رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا أثناسيوس الرسولي حامي الإيمان قداسة البابا تواضروس الثانى سعيد بوجودي معكم اليوم في هذه المناسبة الجميلة، مناسبة تدشين هذه الكنيسة، كنيسة القديس البابا أثناسيوس بمنطقة السيوف في الإسكندرية، والتي صارت أحد معالم الإسكندرية بجمالها ونشاطها وإنشاءاتها وأهلها الكرام. بنعمة المسيح دشنّا اليوم ثلاثة مذابح: المذبح الرئيسي على اسم البابا أثناسيوس الرسولي، وكلنا نعرف أن كلمة أثناسيوس معناها "خالد"، وهو بالحقيقة خالد، وهو فخر الكنيسة المصرية، ومن أكثر القديسين الذين اعترفت بهم جميع الطوائف، ويُعتبَر المرجع الأول للإيمان في العالم. ودشنّا المذبح البحري على اسم الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس، وهما آباء الرهبنة والسياحة الرهبانية. ودشنّا المذبح القبلي على اسم أمنا العذراء مريم، وهي فخر جنسنا، ونحتفل هذا العام بمرور خمسين سنة على ظهور السيدة العذراء مريم بكنيستها بالزيتون في القاهرة. وكنيستكم جميلة ومتميزة. ونشكر الآباء الكهنة ابونا انطونيوس وياه الاباء والاراخنة الاحباء اللي بذلوا مجهود واضح لتعمير الكنيسة . واليوم نفرح جدًا بتدشين هذه الكنيسة، حيث أن عدد الكنائس التي على اسم البابا أثناسيوس قليل جدًا. وهو كان من أشهر البابوات الذين جلسوا على الكرسي البابوي حوالي 47 سنة، وتميزت حياته بنشاط كبير جدًا، ليس في كرسي الإسكندرية فقط بل على مستوى العالم. واليوم نتكلم عن ثلاث نقاط رئيسة: 1- القديس أثناسيوس الرسولي نتمثل بإيمانه. 2- نفرح بسيرته. 3- نطلب شفاعته. أولًا: نتمثّل بإيمانه يجب أن نتمثل بإيمان القديس أثناسيوس الرسولي، الإيمان المستقيم، حتى أن الكنيسة لقّبته بـ"حامي الإيمان". وقد شارك في صياغة قانون الإيمان النيقاوي الذي نرتل ونصلي به ونقوله في صلواتنا حتى هذا اليوم (بالحقيقية نؤمن...)، وتعترف بقداسته جميع الكنائس المسيحية في العالم بلا استثناء، ويسمونه "أبو علم اللاهوت". وإيمان القديس أثناسيوس وتعبيراته عن الإيمان تُعتبَر هي المرجع الأول والاساسي لفهم الكتاب المقدس. ووضع لنا كتاب "تجسد الكلمة"، وكتب "ضد الوثنيين"، وكتب رسائل كثيرة من أشهرها ”الرسائل الفصحية“. وإيمان القديس أثناسيوس كلفه كثيرًا جدًا. وهو الذي كان يحدد موعد عيد القيامة لكل كنائس العالم. وعندما ظهرت بدعة آريوس الكاهن الذي انحرف عن الإيمان، ودائمًا الانحراف عن الإيمان يبدأ بالكبرياء، وظن أنه الأعظم والأفضل، وكانت النتيجة ذكره في التاريخ ببدعة آريوس. وهذه البدعة انتشرت حينها في أماكن كثيرة. وتولى القديس أثناسيوس مهاجمة الآريوسية بكل قوة دفاعًا عن الإيمان. وتألّبت عليه كل القوى فصمد ولم يهتز، ووقف وحده. حتى قيل له: "العالم كله ضدك يا أثناسيوس"، فأجاب: "وأنا ضد العالم"، فأُطلِق عليه لقب ضد العالم. ولولا عمل الله في البابا أثناسيوس الإسكندري، لضاع الإيمان. ولكن انتصرت نعمة المسيح، ونحن نعيش على إيمان أثناسيوس الرسولي. ولو في يوم ما ظهر شخص يدّعي أي شيء، نرجع إلى إيمان أثناسيوس الرسولي ونتمثل بإيمانه. وهو مصري الجنسية، ولأنه كان يتكلم اليونانية كانت بعض الكنائس بالعالم تنسب البابا أثناسيوس لها، لكن معروف بالكنيسة أن باباوات الكنيسة يُختارون من مصر. والقديس أثناسيوس كان مصريًا، وعاش كافة التقاليد المصرية، وكان يفتخر وهو بطريرك يأنه كان يصبّ الماء على يد القديس أنبا أنطونيوس أب جميع الرهبان، وذُكِر هذا في التاريخ. نتمثل به لأن إيمانه قامة كبيرة، ليس على حسب الإسكندرية ولا مصر فقط، لأنه عندما تم نفيه خارج مصر استغل وقت النفي هناك وكتب سيرة القديس أنبا أنطونيوس أب جميع الرهبان، وكانت الرهبنة في بداية النشأة، وكان يعلّم عن أنبا أنطونيوس، وتم نشر السيرة في الغرب. وحتى اليوم، الكتاب الذي كتبه عن حياة أنبا أنطونيوس كان البذرة الأولى التي نشرت الرهبنه في العالم خاصة في أوروبا. نحن نتثمل بإيمان القديس أثناسيوس الرسولي، ونعيش بالإيمان الذي تسلمانه منه. واليوم عندما ندشن كنيسة القديس أثناسيوس الذي عاش في القرن الرابع الميلادي، بينما نحن اليوم في القرن الحادي والعشرين (أي أن هناك سبعة عشر قرنًا بيننا)، فكأننا نقول أمام الله إننا لا زلنا على هذا الإيمان المستقيم في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية، ونحفظ سيرة هذا البطل العظيم في الإيمان، ونتمثل بإيمانه وجهاده. ثانيًا: نفرح بسيرته عندما نذهب لدير مار مينا ونري المنطقة الأثرية والمدينة المرمرية التي كانت موجودة بالرخام، نتذكر أن الذي دشنّ الكاتدرائية بمريوط هو القديس أثناسيوس، وهو أيضًا أول من رسم أساقفة من بين الرهبان، وأول من ذهب للخدمة في إثيوبيا ورسم أسقفًا بِاسم أنبا سلامة (لذلك هذا الاسم محبوب جدًا هناك). وسيرة القديس أثناسيوس هي سيرة عطرة، منذ أن كان شابًا وصار بطريركًا في عمر الثلاثين، وكان شماسًا مساعدًا للبابا ألكسندروس، وصار أثناسيوس مدافعًا عن الإيمان ومجاهدًا وخادمًا للبابا ألكسندروس (البطريرك الـ19)، واختير فيما بعد ليكون بطريرك الإسكندرية في عمر الثلاثين، حيث أهّله نبوغه وتواضعه ليكون بطريركًا عظيمًا، ويخدم ويطوف مصر كلها، ويدشن ويزور كنائس وأديرة. ورغم أنه نُفِي خمس مرات عن كرسيه ومنهم مرة خارج البلاد، لكن شعبه كان يحبه جدًا. وكانت خدمته تثمر، ولعل هذة الكنسية هي ثمرة من ثماره في الجهاد من القرن الرابع الميلادي. نحن نتمثل إيمانه، وعندما نكون في كنيسة تحمل اسمه، فكل واحد فيكم يحمل الإيمان القوي الذي عاشة القديس أثناسيوس. ونفرح أيضًا بسيرته العطرة، ونفتخر أن أحد أجدادنا هو البابا أثناسيوس الرسولي. وكما قلت من قبل، إنه من الممكن أن تختلف كنائس العالم في أمور كثيرة، لكن أحد الأشياء التي نجتمع عليها هي القديس أثناسيوس، وعندما تختلف الكنائس في أمر ما يكون المرجع هو القديس أثناسيوس، وعندما نحكم على إذا ما كانت طائفة ما مسيحية أم لا، فيكون ذلك من خلال قانون الإيمان الذي شارك القديس أثناسيوس في وضعه. ثالثًا: نطلب شفاعته نصلي ونطلب شفاعة القديس أثناسيوس من أجلنا، خصوصًا في هذا اليوم. وبالتأكيد البابا أثناسيوس في غاية السعادة ونحن اليوم ندشن كنيسة على اسمه وفي موضع كرسيه بمدينة الإسكندرية، ثم أن الكنيسة الخاصة باسمه تليق به من حيث جمال الأيقونات وعددها، والتصميم الهندسي الذي استغرق 13 سنة في الإنشاء، والمذابح الجميلة... ولكن أجمل ما في الكنيسة هو شعبها. ونحن لا نفتخر بامتلاكنا لكنيسة أو محتويات لأن الكنيسة هي موضع التوبة. وعندما نكون في كنيسة على اسم القديس أثناسيوس، نقول لربنا: ثبّت إيماني لكي أكون مستحقًا أن أكون ابنًا للقديس أثناسيوس في القرن الـ21، وفي إيمانه وجهاده وسيرته العطرة. عندما ندخل الكنيسة ونفرح بجمالها، نتسائل: كيف يكون جمال السماء؟ لذلك نصلي قائلين: «كما في السماء، كذلك على الأرض». ولإلهنا المجد الدائم آمين. |
|