“أَبَانَا الَّذي في السَّمَاوَات…”
إنجيل القدّيس متّى 6 / 5 – 15
قالَ الربُّ يَسوع: «مَتَى صَلَّيْتُم، لا تَكُونُوا كَالمُرائِين، فَإِنَّهُم يُحِبُّونَ الصَّلاةَ وُقُوفًا في المَجَامِع، وفي زَوايا السَّاحَات، لِكَي يَظْهَرُوا لِلنَّاس. أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُم قَدْ نَالُوا أَجْرَهُم.أَمَّا أَنْتَ، مَتَى صَلَّيْتَ، فَٱدْخُلْ مُخْدَعَكَ وأَغْلِقْ بَابَكَ، وصَلِّ لأَبِيكَ في الخَفَاء، وأَبُوكَ الَّذي يَرَى في الخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيك.وعِنْدَمَا تُصَلُّون، لا تُكْثِرُوا الكَلامَ عَبَثًا كَالوَثَنِيِّين، فَهُم يَظُنُّونَ أَنَّهُم بِكَثْرَةِ كَلامِهِم يُسْتَجَابُون.فلا تَتَشَبَّهُوا بِهِم، لأَنَّ أَبَاكُم يَعْلَمُ بِمَا تَحْتَاجُونَ إِليْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوه.أَمَّا أَنْتُم فَصَلُّوا هكَذَا: أَبَانَا الَّذي في السَّمَاوَات، لِيُقَدَّسِ ٱسْمُكَ،ليَأْتِ مَلَكُوتُكَ، لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا في السَّمَاءِ كذلِكَ عَلى الأَرْض. أَعْطِنَا خُبْزَنا كَفَافَ يَوْمِنَا. وَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنا كَمَا غَفَرْنَا نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنا.ولا تُدْخِلْنَا في التَّجْرِبَة، لكِن نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّير.فَإِنْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِم يَغْفِرْ لَكُم أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيّ. وإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ فَأَبُوكُم أَيْضًا لا يَغْفِرُ لَكُم زَلاّتكم. التأمل: “أَبَانَا الَّذي في السَّمَاوَات…”
ها قد دخلت مخدعي وأغلقت الابواب، أغلقت النوافذ التي تشدني الى الخارج، أغلقت حواسي ودخلت الى ذاتي لأصلي في سكون نفسي، لأصلي في سرّي.. في صمتي… وشفاهي مغلقة، وكلماتي خرساء عمياء كصحراء جرداء.
دخلت بهدوء سرّي الى ذلك الخفاء كي لا يستيقظ فيّ الصوت، وعزف قلبي لحن الأحبّة لم يسمعه سوى الساكن في كياني الذي اجتاح ذهني وملك روحي.. أسمعته وحده صلاتي دون تشويش أو إزعاج أحد..
صليت “الابانا” لمن هو أبي، أن يُفهمني معنى الابوة لأبنائي في البيت والرعية والعالم أجمع، أن أقف الى جانب الصغير حامياً حدوده، مدافعاً عن براءته، مناضلاً في سبيله، وإلى جانب الضعيف ليقوى فيك، وإلى جانب المريض ليبرأ بك، وإلى جانب المهمّش ليندمج معك في مشروع بناء الحياة…
صليت “الابانا” ليتقدس إسمك ويتمجد في خدمتي ورسالتي، في أعمال يدي، وفي لقائي مع القديسين مودعاً إنساني القديم البالي، ومستقبلاً إنساني الذي سكت لتتكلم أنت واستراح لتعمل أنت…
صليت “الابانا” ليأتي ملكوتك في عالمي، فيتحول من الظلمة الى النور، ومن اللامبالاة الى الالتزام ومن التردد الى الإنطلاق، ومن الكسل الى العمل، ومن الخيانة إلى الأمانة…
صليت “الابانا” كي أصنع مشيئتك لا مشيئتي، وأتمم سعيك لا سعيي وأحقق إرادتك لا إرادتي وأغفر لمن أساء إلي دون حساب..
فأعطني يا رب نعمة منك كي لا أدخل في أي تجربة لأنك أبي وعالمٌ بضعفي وزلاتي، إرحمني وأنقذني من أنانيتي لأرنم في ليلي ونهاري مجدك… آمين