مشكلة عدم الإحساس بالله
* أتى سؤال قائلاً:
بالرغم من خدمتي الكبيرة وتوسعي في المعرفة الروحية واللاهوتية وتقضية معظم وقتي في الأبحاث الكتابية، ومع ذلك إحساسي بالله بدأ ينطفأ ولا أعلم السبب الحقيقي وراء هذا بالرغم من إني باحث متعمق ومتبحر في الكتاب المقدس وعلوم الآباء، بل وأدرس الكتاب المقدس في أصوله اللغوية ومعرفة المخطوطات بدقة شديدة، وأعرف 6 لغات معرفة جيدة جداً.
___ الإجابة___
مشكلتنا هذه الأيام في انتشار الكتب ووفرة المعارف والفلسفات بلا حياة واقعية حتى أننا تشبَعنا من معرفة الكتب التي - بدورها - أوصلتنا إلى الصراع الجدلي على الألفاظ...
في واقع الإعلان الإلهي: حينما أراد الله أن يُخلصنا لم يشرح لنا الخلاص أكاديمياً وأعطانا كتابات وأمرنا بالأبحاث وتركنا للأفكار والتأملات، بل تجسد وتأنس في واقع تاريخنا الإنساني، وعلمنا طريق الخلاص بالظهور الإلهي وسطنا حتى يجذبنا إليه فعلياً ويهبنا حياته بلبس ذاته.
فكل من عاش بسرّ الإيمان الحي وامتلأ بروح الله صار الله يشع منه - طبيعياً - نوره الخاص ليجذب من خلاله الكثيرين، ليتوبوا ويؤمنوا ويسيروا في طريق البرّ والتقوى ويكون لهم شركة مع الآب والابن بروح القيامة والحياة الرب المُحيي، فيدركوا الثالوث لا فكراً إنما شركة وحياة أبدية لا تزول.
فمن ساعة دخول هذا الجيل في الصراع الفكري ومعلومات الكتب الكثيرة بالرغم من أهميتها، فقدوا الحياة وتاهوا واصبحوا أصحاب فكر وفلسفة كبيرة، ومن جهة الخبرة والشركة صارت مجرد طرح فكري نظري وليست حياة حقيقية، بل وهم عاش فيه أصحاب الفكر وظنوا أنهم يحيون في البرّ والشركة، لكن الحياة بالوصية التي تُظهر حقيقة المحبة صارت شبه معدومة، فأقل من أقل القليلين اليوم يعرفون كيف يحيون في شركة القديسين في النور.
فاسعى أخي الحبيب لتقضي الوقت الأعظم والأكبر في الصلاة، ويكون هدفك من الأبحاث لا خدمة الناس وطرح الأفكار وتصحيحها، بل لأجل حياة الشركة مع الله وبُينيانك الروحي الداخلي أولاً، ثم تقديم دعوة الله لأجل التوبة والحياة للناس، وفي تلك الساعة ستشعر بقوة الله تملك عليك كُلياً.
يا رب ارحمنا كلنا معاً وهبنا أن نحيا لك في شركة مقدسة على مستوى الواقع العملي المُعاش وليست على مستوى الفكر ومعرفة الكتب بدون قوتك فينا آمين