منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06 - 02 - 2018, 05:42 PM   رقم المشاركة : ( 1001 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة

حملان وسط ذئاب ـ القديس كيرلس السكندري



ماذا تقول أيها الرب؟ كيف يستطيع الحمل أن يتحدث مع الذئاب؟ متى كان الحيوان المفترس في سلام مع الحمل؟ فبالكاد يستطيع الرعاة أن يحموا قطعانهم في الحظائر وأن يغلقوا عليها داخل السياجات، بتخويف الوحوش التي تريد أن تفترس الحملان بواسطة نباح الكلاب، بل وأيضاً يجازفون بأنفسهم ليدافعوا عنها، ويخاطرون لأجل حماية الأعضاء الضعيفة في قطيعهم. كيف إذن يأمر الرب الرسل القديسين الذين بلا لوم – كحملان – أن يصاحبوا الذئاب، ويذهبوا إليها بأنفسهم؟ أليس الخطر ظاهراً؟ أما يصبحون فريسة جاهزة لهجماتها؟ كيف يستطيع الحمل أن ينتصر على الذئب؟ كيف يمكن للمسالم جداً أن يقهر توحش الحيوانات المفترسة؟
“نعم” يقول الرب. “أنا الراعي لهم جميعاً للصغير والكبير، لعامة الناس وللأمراء، للمعلمين والمتعلمين، سأكون معكم وأساعدكم وأخلصكم من كل شر. سأروِّض الحيوانات المتوحشة، سأغيِّر الذئاب إلى حملان، وسأجعل المضطهدين مساعدين للمضطَهَدين، وسأجعل من يسيئون إلى خدامي شركاء في خططهم المقدسة، أنا أصنع كل الأشياء، وأنا أحلها، ولا يوجد شيء يستطيع أن يقاوم إرادتي”.
وهذه هي النتيجة الفعلية التي حدثت والتي نراها في أمثلة تمَّت بالفعل، فبولس الإلهي كان مجدفاً ومضطهداً، كان أكثر إيذاء وقسوة من أي ذئب على أولئك الذين آمنوا بالمسيح، فهل إستمر في هذا السلوك؟ هل ظل ذئباً إلى النهاية؟ كلا بالمرة، لأنه دعي من المسيح واختبر تعييراً غير متوقع، وهذا الذي كان في القديم ذئباً أصبح أكثر وداعة من الحمل، وكرز بالإيمان الذي كان يوماً يضطهده، وكان مثل هذا التغيير غير المنتظر دهشة لجميع الناس، والمسيح تمجد، لأنه غيَّره من وحش مفترس إلى حمل.
هيا بنا نناقش نقطة مشابهة، إلا وهي دعوة الأمم، دعنا نرى ما إذا كانوا – في وقت ما – هم أيضاً وحوشاً كاسرة، وأكثر توحشاً من الذئاب ضد خدام رسالة إنجيل الخلاص، وكيف أنهم تحولوا إلى الوداعة وعدم المكر بمعونة المسيح، فهم أيضاً اضطهدوا الرسل القديسين، ليس كأناس يحاربون الذئاب، بل كالوحوش المفترسة يهيجون بوحشية ضد الحملان، ورغم أنهم لم يسيئوا إليهم بل دعوهم إلى الخلاص، إلا أنهم رجموهم وسجنوهم واضطهدوهم من مدينة إلى مدينة، إلا أنَّ هؤلاء الذين تصرفوا هكذا أولاً أصبحوا فيما بعد ودعاء وبلا مكر، وصاروا كالحملان التي كانوا قد اضطهدوها. من سوى يسوع المسيح ربنا يعمل كل هذه الأمور؟
عن هذا يتكلم إشعياء النبي بالروح ويقول انه يرعى الذئب مع الحمل، ويربض النمر مع الجدي، وترعى البقرة والذئب معاً ويأكل الأسد والثور التبن معاً، ويربض أولادهما معاً (اش 65: 25). اعلم أيها الحبيب وافهم، إن أولئك الذين تقدسوا بالإيمان لم يشاكلوا الأمم في عاداتهم، بل بالعكس، فإن المدعوين من الأمم هم الذين شاكلوهم، فإن الذئب والأسد والنمر والدب هي حيوانات آكلة لحوم، أمَّا الحيوانات ذات الطبيعة الهادئة كالجداء والحملان والثيران تغتذي بالعشب. ولكن الحيوانات المفترسة – يقول النبي – سوف ترعى مع الحيوانات الأليفة وتغتذي بطعامها … إذ تخلوا عن الطباع الشرسة وتحولوا إلى الوداعة التي تليق بالقديسين، وتغيروا بالمسيح حتى صارت الذئاب حملاناً، لأنه هو الذي صيَّرهم ودعاء، ووحد الشعبين إلى ذهن مملوء بمحبة الله.
  رد مع اقتباس
قديم 06 - 02 - 2018, 05:42 PM   رقم المشاركة : ( 1002 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة

انطباع الصورة الالهية في نفوسنا ـ القديس كيرلس السكندري



الصفة الالهية تُطبَع فينا، وبذلك تُشكَل طريقة حياتنا بممارستنا للصلاح ! فالصلاح فائق بحسب ما يليق بجوهر الله، ورغم ذلك فنحن نستطيع أن نصير صالحين بالاقتداء به، وذلك بفضل طريقة حياتنا، بشرط أن نختار باشتياق وامتداد للأمام كل ما يستحق الاقتداء به، ولأننا نتمتع بذهن صاف ورؤية صائبة فلا يمكن أن ندّعِي أننا لكي تنطبع الحياة الالهية في نفوسنا لابد أن نكون مشابهين لله في الجوهر ! فهذه المشابهة تقودنا الي أن نصير مساويين له في كل صفاته، حاشا ! لأن ذلك سيقودنا الي ان نعطي ذواتنا نفس المقام الالهي بدون أي اختلاف بيننا وبينه علي اعتبار أننا خُلِقنا علي صورته كشبهه !
وهكذا يجب التنويه بأنه رغم أننا خُلِقنا علي صورته ومثاله الا أن الفارق بين الله والانسان فارق شاسع، فالله بسيط في طبيعته وغير مركب بينما نحن نملك طبيعة مركبة، اذ ان طبيعتنا البشرية مكونة من أجزاء متعددة، ونحن من التراب فيما يخص الجسد وهذا يعني أننا معرّضون للفساد والزوال مثل الأعشاب، بينما الله فوق كل ذلك، والنفس الانسانية عرضة لتقلبات كثيرة من الصالح الي الطالح ومن الطالح الي الصالح، ولكن الله هو هو دائماً، صالح الي الأبد ولا يتحول ولا يتغير من حال الي حال، وعدم تغيّر الله ليس صفة عرضية بل يرجع الي جوهره، وهكذا أصبح من الواضح أن البشر الذين أتوا الي الوجود من العدم لا يتشابهون مع الله حسب الطبيعة، بل يمكن أن يتشابهوا معه في نوعية الحياة الجديدة والسلوك المستقيم …
لأنه رغم سقوطنا الا انه لا نحن ولا الملائكة الذين سقطوا، لم ننحرف كليّةً عن طبيعتنا، ولم ننحدر الي العدم الكلي، رغم عدم اقتنائنا للفضيلة، ولقد فقدنا القدرة علي المعرفة الصحيحة وفن الحياة وذلك بسبب ميلنا للشر، ولكن المسيح جاء ودعانا الي أن نتشكل من جديد حسب الصورة الأولي بكل بهائها، ولا نقول أبداً ان الوصول الي هذا المجد يعني أن الطبيعة البشرية تصير طبيعة أخري ! ولكن الأمر يتعلق باختيار الارادة في أن يتغير الانسان من حياة شريرة الي حياة مقدسة في القول والفعل …
فان صفات الله تضئ في صورتنا، لأننا اخترنا بملء حريتنا أن نسير في الصلاح، ولكننا … لسنا واحداً مع الله في الجوهر لأنه لو صح ذلك كما يدّعُون فما الذي يمنعنا أيضاّ ان نكون من نفس طبيعة خالقنا ؟!
  رد مع اقتباس
قديم 06 - 02 - 2018, 08:58 PM   رقم المشاركة : ( 1003 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة

الافخارستيا ـ القديس كيرلس السكندري



انه أمر يملأنا بكل بركة أن نصير شركاء المسيح بالذهن والحواس، لأنه يحل فينا أولاً بالروح القدس فنصير مسكنه بحسب ما قاله في القديم أحد القديسين : “لأني سأسكن فيهم وأقودهم وأكون لهم الهاً، وهم يكونون لي شعباً” (حز 37: 27 س)، لكنه هو أيضاً يحل داخلنا بطريقة أخري بواسطة مشاركتنا في قربان التقدمات غير الدموية التي نحتفل بها في الكنائس، اذ قد تسلمنا منه النموذج الخلاصي للطقس مثلما يرينا بوضوح الانجيلي المبارك في النص الذي قرأناه منذ قليل (لو 22: 17-22)، فهو يخبرنا أنه: “تَنَاوَلَ كَأْسًا وَشَكَرَ وَقَالَ: خُذُوا هذِهِ وَاقْتَسِمُوهَا بَيْنَكُمْ” (لو 22: 17) . وبتقديمه الشكر، الذي يقصد به التحدث مع الله الآب في صيغة صلاة، فانه يعني بالنسبة له أنه، ان جاز القول، يشارك ويساهم مع الآب في مسرته الصالحة في منحه لنا البركة المحيية التي أُسبغت علينا حينئذ، لأن كل نعمة وكل موهبة تامة تأتي الينا من الآب بالابن في الروح القدس. واذن فهذا العمل كان نموذجاً لنا لكي نستخدمه في الصلاة التي ينبغي أن تُقدم، كلما بدأنا أن نضع أمامه نعمة “التقدمة السرية المحيية”، وتبعاً لذلك فاننا اعتدنا أن نفعل هذا، لأننا اذ نقدم أولاً تشكراتنا مقدمين تسابيحنا لله الآب ومعه الابن والروح القدس، فاننا نقترب هكذا من الموائد المقدسة مؤمنين أن ننال حياة وبركة، روحياً وجسدياً، لأننا نستقبل في داخلنا كلمة الآب الذي صار انساناً لأجلنا والذي هو الحياة ومعطي الحياة.
لذلك فلنسأل علي قدر استطاعتنا، ما هو الرأي الذي نعتقد به عن هذا السر ؟ لأنه واجب عينا أن نكون “مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِينا” (1 بط 3: 15) كما يقول الحكيم بطرس، لأن “اله الكل خلق كل الأشياء للخلود، وبدايات العالم كانت حياة، لكن بحسد ابليس دخل الموت الي العالم” (حك 2: 24)، فقد كانت تلك الحية المتمردة هي التي قادت الانسان الأول الي تعدي الوصية والي العصيان، والتي بواسطتها سقط تحت اللعنة الالهية، وفي شبكة الموت، فقد قيل له: “لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ” (تك 3: 19)، فهل كان من الصواب أن ذلك (الانسان) الذي خُلق للحياة والخلود، يصير مائتاً ومحكوماً عليه بالموت بدون أية امكانية للهروب ؟ هل ينبغي أن يكون حسد ابليس أكثر قوة وثباتاً من ارادة الله ؟ ليس الأمر هكذا، بل ان حسد ابليس قد أخفق تماماً، ورحمة الخالق قد فاقت النتائج الشريرة لخبثة، فقد أعطي الله معونة لأولئك الذين علي الأرض. فماذا اذن كانت الطريقة التي ساعدهم بها ؟ انها طريقة عظيمة بالحق ورائعة وجديرة بالله، نعم جديرة لأقصي درجة بالعقل الأعلي (الله)، لأن الله الآب هو حياة بطبيعته، ولكونه هو وحده حياة، فقد جعل الابن الذي هو أيضاً حياة أن يضيئ ويشرق. لأنه لا يمكن أن يكون الأمر بخلاف ذلك مع ذاك الذي هو الكلمة الذي صدر جوهرياً من الحياة، لأنه يلزم، أقول يلزم، أن يكون هو نفسه أيضاً حياة، لكونه هو الذي نبع من الحياة، نبع من ذاك الذي ولده.
لذلك فان الله الآب يعطي الحياة لكل الأشياء بالابن في الروح القدس، وكل ما يوجد ويتنفس في السماء وعلي الأرض انما يأخذ وجوده وحياته من الله الآب بالابن في الروح القدس، لذلك لا طبيعة الملائكة ولا أي شئ آخر مهما كان، مما هو مخلوق، ولا أي شئ جاء من عدم الوجود الي الوجود، يمتلك حياة (في ذاته) كثمرة لطبيعته الخاصة، بينما علي العكس فالحياة تنشأ، كما قلت، من الجوهر الذي يفوق الكل وهو أمر خاص به وحده أن تكون له القدرة علي اعطاء حياة، وذلك بسبب أنه هو بالطبيعة “الحياة”.
اذن فكيف يمكن للانسان علي الارض الذي هو ملتحف بالموت أن يعود الي عدم الفساد (عدم الفناء) ؟ أجيب بأنه يلزم لهذا الجسد المائت أن يصير شريكاً للقوة المحيية التي تأتي من الله. لكن قوة الله الآب المحيية هي الكلمة الوحيد الجنس، وهو الذي أرسله لنا (الآب) كمخلص ومحرر. أما كيف أرسله لنا، فهذا ما يخبرنا به بوضوح يوحنا الانجيلي المبارك عندما يقول “الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ فينا” (يو 1: 14)، لكنه صار جسداً دون أن يخضع لأي تغيّر أو تحوّل الي ما لم يكونه، ودون أن يتوقف عن أن يكون هو الكلمة، لأنه لا يعرف ما معني أن يعاني ظل التغيير، بل بالحري بكونه وُلد بالجسد من امرأة وأخذ لنفسه ذلك الجسد منها، ليكا اذ قد غرس نفسه فينا باتحاد لا يقبل الانفصال، يمكنه أن يرفعنا فوق سلطان الموت والانحلال كليهما معاً،وبولس هو الشاهد لنا، حيث يقول عنه وعنا: “فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ أُولئِكَ الَّذِينَ* خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ* كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ. لأَنَّهُ حَقًّا لَيْسَ يُمْسِكُ الْمَلاَئِكَةَ، بَلْ يُمْسِكُ نَسْلَ إِبْرَاهِيمَ. مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ” (عب2: 14-17) أي يشبهنا، لأنه صار مثلنا وكسي ذاته بجسدنا، لكي ما باقامته اياه (الجسد) من الموت، يعد من الآن فصاعداً طريقاً يمكن به للجسد الذي وُضع (أُذل) حتي الموت، أن يعود من جديد الي عدم الفساد (عدم الفناء)، لأننا متحدون به مثلما كنا أيضاً متحدين بآدم، عندما جلب علي نفسه عقوبة الموت. وبولس يشهد لهذا اذ كتب هكذا في أحدي المرات “فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ” (1كو 15: 21) ويقول أيضا: “لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ” (1 كو 15: 22)، لذلك فان الكلمة، اذ وحد مع ذاته ذلك الجسد الذي كان خاضعاً للموت، فلكونه الله والحياة، فقد طرد منه الفساد (الانحلال)، وجعله أيضاً يصير مصدر الحياة، لأنه هكذا ينبغي أن يكون جسد ذاك الذي هو الحياة.
ولا تكونوا غير مصدقين لما قلته بل بالحري اقبلوا الكلمة بايمان بعد أن جمعت براهين بأمثلة قليلة، عندما تطرحون قطعة خبز في خمر أو زيت أو سائل آخر فستجدون أنها صارت تحمل خاصية ذلك السائل الخاص، وعندما يوضع الحديد في النار فانه يصير ممتلئاً بكل فاعليتها، وبينما هو بالطبيعة حديد لكنه يعمل بقوة النار، وهكذا كلمة الله المحيي اذ قد وحد نفسه بجسده الخاص بطريقة معروفة لديه (فقط) ، فقد منحه قوة اعطاء الحياة، وهو نفسه يؤكد لنا هذا بقوله “اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ.” (يو 6: 47-48) وأيضاً “أنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ … الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌ. مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي.” (يو 6: 51 و 53-57) لذلك عندما نأكل الجسد المقدس الذي للمسيح مخلصنا جميعاً ونشرب دمه الثمين، تكون لنا حياة فينا، بكوننا جُعلنا واحداً معه، كائنين فيه ومقتنين له أيضاً فينا؟
لا تدعو أحداً من أولئك الذين اعتادوا عدم التصديق أن يقول “اذن حيث ان كلمة الله لكونه بالطبيعة الحياة وهو يقيم فينا أيضاً فهل جسد كل واحد منا سيمنح أيضاً القوة لاعطاء الحياة؟”، من يقول هذا فليعلم بالأحري أنه شيئ مختلف تماماً بين أن يكون الابن فينا بمشاركة نسبية وبين أن يصير هو نفسه جسداً، أي أن يجعل ذلك الجسد الذي أخذ من العذراء القديسة خاصاً له (أي يجعله جسده الخاص)، لأنه لا يُقال عنه انه صار متجسداً او صار جسداً، بوجوده فينا، بل بالحري فان هذا حدث مرة واحدة عندما صار انساناً دون أن يتوقف عن أن يكون الهاً، لذلك فان جسد الكلمة كان هو ذاك الذي اتخذه لنفسه من العذراء القديسة وجعله واحداً معه، أما كيف أو بأية طريقة حدث هذا، فهو أمر آخر لا يمكننا أن نخبر به، لأنه أمر غير قابل للشرح ويفوق تماماً قدرات العقل وكيفية هذا الاتحاد هي معروفة له هو وحده فقط.
لذلك كان يليق به أن يكون فينا الهياً بالروح القدس، وكذلك أيضاً ان جاز القول يمتزج بأجسادنا بواسطة جسده المقدس ودمه الثمين، الذين نقتنيهما أيضاً كافخارستيا معطية للحياة في هيئة الخبز والخمر، اذ لئلا نرتعب برؤيتنا جسداً ودماً (بصورة حسية) فعلية، موضوعين علي الموائد المقدسة في كنائسنا، فان الله اذ وضع (أنزل) ذاته الي مستوي ضعفاتنا، فانه يسكب في الأشياء الموضوعة أمامنا قوة الحياة، ويحولها الي فاعلية جسده، لكي ما نأخذها لشركة معطية للحياة، وكي يوجد فينا جسد (ذاك الذي هو) الحياة، كبذرة تنتج الحياة.
  رد مع اقتباس
قديم 06 - 02 - 2018, 08:58 PM   رقم المشاركة : ( 1004 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة

لُباس الروح ـ القديس مكاريوس الكبير



المسيح،
الطبيب الحقيقى للإنسان الداخلى،

وهو يستطيع وحده أن يخلص النفس،

ويزينها بثوب النعمة
1ـ إن كان أحد عريانًا لقلة الملابس الإلهية السماوية التى هى قوة الروح القدس كقول الرسول ” إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ فَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ “ (رو9:8). فليبكِ ويتوسل إلى الرب حتى ينال الثوب الروحانى الذى من السماء ويأخذ غطاء لنفسه العارية من القوة الإلهية لأن الإنسان الغير مكسو بكساء الروح فهو مكسو بالعيب العظيم: عيب الأهواء الدنيئة. لأنه كما فى الأشياء المنظورة إن كان أحد عريانا يحل به خزى وفضيحة عظيمة بل الأصدقاء ينصرفون عن أصدقائهم العرايا والأقارب عن أهاليهم. بل أن من البنين من رأوا أباهم عريانًا وصرفوا عنه وجوههم لكيلا يعاينوا جسد أبيهم العريان، وإنما رجعوا على أعقابهم وستروه . ولذلك ارتفعت عنه عيونهم . كذلك ينصرف الله عن النفوس غير المكسوة بلباس الروح فى ملء ثقة الإيمان لكونها لم تلبس الرب يسوع (رو14:13). بالقوة والحق.
2 ـ ثم أن الإنسان الأول لما رأى نفسه عريانا خجل. فما أعظم فضيحة العرى. فإذا كان من جهة الجسد يعتبر العرى فضيحة كبرى، فكم بالحرى النفس العارية من القوة الإلهية التى لا تكتسى ولا تلبس اللباس الأبدى الروحانى غير الموصوف وهو الرب يسوع نفسه بالحق ـ وهى مغطاة بالخجل والأهواء الرديئة ، وكذلك كل من كان غير مكتسى بذلك المجد الإلهى يجب عليه أن يستحى ويقر بفضيحته كما استحى آدم من عرى جسده ومع أنه ستر نفسه بورق التين فلم يزل خجله مصاحبًا له لعلمه بفقره وعريه جدًا. فعلى هذه النفس أن تطلب من المسيح الذى يعطى المجد لكى يكسوها بالمجد فى النور الذى لا يوصف، بدون أن تعمل لنفسها غطاء من الأفكار الباطلة أو تنخدع بزعمها أنها بارة من نفسها وأنها تملك لباس الخلاص.
3 ـ فإنه أن استند أحد على بره ولم يتطلع إلى بر الله، هذا البر الذى هو الرب يسوع “الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرّاً وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً “ (اكو30:1). كما يقول الرسول، فإن تعبه يصبح باطلا لا ثمرة له، لأن كل زعمه ببره يظهر فى اليوم الأخير كلا شىء بل يكون مثل خرقة نجسة كما قال أشعياء النبى ” كَثَوْبِ عِدَّةٍ كُلُّ أَعْمَالِ بِرِّنَا “ (أش 64 : 6 ) فلنطلب إذن من الله ونتوسل إليه أن يلبسنا لباس الخلاص وهو الرب يسوع المسيح، النور الفائق الوصف الذى إذا لبسته النفوس لا تخلعه قط، بل تتمجد أجسادهم أيضا فى القيامة بمجد ذلك النور الذى تلبسه النفوس الأمينة الفاضلة منذ الآن حسب قول الرسول ” الَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضاً بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ” (رو11:8). فالمجد لمراحمه المتعطفة ولرأفته التى تفوق كل وصف وكل تعبير.
4 ـ وأيضا كما أن المرأة التى كانت معتلة بنزف الدم لما صارت مؤمنة بالحق، ولمست طرف ثوب ربنا شفيت حالا وانقطع نزيف دمها النجس، كذلك كل نفس فيها جرح الخطية الذى لا شفاء له، وينبوع الأفكار الخبيثة النجسة، إن هى أتت فقط إلى المسيح وصلت إليه بإيمان صحيح فإنها تعود إلى الصحة وتخلص من ينبوع الأهواء الفاسدة الذى لم يكن له علاج. وذلك الينبوع الذى يخرج أفكارًا نجسة لا ينقطع ويجف إلا بقوة المسيح فقط، وليس لأحد غيره قدره على شفاء هذا الجرح. لأن العدو كان محتالاً للغاية فى معصية آدم حتى أنه جرح الإنسان الباطن وأظلمه أى العقل المرشد الذى ينظر الله. فمالت عيناه بعد ذلك إلى الخطية والأهواء وكانت مغلقة عن رؤية خيرات السماء.
5 ـ فهذه كانت شدة جرحه حتى أنه لم يستطع أن يشفه منه غير الرب وحده. فهذا مستطاع عنده وحده. ولهذا فقد جاء ” الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ” (يو29:1)، أى جفف الينبوع النجس. ينبوع أفكار النفس. لأنه كما أن تلك المرأة التى كانت مريضة بنزف الدم كانت قد صرفت كل ما كان لديها على الذين وعدوها بالشفاء ولم يشفها أحد، إلى أن أتت إلى الرب بإيمان صادق ولمست طرف ثوبه فشعرت حينئذ بالشفاء فى الحال، ووقف نزف الدم. كذلك هو حال النفس التى جرحت منذ البدء بجرح أهواء الخطية الذى لا شفاء له، فلم يقدر أن يعالجه أحد من الأبرار. كلا ولا الآباء ولا البطاركة.
6 ـ ولقد أتى موسى ولكنه لم يقدر أن يعطى شفاءً كاملاً. والكهنة والعطايا والعشور والسبوت والآهلة والغسلات والذبائح والمحرقات وسائر متفرعات البر كانت تحفظ جميعها بالدقة تحت الناموس. ومع ذلك لم يمكن بها شفاء النفس وتطهيرها من الينبوع النجس أى ينبوع أفكار الخطية. وكل بر النفس لم ينفع لشفاء الإنسان إلى أن أتى المخلص نفسه الطبيب الحقيقى الذى يشفى مجانا فبذل نفسه فداء لجنس البشر. فهو وحده صنع فداء النفس العظيم وخلاصها وشفاءها، وهو ذاته الذى حررها من العبودية وأخرجها من الظلمة ممجدا إياها بنوره الخاص. فهو حقا جفف ينبوع الأفكار النجسة الذى كان فيها لأن الكتاب المقدس يقول “هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ” (يو29:1).
7 ـ لأن أدويتها التى كانت من الأرض يعنى أفعالها البارة لم تقدر أن تعالجها وتشفيها من هذه الضربة العظيمة غير المنظورة بل يتم الشفاء بالطبيعة السماوية الإلهية التى لموهبة الروح القدس. فإنه بواسطة هذا الدواء فقط يمكن للإنسان أن يجد الشفاء ويحصل على الحياة إذ يتطهر فى قلبه بالروح القدس. ولكن كما أن تلك المرأة، ولو أنها لم تكن قد شفيت وكان فيها مرضها لكنها جاءت بقدميها إلى الرب، وعند مجيئها نالت الشفاء ـ وكما أن الأعمى أيضا الذى لم يقدر أن يمشى ليأتى إلى الرب، بسبب عماه، صرخ إليه صرخة شديدة وصل بها إلى الرب لأنه قال “يَا ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي” (مر47:10) وبإيمانه نال الشفاء إذ أن الرب أتاه بنفسه وجعله يبصر بوضوح ـ كذلك النفس ولو أنها جرحت بجروح الأهواء الفاسدة وعميت بظلمة الخطية فمع ذلك لا تزال فيها الإرادة أن تصرخ إلى يسوع وتناديه ليأتى ويصنع لها فداءً أبديًا .
8 ـ لأنه كما أن الأعمى لو لم يصرخ إلى الرب ، والمرأة التى كان بها النزف الدموى لو لم تأت إليه لما وجدا الشفاء، كذلك الآن إن لم يأت الإنسان إلى الرب بإرادته وبكل نية قلبه ويطلب منه بثقة الإيمان التامة فلا يشفى أبدًا. فلماذا شفى هذان الاثنان للوقت بإيمانهما، ونحن لم يعد إلينا بصرنا بالحقيقة ولم نشف من أمراضنا الخفية؟. مع أن الرب يهتم ويعتنى بالنفس غير المائتة أكثر من الجسد، لأنها إن انفتحت عينيها، كما يقول ” اكْشِفْ عَنْ عَيْنَيَّ فَأَرَى” (مز18:119) فلا تعمى أبدًا فيما بعد. وإن شفيت فلا تعود تنجرح أبدًا. فإنه إن كان الرب عند مجيئه على الأرض اعتنى بالأجساد الفاسدة، فكم بالحرى يعتنى بالنفس غير المائتة المصنوعة على شبهه؟ ولكن بسبب قلة إيماننا وانقسام قلوبنا وعدم محبتنا له من كل القلب، وعدم إيماننا به حقيقة، لذلك لم نجد بعد الشفاء الروحى والخلاص. فلنؤمن به إذن ولنأت إليه بالحقيقة لكى يتم فينا حالاً عمل الشفاء الحقيقى لأنه وعد بأنه يعطى للذين يسألونه روحه القدوس ويفتح للذين يقرعون وبأن الذين يطلبونه يجدونه. فالذى وعد لا يمكن أن يكذب له المجد والقدرة إلى الأبد آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 06 - 02 - 2018, 08:59 PM   رقم المشاركة : ( 1005 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة

الطريق الي الملكوت ـ القديس مكاريوس الكبير



يا اولادي الاحباء, عظيم هو مجد القديسين, فينبغي ان نفحص عن تدبيرهم الذي نالوا بواسطته هذا المجد, وبأي عمل وبأي طريق وصلوا اليه, وقد علمنا انهم لم يشتروه بغني هذا العالم, ولا حصلوا عليه بصناعة ما او بتجارة ما, ولا اقتنوه بشئ مما يملكون, اذ انهم تمسكنوا وتغربوا عن هذا العالم وجالوا جياعا فقراء, فعلي ما أراه أجد انهم نالوا ذلك المجد العظيم بتسليمهم ذواتهم وتدبيرهم امورهم ونياتهم لله, فأخذوا اكليل المجد السمائي, فما الذي كان لهم وليس هو لنا ؟ سوي أنهم تركوا أهويتهم كلها من أجل الرب وتبعوه حاملين الصليب, ولم يفصلهم شئ آخر عن محبته تعالي, لأنهم لم يحبوه أكثر من الأولاد فقط مثل ابراهيم, بل وأكثر من ذواتهم أيضا كما يقول بولس الرسول ان لاشئ يستطع ان يفصله عن حب الله (رو 8: 35).
فالآن ايها الاحباء جاهدوا واصبروا الي الموت كالقديسين لتصيروا مسكنا لله, ان احببتم بعضكم بعضا فان الله يسكن فيكم وان كان في قلوبكم شر فلن يسكن الله فيكم, احذروا الوقيعة لئلا تصيروا كالحية اواني للشيطان, احفظوا اسماعكم من كلام النميمة فتكون قلوبكم نقية, واهربوا من كل ما ينجس القلب, اكرموا بعضكم بعضا ليكون السلام والمحبة بينكم, فقد كُتب: “لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ”(اف 4: 26) , قبلوا بعضكم بعضا بقبلة السلام, وذلك ليخزي عدو السلام ويفرح اله السلام وتكونون له بنين, لأنه قال ان فاعلي السلام “أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ” (مت 5: 9), صلوا بالروح دائما كما أمر الرسول (1 كو 14: 15), اتضعوا لاخوتكم, اخدموهم حسب قوتكم لاجل المسيح لتنالوا منه الجزاء فقد قال له المجد: ما تصنعون بهم “فَبِي فَعَلْتُمْ” (مت 25: 40).
ان كل اعمالنا نجدها ساعة مفارقة انفسنا لاجسادنا, فقد كُتب ان “اللهَ لَيْسَ بِظَالِمٍ حَتَّى يَنْسَى عَمَلَكُمْ وَتَعَبَ الْمَحَبَّةِ الَّتِي أَظْهَرْتُمُوهَا نَحْوَ اسْمِهِ، إِذْ قَدْ خَدَمْتُمُ الْقِدِّيسِينَ وَتَخْدِمُونَهُمْ” (عب 6: 10), ليكن تعب احسادكم هواكم ومشتهاكم ومحبوبا لديكم, ولا تستسلموا للانحلال والكسل فتندموا يوم القيامة, بينما يلبس اكاليل المجد اولئك الذين قد اتعبوا اجسادهم وتوجدون انتم عراة بخزي امام منبر المسيح بمحضر الملائكة والناس جميعا, لا تنعموا اجسادكم في هذا الزمن اليسير بالطعام والشراب والنوم لئلا تعدمون الخيرات الدائمة التي لا توصف, فمن ذا الذي تكلل قط دون جهاد ؟ ومن استغني بدون عمل ؟ ومن ربح ولم يتعب أولا ؟ أي بطال جمع مالا ؟ أو أي عاطل لا تنفذ ثروته ؟ انه بأحزان كثيرة ندخل ملكوت السموات. فليحرص كل منكم علي قبول الأتعاب بفرح عالما أن من ورائها كل غني وكل راحة, اما الذي لا يستطيع ان يحتمل الأتعاب لضعف أو امراض, فليمجد اولئك الذين يتعبون ويغبطهم كما يفرح معهم في خيراتهم.
لا تقبلوا في فكركم ولا تصفوا في كلامكم اي انسان انه شرير, لان بطرس الرسول يقول “قَدْ أَرَانِي اللهُ أَنْ لاَ أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ” (اع 10: 28), فالقلب النقي ينظر كل الناس أنقياء, فقد كُتب ان “كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ لِلطَّاهِرِينَ” (تي 1: 15) والقلب النجس ينجس كل أحد, لأن كل شئ للأعمي ظلام, هوذا الرب قد حلنا من عبودية الشيطان, فلا نعود نربط انفسنا او نستعبدها بسوء رأينا, احفظوا ما كلمتكم به ليكون لأنفسكم منه دواء وصحة, ولا تجعلوه شاهدا عليكم, لأنه سيأتي وقت فيه تطالبون بالجواب عن كلامي هذا.
تمسكوا بالتوبة واحذروا للا تصطادون بفخ الغفلة, لا تتهاونوا لئلا تكون الطلبة من أجلكم باطلة, داوموا علي التوبة مادام يوجد وقت, فانكم لا تعرفون وقت خروجكم من هذا العالم, لنعمل مادام لنا زمان لنجد عزاء في وقت الشدة, فمن لم يعمل ويتعب في حقله في أوان الشتاء لن يجد في الصيف غلة يملأ بها مخازنه ليقتات بها, فليحرص كل واحد علي قدر طااقته, فان لم يمكنه ان يربح الخمس وزنات فليجاهد كي يربح اثنتين, اما العبد الكسلان الذي لا يعمل ولا يربح فمصيره العذاب, طوبي لمن يجاهد بكل قوته فان ساعة واحدة في نياحته تنسيه جميع أتعابه. فويل وويل لمن تغافل وكسل لأنه سيندم حيث لا ينفع الندم. لا تكملوا شهوات الجسد لئلا تحرمون من خيرات الروح, فان الرسول قد كتب: “أَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ، وَلكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ” (رو 8: 6)
افرحوا بكمال اخوتكم, وضعوا نفوسكم لهم, وتشبهوا بهم, واحزنوا علي نقصكم, اصبروا للتجارب التي تأتي عليكم من العدو, واثبتوا في قتاله ومقاومته, فان الله يعينكم ويهبكم اكاليل النصرة, فقد كُتب “طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إِذَا تَزَكَّى يَنَالُ «إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ»” (يع 1: 12), لا غلبة بدون قتال, ولا اكليل بدون غلبة, اصبروا اذن فقد سمعت قول الرب لأحبائه: “أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي تَجَارِبِي، وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا” (لو 22: 28-29) وقوله ايضا ان “الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ” (مت 10: 22), وقد قدم لنا نفسه مثالا كيف نصبر الي المنتهي, ففي الوقت الذي كان فيه يسب ويعير ويهان من اليهود نراه يتراءف عليهم ويحسن اليهم فكان يشفي امراضهم ويعلمهم وقبل الآلام بجسده وصبر حتي الصلب والموت, ثم قام بالمجد وصعد الي السماء وجلس عن يمين الله.
اشكروا الرب في تعبكم, من اجل الرجاء الموضوع امامكم اصبروا في البلايا لتنالوا أكاليل المجاهدين, اغفروا لبعضكم بعضا لتنالوا الغفران, فقد قال الرب: “اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ” (لو 6: 37), داوموا علي حفظ هذه الوصية فان ربحها عظيم ولا تعب فيها, كونوا ابناء السلام ليحيل سلام الرب عليكم, كونوا ابناء المحبة لترضوا محب البشر, كونوا بني الطاعة لتنجوا من المحتال, ان اول العصيان كان من آدم ابينا في الفردوس بسبب شهوة الطعام, وأول الجهاد من سيدنا المسيح كان في البرية في الصيام, وتعلمنا من التجربة ان الراحة والطعام هما اسباب الضلال, والصوم هو سبب الغلبة والنصرة, فصوموا مع المخلص لتتمجدوا معه وتغلبوا الشيطان, والصيام بدون صلاة واتضاع يشبه نسر مكسور الجناحين.
احتفظوا بحرصكم ولا تهربوا من اتعابكم, فان الطوبي لمن لازم التوبة حتي يمضي الي الرب, لازموا السهر وقراءة الكتب, وثابروا علي الصلاة, واسرعوا الي الكنيسة, ونقوا قلوبكم من كل دنس لتستحقوا التناول من جسد المسيح ودمه الأقدسين فيثبت الرب فيكم, فبهذا السر العظيم تُحفظون من الأعداء, فمن يتهاون بهذا السر فان قوات الظلمة تقوي عليه فيبتعد عن الحياة بهواه, فلنتقدم الي الأسرار المقدسة بخوف وشوق وايمان تام, ليبعد عنا خوف الأعداء, بقوة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد الي الأبد , آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 06 - 02 - 2018, 09:00 PM   رقم المشاركة : ( 1006 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة

الغيرة والحسد – القديس كبريانوس



ليست خطية بسيطة!

1. أيها الأخوة الأحباء قد يبدو في نظر البعض أن الغيرة بسبب الأشياء الحسنة التي نراها في الغير، وكذلك حسد من هم أفضل منا، خطأ هين وبسيط . وعندما نرى أنه هين وبسيط، فإننا لا نخشى منه وعندما لا نخشى منه فإننا نستهين به، وعندما نستهين به يصبح من الصعب علينا أن نتجنبه، وبالتالي يتحول إلى وباء خفي ومظلم لتدمير أنفسنا . وهذا الأمر إن لم يلاحظه الشخص الحكيم ليتجّنبه، سيتسّلل خِفيًة ليصيب القلوب غير الحذرة. علاوة على ذلك فقد أوصانا الرب أن نكون متع قلين وأن نراقب أنفسنا بحذر شديد (راجع مت ٤٢:٢٤)، لأن عدونا نفسه دائماً في حالة ترقُّب و انتظار لأنه إن زحف إل ى قلوبنا فإنه يشعل النيران من شرر صغير، ويصنع مشاكل كبيرة من أشياء صغيرة . وبعد أن يسيطر على الشخص غير الحكيم فانه يبدأ في تهدئته وراحته بنسيم رطب ورياح هادئة، بعد أن يكون قد أثار داخله عواصف وزوابع الغضب التي تفقده الإيمان وتحطم سفينة الحياة. (1)
لذلك أيها الأخوة الأحباء يجب علينا أن نكون متيّقظين ونجاهد بكل قوتنا لنرد بصبر وترقب العدو الثائر علينا والذي يصوَّب بكل ضراوة سهامه ضد كل جزء من أجسامنا ليتركنا جرحى كما سبق وحّذر الرسول بطرس في رسالته قائًلا: “صْحُوا وَاسْهَرُوا لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِساً مَنْ يَبْتَلِعُهُ” (١بط 5: 8)




كيف يحاربنا العدو

٢. فالعدو يحاصر كل منا بمفرده، وهو كأي عدو يحاصر أسراه، يفحص الأسوار باحًثا إن كان يوجد فيها موضع أقل ثباًتا وحصانة حتى يمكنه الاقتراب والاختراق إلى الداخل. لذلك فإنه يَعرض على العيون المغريات والمتع السهلة حتى أنه من خلال النظر يُفسد العفة، وهو يُغري الآذان بنغمات شجية لكيما بسماعها تضعف روح الجهاد المسيحي، وهو يستثير اللسان لكي يخطئ ع ندما توجه إليه إهانة ما، ويُحَرِّض الأيدي على وحشية القتل عندما يعتدي أحد ع ليها، ولكي يصنع من الإنسان شخصا محتاًلا فإنه يغريه بمكاسب غير شريفة، وحتى يسيطر على النفس بالمال يعرض عليها أرباحاً ضارة، ويَعِدها بأمجاد أرضية ليُفقدها السماوية، ويُظهر لها أشيا ء كاذبة ليسلب منها الحقيقة . وأخيراً عندما لا يستطيع العدو أن يخدع ويحتال، فإنه يعلن بوضوح وبجسارة حرباً عنيفة بلا كلل على خدام الله محاوًلا غلبتهم على الدوام، لأنه دائماً ما يكون عدوانياً، فهو مخادع وقت السلام وعنيف وقت الاضطهاد.

٣. لذلك أيها الأخوة الأحباء يجب أن يقف ا لعقل مستعداً ومُسَلَّحاً ضد كل خطط إبليس الخادعة أو تهديداته الواضحة، ويكون دائماً مستعداً للرد عليه كما أن العدو دائماً مستعداً للهجوم. وبما أن سهامه التي تتسلل إلينا خِفيًة تكون متكررة وهو يقذفنا بها بشكل سري وخفي إلى حد أننا قد لا نلاحظها، لذلك فإن مثل هذه الهجمات تكون أكثر فاعلية في إمكانية إصابتنا. فدعونا إًذا ننتبّه لنفهم تلك الهجمات لنردَّها.

الغيرة من أخطر الحروب

ومن بين هذه الحروب هناك خطية “الغيرة والحسد”، وإذ ما تعمق أي منَّا في ذلك الأمر سيكتشف أنه لا شيء يجب على الإنسان المسيحي تجّنبه ولا شيء يستحق الحذر منه أكثر من وقوع أحدنا في الحسد والحقد، عندما يقع أحدنا في الفخاخ الَخفِيّة التي للعدو الخادع، حيث بالحسد يتحول الأخ إلى كراهية أخيه، فلا يدرك أنه يقتل نفسه بالسيف الذي يصنعه هو بنفسه وليس أحدا غيره . وحتى نستطيع أن نفهم ذلك الأمر فهماً كامًلا وأن ندركه بأكثر وضوح دعونا نرجع إلى معرفة مصدره وأصله، دعونا نرى من أين تبدأ الغيرة؟ … أي متى وكيف تبدأ؟ ليصبح من السهل علينا تجنُّب هذا الشر الخبيث إذا ما عرفنا حجمه وأصله.

أصل الغيرة

٤. لهذا السبب فإنه منذ بدء العالم وقع الشيطان نفسه في الهلاك ودمَّر الآخرين أيضاً. ذاك الذي كان في مجده الملائكي وكان مقبوًلا ومحبوباً لدى الله . فبعدما رأى الإنسان مخلوًقا على صورة الله ومثاله، سقط هو بالتمام في الغيرة بحسده الخبيث. فقبل أن يُسقط أحداً غيره في خطية الحسد كان قد سقط هو بنفسه في الغيرة. لقد كان هو نفسه أسيراً قبل أن يَأسر أحداً، ودمر نفسه قبل أن يُدمر آخرين . وإن كان بمقتضى حسده حَرم الإنسان من نعمة الخلود التي أعطيت له، فهو نفسه كان قد فقد ما كان عليه من قبل . أيها الأحباء فما هي جسامة الشر الذي بمقتضاه سقط الملاك ومن خلاله ُ خدع وَتَغيَّر ذاك السامي في العلو والمجد، و به انخدع ذلك المخادع. وهكذا من ذلك الوقت يتفشى الحسد على الأرض، حيث عندما يسقط أحد ما أي الإنسان في الحسد و يتبع سيد الهلاك منقاداً، ف إنه يَُقلِّد الشيطان كما هو مكتوب “أنه بحسد إبليس دخل الموت إلى العالم” (حك ٢٤:٢) هكذا يقّلده أولئك الذين إلى جانبه.

أمثلة على الغيرة من الكتاب المقدس


٥. من َثم بدأت في النهاية بوادر الكراهية بين الأخوة الأوائل (قايين وهابيل). هكذا جاء القتل البغيض للإخوة عندما غار قايين الظالم من هاب يل البار، عندما اضُطهِدَ الصالح من الشرير نتيجة للغير ة والحسد . فكم كانت نيران الغيرة قوية لتتميم تلك الجريمة، إلى حد أن قايين لم يضع المحبة الأخوية أو جسامة الخطية أو حتى مخافة الله وجزاء الخطية في حسبانه. فذاك الذي كان أول من ظهر بِرّه (هابيل) ظلم بجور.. لقد قاسى من الكراهية وهو الذي لم يعرف الكراهية، لقد ُذبح بطريقة وحشية ذاك الذي لم يقاوم وهو يُقتل. لقد تسببت الغيرة أيضاً في عداء عيسو لأخيه يعقوب، فبسبب حصول يعقوب على بركة أبيه اشتعلت الغيرة في نفس عيسو وتحوّل إلى الكراهية ثم إلى الاضطهاد . وكان الحسد أيضاً هو سبب بيع يوسف بيد إخوته، فبعد أن عرض عليهم في ب راءة وبساطة، كأخ لأخوته، المجد العظيم الذي ظهر له في رؤياه اشتعلت عقولهم الحاقدة بالحسد نحوه. وماذا ُترى قد أثار شاول الملك أيضاً لكراهية داود –ذاك البريء الرحيم الصبور الوديع – إلا دافع الغيرة؟ إذ حاول أن يقتله مراراً باضطهادات متكررة . لأنه عندما قتل جليات وذبح هذا العدو الجبار ب معونة ونعمة الله، انطلق الشعب بإعجاب واستحسان في مدح داود، فتوّلدت داخل شاول نيران الكراهية والاضطهاد من خلال الحسد. ولئلا يطول الحديث بذكر أسماء، دعونا نأخذ في اعتبارنا دمار شعب قد هلك مَرّة وإلى الأبد . ألم يهلك اليهود على هذا النحو؟ إذ قد ف ضلوا أن يحسدوا المسيح على أن يؤمنوا به .. وإذ استخفوا بالأعمال العظيمة التي قام بها ُ خدعوا بغيرة عمياء ولم يستطيعوا أن يفتحوا أعين قلوبهم ليروا أعمال المسيح الإلهية.

٦. الآن إذ نرى هذه الأمور، أيها الأخوة الأحباء، لُنحَصِّن قلوبنا التي قد تك رست لله بشجاعة ويقظة رافضين مثل هذا الشر العظيم المدمر، وليكن موت الآخرين (أي الشخصيات التي ذكرناها سّلًفا) مفيداً لخلاصنا، ولُتَقدِّم عقوبة الأحمق منفعة للمحترسين.

نتائج الغيرة

ولكن مع ذلك فلا يوجد ما يجعل أحدا يظن أن مثل هذه الخطية يمكن أن تأخذ شك ً لا وأحداً فقط أو أن تنحصر في حدود ضيّقة أو تقتصر على نطاق م حدود . فدمار الغيرة مُتشعِب، نامٍ ومنتشر على نطاق واسع . إنها مصدر كل الشرور، منبع الكوارث، بذرة الخطية، أصل التعديات، منها تنشأ الكراهية ومنها تخرج العداوة. فالغيرة ُتلهب الجشع عندما لا يكون الإنسان مكتفياً بما عنده، عند رؤيته لمن هو أغنى منه، وهي تدفع إلى اشتهاء الكرامة عندما يرى شخصٌ ما شخصاً آخر أكثر منه ارتفاعاً في الكرامة. فعندما ُتعمي الغيرة حواسنا وُ تخضِع بواطن العقل لسيطرتها، حينئ ذٍ لا يُعمَل لمخافة الله اعتبار وُتهمل تعاليم المسيح ولا يُكترث بيوم الدينونة . فالكبرياء ينفخ، والقسوة تجلب المرارة، وع دم الإيمان يراوغ الفكر مُشككا إياه، وعدم الاحتمال يثير النفس، الخلاف في الرأي يسبب الحَْنق، والغضب يزداد اشتعالاً فلا يستطيع من صار عب دا لسلطان غيره، أن يُحَجِّم نفسه أو يقودها . وهكذا تتحطم رابطة سلام الرب، وُتنتهك المحبة الأخوية ويُفسَد الحق وتنقسم الوحدة وينغمس الشخص في الهرطقات والانشقاقات، خاصة عندما يَستخف بالكهنة أو يَحسد الأساقفة أو عندما يشت كي من عدم سيامته هو نفسه كاهناً أو أسقً فا بالأولى أو عندما لا يحتمل . الآخر الذي قد صار أعلى منه في الرتبة محتقراً إياه. (2) هكذا يتمرد الشخص المتكبر بسبب الغيرة، ويصير ضحية للحسد، فيثور بغضب على عدوه مري دا إيذائه، وهولا يثور ضد الشخص نفسه، بل ضد الكرامة التي صارت لهذا الشخص.

تأثير الغيرة على النفس

٧. هكذا حًقا تكون الدودة التي تأكل النفس، الوباء الذي في أفكار الإنسان، كم هي ضخامة صدأ القلب عندما يُغار من فضيلة إنسان آخر أو من سعادته، أي أن يكره فيه مواهبه أو البركات الإلهية، أن يَعتبر خير الآخر كشرٍ لنفسه، أن يتعذب بسبب رخاء الأشخاص المشهورين، أن يجعل من مجد الآخرين عقوبة لنفسه، أن يضع جلا دا ليعذب به ق لبه، أن يأتي بعذابات لأفكاره ومشاعره ليمزق بها أعماقه الداخلية، أن يضرب أعماق القلب ببراثن البغضة والكراهية . مثل هؤلاء الناس لا يهنأ لهم طعام ولا يلذ لهم شراب، بل هناك دائماً تنهدات وأحزان وآلام، وبما أن الحاسد لا يُعلِن أبداً عن غيرته فإن قلبه محاصر وممزق لي ً لا ونهاراً على الدوام. فالشرور الأخرى لها حد وأي خطايا يفعلها ا لإنسان لها نهاية. ففي حالة الزن ا تتوقف الجريمة عندما تتم الشهوة باقتراف الخطية . وفي حالة القتل تتوقف الجريمة عندما يُرتكب القتل . وبامتلاك الغنيمة ينتهي جشع السارق . وإتمام الخدعة يضع حدا للمخادع؛ أما الغيرة فليس لها حد، إنها شر دائم وخطية لا تنتهي، فكلما نجح المحسود نجاحا أكبر كلما يلتهب الحاسد بالأكثر من نيران الحسد.

٨. من هنا تكون تعبيرات الوجه المتوعّدة، النظرة الشريرة، وشحوب الوجه وارتعاش الشفتين وصرير الأسنان والكلمات الماجنة والإهانات التي بلا لجام واليد المتأهبة لوحشية القتل، وحتى إن كانت الأيدي في الوقت الحالي بلا سيف فهي مسلحة بالكراهية النابعة من عقل متقد بالغضب ولذلك يقول الروح القدس في المزمور “لاَ تَغَرْ مِنَ الَّذِي يَنْجَحُ فِي طَرِيقِهِ مِنَ الرَّجُلِ الْمُجْرِي مَكَايِدَ” (مز ٧:٣٧ ) وأيضا “الشِّرِّيرُ يَتَفَكَّرُ ضِدَّ الصِّدِّيقِ وَيُحَرِّقُ عَلَيْهِ أَسْنَانَهُ. الرَّبُّ يَضْحَكُ بِهِ لأَنَّهُ رَأَى أَنَّ يَوْمَهُ آتٍ (مز 16: 12- 13) كذلك يشير ويّنبه الطوباوي بولس إلى ذلك عندما يقول : “حَنْجَرَتُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ. بِأَلْسِنَتِهِمْ قَدْ مَكَرُوا. سِمُّ الأَصْلاَلِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ. وَفَمُهُمْ مَمْلُوءٌ لَعْنَةًوَمَرَارَةً. أَرْجُلُهُمْ سَرِيعَةٌ إِلَى سَفْكِ الدَّمِ. فِي طُرُقِهِمِ اغْتِصَابٌ وَسَحْقٌ. وَطَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ. لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ” (رو3: ١3-١٨)
الشِّرِّيرُ يَتَفَكَّرُ ضِدَّ الصِّدِّيقِ وَيُحَرِّقُ عَلَيْهِ أَسْنَانَهُ.
13- الرَّبُّ يَضْحَكُ بِهِ لأَنَّهُ رَأَى أَنَّ يَوْمَهُ آتٍ



خطورة الغيرة

٩. عندما ُتجْرَح الأعضاء بالسيف ف إن الشر يكون أَهْوَن والخطر يصبح أقل، وَتسهُل المعالجة عندما يكون الجرح ظاهراً. فعندما يؤتى بالعلاج يشَفى الجرح الظاهر سريعا، ولكن جراح الغيرة مختفية ومختبئة لا تقبل الشفاء؛ حيث أن الغيرة دفينة وكامنة في أعماق النفس المظلمة . فمَن منكم كان حسوداً أو خبيًثا فلينظر كيف يكون مخادعا ومؤذ يا وكارهً ا لمَن يكرههم . فأنت لست عد والخ ير الآخر بقدر ما أنت عدو لنفسك. فأيا كان الشخص الذي تضطهده بالغيرة فهو قادر على الهرب منك وتجنبك ولكنك لا تستطيع أن تهرب من نفسك، فأينما كنت يصاحبك خصمك، فالعدو دائماً في قلبك والدمار مغلق داخلك وأنت مَُقيَّد ومربوط برباطات من السلاسل التي لا مفر منها؛ أنت مأسور بالغيرة كسيد لك؛ فلا تعزية تخفف عنك. إنه شر مستمر أن تضطهد شخصاً مُنعَم عليه من الله، إنها نكبة بلا علاج أن تكره شخصاً سعيداً.


الإتضاع سلاح ضد الغيرة

10. لذلك أيها الأخوة الأحباء فلقد نبه الرب عن هذا الخطر لئلا يقع أحداً في فخ الموت نتيجة ل غيرته من أخيه، فعندما سأله التلاميذ عن الأعظم بينهم قال “للأَنَّ الأَصْغَرَ فِيكُمْ جَمِيعاً هُوَ يَكُونُ عَظِيماً” (لو ٤٨:٩). وبجوابه هذا قطع عليهم كل سُبل الغيرة لأنه استأصل ومزَّق كل سبب وأساس للحسد . فغير مسموح لتلميذ المسيح أن يكون غيورا أو يكون حاسدا. فلا مجالا للنزاع بيننا على مجد السلطة … بل بالإتضاع نصل إلى أعلى الدرجات، فقد تعّلمنا كيف نصير مرضيين أمامه. وأخيراً يرشدنا وينصحنا بولس الرسول أيضا عن كيف يجب علينا نحن الذين استنرنا بنور المسيح وقد هربنا من ظلمة أعمال الليل، أن نسير في أعمال النور، فيكتب ويقول : “قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ لاَ بِالْبَطَرِ وَ السُّكْرِ لاَ بِالْمَضَاجِعِ وَ الْعَهَرِ لاَ بِالْخِصَامِ وَ الْحَسَدِ.” (رو ١٣: 12-13) فإذ قد فارقت الغيوم قلبك وإذ انقشع منها الليل وإذ تلاشت الظلمة وأضاء بهاء النهار حواسك وإذ بدأت أن تصير إنساناً للنور، فاعمل أعمال المسيح لأن المسيح هو النور والنهار

نور المحبة وظلام الغيرة

11. لماذا تندفع نحو ظلمة الغيرة؟ ! لماذا تورط نفسك في سحابة الحسد؟ ! لماذا تطفئ كل نور للسلام والمحبة بظلام الغيرة؟! لماذا تعود للشيطان الذي سبق وجحدته؟!(3) لماذا صرت مثل قايين… إذ كان حاسدا لأخيه ويضمر له الكراهية فقد حُسب كقاتل؟ فيوحنا الرسول يقول في رسالته معلنً ا: “ كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ” (١يو ١٥:٣) وأيضاً: “ مَنْ قَالَ إِنَّهُ فِي النُّورِ وَهُوَ يُبْغِضُ أَخَاهُ، فَهُوَ إِلَى الآنَ فِي الظُّلْمَةِ. مَنْ يُحِبُّ أَخَاهُ يَثْبُتُ فِي النُّورِ وَلَيْسَ فِيهِ عَثْرَةٌ. وَأَمَّا مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَفِي الظُّلْمَةِ يَسْلُكُ، وَلاَ يَعْلَمُ أَيْنَ يَمْضِي، لأَنَّ الظُّلْمَةَ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ” ( ١يو ٢ : 9-11) يبغض أخاه يسير في الظلمة ولا يعلم إلى أين يذهب لأنه دون أن يدرك يّتجه إلى جه نم وبجهل وعدم بصيرة يزج بنفسه في العقاب، مُنسَح بِا من نور المسيح الذي ينذرنا قائلاً: “أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ” (يو ١٢:٨) ولكن، من يتبع المسيح هو الذي يحفظ وصاياه، يسلك في تعاليمه، يقتفي آثار أقدامه وطرقه ويتم ثل بتعاليمه وأعماله. كما يحثنا بذلك بطرس الرسول وينصح نا إذ يقول : “لأَنَّكُمْ لِهَذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاًتَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكاًلَنَا مِثَالاًلِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُواتِهِ” (١بط ٢: 21)


البساطة والمحبة المسيحية

12. علينا أن نتذكر بماذا يدعو المسيح شعبه وما هو الاسم الذي يطلقه على قطيعه .. أنه يدعوهم “خراف” (راجع يو 10: 12، 2: 15). لأن البراءة المسيحية تقابل تلك التي للخراف، وهو يدعوهم هكذا لأن بساطة الفكر (المسيحي) تشبه طبيعة الخراف البسيطة . فلماذا يتوارى الذئب في ثياب الحمل؟ (راجع مت ١٥:٧) لماذا يدعو نفسه باطلا أنه مسيحي بينما هو يخزي قطيع المسيح ؟ فبماذا إًذا ندعو من يضع اسم المسيح عليه دون أن يسير في طريق المسيح سوى أنه مجدف على الاسم الإلهي وبعيد عن طريق الخلاص، حيث أن الرب نفسه يُعَلِّم ويقول أن من ي حفظ الوصايا يحيا (راجع مت ١٧:١٩)، وانه يُدعَى حكي ما من يسمع ومن يعمل بكلماته (راجع مت ٢٤:٧)، وأنه يُدعَى أعظم في ملكوت السموا ت من عمل وعلَّم (راجع مت ١٩:٥). لأنه يتحقق نفع الواعظ الذي يُعَلِّم تعلي ما صالحا ومفيدا متى كان الذي يخرج من فمه يتحقق بالأعمال التي تتبعه. (4) وُترى بماذا أوصى الرب تلاميذه؟ وأي من مشورات المسيح الصالحة ووصاياه السماوية يجب أن ُتحفظ أكثر من أن نحب بعضنا بعضا بال محبة التي أحب بها هو تلاميذه؟ ؛ (راجع يو ١٢ :١٥، ٣٤:١٣) فكيف بالأكثر يستطيع أحدٌ أن يحفظ السلام ومحبة الله إذا كانت قد دخلت إليه الغيرة؟ هل يستطيع ذاك أن يكون مسالماً أو مُحباً؟

13. وأيضاً عندما أبرز القديس بولس الرسول فضائل السلام والمحبة وعندما جَزَمَ بشدة أنه لا نفع للإيمان أو للعطايا أو حتى لآلام المعترف أو الشهيد إلا إذا حفظ الوصايا كاملة وتامة، وأضاف قائًلا: “الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ وَلاَ تَنْتَفِخُ” (١كو ٤:١٣) فهو يعلمنا ويُظهر لنا، أنه من كان دو ما متأن يا ومترفًقا ومتحرراً من الغيرة والحسد يستطيع أن يقتني المحبة، وبالمثل في موضع آخر عندما كان ينصح الإنسان الذي امتلأ من الروح القدس وصار ابًنا لله بالميلاد السماوي بألا يتبع شيء سوى الأمور الروحية والإلهية، فلقد كتب هذا التعليم حين قال: “وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ بَلْ كَجَسَدِيِّينَ كَأَطْفَالٍ فِي الْمَسِيحِ. سَقَيْتُكُمْ لَبَناًلاَ طَعَاماً لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ بَلِ الآنَ أَيْضاًلاَ تَسْتَطِيعُونَ. لأَنَّكُمْ بَعْدُ جَسَدِيُّونَ. فَإِنَّهُ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَ انْشِقَاقٌ أَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ الْبَشَرِ؟.” (١كو٣: 1-3)
الإنسان المسيحي لا يعرف الحسد

14. أيها الأخوة الأعزاء، لابد من سحق الرذائل والخطايا الجسدية وأن ندوس بقوة الروح بأرجلنا الوباء الذي يُبتلى به الجسد الأرضي، وإلا عندما نعود لتصرفات الإنسان العتيق نتورّط في الفخاخ المميتة . كما سبق فنبهنا الرسول لمنفعتنا بحكمة إذ قال : “فإًذا أيها الأخوة نحن مديونون، ليس للجسد لنعيش حسب الجسد لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون، ولكن إن كنتم بالروح ُ تميتون أعمال الجسد فستحيون لأن كل : الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله ” (رو ٨:١٢-١٤) فإن كنا أبناء الله، وإن كنا قد بدأنا فعلا لنكون هياكل له (راجع ١كو ١٦:٣، ٢كو ١٦:٦)، وإن كنا نعيش بقداسة، وروحانية بعد أن قبلنا الروح القدس وحولنا أعيننا من الأرض إلى السماء وإن كنا قد رفعنا قلوبنا المملوءة بالله والمسيح كما يحّثنا الرسول : “إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسي ح جالس عن يمين الله . اهتموا بما فوق لا بما على الأرض لأنكم قد مُّتم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله ومتى أُظهِرَ المسيح في حياتنا فحينئذٍ تظهرون أنتم أي ضا . دعونا إًذا نحن الذين مُتنا في معه في المجد “ (كو ٣: 1-4) المعمودية ودُفِّنا بحسب الخطايا الجسدية الت ي للإنسان العتيق والذين قمنا مع المسيح في الميلاد السماوي الجديد، أن نهتم ونعمل بالمثل الأمور التي للمسيح كما يعلمنا وينصحنا الرسول مرة أخرى ويقول : “الإنسان الأول من الأرض ترابي، والإنسان الثاني الرب من السماء كما لبسنا صورة الترابي. علاوة سنلبس أيضاً صورة السماوي” (١كو ١٥: 47-49) على ذلك فنحن لا نستطيع أن نحمل صورة السماوي إلا أن كنا على صورة المسيح ومثاله، وهي الحالة التي بدأنا أن نكون عليها الآن.

15. فذلك لكي ُتَغيِّروا ما كنتم أنتم عليه وتبدأوا أن تصيروا ما لستم عليه، وحتى يشرق فيكم الميلاد الإلهي وتستجيبوا للتهذيب الإلهي الذي لله الآب، وحتى يتمجد الله في الإنسان من خلال حياته المكرمة والممدوحة. (5) كما يحثنا و يحذرنا الله نفسه وَيعِد الذين يمجدونه بدورهم قائًلا: “فأني أكرم الذين يكرمونني والذين يحتقرونني يصغرون” (١صم ٣٠:٢). فالرب الذي يشّكلنا ويَعدُّنا لكي ما نتمجَد، وابن الله الذي يغرس فينا صورة الله الآب يقول في إنجيله: “سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك، وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلي مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات. فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر عل ى الأبرار والظالمين “ (مت 5: 42-45) فإن كان من المجد والفخر للإنسان أن يكون أبناؤه مشابهين له، وأن يكون باقي الأبناء مشابهين لأبيهم، فكم بالأكثر يكون فرح الله الآب عندما يولد أبناؤه بالروح حتى أنهم من خلال أعمالهم وتسبيحهم يمجدون الله! فكم يكون إكليل البر عظي ما والتاج المعد لكم عندما لا يقول الله عنكم : “ربيت بنيت ونشأتهم أما هم فعصوا على” (إش ٢:١) بل عندما يطوبكم ويدعوكم السيد المسيح للمكافأة بقوله : “تعالوا إلي يا مباركي أبي رثوا الملكوت المُعد لكم منذ تأسيس العالم” (مت 25: 34)
أكليل الإنتصار

١٦ . إن الفكر يا إخوتي الأحباء، يجب أن يتقوَّى بالتأمل ويجب أن يتحصن ضد سهام إبليس بمثل هذه التداريب الروحية. فلتكن القراءا ت الروحية باستمرار في أيادينا وذكر الله دائماً في حواسنا . والصلاة فلتكن بلا انقطاع ويجب إن نكون مهتمّين بالأعمال الروحية حتى أنه كلما يدنو مّنا العدو ويحاول الاقتراب منا، يجد القلب مغلًقا ومُسَلَّحاً ضده . لأن إكليل الإنسان المسيحي ليس هو الإكليل الذي يناله في زمن الاضطهاد فقط . ولكن للسلام أيضاً إكليل، الذي به ُنَكلَّل كمنتصرين في حروبنا المتنوعة . حينما ننتصر على الخصم ونطرحه. فالتغلب على الشهوة يقابله إكليل العفة، ومقاومة الغضب والعنف مكافأته إكليل الصبر، أما النصرة على الجشع فهي نبذ المال، ومدح الإيمان هو في احتمال ضيقات هذا العالم والثقة في المستقبل . ومن لا يتعالى في رخائه (يتفاخر بغناه) ينال مجد الإتضاع . ومن يعطف ويصادق الفقراء ينال الغنى السماوي . ومن لا يحسد أحداً ويحب إخوته بلا رياء، يُكرَم ويُكافأ بالمحبة والسلام . فنحن كل يوم نعدو في ميدان الفضائل لكي ما نصل إلى أكاليل وتيجان البِرّ بدون انقطاع.
نصائح علاجية لمن سقطوا في الغيرة والحسد

17. ولكي تستحقوا هذه الأكاليل، أنتم الذين امتلأتم بالغيرة والحسد عليكم أن تتركوا تماماً كل نية سيئة كانت فيكم قبًلا. ويجب أن تتغيروا إلى طريق الحياة الأبدية مقتفي ن خطوات الخلاص. اقتلعوا من قلوبكم الأشواك والعوسج، حتى تأتي بذار الرب بثمر وفير ولكي يأتي المحصول الإلهي والروحي بحصاد غني ووفير . اقطعوا تماماً سُم المرارة، وكذلك مرض النزاع، طهروا العقل الذي أُصيب بغيرة الحية . دعوا المرارة التي استقرت داخلكم تلين بعذوبة المسيح . إذ أخذتم من سر لصليب الطعام والشراب .(6) فلتدعوا الخشبة التي أفادت (بني إسرائيل) وجعلت الماء عذباً في “مارة” (7) تفيدكم أنتم بالحقيقة في شفاء قلوبكم المرتخية، وإن فعلتم هذا فلن تتعبوا في الحصول على علاج لشفائكم، فابدأوا في علاج أنفسكم من الموضع الذي َتسَبَّب في جرحكم . أحِب من كنت تكرههم من قبل، أكرم أولئك الذين حسدتهم مقل ً لا من شأنهم بغير وجه حق، ت شبَّه بالصالحين إن كنت تستطيع أن تفعل مثلهم، وإن كنت لا تستطيع ذلك فابتهج بالحقيقة معهم، وهنئ المتفوقين عليك. اجعل نفسك مشاركاً معهم في وحدانية المحبة، وشريكاً لهم في شركة الحب ورباط الأخوّة . فسوف ُتغَفر ذنوبك حين َتغفِر أنت أيضاً للآخرين (راجع مر ٢٥:١١)، و سوف ُتقبل، تقدماتك حين تتقدم إلى الله كصانع سلام (راجع مت ٢٣:٥) وأفكارك وأعمالك سيقودها الله حين تفتكر في الأمور الإلهية والحقة كما هو مكتوب “ليتف ّ كر قلب الإنسان في أمور حقه. لكي ما تكون خطواته منقادة من الله” (أم ١:١٦)


١٨ . علاوة على ذلك فهناك أمور كثير ة يجب أن تتفكر فيها، تّذكر الفردوس حيث لن يرجع قايين ثانية إذ قد قتل أخاه بسبب الغيرة، تّذكر ملكوت السموا ت الذي لن يسمح الرب بدخوله إلا لمن لهم قلب وفكر واحد، تّذكر أن هؤلاء فقط، يمكن أن يُدعَوا أبناء الله : الذين هم صانعو سلام (مت ٩:٥) الذين بواسطة الميلاد الإلهي (المعمودية ) وحِفظ الوصايا أصبحوا واحداً، صائرين على مثال الله الآب والمسيح .(8)تّذكروا أننا تحت أنظار الله، وأننا نجتاز سلوكنا وحياتنا تحت قضاء الله . أننا نصِل في النهاية إلى إمكانية رؤيته، إن كنا ُنرضيه إذ هو يُلاحظ أعمالنا، إن كنا ُنظهِر أنفسنا كمستحقين لنعمته وغفرانه إن أرضيناه أولا في هذا العالم، وبالتالي سنكون في رضاه إلى الأبد في السماء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
(1) يوضح القديس كبريانوس طريقة عمل الشيطان إنه في بداية الأمر يزين لنا الخطية ويهون منها، وعندما نسقط فيها بأسرنا فيها بشدة مفقداً إيانا الرجاء

(2) وهنا يشير القديس إلى داء قد نجده موجوداً حتى في يومنا هذا. إذ نجد من يقاومون الآباء الكهنة أو الأساقفة، وقد يصل إلى درجة اختلاق البدع والانشقاقات، ويكون كل ذلك بدافع الغيرة الموجودة في هؤلاء المنشقين

(3) نلاحظ هنا إشارة واضحة إلى طقس جحد الشيطان قبل نوال سر العماد.

(4) يشير القديس كبريانوس هنا إلى آلام الرب يسوع في الموعظة على الجبل: “فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلَّم الناس هكذا يدعى أصغر في ملكوت السماوات. أما من عَمِلَ وعَلّم فهذا يدعى عظيماً في ملكوت السماوات” (مت 5: 19) عن وجوب المعلم أن يكون أول من يلتزم بما يُعَلّم به.

(5) يقصد القديس كبريانوس هنا إنه من خلال التزام المسيحي بوصايا الرب، تكون حياته شهادة حية للمسيح أمام الناس فيتمجد أبونا السماوي “أنتم ملح الأرض…أنتم نور العالم… فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم: الحسنة و يمجدوا أباآم الذي في السموات” (مت 5: 13، 14، 16)

(6) يقصد جسد و دم المسيح اللذان نتناولهما في سر الافخارستيا.

(7) يشير القديس آبريانوس هنا إلى القصة الواردة في سفر الخروج، عندما جاء بنو إسرائيل إلى منطقة “مارة” في برية سيناء حيث لم يجدوا إلا الماء المر، : فأخذ موسى شجرة بأمر الرب وطرحها في الماء فصار عذباً (خر 15: 22-24) و الشجرة هنا كانت رمز لخشبة الصليب التي حولت حياتنا من مرارة الخطية إلى عذوبة البر .

(8) يوضّح القديس كبريانوس هنا أن الإتحاد بين أعضاء الكنيسة هو على مثال وحدانية الآب والابن آما يقول رب المجد في صلاته الوداعية: “ليكون الجميع . وأحداً كما أنك أنت أيها الآب فيّ وأنا فيك” (يو 17: 21)
  رد مع اقتباس
قديم 06 - 02 - 2018, 09:00 PM   رقم المشاركة : ( 1007 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة

الميلاد اللازمني ـ القديس كيرلس السكندري



ان الذين يعتقدون ان الله الآب بدأ يلد في الزمن هم مجدفون، غير معترفين ان في الله شيئاً أكثر منا وفائقاً عنا، لأن الانسان بما ان له بداية وجود يلد حتماً في الزمن والابن المولود منه يكون صائراً ومخلوقاً، لكن الله مثلما هو بلا بداية وغير صائر هكذا أيضاً الكلمة الذي أتي من جوهر الآب يكون بلا بداية وغير صائر مثله مثل الآب أيضاً …ـ
بما ان جوهر الله أعظم وأسمي من أي مفهوم للزمن والبداية، بالتالي تكون الولادة الالهية أعظم وأسمي من كل هذا أيضاً، واذا كانت الطبيعة الالهية لم تُحرم من طبيعة أن تلد فالحقيقة هي ان الولادة الالهية تتم خارج الزمن ، اذ ان طريقة الولادة الالهية مختلفة تماماً عن الولادة البشرية، كما ان الوجود والولادة يُدركان معاً في الله، لان الابن كائن ومولود منه دون أن تسبق ولادته كينونته، بل مع وجوده دائماً ما توجد ولادته.ـ
الذي تجرأ علي القول بأن الآب توقف عن أن يلد سقط في جريمة تجديف لا تُحتمل، لأنه وضع الطبيعة الالهية في ثلاث مواقف متغيرة، باعتبار ان الولادة في الزمن تعني ان هناك ثلاثة ازمنة: الواحدة قبل الولادة، والثانية اثناء الولادة، والثالثة بعد الولادة ! … بما أن طبيعة الله تفوق الزمن اذن فهو لا يلد في الزمن ولا يخضع لاي احتياج لأنه أسمي من الكل، وعلي اية حال فهو لم يكتسب امكانية ان يلد وكأنها لم تكن لديه من قبل، ولا هو ايضاً توقف للتو عندما وَلَد ! … كيف لا يكون تجديفاً ان لا نعترف نحن بخواص طبيعة الله العظمي التي لها حتي لو لم يستطع العقل البشري ان يدرك هذه الطبيعة السامية ؟!
  رد مع اقتباس
قديم 07 - 02 - 2018, 02:31 PM   رقم المشاركة : ( 1008 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة

*- لو عملت خطايا بلا عدد لا تيأس لأن ربنا رحمته بلا عدد ..*
- لو أحنا زهقنا من نفسنا ربنا مزهقش مننا لأن ربنا باله طويل ..
- لو مش قادر أصلح في الناس -لو مش قادر أصلح الظروف - لو مش قادر اصلح في نفسي أقوله ياااااارب : *(( أنا مش قادر بس أنت قادر ))*
- الله أمين في وعوده .. اللي قال : (( أنا معاك )) هيفضل معاك واللي قال : (( بحبك )) هيفضل يحبك واللي طبعه الرحمة مش هيغير في طبعه .. !!
* الشفاء من اليأس*
*If you commit countless sins, don’t despair because God’s mercy is countless!*
When we are fed up of ourselves, God is not fed up of us because God is patient ...
When I cannot change people, change the circumstances, or even change myself, I pray to God: I am unable but You are capable...
God is faithful in His promises ...
Who said: I am with you, will stay with you
Who said: I love you, will keep loving you
Whose character is mercy will never change ...


  رد مع اقتباس
قديم 07 - 02 - 2018, 02:34 PM   رقم المشاركة : ( 1009 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة

اللي ينحني قدام ربنا .. ماتقدرش الحياة تحنيه
الأنبا رافائيل
  رد مع اقتباس
قديم 07 - 02 - 2018, 02:38 PM   رقم المشاركة : ( 1010 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة

" الايمان هو ان تؤمن بما لا تراه .. و مكافئة هذا الايمان هو ان ترى ما امنت به "
- القديس اغسطينوس -
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مجموعة متنوعة من أقوال الآباء
من أقوال الأباء وكلمة المنفعة
أقوال القديس اغناطيوس وكلمة منفعة
أقوال الأنبا برصنوفيوس وكلمة منفعة
أقوال الأنبا ايسيذورس وكلمة منفعة


الساعة الآن 06:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024