الشاب: أنا في اشتياق لأن أهرب من سجن نفسي وكياني والأيام.
الله: بُنيَّ! إلى أين تهرب وأنت قلق، ثائر، لاتستريح، ولا تهدأ، لاتعرف سكون النفس، ولا راحة البال، ولا جمال الإطمئنان.
إلى أين تهرب، وأنت تبحث عن المجهول وعدم الإستقرار؟
إلى أين تهرب؟ أمن حياتك أم من واقعك الروحي المُنهار؟
الشاب: أهرب لأبتعد عن عذاب الضمير والإنسان.
الله: بُنيّ! هل تهرب من خوفك بحثاً عن الأمان، والخوف فيك لا يهدأ ولا ينام؟
هل تهرب من جدرانٍ بنيتها بيديك، وأغلقت الأقفال؟
هل تهرب من نفسٍ مضطربة، وقلبٍ قاتِله الخوف وعدم الإيمان؟
الشاب: أهرب منك، لأنني تعلمت طوال حياتي أنك الدّيان.
الله: بُنيّ! أنت هارب من واقعك وعالمك إلى عالم الخيال.
هارب من الحقيقة إلى عالم الأوهام.
هارب ممن أحبك، إلى سراديب الشيطان.
الشاب: لا بل أهرب من جراح الماضي والآلام.
الله: بُنيّ! كيف تهرب؟ وأنت تئن كل لحظة من الأيام؟
كيف تهرب؟ وانت تعيش يومك حاملاً ثقل الزمان؟
الشاب: إني أهرب من الضياع وعدم السلام.
الله: بُنيّ! كيف تهرب؟ والشر يملأ قلبك ويقلق كل كيانك بعدم السلام؟
كيف تهرب، وأنت تعيش مسلوب الإرادة في ذل وهوان؟
كيف تهرب، وأنت دائماً أسير الخطيئة وحبيس الإدمان؟
الشاب: أهرب قبل أن يموت فيّ الإنسان.
الله: بُنيّ! هذا عين الصواب.
اهرب من سجين الخطيئة والعصيان، إلى مواطن الحرية الحقيقة والسلام...
فالخطيئة لا تثمر إلا الموت والشقاء، طوال الأزمان.
اهرب، حتى ولو سارت سفينتك في بحر هائج بلا أمان.
اهرب، حتى ولو مات فيك جسد الإنسان.
الشاب: كيف ذلك وأنا ضعيف، ممتلئ بالآثام؟
كيف أهرب وطريقي كلها أشواك وآلام؟
الله: يابُنيّ! لاتخف ثق، وأنا أحملك في قلب ممتلئ بالسلام.
نادني.. ادعني.. فأمسك بيدك، وأقودك إلى بر الأمان.
الشاب: يارب أشكرك لأن سهم حبك النوراني اخترق قلبي الضائع في جبال اليأس
والعصيان.
التائه في بحور عدم الاطمئنان،
السائر في دروب الخوف وسراديب الهوان.
فيارب.. كم أنا في اشتياق لرؤياك!
فأنر عقلي وقلبي بنور محياك،
واجذب روحي للتعلق بسماك،
وافض في قلبي التوبة والانشغاف بهواك،
وثبت قدمي في طريق خطاك،
وهبنيّ الثقة للخلود في سماك،
فأحيا معك فرحاً ممتلئاً بروح قواك.