كان أشعث ومتسخ الشعر..وله صدر مفتوح وملطخ بالدماء..عيون زائغة تتحرك فى كل الاتجاهات..لا يقدر على الوقوف بثبات..منظره عريان ولا يرتدى صندلاً حتى يحمى قدميه من الاصطدام بالصخور التى على الأرض ولا يرتدى ثياباً تقيه من الحجارة التى يمسكها بيده..وكان يجرح نفسه بالحجارة فصار جلد جسده مثل الحبر الأسود والجروح العميقة والمتقيحة تجذب الحشرات الطائرة إليه.
إن مسكنه بين القبور فى صحراء الجليل وسط الكهوف..يشعر بالأمان وسط الأموات أكثر مما يشعر به وسط الأحياء.
كيف نفسر هذه التصرفات الغريبة الموجودة..العنف المتمثل فى الابناء على أسرهم..المشاكل التى تعانى منها الأمهات..التمرد الذى يعانى منه الشباب الصغير..الأفلام الإباحية على الإنترت..فالشيطان لا يهدأ فى العمل..
فنظرة واحدة لهذا المجنون تشرح لنا هدف إبليس لحياتى وحياتك.
الألم النفسى الذاتى:فالمجنون يجرح نفسه بالحجارة..فكيف يؤذى الإنسان نفسه؟بإدمان الأقراص والجنس..بالعنف وحتى الأطعمة المليئة بالدهون تجعلنا نؤذى أنفسنا.
الارتباط الوثيق بالموت والظلام:فالمجنون حتى دون أن يربطوه يسكن وسط الأموات..وهناك الروح الشرير يشعر وكأنه مستريح فى بيته.يتواصل مع أصدقائه الأرواح الشريرة هناك ليذبحوا الأحياء..فالتواصل مع الأموات ليس من أعمال الله..فهو إله أحياء وليس إله أموات.
ضياع الراحة بلا نهاية:"وكان دائماً ليلاً ونهاراً فى الجبال وفى القبور"-(مر5:5)فالشيطان لا ينعس ولا يأخذ راحة.ويا للعجب أن الروح النجس يطلب راحة ولا يجد-هكذا قال يسوع:
"إذا خرج الروح النجس من الإنسان يجتاز فى أماكن ليس فيها ماء يطلب راحة ولا يجد"
متى(43:12).
الانعزال:هذا الرجل وحيد فى كل ما يعانيه.وهذه خطة شيطانية"أُصحوا واسهروا لأن ابليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتسماً مَنْ يبتلعه هو"
1بط(8:5) وأتباعه أيضاً يسيرون على النهج نفسه ويسهرون على الشر.
لكن يسوع..يسوع يسهر على عمله أيضاً.خرج يسوع من المركب إلى هذه الكورة وأمر"اخرج من الإنسان يا أيها الروح النجس"-مر(8:5)
لا توجد محادثات ومجادلات ومناقشات..ولا تهاون أو تراجع..لقد انسحب ابليس تماماً وخرج من الإنسان عند قدمى يسوع المسيح وعرفنا قوة ابليس مما حدث بعد دخول الأرواح الشريرة فى قطيع الخنازير بعد توسلهم إلى الرب بهذا:
"وصرخ بصوت عظيم وقال:""مالى ولك يا يسوع ابن الله العلى""..وسأله:""ما اسمك؟""
فأجاب قائلاً:""اسمى لِجئُونُ لأننا كثيرون""
وطلب إليه كثيراً أن لا يرسلهم إلى خارج الكورة"
مر5(7و9و10).
لجئون:هو مصطلح فى الجيش الرومانى فالكتيبة الرومانية لجئون تحتوى على ستة الاف جندى رومانى.كيف سكنت كل هذه الأرواح النجسة فى جسد هذا الرجل؟أمر غير معقول..كيف تخشى كل هذه الجموع من الذهاب إلى الجحيم؟كما أن هذه الأرواح ليست كثيرة فقط بل هى أيضاً مدججة بالأسلحة فلجئون هى كتيبة مدججة بأحدث الأسلحة.إن ابليس(وجنوده)أتى لكى يهاجم"من أجل هذا احملوا سلاح الله الكامل لكى تقدروا أن تقاوموا فى اليوم الشرير وبعد أن تتمموا كل شىء أن تثبتوا"-أف(13:6).
لابد أن ندرك أن ابليس يقود جيشاً منظماً.عدونا يملك جيشاً مدرباً ومنظماً..لا تتخيل هذا الشكل الأسود والقرون والذيل الطويل..إن ابليس فى محضر الله يصير كلا شىء..قوة ابليس أمام الله مثل عصا صغيرة أمام القنبلة الذرية.
ماذا يمكن أن يفعل الشيطان أمام الحضور الإلهى
..أمام يسوع المسيح؟لابد أن يسجد أمامه ويصرخ خائفاً ويطيعه.
إن الرب يسوع قد انتصر على ابليس فكلمة واحدة من الرب يسوع أخرجت الشياطين وأصبح المجنون"جالساً ولابساً وعاقلاً".
ولكن مع هزيمته وتحطيم رأسه لايزال يهيل علينا التراب بذيله..فهو لايقدر أن يؤذينا لكنه يزعجنا ويعطلنا ويجعلنا نتردد ونفكر كثيراً فى طرقنا لذلك يأمرنا الرسول بطرس بالسهر..
السهر هو الحل..الخوف لا يفيد..هو لايملك أسناناً وسُماً ليبثه فينا..فهو يعرف هذا أنه مهزوم وأن له"زماناً يسيراً"-(رؤ12:12).