منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 29 - 06 - 2012, 06:56 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

الألم وتعذيب الجسد نظرة مشوهة لصليب ربنا يسوع
وما الذي يُحيي أجسادنا

الألم وتعذيب الجسد نظرة مشوهة لصليب ربنا يسوع


ربنا يسوع المسيح حينما مات على عود الصليب وقدم نفسه ذبيحة كاملة لأجلنا نحن الذين تهنا وسُبينا في الشر الذي تبعه الفساد فلم نعد نصلح للحياة مع الله في النور، ولم يعد لنا قيام أو شركة مع الله الذي أحبنا، فطُمست فينا صورته التي خلقنا عليها، فتشوه طبعنا وصرنا في حالة موت وانفصال عن مصدر وينبوع الحياة، إذ فقدنا النعمة الحافظة لنا والتي بدونها رجعنا لأصل التراب الذي أُخذنا منه ...
فالرب مات لا من أجل أن يُعيد الله كرامة أهانها بشر، لأن الله فوق أن يُمس من إنسان أو يفقد أي كرامة – حاشا – ولا حتى من أجل التعويض لما صنعه الإنسان من انفصاله عن الله بحرية اختياره، لأن بُعد الإنسان عن الله لم ينقصه شيئاً، كما أن قُربنا منه لا يُزيده شيئا، لأن من يزيد وينقص هو نحن فقط ...
فالكنيسة الواعية بالروح القدس التي تذوقت عمق خبرة الصليب كشركة في روح القيامة تقول وتُعبر عن مجد الصليب دائماً بالقول الشهير: [ إن صليبك هو حياة وقيامة لشعبك ]

فالصليب لا يُمكن أن يُأخذ شعار لحياة تُمجد الألم والفشل والهزيمة والخنوع كقاعدة حياة، كما لا يُمكن أن يتحول لنظرة سادية وماسوشية تتخيل أن الله إلهاً مُخيفاً يُسرّ بعذاب ابنه الوحيد وينتقم منه وترضية آلام البشر ومعاناتهم، ولا يُمكن ان نتصور أن الله يقول لنا أن نعذب الجسد لكي تخلص الروح، لأن الله ليس مسبباً لعذابات الجحيم ولا للألم والمُعاناة، بل نحن أنفسنا لأن أصل الموت كائن في إرادتنا واختيارنا، وباختيارنا الحرّ ورطنا أنفسنا في العذاب والمُعاناة بسبب هوى النفس الداخلي، اي سبب الخطية ودافعها فينا، لأن للخطية سلطان الموت الذي ساد علينا، فحركنا نحو الفساد، لأننا دائماً ما نشعر بثقل في قربنا من الله، ونُعاني في الرجوع إليه، في حين أن انحيازنا للشر والفساد سهل للغاية، لأننا نركض بسهولة نحو الموت، واصبح له السيادة على أنفسنا وأجسادنا بل وحتى أروحنا، لذلك نكون سريعي الخُطى نحو الهلاك...

وبالطبع لا يمكن أن تُأخذ الآية : [ حينئذ قال يسوع لتلاميذه إن أراد احد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه و يحمل صليبه ويتبعني ] (متى 16: 24)؛ على أنها حُجة وإشارة إلى ضرورة تعذيب الإنسان لنفسه إذا أراد أن يكون تلميذاً حقيقياً ليسوع.
والمشكلة أن في مَن ذهب للتأويل أن التعذيب مطلوب للجسد بسبب الفكر المشوه عن الصليب وآلام الرب يسوع، وقد ركز كثيرين على أن الصيام هو تعذيب للجسد، وهذا أدى عن البعض – وليس الكل طبعاً – بأن تعذيب الإنسان لجسده فرض واجب لا تستقيم بدونه الحياة المسيحية ...

هذا التحوير والانحراف في المعنى الذي وضع الآية في غير موضوعها (فلينكر نفسه و يحمل صليبه و يتبعني ) أدى إلى التفسير الغير واعٍ أن يجعل الإنسان يُقسم لجزأين : [ نفس وجسد ]
واعتبار ( النفس ) هي مبدأ الخير فيه، وال ( جسد ) مبدأ الشرّ وينبوعه ..

هذه الفكرة أصلاً مستمدة من الفلسفة اليونانية؛ والكتاب المقدس وآباء الكنيسة، بل وكل الأجيال بريئة منها تماماً:
فقد كان فيثاغوروس ( فيلسوف يوناني ) يتلاعب بالألفاظ ، ليُعلن أن الجسد ( Soma ) إنما هو بالحقيقة سجن ( Sema ) للنفس، وقد امتدت نظرته هذه إلى أفلاطون ثم إلى الأفلاطونية المستحدثة ورائدها أفلوطين، الذي قال عنه تلميذه فورفيروس أنه كان يخجل من وجوده بالجسد إلى حدّ رفضه بأن يوضع له رسم.

ولكن الكتاب المقدس يرفض فكرة أن الجسد سجن النفس أو لابد من تعذيبه لكي تسمو النفس أو تخلُص، وذلك لأن الإنسان كياناً موحداً يقبل الله بكليته أو يرفض الحياة مع الله بكليته، فلا وجود لثُنائية أو ازدواجه، الجسد يرفض مثلاً والروح تقبل والنفس مش عارف فين، ولا تُأخذ الآية : [ لان الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد وهذان يقاوم أحدهما الآخر حتى تفعلون ما لا تريدون ] (غلاطية 5: 17) كحجة لتأكيد أن الجسد لا يتقبل صلاح الله أو لابد من تعذيبه لينال قوة الله ويتخلص من شروره، وقد يقول قائل أن القديس بطرس الرسول قال: [ متى تألم الجسد كف عن الخطية: فإذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد تسلحوا انتم أيضا بهذه النية فان من تألم في الجسد كف عن الخطية ] (1بطرس 4: 1) ( رغم من أن الآية واضحة كالشمس لو قرأناها في إطار ما كتبت فيه دون بتر، لأنه يتكلم عن الذين قبلوا سلب أموالهم بفرح، فمن يقبل هذه الآلام لا شيء يسود عليه من خطايا لأنهم ليم يعد أحد فيهم يطمع في العالم، وسوف نشرحها فيما بعد بالتفصيل في موضوع مستقل)...

أما بالنسبة للخطية ليست مجرد عمل جسدي لا وجود للنفس فيه أو روح الإنسان، بل هي موقف كياني يُشير إليه أكل الثمرة في سفر التكوين كنوع من أنواع المعارضة مع وصية الله وعدم الطاعة وكسر علاقة ثقة المحبة بين الإنسان والله...

قد فسرت أكل الثمرة خطأ ( عند البعض )، حين صُنفت فيما بعد بنوعها (( تفاحة )) واتخذت خطأ، رمزاً خطأ للمعاشرة الجنسية بين آدم وحواء وهذا محض افتراء لا علاقة له بالكتاب المقدس لا من قريب ولا من بعيد على الإطلاق، وهذا الفكر مشوه للغاية نبعه فساد الإنسان الذي به ومنه بدأ يشرح الكتاب المقدس بدون أن يتقدس اولاً وينال موهبة الروح ففسر حسب خبرته الشخصية وليس حسب إعلان الله في ملء قداسته ...

[ فقالت الحية للمرأة لن تموت بل الله عالم انه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله (كآلهة) عارفين الخير والشر ] ( تك 3: 4- 5 )
الخطية كما صورها الكتاب المقدس: هو أن يقرر الإنسان بنفسه وبمعزل عن الله ما هو الخير وما هو الشرّ، أي بعبارة أخرى: يُنصب نفسه إلهاً ومحور لوجوده الذاتي دون الله أو في انعزال عنه أي : تكونان كالله (كآلهة) عارفين الخير والشر

وخطأ الاعتقاد بأن الجسد هو مبدأ الشرّ في الإنسان يتضح لنا بوضوح شديد جداً في تجسد الكلمة [ والكلمة صار جسداً .. ] ( يوحنا 1: 14 )
فكيف يتخذ الله مبدأ الشرّ ويتحد به !!! وهو الذي قال : [ من منكم يبكتني على خطية فان كنت أقول الحق فلماذا لستم تؤمنون بي ] (يوحنا 8: 46) فكيف يقول الحق وهو متحد بمبدأ شرّ !!!

وقد نادت الكنيسة لا بخلود النفس على طريقة الإغريق بل بقيامة الأجساد، وهذا ما رفضه حكماء اليونان عندما بشرهم القديس بولس الرسول في أريوس باغوس: [ ولما سمعوا بالقيامة من الأموات كان البعض يستهزئون والبعض يقولون سنسمع منك عن هذا أيضاً ] ( أعمال 17: 32 )

وقد رفضت الكنيسة البدعة الدوسيتية التي قالت: [ إن جسد المسيح كان مجرد صورة ليس إلا ]، كما رفضت تماماً المذاهب الغنوسية التي اعتبرت كالمانوية إن [ الجسد هو عنصر الشرّ في الإنسان ]...

+ [ وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد تبرر في الروح تراءى لملائكة كرز به بين الأمم أؤمن به في العالم رفع في المجد ] (1تيموثاوس 3: 16)
+ [ بهذا تعرفون روح الله كل روح يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فهو من الله ] (1يوحنا 4: 2)
+ [ وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فليس من الله وهذا هو روح ضد المسيح ] (1يوحنا 4: 3)
+ [ لأنه قد دخل إلى العالم مضلون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح آتيا في الجسد هذا هو المضل و الضد للمسيح ] (2يوحنا 1: 7)

وفي النهاية أقدر أن أقول مع القديس بولس الرسول: [ مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ، فما أحياه الآن في الجسد، فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي ] (غلاطية 2: 20)

يقول القديس أموناس تلميذ الأنبا أنطونيوس في الرسالة الأولى موضحاً أن العلاقة مع الله بالجسد أي بكيان الإنسان كله وليس جزءً منه: [ ها أنا أرى أن أجسادكم هي من فوق وهي حية. لأن الإنسان إذا كان جسده حياً فإن الرب يعطيه ميراثاً ويحصيه مع " ورثة الرب " ويكافئه عن كل أعماله لأنه حرص على حفظ كل كيانه حياً ليُحصى في ميراث الرب . ] ( عن رسائل القديس أموناس – تعريب القمص متياس فريد 1984 )

ولنا أن نوضح الآن بعد أن أظهرنا أن خلاص النفس لا يأتي بتعذيب الجسد، نستطيع أن نُظهر ما الذي يُحيينا الآن ويُحيي أجسادنا، فأجسادنا ممكن أن تكون ميتة أو حية، ولا أتكلم عن موت الجسد الطبيعي، ولكني أتكلم من جهة خضوع الجسد للنفس وميوله نحو طاعة الحياة، لأن الجسد أداة النفس والمُعبِّر عنها، فلو النفس حية وتنبض بحياة الله وتميل نحوه، الجسد يتبعها بالضرورة لأنه الأداة التي تُظهر ميول النفس الداخلية...
الإنسان لا يستطيع أن يحيا من نفسه، وهذا ظاهراً في سفر التكوين عند خلق الإنسان، لأن الله خلق الإنسان على صورته وأعطاه نعمة خاصة تحفظه من الفساد لكي لا يعود للتراب الذي منه أُخِذَ منه، بل يكون مكتسياً بنعمة خاصة تحفظه من الانحلال، ولكن بالسقوط فقط هذا الكساء البهي فعاد رمة أخرى للتراب وساد عليه الموت لأنه فقد الحياة...

ولكن شكراً لله لأنه أعاد لنا الحياة وأعطانا عربون الحياة الضامن للخلود، وهو الروح القدس الذي يسكن أوانينا الخزفية الضعيفة، لأن حيث يكون روح الآب، الذي هو روح الابن، الذي هو روح الحياة، هناك يكون الإنسان حياً، ويصير الجسد نفسه ميراث الروح، وكأنه قد نسى كيانه الخاص، واكتسب صفات الروح التي تتوغل فيه على قدر نموه في النعمة وتشربه منها، فيتشبه بشكل كلمة الله [ ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح ] (2كورنثوس 3: 18)

لذلك يا إخوتي كما أننا كنا سابقاً غير طائعين ولا طالبين الروح السماوي، فكنا نسلك في الجسد العتيق واقعين تحت سلطان الموت وأجسادنا ميته، إذ تُعبِّر عن موت النفس وانطراحها بعيداً عن الله الحي، فكنا غير طائعين لله ولا نحفظ وصاياه، هكذا الآن بل وفي تلك الساعة واللحظة [هذا وإنكم عارفون الوقت أنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم فإن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا ] (رومية 13: 11)، علينا أن نقبل روح الحياة، الروح القدس، فينا ليعمل، ونصغي لشخصه العظيم ونعي عمله في النفس، مقدمين توبة حقيقية، [ لنسلك في جدَّة الحياة ] (رومية 6: 4)، ولنكن مُطيعين لله، لأن بدون روح الله يكون الجسد ميتاً معدوماً من الحياة، وعاجزاً عن أن يرث ملكوت الله، لأننا بدون روح الله، لا ولم ولن نستطيع أن نخلُّص.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
تفصيل نظرة اليهودية لصليب يسوع
أصبحت مشوهة الجسد والروح
مناجاة لصليب ربنا يسوع المسيح
افكار مشوهة عن ربنا
نسجد لصليب ربنا يسوع المسيح.


الساعة الآن 07:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024