19 - 06 - 2012, 01:45 AM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
يسوع مثالنا الأعظم
ولما مضوا به إلى الموضع الذي يُدعى جمجمة صلبوه هناك مع المذنبين ... فقال يسوع: يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون (لو23: 33،34)
عندما يذكر لنا الوحي اسم « يسوع » يريد أن يذكِّرنا بذلك الإنسان (فيسوع هو اسمه الإنساني). إن ذلك الإنسان « يسوع » كان قد علَّم الناس في بداية خدمته أسمى التعاليم وأرقى المبادئ « أحبوا أعداءكم ... وصلوا لأجل الذين يُسيئون إليكم ». وطالما نبّه المسيح على ضرورة العمل بكلامه لا الاستماع إليه فقط. لكن السؤال هو: هل عمل يسوع نفسه بهذه التعاليم، أم اكتفى بأن يلقنها لغيره؟ لقد أتى قبل المسيح أولئك الذين جلسوا على كرسي موسى، وكانوا يحزمون أحمالاً ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أن يحركوها بإصبعهم، وكانت خُلاصة مشكلة أولئك المُرائين أنهم « يقولون ولا يفعلون » (مت23: 3). وقبل هؤلاء أيضاً جاء فلاسفة الإغريق، وعلَّموا البشر أيضاً تعاليم أخلاقية راقية، وكانت مشكلتهم أيضاً أنهم يقولون ولا يفعلون، إذ تواجههم كلمة الله بالقول: « لأنك في ما تدين غيرك تحكم على نفسك. لأنك أنت الذي تدين تفعل تلك الأمور بعينها! » (رو2 :1).
حقاً، كم يسهل علينا أن نردد أعظم التعاليم التي لم نختبرها! فهل كان المسيح هكذا؟ كلا ألف مرة! فالمسيح ليس فقط علَّم الحق، بل كان هو نفسه الحق الذي علَّمه. لقد عمِل بما علَّم، وعاش كما قال، وفعل ما نادى به. إنه لم يترك لنا فقط تعاليم إلهية، بل ترك لنا أيضاً مثالاً إلهياً. وتبرهنت بهذه الصلاة كلماته الرائعة التي كان قد قالها سابقاً « أنا من البدء ما أكلمكم أيضاً به » (يو8: 25).
يسوع مُصلياً. إنه الإنسان وكلماته إنسانية تماماً، لكن فيها شموخ النُبل الإنساني الذي لم يعرفه أحد قبله.
يا للمستوى الراقي، صحيح، لقد صلى إبراهيم خليل الله لأجل أهل سدوم الخطاة، لكنه صلى لأجلهم من أجل لوط ابن أخيه. وصلى موسى كليم الله لأجل الشعب المُخطئ، لكنهم أيضاً شعبه. لكن مَنْ قبل المسيح صلى لأجل أعدائه؟ وإن كان شهداء المسيحية ساروا بعد ذلك على نهج المسيح القدوة، كما فعل مثلاً استفانوس الشهيد (أع7: 59،60)، فإنما يظل المسيح هو الأصل والمصدر، والكل تعلموا منه، كما أنه لم يبلغ أحد القمة نظيره.
يوسف رياض
|