رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحياة المسيحية حسب واقعها المعلن
سلام من ملك السلامفي الحقيقة يا إخوتي أردت اليوم أن أكلمكم باختصار وتركيز عن الحياة المسيحية في واقعيتها المعلنة في إنجيل خلاصنا، لأن كثيرون ممن يسعون لحياة القداسة والشركة مع الله كما عاشها القديسون يتخبطون في طريقهم وعوض من أن يصلوا للغاية والهدف الذين يسعون إليه يتورطون في حياة الناموس تحت العبودية وسلطان الطاعة للناس الذين يرونهم قادة روحانيون ساروا في طريق التقوى ولهم أحقية القيادة، الذين بدورهم يصورن للناس أن طاعتهم واجبة لأن لهم السلطان من الله في توصيل النفوس للأبدية، ومن هنا انتشر فكر ابن الطاعة تحل عليه البركة فتم نحت فكرة الطاعة المطلقة دون انفتاح الذهن على الحق وتمييز الأمور بما يتناسب مع الشخصية نفسها، لأن الإنسان لم يُخلق في حالة من الخنوع (ذَلِيلاً خاضعاً مسلوب الإرادة) بل خُلِقَ في جو الحرية، لذلك وضع للناس أن يختاروا بحريتهم ما شاءوا، والاختيار حسب طبيعته فيه تحقيق رغبة وميول شخصية تدفع الإنسان بأن يؤمن باختياره ويتقدم للسير في طريقه الذي اختاره مقدماً طاعته وولاءه لصاحب الطريق بشكل واعي وبعقل مدرك للأمور غير مُغيب الفكر ولا مسلوب الإرادة، لأن الإنسان في تلك الساعة يكون مفتوح العينين يعرف إلى أين يذهب على وجه التحديد ويسعى نحو الغرض ليصل إليه بكل نشاط ورغبة لا تنطفأ. أما لو كان الإنسان يسعى قسراً نحو طريقمرغم أن يسير فيه بسبب تقاليد الناس، ويحيا في قالب ممنهج ضيق تحت قيادة آخرين يُطيعهم طاعة عمياء بكونه وثق فيهم لأنه ظن أنهم يعرفون الطريق وأنه أعمى لا يستطيع أن يسير وحده أو يُميز شيئاً، لأنه يتلمس طريقه، ففي الحقيقة وبهذا الشكل تعتبر هذه المسيرة ردة للناموس، لأن الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء بطرق مختلفة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه، والابن أتى ليُحرر الإنسان من رباطات الناموس الذي كل عمله أنه يؤدبنا للمسيح، لأن الناموس مثل المرآة يُريك مظهرك ويعرفك على حالك، لكنه لا يستطيع أبداً أن يغير فيك شيئاً، وهذا هو عمل المرآة حينما تقف أمامها لكنها لن تمد لك يد المعونة أبداً في تصليح حالك أو ضبط شكلك أو نظافة وجهك، فعملها ينتهي عندما ترى نفسك فيها وتعرف كم انت محتاج للتعديل والضبط. ففي العهد الجديد أتى شخص ربنا يسوع ليفتح أعين العميانويُنادي بالحرية ويرد الإرادة المسلوبة للإنسان بسبب أهواء الخطايا والذنوب التي أفقدت الإنسان بصيرته واتزانه، فحتى الناموس والفرائض التي حسب مشيئة الله وتدبيره الصالح لم يستفد أحد منهم شيئاً بسبب العمى والإرادة المسلوبة، فحينما أراد الإنسان أن يحيا بهما عاش متخبطاً ولم يستطع أن يُشفى بل صرخ بوجع عظيم: [ويحي أنا الإنسان الشقي من يُنقذني من جسد هذا الموت]، لأن الخطية تعمل في الجسد وبسبب أسره فيها ووقوعه تحت سلطان الموت الذي أدى للفساد لم يستطع أن يحيا بالوصية بل صارت ثقيلة عليه جداً حتى أنه بشق الأنفس والضغط العصبي والنفسي ومع المحاولات المستمرة والمستميتة، بالكاد يكون قادر على تنفيذ بعضاً من الطقوس والتداريب ليكون قادراً على تنفيذ وصية واحدة وبعدها بالقليل أو الكثير يسقط مرة ومرات ويخفق في تدبيره ثم يعود مرة أُخرى لنفس الوضع ويبذل هذا المجهود المضني مرة ثانية ليعود للنقطة التي بدأ وانطلق منها. وفي النهاية يُدرك أنه يحتاج لعطية خاصة ومعونة سماويةنازلة من عند أبي الأنوار، وهي النعمة المُخلِّصة المُحررة للنفس المُقيدة، لذلك الرب قال لليهود الذين آمنوا به أن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرار، فهذا هو عمل المسيح الخلاصي في النفس يُحرر الإنسان ويرد لهُ وعيه ويفكه من القيود سواء كانت أهواء الجسد وشهواته الدنيئة أو قيود المجتمع وعادات وتقاليد الناس وقوالبهم الممنهجة، ويرد لهُ إرادته المسلوبة مُفتحاً عين كل أعمى ليرى ويبصر ويختار ويسير بكامل حريته وإرادته دون نمطية أو تخبط. لذلك علينا أن ننتبه لعمل الله في حياتنا الشخصيةلأنه أولاً يفتح بصيرتنا، يفتح وعيي ووعيك على مشيئته وتدبيره في الخليقة ويرفعنا لمستوى البنين الأحرار، ويُغيرنا عن شلكنا بتجديد أذهاننا لنختبر إرادته الصالحة المرضية الكاملة، ويغيرنا إليه لنكون مثله في القداسة والطهارة والحرية والتمييز والمعرفة، لنستنشق قوة الحياة ونحيا في الجو الإلهي المُشبع للنفس ومُريحها جداً، فالتدبير الإلهي تدبير خلاصي فيه حرية ضاربة بجذورها في أعماق الإنسان تجعل النفس تحلق وتنطلق نحو الأبدية وتحيا داخل الأسرة الإلهية كرعية مع القديسين وأهل بيت الله. لذلك ينبغي أن نعلم أن لا صحة لقوللأن المسيحي الحقيقي صار بصيراً عنده إدراك واعي بالحق وقدرة على الإفراز والتمييز، وبدورهما يزدادا فيه كلما نما روحياً، فالمسيحي يصدق كل شيء من الله ويُميز صوت الروح القدس ونطقه سواء في قلبه أو على فم الأب الروحي أو أي إنسان روحاني، ويُصغي للتعليم بإفراز عظيم مُميزاً الغث من الثمين مُدركاً للحق الظاهر فيه، ولا يتبع أحد بشكل عمياني لأنه لا يقدر أن يلغي بصيرته وذهنه المستنير بالروح حسب عمل الله فيه، لأنه ويل للنفس التي تتبع الناس دون تمييز لأنها ستضل سريعاً وتسير على نحو مغاير من الطريق دون أن تدري، لأن المسيحي الحقيقي ليس بالإنسان المُغيب العقل ولا جاهل بالطريق لأنه يعرف الحق والحق يحرره باستمرار وبشكل متزايد كل يوم وعلى مدى حياته كلها ليوم انتقاله من هذا العالم الحاضر الموضوع في الشرير. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إن الخدمة المسيحية تشغل مكانًا هامًا في الحياة المسيحية |
الصلاة في واقعها الروحي |
مكفوفة تتحدى واقعها وتقود سفينة حول العالم |
الحياة المسيحية |
العقول العاجزة تهرب من واقعها لتلجأ إلى أحلام اليقظة |