![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حمل الصليب دراسة من عدة مصادر
![]() يعتقد معظم الاحباء ان حمل الصليب هو تقبل المرض او المعاناة والفقر بكل رضا ان كل هذا رائع لكن مافكر الرب فى ذلك هيا لنرى من يؤمن بهذا أو ذاك لنرى معاً الرأى الكتابى دون ايحاء منى ولتحكم بنفسك !!! من أراد أن يتبعني يحمل صليبه (مر 8: 34) 1- موقع الأب بولس الفغالي لم يتحدّث بولس الرسول عن الصليب في علاقته معالمؤمنين. فهذه الصورة سنجدها في كلمات يسوع كما أوردتها الأناجيل الإزائيّة. فالكلمة الأولى التي نتأمّل فيها الآن نجدها في مر 8: 34 وز: "إن أراد أحد أن يسيرورائي، ليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني". ترد هذه الكلمة في محطّة هامّة في رسالةيسوع: بعد إعلان يسوع مسيحاً (مر 8: 27- 30) وأول إنباء بالآلام (مر 8: 23- 33). أ- نظرات مختلفة ترد متطلّبة حمل الصليب بين متطلبتين أخريين: أنكرنفسه، خسر نفسه. يتوجّه يسوع في كلامه إلى الاثني عشر، إلى الذين تبعوه في حياته. سيُصلب ابن الإنسان (مت 20: 19). فعلى التلميذ أن يتبعه حاملاً صليبه. هذا ما يقولهمتى. أما مرقس فيقول إن يسوع وجّه كلامه إلى الجموع مع تلاميذه. قال مت 16: 25 ولو 9: 12: بسببي، من أجلي. أما مرقس فقال: لأجل البشارة، لأجل الأنجيل، فوصل بنا إلىزمن الكنيسة (لا زمن يسوع وحده) وضمّ في كلامه كل الذين سيسمعون الانجيل فيالمستقبل. فقد قال مرقس في مكان آخر (13: 10): "قبل الآخرة، يجب أن يُعلن الأنجيلعلى كل الأمم". وزاد لوقا على ما قاله متى ومرقس: "ليحمل صليبه كل يوم". انفصل تحريض يسوع عن الانباء بالآلام (لو 9: 22)، وتوجّه إلى مستمعين جدد لم يشاهدواالآلام. إذاً هذا التحريض يهمُّ كل إنسان يريد أن يكون تلميذ يسوع. فالصليب الذي نحمله لا يتوقّف عند خبرة الرسل الفريدة، الذين قال لهم يسوع إنه سيموت، بل عندخبرات متعدّدة ومتنوّعة تحصل "كل يوم". ب- أيُّ صليب إنّ حمْل الصليب يتوجّه ( (لو 24: 26). وهذايتمّم مخطّط الله. هنا نفهم توبيخ يسوع لبطرس لأنه لم يدخل في منظور الآلام. "ليست هنا نفهم علاقة حمل الصليب بالكفر بالذات وفي هذا الإطار نفهم العبارة "خسر نفسه" (مت 10: 38- 39) التي نجدها مع حمل الصليب وحبّ المسيح أكثر من بالذات، إلى الموت عن ذواتنا، إلى إنكار منفعتنا وأثمن ما عندنا من قيم لا نماثل بين صليب المؤمن وكل محنة وصعوبة. فالصليب ينبع من التزام بالانجيل. فالكفر بالذات وحمل الصليب وخسران الحياة تفترض تخلياً أخذنا به يوم 2- موتٌ على موت أو سرُّ القيامة الحقيقية الأب متى المسكين (من مذكرات في حياة التوبة) منظر المسيح خارجاً من أورشليم حاملاً الصليب وحوله بعض من أقربائه وتلاميذه يشيِّعونه حيث تعيَّن أن يُصلَب، منظر كله عار وفضيحة، ولكن المسيح احتمله من أجل السرور الموضوع أمامه (عب 2:12). هذه كانت أحرج ساعة في حياة المسيح، ساعة الخروج من أورشليم وعلى أن لا يعود إليها. هذه الساعة الحرجة كانت معروفة مُسْبقاً لدى السماء كلها وكانت موضوع حديث بين أرواح قديسي العهد القديم المنتظرين فداء العالم وخلاصه: «وإذا رجلان يتكلَّمان معه، وهما موسى وإيليا، اللذان ظهرا بمجدٍ، وتكلَّما عن خروجه الذي كان عتيداً أن يُكمِّله في أورشليم.» (لو 30:9و31) كان خروجه من أورشليم بمثابة خروجه من العالم المنظور، وكان الصليب آلة العبور من العالم إلى خارج العالم. فالخروج من العالم لا يتم طبيعياً بالنسبة للذين أبغضوا العالم وجحدوه، فلابد أن ينتقم العالم من الذين يحتقرونه ويستهزئون به: «إن كان العالم يُبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم. لو كنتم من العالم لكان العالم يُحِبُّ خاصته. ولكن لأنكم لستم من العالم، بل أنا اخترتكم من العالم، لذلك يُبغضكم العالم. اذكروا الكلام الذي قلته لكم: ليس عبدٌ أعظم من سيِّده. إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهِدونكم.» (يو 18:15ــ20) هذا الكلام قاله يسوع قبل الصليب وقبل المحاكمة وقبل انكشاف خطة القبض عليه وتلفيق التُّهَم واستحضار شهود الزور، وقبل ظهور بوادر الخيانة التي اضطلع بها تلميذه، كصورة للعالم حينما يُسخِّر أقرب المقرَّبين لتعذيب نفوس القديسين. فالمسيح كان يعلم تماماً ماذا أُعِدَّ له من العالم من بغضة وحقد وخطة مُحكمة لتعذيبه والتنكيل به قبل التخلُّص منه: «وأخذ الاثني عشر وقال لهم: ها نحن صاعدون إلى أورشليم، وسيتمُّ كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان، لأنه يُسلَّم إلى الأمم، ويُسْتَهْزَأُ به، ويُشتَم ويُتْفَل عليه، ويجلدونه، ويقتلونه...» (لو 31:18ــ33)، «فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه.» (يو 4:18) فالذي يهمنا أن نعلمه تماماً هو أن المسيح لم يكن يستغرب سلوك العالم ضده، بل هو نفسه أعلم تلاميذه أنه لابد أن يصطدم العالم بكل مَن يخرج عليه، ولابد أن يحتقر العالم كل مَن يحتقره، ويستهزئ بكل مَن يستهزئ به. هذا هو عار الخروج الحتمي. هذا العار حمله المسيح وهو راضٍ عنه كل الرضا، لأنه قد وَضَعَ في نفسه منذ البدء أن يقف ضد العالم ويبغض أعماله الشريرة، وقد عَلِمَ ماذا ينبغي أن يدفع ثمناً لهذا السلوك! فالعار الذي كان يرمز إليه الصليب الذي حمله المسيح وهو خارج من العالم كان ثمناً حتمياً لخروجه عن العالم. وهكذا صار العار الذي في الصَّلْب، أي الموت العلني مع التعرية الكاملة من كل كرامة، مع الإضافات الجانبية إن أمكن لتكميل الهُزء والتشفِّي من جَلْد وبُصاق ولطم الوجه والضرب على الرأس، هو ما يمكن أن ينتظره الإنسان الخارج على العالم، الذي نوى أن يطلب المسيح فقط وعزم أن يتبعه!! وهذه الحقيقة قد جعلها المسيح قاعدة عامة ينبغي أن توضع في الاعتبار الأول عند كل مَن ينوي أن يخرج من العالم ليأتي إليه: «ومَن لا يحمل صليبه ويـأتي ورائي فـلا يقدر أن يكون لي تلميذاً» (لو 27:14)، «اتبعني حاملاً الصليب» (مر 21:10)، «مَن أراد أن يأتي ورائي، فليُنكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني» (مر 34:8)، «وقال للجميع: إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فليُنكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم، ويتبعني.» (لو 23:9) هذا هو ما يعنيه الرسول بولس بقوله: «لنخرج إذاً إليه... حاملين عاره» (عب 13:13). عار المسيح كان نموذجاً مستوفياً لكل أنواع المهانة والمذلَّة، غير أن لكل إنسان صليباً معيناً. أي أن لكل إنسان عاره الذي يتفنَّن العالم كيف يُصيغه له من كل صنوف الهوان التي يكرهها. والذين يريدون أن يتبعوا الرب، لا يستعفون من صليبهم؛ بل يزيدون عليه ويزيِّنونه بأنواع أخرى من الحرمان والتقشُّفات وبالصوم لإذلال النفس الإرادي: «أما أنا... أذللتُ بالصوم نفسي» (مز 13:35). لأنه معروف من قول الرسول ومن حياة القديسين ومن الاختبار، أنه بقدر ما يُذلَّل الإنسان ويموت بغير إرادته وبإرادته معاً، بقدر ما يحس بالحياة الأبدية تنبعث في أعماقه ويعيشها يوماً فيوماً. أتبعك، يا رب، فقط عرِّفني إلى أين أنت ذاهب؟ + «قال له توما: يا سيد، لسنا نعلم أين تذهب، فكيف نقدر أن نعرف الطريق؟» (يو 5:14) لم يكن توما يعلم أنه مدعوٌّ للصليب والموت. كان يظن أنه مدعو للملكوت مباشرة، طالما هو يتبع المسيَّا؛ ولكن الحقيقة التي كان ينبغي أن يعرفها توما، والتي يتحتَّم أن يقبلها كل مَن يتبع المسيح أن الصليب أولاً ثم الملكوت. الموت الاختياري مع المسيح أولاً ثم الحياة معه. + «وقال للجميع: إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فليُنكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم، ويتبعني.» (لو 23:9) المسير وراء المسيح لا يُقتحَم اقتحاماً، ولا يُنَال بحياة الليونة والتَّرَف، ولا بمجرد الصلاة وممارسات العبادة الطقسية؛ ولكنه يستلزم أولاً إنكاراً للنفس، أي تجريداً للذات من كل عوامل الظهور والمجد الباطل وحرمانها من تمتعاتها التي تزيدها التصاقاً بالدنيا وباللحم والدم وتراب الأرض. هذه كلها بمثابة الموت الداخلي الذي هو الموت الإرادي، ثم اللاإرادي، ثم بعد ذلك يتفرغ الإنسان ليحمل الصليب كل يوم، أي يُباشِر احتمال إهانات العالم المحيط ومظالم البيئة والظروف وعتوّ الأشرار، وخيانة الأقرباء والأصدقاء والتلاميذ، والأمراض المؤلمة واضمحلال الجسد، والمحن، تلك التي يتفنن الشيطان ويسوقها على الإنسان في أحرج ظروفه، جاهداً لعلَّه يطرحه في الشكّ وجحود الإيمان. هذه كلها بمثابة الموت الخارجي، الذي هو الموت غير الإرادي. ولكن بدون الموت الداخلي، أي الموت الإرادي، أي إنكار النفس، يستحيل على الإنسان أن يقوى على حمل صليبه كل يوم ويتبع الرب، أي يستحيل عليه أن يحتمل الموت الخارجي الذي هو الموت اللاإرادي. لذلك فإن الرب، بحكمة، قدَّم في وصيته إنكار الذات قبل حَمْل الصليب. فلكي يتبع الإنسانُ الربَّ، عليه أولاً أن يُباشِر الموت الإرادي أي إنكار النفس، حتى يستطيع أن يحمل الصليب الاضطراري. الموت الداخلي شاقٌّ، أشقَّ من الموت الخارجي. إنكار الذات وجحدها وإماتتها أصعب من احتمال الإهانات والمظالم والمحن. ولهذا فالذي يستطيع أن يُنكر نفسه ويجحد ذاته، يستطيع أن يحتمل أصعب الإهانات؛ بل ويفرح بالمظالم والمحن! أما الذي يحب نفسه ويُدلِّل ذاته فربما يحتمل الإهانة مرة ومرتين، ولكنه لا يحتمل الإهانة كل يوم!! الذي يجوز الموت الداخلي وينجح، يسهل عليه أن يحمل الصليب كل يوم مهما ثقل، ويتبع الرب ليس إلى المحاكمة كيوحنا، بل إلى الجلجثة ثم إلى الملكوت، ليكون حيث يكون المسيح. ممارسة الموت الداخلي للنفس هي بالحقيقة ممارسة حياة إنسان ميت!! لأن المطلوب أن يمارِس الإنسان كل فكر وكل عمل وكل شيء في الحياة كميت بالنسبة لنفسه وبالنسبة للناس، وكحيٍّ فقط بالنسبة للمسيح: «كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم، بل للذي مات لأجلهم وقام.» (2كو 15:5) أما ممارسة الموت الخارجي اللاإرادي إنما يأتي تأكيداً للموت الداخلي واكتشافاً لصحته، هل قد مات الإنسان فعلاً عن ذاته وعن جسده وعن العالم؟ فإن تطابَق الموت اللاإرادي على الموت الإرادي، كان هذا أعظم برهان للإنسان أنه يعيش مع المسيح!!! ما أعظم ما يحتاج الإنسان في قبول الموت اللاإرادي، إنه جوهر الحياة المسيحية، إنه القيامة:«اتبعني». + «فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً... أخلى نفسه، آخِذاً صورة عبد (الموت الداخلي)... وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب (قبول الموت الأخير الخارجي).» (في 5:2ــ8) 3- بيت الله الحى بنكرتن 4 وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ:«مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي. 35 فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ فَهُوَ يُخَلِّصُهَا. 36 لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ 37 أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ 38 لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي فِي هذَا الْجِيلِ الْفَاسِقِ الْخَاطِئِ، فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَسْتَحِي بِهِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِ أَبِيهِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ». (عدد 34-38). أما الرب فلا يكتم العواقب ولا يُريد إخفاءها. فقد حذر الجموع ويُحذرنا أيضًا بأنَ إذا شئنا أن نكون معهُ وأن نتبعهُ وجب أن نُنكر أنفسنا ونحمل صليبنا. فعلينا أن نقبل كلام الرب فلكي نكون معهُ إلى الأبد فإنهُ يمكن لنا كل يوم أن نُنكر ذواتنا في الأشياء العالمية التي تلذُّ لنا لذة جسدية ثم إذا كنا معتادين على نكران الذات نستطيع بنعمة الله أن نقبل العار والإهانة من أجل اسم المسيح. فإن مَنْ أراد أن يُخلص نفسهُ، أي مَنْ حمل الصليب وراء المسيح المرفوض يُهلكها ومَنْ يُهلك نفسهُ من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يُخلصها؛ لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كلهُ وخسر نفسهُ. أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسهِ. فلا نرى سوى طريقين. أي طريق العالم وطريق المسيح ولكل منهما ما يتصف بهِ، ولكنهُ لا يُخفى أن ما يُربي الجسد ومحبة الذات هو ذلك النظام العظيم المدعو العالم. فإن الإنسان يحب أن يكون شيئًا عظيمًا في عيني نفسهُ ويصبو لأن ينسى الله ويجعل نفسهُ سعيدًا ومغبوطًا إن أمكن بدونهِ تعالى. فهكذا فعل قايين حين طُرد من حضرة الله بعدما قتل هابيل فقد فرَّ من أمام وجه القدير بعد أن بقى عليهِ قضاء حرمهُ من رجاء العودة إلى حضرة الله والتمتع بشركتهِ الطاهرة لأن الله جعلهُ تائهًا وهاربًا على سطح الأرض (ذلك رمز مؤثر يُمثل حال اليهود في هذا الحين بعد أن أماتوا الرب يسوع أخاهم حسب الجسد) غير أن قايين لم يشاء أن يظل بائسًا تائهًا. وعلى كلٍ لم يُرد أن يترك عائلتهُ في حال كتلك بل أحب النجاة من بؤسهِ وشقاء حالهِ، فبنى لهُ مدينة في أرض نود تعني في اللغة العبرانية تائهًا، فقد رغب في أن تقطن عائلتهُ البلاد التي جعلهُ الله بها تائهًا فسمى المدينة على اسم ابنهِ كما يفعل عظماء هذا العالم فهنالك نشأ مخترعو الآلات الموسيقية وآلات النحاس والحديد وهنالك حشدت وارتكمت ثروة الأجيال الحاضرة ووفرت القنية والمواشي فهذا هو العالم. لا جُرم أن قلب الإنسان بعد انفصالهِ عن الله حاول أن يجعل الأرض التي قد ابتعد بها عنهُ تعالى موطنًا سارًا وبَهِجًا لنفسهِ حسب الإمكان وقد استخدم لنوال هذه الغاية عطايا الله وخليقتهُ للاستغناء عنهُ. ولقائل أن يقول: غير أن هذه ليست هي المسألة الجوهرية فهذه الأمور حسنة؛ لأنها خليقتهُ تعالى فقد قيل على سبيل الرمز والإشارة أن نتمتع بالترانيم الموسيقية في السماء أيضًا ولكنها لا تُستعمل هنالك لتسلية الأفكار واللهو بدون الله. فالمسألة إنما تتعلق على كيفية استعمال تلك الأشياء مثلاً لا ضرر بالقوة بل بالأسلوب الذي نستعملها فيهِ فإن الإنسان يستطيع أن يضر بها قريبهُ. ألا نرى أن العالم الذي لا يعرف الله يستعمل كل أنواع الملاهي والمسرات للتنعم بها خلوًا من الله؟ فإن القلب الفارغ من الله يُحاول أن يُسلي نفسهُ فيستخدم لذلك كل الأشياء المنظورة والمسموعة والمخترعة كالملاعب والمراقص والموسيقى وكل نوع من وسائط الطرب والسرور وبعد أن يكون قد امتحن كل شيء يقول مع سليمان المختبر تلك الأمور باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح فإن الله قد أُهمل والنفس هلكت. على أن الملاهي تبعد أيضًا المسيحي عن الله وتفني شركتهُ معهُ تعالى، ليس من الآب بل من العالم والعالم يمضي وشهوتهُ وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد. فالشيطان الذي أضلَّ حواء بهذه الأشياء هو إله هذا العالم وقد حاول أن يغرِ مخلصنا أيضًا بهذه الأمور على أنهُ شكرًا لله لم ينجح بهذه القمة، ولكنهُ كثيرًا ما ينجح بدون تعب جزيل في خداع قلوب البشر عمومًا حتى المسيحيين، وأن يجعل لمسرات هذا العالم سلطةً على نفوسهم أكثر مما للمسيح نفسهِ ولمحبتهِ التي برهنها لنا بموتهِ. فهكذا كانت الحالة مع بطرس المغرور على أنهُ لم يكن قد قبل الروح القدس غير أن هذا لا يُغير طبيعة أشواقهِ؛ لأنهُ كان يصبوا إلى المجد في هذا العالم تحت رداء محبة السيد. فتأملوا هنا أيضًا بمحبة يسوع لتلاميذه،ِ وما أعظم عنايتهُ الرحيمة بهم فإنهُ التفت ونظر جسامة العثرة التي وضعها بطرس أمام التلاميذ فوبخهُ بصرامة حسب استحقاق كلامهِ. ثم وضع أمام التلاميذ مبدائين: أولاً- أن قيمة النفس تفوق على سائر الأشياء وأن الإنسان لا يستطيع أن يفديها بشيء. وثانيًا- أن يسوع كان مزمعًا أن يدخل المجد وأن كل من استحى بهِ في هذا العالم الفاسد حيث قد رُفض يستحي بهِ ابن الإنسان حين يأتي في مجد أبيهِ مع الملائكة القديسين.ويا للخسائر الباهظة التي ألمت بكنيسة الله من حين تغافلت عن سرعة مجيء سيدها ورفضت حمل الصليب وأخذت تتهور في طريق العالم 4- كلمة الحياة هي "ويحمل صليبه" "إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني".. لو عشنا في فلسطين، في أيام السيد المسيح، ورأينا إنساناً يحمل الصليب لعرفناه في الحال، سجيناً يقاد إلى مكان الإعدام والموت.. ولعل ما قاله الأستاذ "هـ . ب . سويت"، في تفسيره لإنجيل مرقس عن "حمل الصليب" يلقي ضوءاً لا.. فقد قال: "حمل الصليب معناه أن يضع الإنسان نفسه مكان إنسان مدان، في طريقه إلى الإعدام" فالموقف الذي يجب أن نقفه هو أن نصلب النفس ويستخدم الرسول بولس نفس التشبيه المجازي عندما يقول: "ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" (غلاطية 5: 24). وجدير بالذكر أن لوقا يضيف إلى هذه الآية كلمة "كل يوم" بمعنى أنه يجب على المسيحي أن يموت كل يوم، إذ يتنكر لنفسه، ويتنكر لسيادة إرادته النفسانية، وأن يجدد عهد خضوعه وتسليمه ليسوع المسيح، تسليماً بدون قيد ولا شرط. 3ـ إن العبارة الثالثة التي استخدمها يسوع لإنكار النفس هي أن "يهلك نفسه" "من يهلك نفسه .. يخلصها" والكلمة المترجمة "نفس" هنا لا تعني الكيان الجسدي الطبيعي، كما لا تعني أرواحنا لكنها تعني ذاتنا.. "أنا" وهي الشخصية الإنسانية التي تفكر وتشعر وتخطط وتختار، وفي تعبير مشابه ذكره لوقا، نرى يسوع يستخدم الضمير الشخصي ويتكلم عن الغني الغبي الذي خسر نفسه. إذاً فالإنسان الذي يسلّم نفسه للمسيح، هو الذي يهلك نفسه، ليس بذوبان شخصيته بل بإخضاع إرادته لإرادة المسيح سيده. لكي نتبع المسيح، يجب أن ننكر نفوسنا، أن نصلبها، أن نهلكها، وها يسوع يضع طلبه مكشوفاً صريحاً، فإنه لا يدعونا لنخضع خضوعاً غير كامل، ولكن يدعونا إلى تسليم تام مطلق وأن نجعله رباً. ومن الغرابة بمكان في عصرنا الحاضر، أن البعض يدّعي بأننا نستطيع أن نتمتع بفوائد خلاص المسيح، بدون أن نقبله رباً لنا، إن مثل هذا الرأي، لا وجود له في العهد الجديد إن العبارة "يسوع رب" كانت أقدم قانون إيمان، عرفه المسيحيون وفي الأيام التي فرضت فيها الإمبراطورية الرومانية، على رعاياها أن يقولوا: "القيصر رب" كانت لهذه العبارة خطورتها، أما المسيحيون فلم يرتعبوا أو يتراجعوا، وما كان بإمكانهم أن يعطوا قيصر، المكان الأول في قلوبهم وولائهم، لأنهم كانوا يخدمون الإمبراطور يسوع.. "فوق كل رياسة وسلطان وأعطاه اسماً فوق كل اسم.. لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة.. ويعترف كل لسان، أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (فيلبي 2: 10، 11). أن نجعل المسيح ملكاً معناه أن نضع كل ما في حياتنا الخاصة والعامة، تحت سلطانه، وهذا يشمل عملنا ومستقبلنا. لله قصد وغاية لكل حياة، إذاً فليكن شغلنا الشاغل أن نكتشف هذا القصد ونحققه، وقد يختلف قصد الله فينا، عما قصدناه لأنفسنا أو قصده لنا والدونا، وإن كان المسيحي عاقلاً وحكيماً حقاً، فلن يفعل شيئاً عن طياشة أو تهور، سواء أكان في العمل الذي أعدّه الله له، أم الذي أعدّه هو لنفسه له.. وإن كنا قد أخذنا المسيح فعلاً رباً لنا، فينبغي أن يكون لنا الاستعداد لما يجريه في مجرى حياتنا من تغيير، فقد يدعونا للخدمة هنا، أو في حقل أجنبي لذلك وجب أن نكون على استعداد للقبول والطاعة، ولكن لا تتسرع في اكتشاف إرادته، وإنما إذا استسلمت لها، وطلبت من الله، منتظراً أن يكشفها لك، فتأكد أنه سيفعل ذلك في وقته المناسب، ومهما يكن الأمر، فلن يمكن أن يجلس المسيحي عاطلاً بليداً، سواء أكان رب عمل أم عاملاً أم حراً، لأن له سيداً في السماء، وقد تعلّم كيف يرى قصد الله في عمله، فيعمله من كل القلب.. "كما للرب وليس للناس" (كولوسي 3: 23). ولعل دائرة أخرى من حياتنا، تدخل تحت سيادة يسوع المسيح، وهي بيتنا وحياتنا الزوجية، وقال يسوع مرة: "لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض. ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً" (متى 10: 34) ومن ثم تابع السيد حديثه، عما يحدث في البيوت من تصادم في الإخلاص والولاء، حينما يتبعه أحد أفراد العائلة.. وفي وقتنا الحاضر، نجد مثل هذه المنازعات العائلية وعلى المسيحي أن يبذل قصارى جهده لتجنبها، لأن لديه واجباً مقدساً خاصاً، ألا وهو أن يحب والديه وباقي أفراد العائلة، ويلزمه أن يسعى للسلام، ويذعن لإرضاء الجميع، بشرط ألا يتساهل أو يساوم في واجبه نحو الله، ومع ذلك فلن يستطيع أن ينسى قول المسيح: "من أحب أباً أو أماً.. أو ابناً أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني" (متى 10: 37) فضلاً عن ذلك فإن للمسيحي الحريّة أن يتزوج فقط بمسيحية، والكتاب صريح في هذه الناحية فيقول الرسول بولس: "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين. لأنه أية خلطة للبر والإثم، وأية شركة للنور مع الظلمة" (كورنثوس 6: 14) وقد تسبب هذه الوصية تنغيصاً لشخص ما، سبق وخطب، أو على وشك الخطبة، ولكن يجب أن نواجه الواقع بأمانة، فالزواج هو أعمق علاقة بشرية ممكنة، رسمها الله لتكون اتحاداً وثيقاً، لا جسدياً ولا عاطفياً ولا ثقافياً ولا اجتماعياً بل روحياً، فإذا أقدم المسيحي، رجلاً كان أم امرأة، على الزواج بشخص لا يمكن أن يتحد معه روحياً، فإنه لا يعصي الله فحسب، ولكنه يخسر روعة وجمال قصده، والحق يقال، إن التغيير المسيحي الحقيقي، هو تغيير جوهري، يشمل تغيير موقفنا كله من ناحية الزواج، بل تغيير الغريزة الجنسية، وبدلاً من أن تكون دنيئة منحطة، بسبب كونها أنانية في أساسها وحافزها، تصبح شيئاً حلواً وجميلاً، لأنها مقدّسة في أصلها. وهناك أشياء أخرى خاصة بنا، يلزم أن تخضع لسيادة يسوع المسيح وسلطانه، إذا سلمنا حياتنا له، ألا وهي المال والوقت.. وقد تكلم المسيح كثيراً عن المال وعن خطر الغنى، حتى أن الكثير من تعاليمه بهذا الشأن يبدو مقلقاً، ونرى المسيح أحياناً كما لو كان يوصي تلاميذه، بتحويل ما عندهم من الممتلكات والمقتنيات إلى نقود وأموال، لتوزيعها كلها على الفقراء، وإنه – بدون جدال – يفعل هذا عينه في وقتنا الحاضر، ويدعو أتباعه لهذا العمل نفسه ولكن الأغلب أن وصيته موجهة إلى قلوبهم وداخلهم، حتى لا يضعوا رجاءهم على يقينية الغنى، لأن تعاليمه لم تكن حرفية، كما أن العهد الجديد لم يذكر أن المقتنيات خاطئة في ذاتها، ولكن المقصود هو أننا نضع المسيح أولاً قبل وفوق المادة والثروة. كما نضعه قبل الروابط العائلية.. فإننا لا نقدر أن نخدم الله والمال.. وزد على ذلك فقد قصد أن نكون حريصين ونصرف أموالنا بسخاء وبضمير حي.. لأن المال الذي في أيدينا، ليس لنا، لكنه لله، وما نحن إلا مجرد وكلاء عن الله.. فالسؤال الذي يتبادر إلى ذهننا، ليس "كم أُعطي للرب من مالي؟" بل "كم من مال الرب يجب أن أحتفظ به لنفسي؟" ولعل الوقت، مشكلة كل إنسان هذه الأيام! ويجب على المسيحي المتجدد أن يعيد ترتيب قائمة أفضلياته في الحياة فإذا كان طالباً، فإن الدراسة ستكون في رأس قائمة الأعمال ولئن كان المسيحي يُعرّف عادة، بالاجتهاد والأمانة في العمل ولكن عليه أن يعطي وقتاً، في برنامجه المزدحم، للصلاة اليومية ودرس الكتاب المقدس.. ولتكريس يوم الأحد للرب، يوم عبادة وراحة، للشركة مع المسيحيين الآخرين، ولقراءة كتب دينية أو للقيام بخدمة مسيحية في الكنيسة أو المجتمع. إن كل هذه الأشياء تدخل في الحساب، إذا تركنا خطايانا وأنكرنا أنفسنا واتبعنا المسيح. 5- الموجة القبطية انتهر السيد المسيح بطرس، لأنه لم يقبل صلب السيد، بل دعاه هو وإخوته لشركة الصليب معه، إذ قال لهم: "من أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني. فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكه، ومن يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها. لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟ لأن من استحى بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطيء فإن ابن الإنسان يستحي به متى جاء بمجد أبيه مع الملائكة القديسين" [34-38]. أولاً: سألهم أن يحملوا معه الصليب بإنكار ذواتهم... وإنكار الذات إنما يعني أن لا يتعاطف الإنسان مع ذاته، فلا يرتبك لمستقبله ولا يخشى المرض أو الضيق أو الموت، إنما يكون جاحدًا لنفسه عنيفًا مع الأنا، غير مترف في ملذات جسده. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم [لم يقل "يعتزل الإنسان ذاته" بل ما هو أكثر "ينكر نفسه"، كما لو كان ليس هناك ما يربطه بذاته، فإنه يواجه الخطر ويتطلع إليه كما لو أن الذي يواجهه آخر غيره، هذا بالحقيقة هو اعتزال الإنسان ذاته... أما إنكار الإنسان ذاته فقد أظهره بقوله "يحمل صليبه"، ويعني به أنه يقبل حتى الموت المشين.] إننا ننكر أنفسنا متى تجنبنا ما هو قديم فينا مجاهدين لننال على الدوام ما هو جديد حتى نبلغ إلى قياس قامة ملء المسيح (أف 4: 13). يقول القديس أغسطينوس: [إن كان الإنسان بحبه لذاته يصير مفقودًا، فبالتأكيد بإنكاره ذاته يوجد!... لينسحب الإنسان من ذاته لا لأمور زمنية وإنما لكي يلتصق بالله.] ثانيًا: إذ حث تلاميذه على إنكار الذات وحمل الصليب قدم لهم المكافأة، فمن يعترف به بحياته وحمله الصليب يتقبل عند مجيء السيد المسيح الأخير شركة أمجاده، أما من يستحي بصليبه هنا يرفض وصيته في هذا العالم فسيستحي منه ابن الإنسان في يوم مجده العظيم، ويحسبه كمن هو غير معروف لديه، وكما يقول القديس جيروم: [الله لا يعرف الشرير، إنما يعرف البار.] وقد قال السيد المسيح في وصفه لمجيئه الأخير: "متى جاء بمجد أبيه مع الملائكة القديسين" وكما يقول القديس أمبروسيوس: [ليظهر أن عظمة الآب ومجده هما ذات عظمة الابن ومجده... تأتي الملائكة في خضوع، أما هو فيأتي ممجدًا! هم يأتون كتابعين، أما هو فيجلس على عرشه! هم يقفون، وهو يجلس! إن استعرنا لغة المعاملات اليومية من الحياة البشرية نقول أنه القاضي وهم العاملون في المحكمة.] 6- بقلم وليم ماكدونالد, معهد عمواس للكتاب المقدس مرقس 8: 34 ثمّ قال لهم يسوع ما فحواه: ”أنا سوف أتألم وأموت ليخلص الناس. وإذا أردتم أن تتبعوني، ينبغي أن تتخلّصوا من كل دافع أنانيّ، وتختاروا طوعًا طريق العار والألم والموت وتتبعوني. ينبغي أن تتخلَّوا عن الراحة الشخصيّة، والمسرّات الاجتماعيّة، والروابط الأرضيّة، والطموحات الكبيرة، والغنى المادّيّ، حتى الحياة نفسها“. تجعلنا هذه الكلمات نتعجّب كيف يمكننا أن نؤمن أنّ حياة الرفاهيّة والسهولة مقبولة ولا خطأ فيها. كيف يمكن أن نبرّر المادّيّة والأنانيّة وبرودة قلوبنا؟ ألا تدعونا كلماتُ الربَّ إلى حياة إنكار النفس، والتسليم، والألم، والتضحية؟ 7- by Matthew Henry, Mark 8: 34-38 Frequent notice is taken of the great flocking there was to Christ for help in various cases. All are concerned to know this, if they expect him to heal their souls. They must not indulge the ease of the ††††. As the happiness of heaven with Christ, is enough to make up for the loss of life itself for him, so the gain of all the world in sin, will not make up for the ruin of the soul by sin. And there is a day coming, when the cause of Christ will appear as glorious, as some now think it mean and contemptible. May we think of that season, and view every earthly object as we shall do at that great day. |
![]() |
|