21 - 11 - 2015, 06:16 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
حضور الله – خبرة وشركة حياة (الجزء 3)
تابع (2) أولاً: حضور الله في العهد القديم
(أ - الوعد بحضور الله + ب - حضور الله وتابوت العهد )
أ – الوعد بحضور الله:
على مستوى العهد القديم أظهر الله ذاته لأُناس مختارين، أفرزهم على نحو شخصي وخصصهم له، مقيماً معهم عهداً مثبتاً بمسيرته الخاصة وحضوره الشخصي ودوام ملازمته لهم:
• فالله قال لإبراهيم: "وأُقيم عهدي بيني وبينك، وبين نسلك من بعدك في أجيالهم، عهداً أبدياً، لأكون إلهاً لك ولنسلك من بعدك" (تكوين 17: 7)
• ويقول الله لإسحق: "فأكون معك وأُباركك، لأني لك ولنسلك أُعطي جميع هذه البلاد، وأُفي بالقسم الذي أقسمت لإبراهيم أبيك" (تكوين 26: 3)
• ويقول ليعقوب: "ها أنا معك وأحفظك حيثما تذهب، وأردك إلى هذه الأرض، لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به" (تكوين 28: 15)
• ويقول لموسى الذي يستخدمه لتحرير شعبه: "فقال إني أكون معك، وهذه تكون لك العلامة: إني أرسلتك حينما تخرج الشعب من مصر، تعبدون الله على هذا الجبل" (خروج 3: 12)
• ويوحي الله لشعبه باسمه العظيم الذي يضمن بتأكيد أنه سيكون معهم بحضوره الخاص الدائم مثلما كان مع آبائهم:
ويوحي الله لشعبه باسمه العظيم الذي يضمن بتأكيد أنه سيكون معهم بحضوره الخاص الدائم مثلما كان مع آبائهم: "فقال الله لموسى أهيه الذي أهيه אָהְיָה (أنا هو الذي هو – أكون الذي أكون)، وقال هكذا تقول (تُجيب) لبني إسرائيل يهوه יְהוָה (هو الذي هو) إله آبائكم إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب أرسلني إليكم، هذا أسمي إلى الأبد وهذا ذكري إلى دورٍ فدورٍ" (خروج 3: 14 – 15)
وإذ يعلن الله اسمه يهوه، يُعرِّف ذاته "أنا الذي هو؛ أنا الكائن"، أصل الكيان وأقيم الوجود، وبالطبع المعنى عميق للغاية، وفيه تجلي خاص لله واستعلان يفوق كل إدراكات البشر، وهو قد جعل من نفسه مرافق خاص لشعبه بحضور مُلازم لهم في كل خطواتهم كامتياز خاص: "فإنه بماذا يُعْلم إني وجدت نعمه في عينيك أنا وشعبك. أليس بمسيرتك معنا. فنمتاز أنا وشعبك عن جميع الشعوب الذين على وجه الأرض" (خروج 33: 16)
وهذا هوَّ الوعد بالحضور الذي نطق به الله أثناء إقامة العهد:
"وقال إن وجدت نعمة في عينيك أيها السيد فليسر السيد في وسطنا. فأنه شعب صلب (قساة) الرقبة. واغفر إثمنا وخطيتنا واتخذنا مُلكاً. فقال (الرب يهوه) ها أنا قاطع عهداً قُدام جميع شعبك: أفعل عجائب لم تُخلق في كل الأرض وفي جميع الأمم، فيرى جميع الشعب الذي أنت في وسطه فعل الرب، إن الذي أنا فاعله معك رهيب (مهيب وعجيب، مدهش)" (خروج 34: 9 – 10)
ويجدد الوعد بالحضور الدائم لمختاريه الذين يقود بهم شعبه، مثل يشوع والقضاة:
"لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك كما كنت مع موسى أكون معك لا أهملك ولا أتركك، تشدد وتشجع لأنك أنت تُقسم لهذا الشعب الأرض التي حلفت (أقسمت) لآبائهم أن أُعطيهم" (يشوع 1: 5 – 6)
"فقال له الرب (لجدعون) إني أكون معك وستضرب المديانيين كرجلٌ واحد" (قضاة 6: 16)
"وكبر صموئيل وكان الرب معهُ ولم يدع شيئاً من جميع كلامه يسقط إلى الأرض" (1صموئيل 3: 19)
وهكذا أيضاً يجدد الله عهده مع الملوك والأنبياء ويثبته بحضوره معهم ومرافقته لهم حسب كلامه لإبراهيم أول من أعطاه الوعد.
وابتدأ الوعد – بعد ذلك – يمتد ليأخذ صورته الكاملة حينما تنبأ أشعياء بميلاد ابن الله الذي عليه وحده فقط يقوم الخلاص، ويحقق حضور الله بكل اتساعه البهي والمجيد:
• "ويُعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل" (أشعياء 7: 14)
فأصبح الوعد بحضور الله بنفسه وشخصه يتخذ بُعد آخر في داخل الزمن نفسه، وذلك بتجليه بتجسد الكلمة، عمانوئيل = الله معنا، وسيعلن الله ويكشف حضوره لجميع الأمم:
"قومي استنيري لأنه جاء نورك، ومجد الرب أشرق عليكِ. لأنه ها هي الظلمة تُغطي الأرض والظلام الدامس الأمم. أما عليكِ فيُشرق الرب ومجده عليكِ يُرى (رأينا مجده أنظر يوحنا 1)، فتسير الأمم في نورك والملوك في ضياء إشراقك. أرفعي عينيكِ حواليكِ وانظري: قد اجتمعوا كلهم. جاءوا إليكِ، يأتي بنوك من بعيد وتُحمل بناتك على الأيدي. حينئذٍ تنظرين وتُزينين ويُخفق قلبك ويتسع لأنه تتحول إليكِ ثروة البحر ويأتي إليكِ غنى الأمم. تُغطيكِ كثرة الجمال (قافلة الجِمال) بُكران مديان وعيفة كلها تأتي من سبأ. تحمل ذهباً ولباناً وتُبَشر بتسابيح الرب (مبشرين بأمجاد الرب)" (أشعياء 60: 1 – 6)
__________________________ب – حضور الله وتابوت العهد
+ مقدمـــــــــــــــــــــــــة:
نعلم أن الله أمر موسى بصنع خيمة تكون وسط شعبه، فصُنع الخيمة بكل محتوياتها لم تكن شيئاً ابتدعه بني إسرائيل بتفكيرهم أو حتى موسى بحكمته وفطنته، ولكنها كانت برسم الله نفسه وتدبيره في كل ما فيها من مقاييس وطقس العبادة فيها ونظام خدمتها، لأنها كانت تصويراً منظوراً للمسكن السماوي الذي أراه الله لموسى في الجبل: "بحسب ما أنا أُريك من مثال المسكن، ومثال جميع آنيته؛ وانظر فاصنعها على مثالها الذي أُظهر لك في الجبل" (خروج 25: 9 و40 ؛ أنظر 26: 30)
وقد جعلها الله مكان تجليه العظيم، إذ هي شبه السماويات وظلها:
"الذين يخدمون شبه السماويات وظلها كما أوحي إلى موسى وهو مُزمع أن يصنع المسكن، لأنه قال: أُنظر أن تصنع كل شيء حسب المثال الذي أُظهر لك في الجبل" (عبرانيين 8: 5)
وذلك لكي تُعبِّر عن حضوره الخاص وسط شعبه إسرائيل، وكانت تُسمى الخيمة: المسكن أو (الشاكيناه)، لأنها مسكن الله مع شعبه، أو على نحو أدق مسكن الله وسط شعبه، لذلك كان وضع الخيمة في وسط إسرائيل، أي هي المركز الملتف حوله الشعب كله، لأن الله بذاته هو مركز حياة الشعب، وهي تعتبر المكان الرسمي والقانوني للقاء الله مع شعبه وليس في أي مكان آخر...
وكان تابوت العهد إحدى العلامات الظاهرة لهذا الحضور الإلهي المجيد المهوب والمملوء مجداً: ففي تابوت من خشب مستطيل أبعاده 125 × 75 × 75 سم، فيه الكلمات المكتوبة حسب فكر الله ووصيه عهده على الحجر:
"في ذلك الوقت قال لي الرب أنحت لك لوحين من حجر مثل الأولين واصعد إليَّ، إلى الجبل، واصنع لك تابوتاً من خشب، فاكتب على اللوحين الكلمات التي كانت على اللوحين الأولين اللذين كسرتهما، وتضعهما في التابوت، فصنعت تابوتاً من خشب السنط ونحت لوحين من حجر مثل الأولين وصعدت إلى الجبل واللوحان في يدي، فكُتب على اللوحين مثل الكتابة الأولى الكلمات العشر التي كلمكم بها الرب في الجبل من وسط النار في يوم الاجتماع، وأعطاني الرب إياها، ثم انصرفت ونزلت من الجبل ووضعت اللوحين في التابوت الذي صنعت فكانا هناك كما أمرني الرب" (تثنيه 10: 1 – 5)
ويعتبر التابوت المغطى بصفيحة من الذهب [أي الكفارة، وفوقها الكاروبيم] هو يُمثل عرش الله أو موطئ قدميه: "لندخل إلى مسكنه لنسجد عن موطئ قدميه" (مزمور 132 : 7)
"ووقف داود الملك على رجليه وقال: اسمعوني يا إخوتي وشعبي، كان في قلبي أن أبني بيت قرار لتابوت عهد الرب ولموطئ قدمي إلهنا وقد هُيأت للبناء" (أخبار الأيام الأول 28: 2)
وهكذا نرى أن يهوه هو الجالس فوق الكاروبيم بمهابة ومجدٍ عظيم: "فأرسل الشعب إلى شيلوه وحملوا من هُناك تابوت عهد رب الجنود الجالس على الكاروبيم" (صموئيل الأول 4 : 4)
فتابوت عهد رب الجنود الذي تظلله خيمة الاجتماع، هو بمثابة المقدس المتنقل الذي يرافق إسرائيل في كل تحركاتهم ووقوفهم أو مكوثهم في بقعة أرض أو ارتحالهم من سيناء حتى تشييد الهيكل الذي سيثبت فيه ويستقر حوله شعب إسرائيل في أرض الميعاد التي وعدهم بها الرب.
عموماً بتابوت عهد الرب، يُظهر إله العهد أنه حاضر مع شعبه كامتياز خاص منفرد بهم عن دون باقي الشعوب، وهو لا يُفارقهم إذ هو صار بنفسه لهم مرشد وقائد ورب يحميهم ويعرفهم كلمته وتدبيره، ويسمع صلواتهم ويقودهم بنفسه نحو الخير الأسمى في حضرته المجيدة المملوءة بهاء فائق:
• "أعلمك وأرشدك الطريق التي تسلكها، أنصحك عيني عليك" (مزمور 32: 8)
_______________________
|