رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تفسير رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية أن هذه الرسالة تتضمن جوابًا كافيًا لسؤال أيوب القائل. فكيف يتبرَّر الإنسان عند الله (أيوب 3:9) فالسؤال والجواب كلاهما باعتبار حالة الإنسان كمذنب مستحق القصاص من الله. فيصح لنا أن نعتبر الخطية نجاسة قد أخرجت الإنسان من محضر الله ولا تدعهُ يرجع إلاَّ ويتطهر أو أثمًا قد جعله تحت حكم القصاص ولا يقدر أن ينجو منهُ ما لم يتبرَّر بطريق موافق لعدلهِ تعالى. فنرى كلامًا كثيرًا في الرسالة إلى العبرانيين عن الخطية باعتبار كونها نجاسة يقتضي لها التطهير كقولهِ بعد ما صنع بنفسهِ تطهيرًا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي (عبرانيين 3:1) وذلك حق لكن الخطية ليست نجاسة فقط، بل أثمًا مستوجبًا العقاب أيضًا فأكثر كلام الرسول في رسالة رومية يشير إلى الخطية بهذا الاعتبار. ومن المعلوم أن الإنسان عندما ينتبه أولاً إلى سوء حالتهِ أمام الله يشعر بآثامهِ بالنظر إلى كونها تستدعي القصاص. «ثمَّ أتقدَّم إلى الرب وانحنى للإله العليّ هل أتقدَّم بمحرقات بعجول أبناء سنةٍ؟. هل يسرُّ الرب بألوف الكباش بربوات أنهار زيت؟. هل أعطي بكري عن معصيتي ثمرة جسدي عن خطية نفسي» (ميخا 66، 7). فالخاطئ المُنتبه يعرف أنهُ يستحق القصاص ولا يمكنهُ أن يدنو إلى الله بدون كفارة تعوّض العدل الإلهي عن الإهانة التي صارت لهُ بواسطة خطاياهُ، ولكن فكرهُ الأول أنهُ يقدّم لله شيئًا مما هو ثمين عندهُ أعني يريد أن يقوم أمام الله ببرهِ الذاتي، ولكن ذلك من المُستحيل لأنهُ لا يوجد عندهُ شيءٌ يُقبل وأن أعطى ربوات كباش أو ثمرة جسدهِ. فرسالتنا هذه ممتازة عن سواهما بإيضاحها طريقة التبرير ليس بواسطة برٍ أو عمل من الإنسان لله،بل عملهُ الله للإنسان. لأنهُ لما كان الإنسان عديم البرّ أمام الله، فالله من نعمتهِ المُطلقة أعلن برَّهُ للإنسان وبذلك أظهر ما هو جوهر نعمتهِ وما هو أساس البشارة الإلهية لأن الله بعدما أكمل عمل الفداء أرسل وأخبر جميع البشر بهِ قائلاً لهم: تعالوا. فالرسول يوضح في الرسالة التبرير وجميع المسائل المُتعلقة بهِ بأسلوب مستوفي الشرح وكامل الترتيب. ففي الأصحاح الأول بعد المُقدمة يستذنب الأُمم إذ يظهر فجورهم ومعاصيهم بكلام ترتجف من سماعهِ الأبدانلأنهم كانوا قد توغلوا في شهواتهم المُحرَّمة إلى أقصى درجة وكانت أديانهم من أشرَّ أعمالهم، لأنها سمحت لهم بالتهوُّر في شهواتهم لا،بل كرَّستها في تقديم العبادة لآلهتهم. فيظهر للقارئ بعد المُطالعة أن الرسول يتتبع تاريخ البشر الأدبي ليس من وقت السقوط،بل من وقت الطوفان فصاعدًا إذ أهملوا شهادة الله الظاهرة لهم في أعمال الخليقة وأبدعوا أديانًا حسب سوء أفكارهم وبُطل مخيلتهم ولما تركوا الإله الواحد اُستعبدوا لكل نوع من عبادة الأصنام المُحرَّمة لأن الإنسان لا يقدر أن يعيشبلا معبود ويتمثل بهِ مهما كان. فإن كان يعبد الله حقيقةً يرتفع أدبيًّا وإن عبد المخلوق ينحطُّ كذلك. وإذ ذاك اُستعبد لشهواتهِ ولإبليس الذي يسود عليهِ بواسطة هذه الشهوات لأنهُ استنبط هذه العبادة لأجل هذه الغاية عينها. ثم في (أصحاح 2) ينظر الرسول إلى اليهود ويُبرهن أنهم مُجرمون ليس في سوء أعمالهم فقط،بل في مخالفتهم الناموس المُعطى من الله. ففي الجزء الأول من هذا الأصحاح يتكلَّم عن مُعلمي الآداب سواء كانوا من الأُمم أم من اليهود الذين كانوا يبحثون عن الحق والبُطل لكنهم كانوا ممسوكين في الشر نفسهِ الذي حكموا أنهُ في الآخرين وأظهروا قساوة قلوبهم واحتقارهم لطف الله ونسيانهم دينونتهِ إذ علَّموا غيرهم تعليمًا لم يؤثر في أنفسهم فلم ينتفعوا بذلك،بل أذخروا لأنفسهم غضبًا في يوم الغضب أي في ذلك الوقت الذي فيهِ يدين الله سرائر الناس في النور الإلهي المعلن الآن بواسطة الإنجيل لأن دينونة الله ستُجرى حسب أعمال الناس كما هي وكلما كان عندهم نور الحق زادت مسئوليتهم وإذ ذاك أصحاب المعرفة والامتيازات ينالون قصاصًا أشدَّ من غيرهم اليهودي أولاً ثم اليوناني لأن ليس مُحاباة عند الديان العادل. إن الخلاص بواسطة النعمة المجانية وأما الدينونة فبحسب الأعمال. فإن كان أحد يحتقر النعمة فلا بدَّ من أن الدينونة تجري مجراها. ثم إن الرسول في الجزء الثاني من هذا الأصحاح يوضح بالتفصيل حالة اليهود كونهم مميزين عن الأُمم بالنور المُعطى لهم أكثر من أولئك لكنهم لم يكونوا أفضل منهم أدبيًّا لأن اسم الله مُجدَّف عليهِ بسببهم وإن الأُممي السالك حسب نور الطبيعة أحسن من اليهودي المُفتخر بالناموس بينما هوة مخالف إياهُ. ثم في الأصحاح الثالث يسأل الرسول عن نفع امتيازات اليهود ويُصرح أنهم امتازوا بأشياء كثيرة وبالأخص لأنهم اُستؤمنوا على أقوال الله. ولكن نفس هذه الأقوال دانتهم. فالنتيجة واضحة من قولهِ إذ يسأل عن لسان اليهود، فماذا إذًا، أنحن أفضل؟ والجواب: كلاَّ البتة، لأننا قد شكونا أن اليهود واليونانيين أجمعين تحت الخطية (رومية 9:3) وعلى ذلك استدَّ كل فم وصار كل العالم تحت القصاص من الله. لأن اليهود المُفتخرين بالناموس قد أصبحوا بلا برٍّ نظير الأُمم المتوغلين بشهواتهم المُحرَّمة وإذ ذاك لم يكن أمل لأحدٍ بالخلاص إلاَّ بإعلان برّ الله وإن كان الخلاص بواسطة برّ الله على مبدأ الإيمان فيخلص كل من يؤمن سواء كان يهوديًّا أم أُمميًّا، ولكن ذلك كان صعبًا جدًّا على اليهودي المُفتخر المُتعصب كما لا يخفى فالتزم الرسول في الأصحاح الرابع أن يُبرهن التبرير بالإيمان بواسطة مثال إبراهيم ثم أيَّدهُ بشهادة داود (مزمور 32) اللذين كانا من أشهر المؤمنين القدماء واتقاهم، ثم في (رومية 1:5-12) يوضح اختبارات الذين قد تبرَّروا بالإيمان ومن (عدد 13) … الخ. يتكلَّم ليس عن خطايانا التي استوجبت القصاص والتي بسببها كنا محتاجين إلى التبرير،بل عن الخطية على صيغة المفرد بمعنى الطبيعة الفاسدة أو الشجرة الردية الجنس التي حملت هذه الأثمار الردية ويتتبعها إلى آدم الإنسان الأول الذي كان رأس النبع لذلك. وعند ذِكرهِ الرأس الأول الفاسد التزم أن يذكر المسيح بالنظر إلى كونهِ الرأس الجديد الذي صدر منهُ كل شيء صالح. ثم في آخر هذا الأصحاح يذكر الحياة بقولهِ: ولكن حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًّا حتى كما ملكت الخطية في الموت هكذا تملك النعمة بالبرّ للحياة الأبدية بيسوع المسيح ربنا (عدد 20، 21). ومن المعلوم أن التبرير بالنظر إلى كوننا أثمة والحياة بالنظر إلى حالتنا كأموات، فالحياة مخلوقة فينا في نفس وقت التبرير فلذلك الإنسان المُبرَّر هو حيٌّ أيضًا غير أن الطبيعة العتيقة باقية فيهِ وتحملهُ إلى عمل الشرّ. ومن ثم السؤال في أول الأصحاح السادس: أَنبقى في الخطية لكي تكثر النعمة؟ فالرسول يُجيب على هذا السؤال بكلام فحواهُ إننا لم ننل التبرير بالمسيح فقط،بل قد حصلنا على مقام فيهِ أيضًا حال كونهِ مُقامًا من الأموات وصرنا متحدين معهُ كل الاتحاد. حتى معموديتنا تعلَّمنا ذلك. فإذًا يجب أن نحسب أنفسنا أمواتًا عن الخطية ونتصرَّف ليس كأننا مُتصلين مع آدم في حالة الخطية والموت،بل كأحياء لله. وذلك ممكن لنا لأننا مُقيمون في النعمة ولسنا تحت الناموس، فإن الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس،بل تحت النعمة (عدد 14). فإننا لا نقدر أن نأتي بثمر القداسة بمبدأ الناموس كما إننا لا نقدر أن نتبرَّر بهِ. ثم ذِكرهِ الناموس هنا اقتضى شرحًا في الأصحاح السابع من جهة نسبتهِ للمؤمنين حيث نرى أن الناموس لم يمت لكننا نحن قد متنا لهُ. الناموس مُقدس وصالح وروحي لكنهُ لا يستطيع أن يمنحنا قوةً ضد الخطية الساكنة فينا. فالمؤمن ما دام يعتبر نفسهُ أنهُ تحت الناموس ويقيس نفسهُ عليهِ إنما يزداد تعبًا وقلقًا، ويصرخ أخيرًا: ويحي أنا الإنسان الشقي مَنْ ينقذني من جسد هذا الموت (عدد 24). فنجاتهُ كتبريرهِ يصير بواسطة يسوع المسيح. ثم في الأصحاح الثامن ينهي الرسول تعليمهُ من جهة الموضوع الرئيسي المقصود إيضاحهُ في هذه الرسالة. فيُظهر بأجمل أسلوب ما هي الفوائد الناتجة للمؤمن لكونهِ في المسيح يسوع. كقولهِ: لا شيء من الدينونة على الذين هم في المسيح يسوع وأن روح المسيح الساكن فينا الآن يُقيم أجسادنا المائتة فيما بعد وأما الآن فيشهد لأرواحنا أننا بنين وورثة الله. وأن الله نفسهُ لنا ولا شيء يفصلنا عن محبتهِ في المسيح يسوع. وفوائد أُخر كثيرة مما يُشاكل ذلك لا يمكن ذِكرها بالتفصيل هنا. وأما من جهة مضمون الأصحاحات الأُخر من التاسع فصاعدًا فيحتوي على مواضيع ثانوية نتجت من التعليم المارُّ ذِكرهُ إذ يسعى الرسول في تطبيق نعمة الله المُتجهة الآن لنحو الجميع على المواعيد الخصوصية المُعطاة لإسرائيل فيقول في الأصحاح التاسع: أنهُ لا يستخف بتلك المواعيد؛ لأنهُ يحب إسرائيل قدر ما كان موسى يحبهم حين توسل إلى الله لأجلهم في البرية طالبًا منهُ تعالى أن يمحوهُ هو من سفرهِ ولا يفني إسرائيل، ولكن مع كل ذلك يُصرح بأن ليس للحقوق الجسدية مدخل في نعمة الله إذ لا يوجد طريق للخلاص لا لنسل إبراهيم من سلسلة اسحق ولا للأُمم سوى نعمة الله العامة. ولكن الإنسان ينفر من سماعهِ ذكر نعمةٍ على هذه الكيفية وينسب ظلمًا لله. فالرسول يسدُّ فم معترض كهذا قائلاً: إن الله ذو سلطان مُطلق وأنهُ تعالى ليس تحت حكم البشر على أنهُ لم يمارس سلطانهُ هذا إلاَّ لإظهار طول أناتهِ لنحو آنية الغضب المُهيأة للهلاك بسبب شهواتهم وآثامهم المارُّ ذكرها في هذه الرسالة نفسها وإظهار غنى رحمتهِ في خلاص آنية الرحمة مع أنهم أبناء الغضب كالآخرين أيضًا ثم يؤيد كلامهُ باقتباسات من كلام الأنبياء. ثم في الأصحاح العاشر يقول: أنهُ طالب خلاص إسرائيل وادًّا ذلك من كل قلبهِ ويشهد لغيرتهم لله غير أنها ليست حسب المعرفة لأنهم كانوا يجهلون برَّ الله المُعلن في الإنجيل كما سبق فأعرب عن ذلك لم يخضعوا للمسيح الذي ينهي الاجتهادات الناموسية للذين يقبلونهُ لأجل البرَّ لأن البرَّ الذي بالناموس يقوم بما يفعل الإنسان لله. خلاف البرّ الذي هو على مبدأ الإيمان فإنهُ يقوم بما عملهُ الله للإنسان إذ أرسل المسيح المُخلص من السماء وأصعدهُ من الأموات ثم بُناءً على ذلك أرسل البشارة للجميع قائلاً: إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامهُ من الأموات خلُّصت. فظهرت هنا أهمية الكلمة الشاهدة للمسيح، فيقول الرسول أنها قد أُرسلت للجميع رغمًا عن تعصُّب اليهود وإن قبلوا أم لا فالله يسرُّ بالمسيح إلى هذا المقدار حتى أنهُ لا يمكنهُ أن يمتنع عن نشر الخبر عنهُ ويخلص كل مَنْ يؤمن بهِ وعلى ذلك يورد شهادات من الأنبياء ولكن إسرائيل مع وجود كل هذه الشهادات الصريحة في كتبهم داموا مُصرّين على عنادهم برفضهم الإنجيل فأصبحوا مرفوضين. ثم في الأصحاح الحادي عشر يُبرهن أن رفضهم ليس إلى الأبد. من المعلوم أن نسل إبراهيم كان الزيتونة الجيدة المكنى بها عن شعبٍ يوجد فيهِ نور شهادة الله. ولما صارت الأُمة اليهودية مرفوضة جعل الله يجمع آخرين ليقوموا بالشهادة الإلهية في العالم غير أنهُ يُنبه المؤمنين من الأُمم على أن لا يفتخروا بامتيازاتهم الجديدة حال كونهم مهملين الثمر اللائق بها كأن الله يكتفي بمجرد الصورة الخارجية. كما أن اليهود المرفوضين كانوا قد وقعوا في هذا الظن الباطل فقُطعوا وإذ ذاك لا يمتنع الله عن قطع جمهور المسيحيين أيضًا بدينونتهِ الصارمة. ثم بعد ذلك يردُّ نسل إبراهيم إلى مقامهم الأصلي ولكن على مبدأ النعمة لأعلى مبدأ الناموس. ثم يُصرح مُندهشًا من معاملات الله الظاهرة في جميع ما عملهُ مع إسرائيل وما هو آخذٌ الآن بإجرائهِ قائلاً: يا لعمق غنى الله وحكمتهِ وعلمهِ! ما أبعد أحكامهُ عن الفحص وطرقهُ عن الاستقصاء! لأن مَنْ عرف فكر الرب، أو مَنْ صار لهُ مُشيرًا، أو مَنْ سبق فأعطاهُ فيُكافأ لأن منهُ وبهِ ولهُ كل الأشياء لهُ المجد إلى أبد الآبدين آمين. ثم في الأصحاحات الباقية أعني من الأصحاح الثاني عشر إلى آخر الرسالة يذكر الرسول بعض واجبات المسيحيين التي يجب إظهارا في سلوكهم وسيأتي إيضاحها في محلها. أخيرًا أقول للذي يُطالع هذه الرسالة وتفسيرها: أن لا يقرأ الشرح إن لم يتمعن أولاً في المُتن ذاتهِ طالبًا من الله أن يُعلِّمهُ بروحهِ القدوس الذي أعطانا هذه الرسالة العظيمة الأهمية مُظهرًا فيها ما هو أساس إيماننا المسيحي. إنهُ من الأمور المُسلَّم بها أن الله قد وضع في كنيستهِ بعض مواهب روحية لأجل بنيان قديسيهِ، ولكن ينبغي أن تكون ممارستها دائمًا بمساعدة الروح القدس وبطريق التواضع والاتكال على الرب ذلك الراعي العظيم الذي بذل حياتهُ عن الخراف ومن محبتهِ لها يتنازل إلى أن يرعاها مُقدمًا لكل واحد الطعام المناسب لهُ في كل وقت. فلذلك لا يكون مقصدهُ أن يبنينا روحيًّا بكيفية تغنينا عن مراعاة حضورهِ معنا حال كوننا سالكين سلوكًا لا يُحزن الروح القدس. لأننا إن أحزنَّا مُعزينا لا تكون لنا تعزية وإن تجبَّرنا على راعينا لا يمكن لهُ إذ ذاك أن يرعانا بالطعام،بل بالعصا وذلك مؤلم لا مُفرح. فالمعلم مهما كانت معرفتهُ كافية إذ حاول تعليم الأمور الروحية بقوتهِ الذاتية لا يكون إذ ذاك خادمًا صالحًا ليسوع المسيح متربيًا بكلام الإيمان والتعليم الحسن (تيموثاوس الأولى 6:4) وإن كان كلامهُ صحيح الصورة يولد الانتفاخ في مَنْ يقبلهُ لا بنيان الله. وليس على المُعلِّم فقط أن يجتهد ليخدم بأمانة،بل على المُتعلِّم أيضًا أن يتذكر في كل حين أنهُ إن كان بولس نفسهُ يغرس وأبلوس يسقي فالله وحدهُ يُنمي (كورنثوس الأولى 6:3). فلذلك ينبغي لنا أن نبادر إلى درس كلمة الله بتواضع وخشوع غير متكلين على حكمتنا نحن أو حكمة غيرنا،بل على الإله الحي الذي يُقاوم المستكبرين وأما المُتواضعون فيعطيهم نعمة (بطرس الأولى 5:5) ولا يمتنع عن أن يمنح من حكمتهِ للذين يسألونهُ بالإيمان (يعقوب 5:1-7). إن الله قد أكثر بيننا نسخ كلمتهِ لكننا لم نتقدم في فهمها كما يجب وربما أكبر سبب من الأسباب التي عاقتنا عن النمو بالفهم هو مُعاطاتنا كلمة الله بخفةٍ وثقةٍ ذاتية. فأصبح كتابنا المقدس مُهملاً نعم وقليل الاعتبار أيضًا حتى أنك تسمع كثيرين يقتبسون أقوالاً منهُ لكي يمزحوا بها مستعملين كلمة إلهنا بطريقة لا تليق لو استعملناها في مكاتيب أحبائنا الغائبين. فالعجب أنهُ تعالى لم يحرمنا وجود كلمتهِ أصالةً من وسطنا، ولكنهُ من لطفهِ قد أبقاها عندنا لتعزيتنا وعلينا أن نعتبرها كل الاعتبار كونها كلمة إلهنا. لأنهُ كما ينزل الثلج والمطر من السماء ولا يرجعان إلى هناك،بل يرويان الأرض ويجعلانها تلد وتنبُّت وتعطي زرعًا للزارع وخبزًا للآكل. هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي لا ترجع إليَّ فارغة،بل تعمل ما سُررتّ بهِ وتنجح في ما أرسلتها لهُ (إشعياء 10:55، 11). |
12 - 08 - 2012, 08:11 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: تفسير رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية
شكرا على المشاركة الجميلة
|
||||
|