوز الى هذه الكلمات بتعجب شديد وكأنها فى حلم.
من هم هؤلاء الاشخاص؟ ولماذا يهوى البيت بعد كل هذه السنين؟

كانت فى العقد الثامن من عمرها ولا تزال عيونها تحمل نفس النظرة الدافئة
و التى توحى بأنها كانت شديدة الجمال فى أيام شبابها...

وجهها يخلو من الانطباعات ولكنه اكتسى بالتجاعيد...
عاشت العجوز الجميلة طيلة الوقت وحيدة لا أحد يعرف السبب.
لم يكن لديها من يسأل عنها أو يهتم بها ويؤنس وحدتها.

زارها منذ عدة أعوام ذلك الضيف السئيل (الزهايمر) ليلتهم خلايا مخها
فصارت تنسي كل شئ ولا تتذكر الا القليل... خانتها ذاكرتها فى الكثير

من المرات ماعدا تلك المرة التى أتى إليها فيها مهندس الحي وزف اليها الخبر:

- لازم تخلى المنزل فورا... البيت ايل للسقوط.

صارت تتساءل عما يمكن أن يحل بها الان والى أين تذهب؟
ماذا تحمل معها من أشياءقيمة وماذا تترك للأنقاض؟

كان أثاث بيتها قديم ومتهالك ويحمل عليه أثار الزمن الغادر الذى قضي عليه
مثلما قضي على شبابها وجمالها الأخاذ.

صارت تتفقد ما حولها... تمرر أصابعها على كل أريكة وكل صورة...
تحاول أن تضع فى صندوق كبير ما تجده مهما أو يصلح للاستخدام الادمي
فيما بعد... هى لا تدرى الى أين تذهب ولكنها سترحل من منزل طفولتها
الذى لم تعرف غيره الى الان.

صارت تتفقد النباتات... تستنشق رحيل بعض الازهارالتى ذبلت على أعوادها...

ماذا تأخذ؟ ليست بحاجة الى كل ذلك...

وضعت فى صندوقها القليل مما وجدته نافعا وبعض السترات من خزانة ملابسها
تقيها البرد القارص حتى تحتم عليها ان تتفحص الرف الأخير...

كان هذا هوالرف الأعلى لم تكن تنظر اليه كثيرا لقصر قامتها و انحناء ظهرها
فشبت لتري ما به... وهنا تذكرت... تذكرت من أحضر لها تلك الزهرة الذابلة
التى لا تزال تحتفظ بأوراقها الجافة... تذكرت ساعة اليد التى لا تعمل الان
وكأن الوقت قد توقف عندها منذ زمن بعيد... تذكرت زجاجة العطر التى فاحت
رائحتها بمجرد فتحها حاملة اليها الاف الذكريات... تذكرت الشخص الوحيد
الذي أحبته وأهداها كل تلك الهدايا ثم رحل كما رحلت ذاكرتها تاركا اياها
وحيدة بائسة...

لم تستطع أن تخفى مشاعرها وانسالت من عينيها دموع كانت تظنها
قد جفت فى مقلتيها وصارت تقبل تلك الاشياء وكأنها أشخاص فهى
لم تستطع أن تكره من أحبته يوما...

اختارت فى النهاية أن تحمل معها تذكاراتها الى حيث لا تدرى
فلن يضيفوا الى الوزن الكثير.

أحكمت اغلاق صندوقها... كان عليها أن تخلى المنزل فى الصباح فقررت
أن تستريح قليلا بعد عناء العمل الذى تكبدته... كانت عيناها تتفحصان المنزل
والجدران للمرة الأخيرة... تحاول أن تستبقي فى ذاكرتها هذه الصور الثمينة
و تحميها من الوحش الكاسر الذى يعصف بها.

فى الصباح الباكر حضر العمال وأطالوا الدق على الباب ولما لم يجدوا جدوى
اضطروا لكسر الباب ليجدوا العجوز نائمة فى فراشها بلا حراك...

فما كان بهم الا أن طلبوا تصريح الدفن ثم بدأوا عملهم...
لحظات تحول فيها المنزل بما يحويه الى كومة من الأنقاض.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أنت تأخذ ما لدي، أنت لا تأخذ ما في داخلي
لا تأخذ
إما ان تأخذ كلّ شيء او لا تأخذ أي شيء .
تعلم أن تأخذ معك....
لا تأخذ بما تسمع


الساعة الآن 08:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024