بالأرقام والمنطق| تخفيض جمارك السيارات «حقيقة أم فنكوش».. الحكم لك

[Mary Naeem]

بالأرقام والمنطق| تخفيض جمارك السيارات «حقيقة أم فنكوش».. الحكم لك




قررت مصلحة الجمارك المصرية بدء تطبيق التخفيضات الجمركية الجديدة على السيارات الأوروبية تنفيذًا لإتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية المعروفة باسم "الجات"، فهل سيستفيد المستهلك فعلًا من ذلك القرار أم سيبقى الحال كما هو عليه، سيارات مبالغ في أسعارها يتحمل ثمنها المستهلك وحده؟.


ما هي إتفاقية الجات؟
هي اتفاقية عامة للتعرفة الجمركية والتجارة وقعت عليها مصر في عام 2004، وتنص على خفض الجمارك سنويًا بنسبة 10% على عدد من السلع حتى تصل قيمة الجمارك في النهاية إلى 0%، مقابل السماح للصادرات المصرية بدخول السوق الأوروبية بدون جمارك منذ بدء تنفيذ الإتفاقية.
وبدأت مصر في تنفيذ الإتفاقية في عام 2010 على السيارات الأوروبية المستوردة، والتي تقضي تخفيض أسعار الجمارك عليها بنسبة 10% سنويًا إبتداءً من الأول من يناير كل عام، حتى تصل قيمة الجمارك على السيارات الأوروبية في عام 2019 إلى 0%.
قيمة خفض الجمارك على السيارات الأوروبية هذا العام

قال السيد مجدي عبد العزيز، رئيس مصلحة الجمارك، إن قيمة التعريفة الجمركية بعد الانخفاض ستصل إلي 16% هذا العام على السيارات الأوروبية ذات المواتير التى تبلغ سعتها 1600 سي سي، و54% على السيارات الأوروبية فوق الـ1600 سي سي.
أما السيارات الأخرى التى تأتي من مناطق أخرى مثل اليابان وكوريا الجنوبية والصين، فلا تزال الجمارك المفروضة عليها تبلغ 40% بالنسبة للسيارات الـ1600 سي سي، و135% على السيارات فوق الـ1600 سي سي.
السيارات الأوروبية التى تشملها الإتفاقية

تشمل السيارات الأوروبية التى تتواجد في مصر ماركات رينو، وبيجو، وبي إم دبليو، ومرسيدس، وفولكس فاجن، وسيات، وفيات، وفولفو، وستروين، وسكودا.
الواقع الحالي.. مؤلم

الواقع يقول أولًا أن البنك المركزي المصري وضع تعليمات في شهر فبراير من عام 2015 الماضي يقضي بعدم تجاوز حد الإيداع النقدي للشركات والأفراد في البنوك بعملة الدولار 10 آلالاف دولار يومًا، و50 ألف دولار شهريًا، في محاولة منهم للقضاء على السوق السوداء للدولار.
هذه التعليمات ساهمت في تقييد عمليات إستيراد التوكيلات والشركات للسيارات من الخارج، ما أدى إلي قلة كميات السيارات المعروضة وزيادة أسعارها عما هو معتاد بغض النظر عن قيمة الجمارك نفسها.
وثانيًا، يبلغ سعر الدولار حاليًا 7.83 جنيه مصري، ويتجاوز سعره في السوق السوداء التى تلجأ إليها توكيلات السيارات ما يقدر بـ8.50 جنيه مصري، وهو ما يعتبرونه مبررًا لزيادة أسعار السيارات حتى لا يخسرون.
وثالثًا، قامت مصلحة الجمارك منذ فترة بتطبيق الأسعار الإسترشادية على السيارات بسبب عدم إعترافها بفواتير السيارات المستوردة من أوروبا، ما أدى إلى زيادة الأسعار بنسبة تصل إلى 30% عن قيمة الفواتير الأصلية، وإرتفاع السعر النهائي للسيارات مقارنة بسعرها الفعلي.
أما رابعًا، فإلي جانب نسبة الجمارك المفروضة على السيارات، توجد رسوم أخرى تفرض عليها تسمي "ضريبة المبيعات"، وهي غير مشمولة في إتفاقية التخفيض، لذا فاحتمالية زيادة نسبتها لتعادل أو تقترب من نسبة الجمارك التى تفرضها الدولة على السيارات المستوردة عامة قائمة.
لعبة التوكيل والموزع.. والسعر قابل للتغيير وقت الإستلام

أول خيار ممكن لشراء سيارة في مصر هو الذهاب لتوكيل هذه السيارة أو الموزعين، حيث أنهم يبيعونها بسعرها الحقيقي بعد حساب كافة المصاريف المطلوبة لدخولها البلاد.
التوكيل حين يقرر بيع أحد السيارات في مصر، فإنه يتيح للمستهلكين الراغبين في شرائها حجزها أولًا بمبلغ من المال مقابل دفعة تتراوح ما بين ألف إلي 10 آلالاف جنيه، على أن يتسلموا هذه السيارة خلال فترة معينة بإيصال حجز مكتوب عليه جملة "السعر قابل للتغيير وقت الاستلام".
ويعاني المستهلكون بعد ذلك من طول المدة الزمنية لكي يتسلموا سياراتهم، والتي وصلت في بعض التوكيلات إلى ما يزيد عن الستة أشهر، وفي نفس الوقت يتفاجئون عندما يحين موعد استلام السيارات بارتفاع سعرها بداعي بند "السعر قابل للتغيير وقت الاستلام" المكتوب في إيصال الحجز.
المعارض.. والأوفر برايس

ثاني خيار لشراء سيارة في مصر هو الذهاب للمعارض، والذين تعطي التوكيلات لهم الأولوية في الحصول على السيارات عن الحاجزين.
المعارض يبيعون هذه السيارات بمقابل مادي يزيد عن أسعارها الحقيقية بمقدار يصل إلي أكثر من 15 ألف جنيه لمن يريد إستلامها فورًا وعدم الإنتظار الحجز طويل الأمد مع التوكيلات لشراء هذه السيارات بسعرها الحقيقي.
هل خفض الجمارك على السيارات الأوروبية حقًا سيقلل من سعرها حقًا؟

الجمارك من المفترض أن يتم تخفيضها بالفعل على السيارات الأوروبية وفقًا لإتفاقية الجات، ولكن في نفس الوقت فإن الأبواب التى يمكن أن تزيد من سعر هذه السيارات خاصة، والسيارات بصفة عامة، كثيرة ومتعددة ولا رقابة عليها في ظل عدم قوة جهاز حماية المستهلك، وبين هذا وذاك يبقي السؤال قائمًا، هل تقل أسعار السيارات فعلًا أم أننا لا نزال نعيش في عصر "مفيش حاجة بترخص في مصر"؟.. الحكم لك عزيزي القارئ.


التحرير