العين النقادة
كتاب كلمة منفعة
البابا شنوده الثالث
( 181 )
العين النقادة
************
العين النقادة لا ترى إلا الخطأ فقط، ولا تبصر كل النقط الأخرى البيضاء.
ولذلك فإن حكمها لا يكون دقيقا ولا يكون عادلا
ولا يعطى صورة سليمة.
العين النقادة قد تنقد كل أحد أيا كان، وربما لا يسلم منها أحد.
ومهما كان الإنسان بارا وذا رأى سليم، لابد أن تجد فيه شيئاًيستحق النقد.
وقد صدق المثل الذي يقول:
"من بحث عن عين وجده".
العين النقادة يعوزها الحب، ويعوزها الإتضاع.
فالإنسان المحب لا يقابل كل شيء بانتقاد.
والكتاب المقدس يقول لنا إن المحبة لا تقبح ولا تظن السوء
(1كو 13).
والإنسان المحب يخفى أخطاء غيره ولا يشهرها، ويلتمس عذرا لكل أحد فيما يصدر عنه من نقائص.
وإن لم يستطع، يعاتب في هدوء، في جو من النصح المفيد.
وكما أن الإنسان المحب لا ينتقد كثيرا، كذلك الإنسان المتواضع فإنه ينظر إلى عيوبه الخاصة
لا إلى عيوب غيره.
وقد نصحنا السيد الرب بأن ينظر كل أحد إلى الخشبة التي في عينيه
وليس إلى القذى الذي في عين أخيه.
والإنسان المحب المتواضع
إذا اضطر إلى النقد، تكون هذه حالة خاصة بالنسبة إلى أمر خطير
ولا يكون النقد هو الخط الدائم الثابت في حياته
الذي يصبح شيئاًمن طبعه في معاملاته.
لأن العين النقادة، تنتقد بلا هوادة
ولا يوجد شيء جميل في عينيها إلا ذاتها وحده.
إنها ترى الشوك الذي يحيط بالوردة فتنتقده
وفي أثناء هذا الانتقاد تتجاهل الرائحة الذكية التي للوردة.
ولذلك فالعين النقادة لا تكون محبوبة من الناس.
بل يحترس منها الكل.
يقول كل واحد:
لعلها تصيبنى أنا أيضاً!
كما أن العين النقادة كثيراً ما تتصرف بلا فحص، وبلا تحقق وبلا تدقيق.
وربما ترى عيبا حيث لا يوجد عيب!
أما الإنسان العادل، الذي لا يحكم قبل الفحص، والإنسان الطيب الذي لا ينتقد كل شيء، عارفا أن الكمال هو لله وحده.
فهذا يكون محبوباً من الجميع