14 - 02 - 2020, 04:12 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبينا الجليل في القديسين غريغوريوس أسقف نيصص
الفرح إلى الوقت الذي رقد فيه القديس باسيليوس، عاش غريغوريوس في هدوء وبساطة أمّنا له قسطاً لا بأس به من الفرح. لم يطلب شيئاً لنفسه ولم تكن له طموحات كما لسواه. كان يكفيه أن يقوم بواجبه وأن يقضي سحابة أيّامه في وصال مع ربّه في صلاة وشكر. كان يعلّق على حياة الصلاة أهمية قصوى. من أقواله فيها: "الصلاة هي بهجة الفرحين وتعزية المضنوكين وتاج العروس والعيد في أعياد الميلاد والكفن الذي يلفّنا في مثوانا الأخير". أن يصلّي المرء، ألا يطلب شيئاً في المقابل، أن يخدم ربّه، أن يجتنب التجارب، أن يمسّ الأرض بخفّة بقدميه، أن يكون دائم الفرح، هو كل المشتهى في عين غريغوريوس، وهلاّ لإنسان أن يلتمس في حياته أكثر من ذلك؟! |
||||
14 - 02 - 2020, 04:12 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبينا الجليل في القديسين غريغوريوس أسقف نيصص
آلام ونضج سنة 379 م اشترك غريغوريوس في مجمع أنطاكي وكلِّف القيام بجولة استطلاع على كنائس البنطس. سبسطيا الأرمنية رغبت في أن يكون أسقفها وانتهى الأمر باختيار أخيه بطرس أسقفاً عليها. سنة 381 م اشترك و صديقه غريغوريوس اللاهوتي في المجمع المسكوني الثاني في القسطنطينية. وقد ألقى الخطبة الافتتاحية فيه، ثم بكى بعد أيام وهو يلقي جنائزيته إثر وفاة القديس ملاتيوس الأنطاكي. سمّاه الإمبراطور ضامن الأرثوذكسية في بلاد البنطس. مهمته كانت أن يمتحن إيمان أساقفتها، فيثبِّت النيقاويين ويقيل الآريوسيين. وقد ذُكر أن القسم الأخير من دستور الإيمان، وهو المضاف إلى الوثيقة النيقاوية، من عمله.... وضربت الصاعقة. رقد القديس باسيليوس! ما كان القديس غريغوريوس يتظلّل به انتزح، وما كان يتكئ عليه ارتحل. كان أمام قديسنا خياران: إما أن يموت وإما أن يكبر، ولكن بالآلام. فكان أن كبر إلى قامة شهد له بها آباء زمانه والأزمنة اللاحقة إلى اليوم. ولم تمض عليه أشهر قليلة من وفاة شقيقه حتى تلقى صدمة أخرى بوفاة شقيقته مكرينا التي كان يدعوها "معلمته الروحية". فجأة وجد القديس في حضنه إرثاً عظيماً، في مستوى اللاهوت والحياة الرهبانية. أضحى في مقدّمة المدافعين عن الأرثوذكسية. غياب من أحب أخرجه من اتكاليته إلى روح المسؤولية والثقة بالنفس. |
||||
14 - 02 - 2020, 04:12 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبينا الجليل في القديسين غريغوريوس أسقف نيصص
وكانت له في مدينة القسطنطينية لقاءات والقديس ايرونيموس وأوليمبيا الشماسة المعروفة التي التصق اسمها باسم القديس يوحنا الذهبي الفم. كما قيل إن إقامته في المدينة المتملكة لم تدم طويلاً. نمط الحياة فيها كان يغيظه. الصراعات اللاهوتية الكلامية فيها حتى الابتذال أخرجته منها غير آسف. الخلافات العقائدية في المدينة كانت موضوع تندّر. فلو سألت الخبّاز عن ثمن الرغيف لأجابك إن الابن هو دون الآب السماوي ولو سألت متى يكون الحمّام جاهزاً لأجابوك أن الابن مصنوع من العدم.
جرى تكليف القديس غريغوريوس بعدد من المهام منها الاطلاع على وضع الكنيسة في العربية وبابل. وقد عرّج على أورشليم فخيّبت آماله، لا سيما لجحافل الحجّاج إليها. كانوا قذرين وعاداتهم في الفنادق أحدثت له صدمة. وجد أورشليم شديدة القذارة، زانية وليس في الإمبراطورية مدينة أكثر ميلاً إلى الجريمة منها. فلفظ حكمه عليها بقوله: "لا يمكنني أن أتصوّر السيد عائشاً في الجسد اليوم فيها، أو أن ثمة فيضاً من الروح القدس في المكان". لم ينصح بزيارتها أو الحجّ إليها. الخلود إلى سكون النفس خير منها. |
||||
14 - 02 - 2020, 04:12 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبينا الجليل في القديسين غريغوريوس أسقف نيصص
في هذه الحقبة من حياته كتب القديس غريغوريوس أنضج ما كتب: كتابه "في التعليم المسيحي"، "حياة مكرينا"، "حياة موسى"، "في نشيد الأنشاد"، "في المؤسسات المسيحية"، "في التطويبات"، "في صلاة الأبانا".
ثم في السنة 394م ظهر اسمه للمرة الأخيرة مشتركاً في أحد المجامع. ويبدو أنه رقد في السنة التالية لذلك، 395م. قيل فيه أن القديس غريغوريوس هو أقرب الآباء الكبّادوكيين إلينا وأقلّهم اعتداداً بنفسه وأحدّهم ذهناً وأكثرهم التزاماً بعظمة الإنسان حتى أنه قال بعودة الطبيعة البشرية إلى صورتها الأصلية في القيامة. الله بالنسبة إليه كان معاناة دائمة. جمع البساطة إلى السعادة إلى الشقاء إلى الذكاء. كره القوّة وكره الذل بالأكثر. كان يكفيه أن يكون إنساناً، أن يتردّد في الأرض، أن يسبّح الله، أن يستغرق في السر الإلهي. قال: "إن مجمل البشرية هي الله"، والحق إنه ما كان لأحد أن يظن أن رجلاً مثله كان يمكن أن يكون له التأثير الذي أحدثه في الكنيسة المقدّسة، مذ ذاك. |
||||
|