رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
طاعة العبيد وطاعة الأبناء
هناك فرق كبير جداً ما بين طاعة العبد وطاعة الابن، فالعبد مرتبط بسيد، وهذا السيد هو مالكه، لذلك العبد يُعطي الولاء التام الدائم للسيد الذي يستعبده، وهذا الولاء يُترجم في صورة الطاعة التامة والكاملة التي بلاقيد أو شرط، لأنها ينبغي أن تكون طاعة عمياء بلا فهم أو وعي أو إدراك، لأن أمرالسيد للعبد كسيف مُسلَّط عليه، ينبغي أن يطيع ولا يُناقش ولا يُجادل ولا حتى يُفكر على وجه الإطلاق، لأن العبد ليس حُراً ولا يتساوى مع الأحرار أو الأبناء حتى يقدر أن يُناقش أو يفكر في أمر السيد أو حتى يفهمه أو يستوعب القصد منه، فسواء عرف القصد أو فهم أو لم يفهم عليه فقط أن يُطيع فوراً سيده حتى لو بدى الأمر غريب أو حتى غير إنساني، لأن أن لم يطع العبد سيده تحت أي حجة أو مبدأ أو حتى ولو كان على سبيل الفهم أو المعرفة، فأنه يُعتبر عبد مُتمرد ليس له إلا العقاب بأي صورة أو شكل، سواء الجلد أو السجن والذي قد يصل إلى القتل لأنه تمرد على سيده ولم يطيعه، بل وحاول أن يُفكر أو يتناقش أو انتظر التوضيح أو الفهم أو تأخر في الاستجابة والتنفيذ، لأن العبد المتمرد يعتبر عبد غير صالح ولو حتى للبيع، لذلك يُعاقب ويُنكل به، حتى أن سيده مُمكن أن يقتله ويتخلص منه للأبد... أما طاعة الأبناء هي طاعة حُره غير مُقيده، لأنها طاعة بنوة لأبوة، طاعة ابن لأبيه الخاص، طاعة الأحرار، وطاعة الأحرار ليس فيها تسلط أو أي نوع من أنواع القهر أو المزلة، وهي طاعة ليست لأوامر غامضة أوموضوعات غير مفهومة، بل طاعة واعية بإرادة حُرة فيها اختيار وتوافق، فلا توجد طاعة عمياء لا تبصر عند الأبناء الأحرار، لأن الطاعة هنا مرتبطة بالمحبة، وطبيعة المحبة الحقيقية هو البصيرة، لأن المحبة الحقة هي التي ترى وتبصر بنقاوة، وتُدرك الأمور بحكمة وفهم لا يعيها ولا يُدركها غير المُحبين... لذلك شخص ربنا يسوع أتى ليُحررنا من العبودية تحت سلطان الخطية أو حتى الناموس نفسه: (أن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً – يوحنا 8: 36)، لذلك أدخلنا في سرّ البنوة، وأعطانا البصيرة لنعرف الحق المُحرر وندخل فيه ونلتصق ونحيا به: (وتعرفون الحق، والحق يُحرركم – يوحنا 8: 32)
وهذا هو الفرق بين الأبناء الأحباء والعبيد، فالابن يعلم ما لأبيه لأنه يعرفه ويفهمه، أما العبد لا يعلم ماذا يفعل سيده ولا ماهو القصد من كلامه بل عليه السمع والطاعة بدون سؤال أو فهم أو معرفة، فسواء يحب سيده أو يبغضه، فهو فقط يظل يُطيع مهما ما كانت المزلة أو صعوبة العمل أو حتى استحالته، فقط يقول نعم سيدي ويعمل ما قيل لهُ بدون أي اختيار أو تفكير... لذلك يا إخوتي علينا أن نُدرك ونفهم وضعنا السليم والصحيح في كنيسة الله الحي، لأن لا طاعة خارج المحبة، والمحبة واعية تفرزوتُميز، لأن طاعتنا هي في الرب، لذلك مكتوب عن المحبة: (تحتمل كل شيء وتصدق كل شيء (من الله) وترجو كل شيء (من الله) وتصبر على كل شيء – 1كورنثوس 13: 7) ولذلك ركز الرسول في كل تعليمة بالنسبة للطاعة على أنها تكون في الرب فقط لأن خارج الرب لا يوجد طاعة لشيء أو لأحد، لأن الطاعة في الرب طاعة واعية، لأنها طاعة في الحق:
فلننتبه يا إخوتي أن حتى طلبات الرسول كانت كلها في الرب، الطاعة في الرب، الخضوع في الرب، ونسألكم ونطلب إليكم في الرب، والسلوك ناتج عن الإيمان العامل بالمحبة في الرب لأجل إرضاءه، لأن الابن الحقيقي المملوء محبة يطيع أبوه ويُرضيه، يعني يستعبد نفسه له لا على سبيل مزلة العبيد بل خضوع الأبناء الذين سُروا أن يخضعوا لإرادة أبيهم الخاص، لأنهم لهم عيون مفتوحة على الحق وآذان تسمع وأذهان فاهمه إرادة ابيهم. + ويعتق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية (عبرانيين 2: 15) لذلك هناك فرق بين عبوديتين، عبودية الاختياروعبودية القهر، عبودية القهر هي عبودية قيد تحت مزلة خوفاً من العقوبة والموت، اما عبودية الاختيار الحُرّ هي عبودية البرّ الذي للأبناء المنتصرين على الموت في الرب:
|
|