ما كنت ولا بأي شكل من الأشكال أتوقعه!
ركبت التاكسي اليوم في طريقي الى المطار. وصل سائق التاكسي وكان كبيراً في السن، المسبحة معلقة في السيارة، رسم إشارة الصليب في كل مرّة مررنا بكنيسة أو مزار!
جميل أن نرى ان في لبنان – وبغض النظر الى أي ديانة تنتمي – يمكنك أن تعبر عن انتمائك الديني بكل سهولة ودون الشعور بالخوف.
سألني الى أين أنا ذاهب، ومن موضوع الى آخر أخبرني أن لديه ثلاثة أولاد، ومن بينهم ابنه المهندس!
قال لي أن ابنه كان يعمل في شركة ما بين افريقيا ولبنان، غير أن الفرع في لبنان يغلق أبوابه وطُلب من ابنه أن ينتقل مع زوجته الى افريقيا لحاجتهم إليه في الشركة وفي ذلك مستقبل زاهر.
الى هنا، كان الخبر عادياً وفجأة …صدمني!!!!
قال لي أنه رفض أن يذهب ابنه الى افريقيا وانه أقنع ابنه بذلك ولكن السبب مذهل حقاً ولو يكن يخطر ببالي. ظننت ربما أه لا يريده أن يبتعد عن العائلة، أو ربما يحتاج إليه معه أو ربما دبّر له عملا آخر ولكن لا!!! لا شيء من كل ما ذكرت كان السبب.
قال لي: “يا بني، ليلة رأس السنة، قال المنجمون في التوقعات أنه ستكون هناك حروب في افريقيا، ولذاك رفضت أن يذهب ابني الى هناك”!
بسبب تلك التوقعات رفض أن يذهب ابنه مع الشكرة الى افريقيا حيث كان ينتظره عمل كبير ومستقبل مهم!
قد يكون ذلك شيئاً عاديا لدى البعض. هذا التناقض في الحال! نحمل المسبحة ونصليها، ونرسم إشارة الصليب عند كل كنيسة ومزار، وعند كل خضّة ألم نصرخ “يا عدرا” او “يا يسوع” … وفي الوقت عينه نؤمن كل الإيمان بما تقوله التوقعات!
لست هنا لألوم هذا الرجل، بل ومن هنا أوجّه دعوة ملحّة لجميع المهنة ليخصصوا ولو دقيقة واحدة من عظاتهم من وقت لآخر ليقوموا بحملة توعية في هذا المجال. لا يمكننا السكوت عن ذلك بعد اليوم، فعندما ترى عدد الذين يتركون كل شيء ليجلسوا أما الشاشات لسماع التوقعات او الأبراج تعي حينها الخطر الذي يُحدق بالكنيسة وبالإيمان. قد تكون جملة بسيطة للتوعية أفضل من نصف ساعة من تسميع درس لاهوت حفظناه وجعلنه بعيداً كل البعد عن الواقع الملموس.
آمل أن يصل ندائي هذا الى جميع الكهنة ومعلمي التعليم المسيحي ليعملوا على إخماد نار هذه الظاهرة التي تأكل الكنيسة من الداخل!