القدّيسة المعظّمة في الشهيدات إفيميّة
إفيميّة أي الممدوحة والحسنة الصيت.
* ولادتها ونشأتها:
ولدت إفيميّة في منتصف القرن الثالث في مدينة خلقيدونيا – المدينة التي انعقد فيها المجمع المسكوني الرابع في العام 451 من أبوين ورعين تقيّين، أيام الأمبراطور ذيوكليسيانوس (284 – 305). كان أبوها من الأشراف وأمّها من أكثر الناس حبّاً للفقير.
وما كادت إفيميّة تبلغ العشرين من عمرها حتّى اندلعت موجة اضطهاد جديدة على المسيحيّين، هي العاشرة من نوعها. فلقد دعا حاكم آسيا الصغرى، بريسكوس، بمناسبة عيد الإله آريس، إلى إقامة الاحتفالات وتقديم الذبائح.
ولمّا كانت إفيميّة في عداد مجموعة من المسيحيّين، الذين تغيّبوا عن الاحتفال وتواروا عن الأنظار، فقد أصدر الحاكم أمرًا بالبحث عنها وألقى عمّاله القبض عليها.
وعندما مثلت المجموعة أمام الحاكم، سألهم: "لماذا عصيتم أوامر الأمبراطوريّة؟"
كان جواب الجميع: "إنّ أوامر الأمبراطور نطيعها، شرط أن لا تكون مخالفة لأوامر إله السماء. أمّا إذا كانت كذلك، فنحن لا نعصاها وحسب، بل نقاومها أيضًا".
اغتاظ بريسكوس الحاكم جداً وسلّمهم إلى المعذّبين.
* إفيميّة تحت العذاب:
كان واضحًا أن قدّيستنا كانت على رأس المجموعة، ولفت جمال طلعتها وطراوة عودها الحاكم، فحاول، بإطرائه، خداعها وثنيها عن عزمها، فلم يفلح، فسلّمها هي أيضًا إلى التعذيب.
لكن شيئاً غريباً حدث. فكلّما كان الحاكم يسلّمها إلى نوع من أنواع التعذيب، كان ملاك الربّ يأتي ويعطّل مفعوله.
وضعها بريسكوس، مثلاً، على عجلة، فجاء الملاك وكسر العجلة.
ألقاها في النار فلم تصبها بأذى.
ألقاها في جبّ ماء فيه كافة أنواع الزواحف السامة، فرسمت إشارة الصليب فوق الماء ونجت. وإنّ اثنين من جلاّديها، وهما فيكتور وسوستنيس، لما رأيا ما حدث، مجّدا إله إفيمية وآمنا بالربّ يسوع، فكان مصيرهما أن أُلقيا إلى الوحوش واستشهدا.
أخيراً بعدما صار واضحا أنّ النعمة الإلهية هي أقوى من كلّ العذابات التي يمكن أن يخترعها خبثاء الأرض، شاء الربّ أن ينيّح أمته، فترك دبًا، ألقيت إفيمية إليه، يعضها، فأسلمت الروح. وجاء ذووها فأخذوا الجسد ودفنوه في طرف المدينة.
* ضريح القدّيسة إفيميّة مستشفى:
في أيام قسطنطين الملك، شيّد المسيحيون فوق ضريح القدّيسة إفيميّة كنيسة يقال إنّها كانت من أعظم كنائس الشرق وأفخمها.
في تلك الكنيسة، بالذات، اجتمع آباء المجمع المسكوني الرابع.
من الأخبار التي تناقلها التراث بشأن عجائب إفيميّة، بعد استشهادها، أنّ قبرها، في عيدها السنوي، كان يفيض دمًا حيًّا تفوح منه رائحة سماويّة لا نظير لها. وكانوا يدهنون المرضى بهذا الدم فيشفون.
* القدّيسة إفيميّة والمجمع المسكوني الرابع:
إلى إفيميّة تنسب تلك الأعجوبة التي حدثت في المجمع المسكوني الرابع (451 م)، والتي كشفت فيها القدّيسة الشهيدة، بنعمة الربّ يسوع، وأمام الجميع، العقيدة القويمة ونبذت الهرطقة.
تجدر الإشارة إلى أنّ الأعجوبة ثبتت في وجدان الكنيسة لدرجة أنّها أفردت لها عيدًا خاصًا ما زلنا نقيمه، كلّ عام، في الحادي عشر من شهر تموز..
* القدّيسة إفيميّة مفخرة الكنيسة:
وقد أتى عدد من الآباء على ذكر إفيميّة بإكبار عبر العصور كما بنيت كنائس كثيرة على اسمها.
من المواعظ المهمّة التي قيلت في استشهادها تلك التي نطق بها أستاريوس، أحد أساقفة البنطس، في الأوّل من كانون الثاني من العام 400 للميلاد، وفيها يصف استشهاد إفيميّة كما عاينه في لوحة رسمت لها في ذلك الزمان.