منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 04 - 06 - 2015, 05:20 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,026

الرسالة السادسة
للقديس أنطونيوس
الرسالة الرهبانية السادسة للأنبا أنطونيوس
من أنطونيوس إلى جميع الإخوة الأعزاء الذين فى أرسينوى (منطقه بالفيوم ) و ما حولها , و إلى أولئك الذين معكم , سلام لكم .

إليكم جميعا يا من أعددتم أنفسكم لتأتوا إلى الله . أحييكم يا أحبائى فى الرب من أصغركم إلى أكبركم , رجالا و نساء , أنتم الأبناء الإسرائيليون القديسون فى جوهركم العقلى . حقيقة يا أبنائى أن غبطة عظيمة قد أتت إليكم , فما أعظم النعمة التى حلت عليكم فى أيامكم هذه . و يليق بكم بسببه هو ( المسيح ) الذى قد افتقدكم , أن لا تكلوا فى جهادكم حتى تقدموا أنفسكم ذبيحة لله فى كل قداسة . فإنها بدونها لا يستطيع أحد أن ينال الميراث .

حقا يا أحبائى إن هذا أمر عظيم لكم , أن تطلبوا ما يختص بفهم الجوهر العقلى الذى لا يوجد فيه ذكر أو أنثى , لكنه كيان غير مائت له بداية لكن ليس له نهاية . و أن تعلموا أن هذا الجوهر العقلى قد سقط فى الهوان و العار العظيم الذى قد أتى علينا جميعا لكنه جوهر غير مائت لا يفنى مع الجسد و لذلك رأى الله أن جرحه غير قابل للشفاء . و لأنه كان جرحا خطيرا هكذا , فإن الله افتقد البشر برحمته و من صلاحه بعد مرور عدة أزمنة , سلم لهم ناموسا لمساعدتهم بواسطة موسى معطى الناموس , و أسس موسى لهم بيت الحق و أراد أن يشفى ذلك الجرح العظيم و لم يستطع أن يكمل بناء هذا البيت .

و مرة أخرى إجتمع معا جوقات القديسين ( الأنبياء ) و طلبوا رحمة الآب لكى يرسل ابنه , لكى يأتى إلينا لأجل خلاصنا جميعا . لأنه هو رئيس كهنتنا و الأمين و الطبيب الحقيقى الذى يستطيع أن يشفى الجرح العظيم . لذلك حسب إرادة الآب , أخلى نفسه من مجده . لقد كان إلها و أخذ صورة عبد (فى 2 : 7 , 8) . لقد أخذ جسدنا و بذل نفسه لأجل خطايانا , و آثامنا سحقته , و بجراحاته شفينا جميعا ( إش 53 : 5) . لذلك يا أبنائى الأعزاء فى الرب أريدكم أن تعرفوا , أنه بسبب جهالتنا أخذ شكل الجهالة , و بسبب ضعفنا أخذ شكل الضعف , و بسبب فقرنا أخذ شكل الفقر , و بسبب موتنا لبس صورة المائت و ذاق الموت , و إحتمل كل هذا من أجلنا . حقا يا أحبائى فى الرب يجب ألا نعطى نوما لعيوننا و لا نعاسا لأجفاننا (مز 132 : 4) لكن يجب علينا أن نصلى و نطلب بلجاجة إلى صلاح الآب حتى ننال رحمة , و بهذه الطريقة سوف يتجدد حضور المسيح ( فينا ) و نعطى قوة لخدمة القديسين , الذين يعملون لأجلنا على الأرض فى وقت تراخينا , و سوف نحثهم ليتحركوا إلى مساعدتنا وقت ضيقنا . حينئذ يفرح الزارع و الحاصد معا .

أريدكم أن تعلموا يا أبنائى , حزنى العظيم الذى أشعر به لأجلكم حينما أرى الإضطراب العظيم الآتى علينا و أفكر فى تعب القديسين العظيم و تنهداتهم التى ينطقون بها أمام الله من أجلنا , لأنهم يشاهدون كل أتعاب و عمل خالقهم لأجل خلاصنا , و كل المشورات الشريرة التى لإبليس و خدامه و الشر الذى يفكرون فيه دائما لأجل هلاكنا منذ صار نصيبهم فى جهنم , و لأجل هذا السبب يريدوننا أن نهلك معهم و أن نكون مع جمعهم الكثير . حقا يا أحبائى فى الرب أتحدث إليكم كما إلى رجال حكماء لكيما تعرفوا تدبيرات خالقنا التى جعلها لأجلنا , و التى تعطى لنا بواسطة البشارة الظاهرة و الخفية . لأننا ندعى عاقلون , لكننا قد لبسنا حالة الكائنات غير العاقلة بسبب ميلنا مع العدو , أم لستم تعلمون كيف تكون حيل الشيطان و فنونه الكثيرة , لأن الأرواح الشريرة تحسدنا منذ أن عرفوا أننا حاولنا أن نرى عارنا و خزينا و قد بحثنا عن طريقة للهروب من أعمالهم التى يعملونها معنا , و لم نحاول فقط أن نرفض مشوراتهم الشريرة التى يزرعونها فينا بل أن كثيرين منا يهزأون بحيلهم . و الشياطين تعرف إحسان خالقنا فى هذا العالم , و إنه قد حكم عليهم بالموت و أعد لهم جهنم ليرثوها بسبب غفلتهم و كثرة خبثهم .

أريدكم أن تعلموا يا أبنائى أننى لا أكف عن التوسل لله لأجلكم ليلا و نهارا لكى يفتح عيون قلوبكم حتى تبصروا كثرة خبث الشياطين الخفى و شرهم الذى يجلبونه علينا كل يوم فى هذا الوقت الحاضر . و أرجو الله أن يمنحكم قلب معرفة و روح تمييز حتى تستطيعوا أن تقدموا قلوبكم كذبيحة نقية أمام الآب فى قداسة عظيمة بلا عيب . حقا يا أبنائى , إن الشياطين تحسدنا فى كل الأوقات بمشورتهم الشريرة و إضطهاداتهم الخفية و مكرهم الخبيث و روح الإغراء , و أفكارهم التجديفية و عصيانهم , و كل الشرور التى يبذرونها فى قلوبنا كل يوم , و قساوة القلب و الأحزان الكثيرة التى يجلبونها علينا فى كل ساعة , و المخاوف التى بها يجعلون قلوبنا تضعف يوميا , و كل غضب و ذم بعضنا لبعض الذى يعلموننا إياه , و كل تبرير لذواتنا فى كل ما نفعل , و الإدانة التى يدخلونها فى قلوبنا , التى تجعلنا عندما نجلس منفردين , أن ندين إخوتنا بالرغم من عدم سكناهم معنا , و الإحتقار الذى يضعوه فى قلوبنا بواسطة الكبرياء عندما نكون قساة القلوب و نحتقر بعضنا البعض , و عندما تكون عندنا مرارة ضد بعضنا البعض بكلماتنا القاسية , و عندما نحزن فى كل ساعة , و عندما نتهم بعضنا البعض , و لا نلوم أنفسنا ظانين أن إخوتنا هم سبب متاعبنا , بينما نحن جالسون نصدر أحكامنا على ما يظهر خارجا ( الأشياء الظاهرة ) , بينما السارق موجود بكليته داخل بيتنا , و كل المجادلات و الإنقسامات ( فى الرأى ) التى نتجادل بها مع بعضنا البعض إنما تهدف إلى إثبات كلمة ذواتنا لنظهر مبررين أمام بعضنا البعض .

إن الأرواح الشريرة تجعلنا نتحمس لأعمال لا نستطيع القيام بها . بينما تتسبب فى أن نفشل و نخور فى المهام التى فى أيدينا و التى هى نافعة لنفوسنا لذلك فإنهم يجعلوننا نضحك فى وقت البكاء و نبكى فى وقت الضحك و هكذا ببساطة , فإنهم يحولوننا كل مرة عن الطريق الصحيح . و توجد خداعات أخرى كثيرة يجعلوننا بواسطتها عبيدا لهم , لكن لا يوجد وقت الآن لكى نصف كل هذه . لكنهم عندما يملأون قلوبنا بهذه الخدع ( الحيل ) فإننا نتغذى بها , فتصير طعاما لنا , و مع ذلك فإن الله يصبر علينا و يفتقدنا لكى نتركها و نرجع إليه . هذا و إن أعمالنا الشريرة التى ارتكبناها ستظهر لنا فى جسدنا و ستلبس نفوسنا هذا الجسد مرة أخرى لأن الله بصبره يسمح بذلك فتصير أواخرنا ( فى هذه الحالة ) أشر من أوائلنا ( مت 12 : 45 ) . لذلك لا تملوا من التوسل و الصلاة إلى صلاح الآب حتى إذا أتتكم معونته , تستطيعون أن تعلموا نفوسكم ما هو الصواب .

حقا أخبركم يا أبنائى أن هذا الإناء الذى نسكن فيه هو سبب لهلاكنا , و بيت مملوء بالحرب . بالحقيقة يا أبنائى أخبركم بأن الإنسان الذى يسر بإرادته الذاتية و يستعبد لأفكاره و يقبل الأشياء التى زرعت فى قلبه و يتلذذ بها , و يتصور فى قلبه أن هذه الأفكار هى شئ عظيم ممتاز , و يبرر نفسه بأعماله الظاهرة فإن نفس هذا الإنسان تكون مأوى للأرواح الشريرة التى تعلمه و تقوده إلى الشر , و جسده يمتلئ بنجاسات شريرة يخفيها فى داخله و يصير للشياطين سلطان عظيم على مثل هذا الإنسان , لأنه لم ينفر منهم و لم يخزهم أمام الناس .

أ لا تعرفون أن الشياطين ليس لهم طريقة واحدة للإصطياد , حتى يمكننا معرفتها و الهروب منها ؟
أنتم تعرفون أن شرهم و إثمهم غير ظاهرين بشكل منظور , لأنهم ليسوا أجساما منظورة , و لكن ينبغى أن تعرفوا بأننا نصير أجسادا لهم حينما تقبل نفوسنا أفكارهم المظلمة الشريرة , و عندئذ يصيرون هم ظاهرين بواسطة جسدنا الذى نسكن فيه . فالآن إذن يا أبنائى , دعونا لا نعطيهم مكانا فينا , لئلا يأتى غضب الله علينا , أما هم فسيمضون إلى موضعهم و هم يضحكون ساخرين بنا .

و هم يعلمون أن هلاكنا هو عن طريق ( بغضة ) قريبنا , و أن حياتنا أيضا و خلاصنا هى عن طريق ( محبة ) قريبنا . من رأى الله قط , حتى يفرح معه و يحتفظ به داخل نفسه , حتى أن الله لا يمكن أن يفارقه , بل يعينه أثناء سكناه فى هذا الجسد الثقيل ؟ أو من رأى قط شيطانا فى محاربته ضدنا , عندما يمنعنا من عمل الصلاح و يهاجمنا , واقفا فى مواجهتنا بشكل محسوس , لكى نخاف منه و نهرب منه ؟ فإن الشياطين يعملون خفية , و نحن نجعلهم ظاهرين بواسطة أعمالنا . و هم جميعا من مصدر واحد فى جوهرهم العقلى , و لكنهم عندما إبتعدوا عن الله صاروا أنواعا متعددة عن طريق تنوع أعمال شرهم .

و لذلك أعطيت لهم ( الملائكة الأبرار و الأشرار ) أسماء مختلفة على حسب نوع عمل كل واحد منهم . فالبعض من الملائكة ( الأبرار ) يسمون رؤساء ملائكة , و البعض منهم كراسى و ربوبيات , و البعض رئاسات و سلاطين و الشاروبيم , و هذه الأسماء أعطيت لهم حين حفظوا مشيئة خالقهم . و من الجهة الأخرى فإن شر الآخرين ( الملائكة الساقطين ) جعل من الضرورى تسميتهم بأسماء : إبليس و الشيطان , بسبب حالتهم الشريرة , و البعض منهم دعوا شياطين , و البعض أرواح شريرة و أرواح نجسة , و البعض أرواح مضلة , و البعض دعوا بإسم رؤساء هذا العالم . و توجد أيضا أنواع أخرى كثيرة منهم .

و يوجد أيضا بين البشر الذين سكنوا فى هذا الجسد الثقيل , هذا الذى نسكن فيه , من قد قاوموا الشياطين , و البعض من هؤلاء البشر دعوا رؤساء آباء , و البعض أنبياء و ملوك و كهنة و قضاة و رسل , و آخرون كثيرون صاروا مختارين بسبب صلاحهم . و سواء كانوا رجالا أم نساء , فقد أعطيت لهم كل هذه الأسماء على حسب نوع أعمالهم , و لكنهم جميعا هم من واحد .

لذلك فلأجل هذا السبب , إن الذى يخطئ ضد قريبه يخطئ ضد نفسه , و الذى يفعل شرا بقريبه فإنه يفعل شرا بنفسه , و الذى يصنع خيرا بقريبه يصنع خيرا لنفسه . و من جهة أخرى , من الذى يستطيع أن يفعل شرا بالله أو من هو الذى يستطيع أن يؤذيه أو من يستطيع أن يغنيه أو من يستطيع قط أن يخدمه أو من يستطيع قط أن يباركه , كأن الله محتاج إلى مباركة البشر و شكرهم , أو من الذى يستطيع أن يكرم الله الإكرام الذى يليق به أو أن يمجده بالمجد الذى يستحقه ؟ لذلك ففى أثناء غربتنا و نحن لابسون هذا الجسد الثقيل , فلنعط الفرصة لله لكى يكون حيا و فعالا و حاضرا فى نفوسنا عن طريق حث و تحريض بعضنا البعض . و لنبذل ذواتنا حتى الموت لأجل نفوسنا و لأجل بعضنا البعض , فإذا فعلنا هذا فإننا بذلك نظهر طبيعة رحمة الله و حنانه من نحونا . فلا نكن محبين لذواتنا لكى لا نكون مستعبدين لسلطانها المتقلب غير الثابت . لذلك فإن من يعرف نفسه , فهو يعرف جميع الناس . لذلك مكتوب ” إن الله دعا كل الأشياء من العدم إلى الوجود ” ( حكمة 1 : 14 ) . و مثل هذه الشهادات تشير إلى طبيعتنا العقلية المختفية فى هذا الجسد الفاسد , و لكنها غير منتمية إليه منذ البداية بل سوف تتحرر منه . ولكن من يستطيع أن يحب نفسه يحب كل الناس .
يا أبنائى الأعزاء , إننى أصلى لكى لا يكون هذا الأمر شاقا عليكم و متعبا لكم , و لكى لا تكلوا و تضجروا من محبة بعضكم البعض . يا أبنائى ارفعوا و قدموا جسدكم هذا الذى تلبسونه , و إجعلوا منه مذبحا ( لإحراق البخور ) , و ضعوا عليه كل أفكاركم و اتركوا عليه أمام الرب كل مشورة شريرة , و ارفعوا يدى قلوبكم إلى الله ـ العقل الخالق ـ متوسلين إليه بالصلاة , أن يرسل عليكم من الأعالى و ينعم عليكم بناره غير المرئية العظيمة , لكى تنزل من السماء و تحرق كل ماهو موضوع على المذبح و تطهر المذبح , و بذلك فإن كهنة البعل ـ الذين هم أعمال العدو المضادة ـ سيخافون و يهربون من أمام وجوهكم , كهروبهم أمام وجه إيليا ( 1 مل 18 : 38 ـ 44 ) و حينئذ ستبصرون سحابة ” قدر كف إنسان ” صاعدة من البحر , و هى التى ستأتى إليكم بالمطر الروحانى ليسقط عليكم , الذى هو تعزية الروح القدس .


يا أبنائى الأعزاء فى الرب , الأبناء الإسرائيليون القديسون , إنه لا توجد حاجة إلى تسمية أسماءكم الجسدية , التى ستمضى و تنتهى . و لكنكم تعرفون مقدار المحبة التى بينى و بينكم , و هى ليست محبة جسدية , بل محبة روحية إلهية . و إنى واثق تماما أنكم قد نلتم نعمة و غبطة عظيمة , عن طريق إكتشافكم لخزيكم و عاركم الخاص بكم , و إهتمامكم بتقوية و تشديد و ثبات جوهركم غير المنظور ( إنسانكم الباطن ) الذى لا يفنى و لا يضمحل مع الجسد . و بهذه الطريقة أعتقد أنكم تحصلون على النعمة و البركة و الغبظة من هذا الزمان الحاضر . لذلك فلتكن هذه الكلمة واضحة دائما أمامكم , و هى أن لا تظنوا , فى تقدمكم ( فى النعمة ) و سيركم فى الطريق ( الروحى ) , أن هذا هو من فضل أعمالكم , بل إفهموا أن الفضل فى هذا يرجع إلى قوة إلهية مقدسة تشترك معكم و تعينكم دائما فى كل أعمالكم . إجتهدوا أن تقدموا ذواتكم كذبيحة لله دائما . و إعطوا فرحا لتلك القوة التى تعينكم , و إبهجوا قلب الله فى مجيئه , و كذلك كل جماعة القديسين , و إعطوا فرحا لى أنا أيضا ـ أنا المسكين البائس ـ الذى أسكن فى هذا المسكن المصنوع من طين و ظلمة . من أجل هذا فأنا أخبركم بهذه الأمور , لكى أنعش و أعزى نفوسكم , و أصلى , حيث إننا جميعا من نفس الجوهر غير المنظور ـ الذى له بداية و لكنه بلا نهاية ـ أن نحب بعضنا بعضا بمحبة واحدة . لأن كل الذين عرفوا أنفسهم , يعرفون أنهم جميعا من جوهر واحد عديم الموت .

و أريدكم أن تعرفوا هذا , أن يسوع المسيح ربنا , هو نفسه عقل الآب الحقيقى و به قد خلقت كل الخلائق العاقلة على مثال صورته , و أنه هو نفسه , رأس الخليقة , و رأس جسده أى الكنيسة ( كو 1 : 15 ـ 18 ) . لذلك فإننا جميعا أعضاء بعضنا البعض و نحن جسد المسيح . و الرأس لا تستطيع أن تقول للقدمين , لا حاجة لى إليكما , و إن كان عضو واحد يتألم , فالجسد كله يتألم معه ( أف 4 : 25 , 1 كو 27 , 12 : 26 ) . أما إذا إنفصل عضو و خرج من الجسد و لم يعد له إتصال بالرأس , بل يجد مسرته فى أهواء و شهوات نفسه و جسده , فهذا معناه أن جرحه عديم الشفاء , و قد نسى أصل حياته و بدايتها و نسى نهايتها و غايتها . و لذلك فإن آب الخليقة كلها قد تحرك بالحنو و الرحمة نحو جرحنا هذا , الذى لم يستطع أحد من الخلائق أن يشفيه , و لكن شفاءه هو بصلاح الآب وحده . الذى بصلاحه و محبته , أرسل لنا ابنه الوحيد , الذى من أجل عبوديتنا أخذ صورة العبد ( فى 2 : 7 ) , و بذل نفسه من أجل خطايانا , مسحوقا لأجل آثامنا , و بجرحه شفينا جميعا ( إش 53 : 5 ) , و هو جمعنا من كل الجهات لكى يصنع قيامة لقلوبنا من الأرض و يعلمنا أننا جميعا من جوهر واحد و أعضاء بعضنا لبعض . لذلك ينبغى علينا أن نحب بعضنا بعضا بقوة عظيمة . فإن الذى يحب أخاه , يحب الله , و الذى يحب الله فإنه يحب نفسه .

لتكن هذه الكلمة ظاهرة أمامكم , يا أبنائى الأعزاء فى الرب ـ الأبناء الإسرائيليون القديسون ـ و أعدوا أنفسكم للمجئ إلى الرب , لتقدموا ذواتكم كذبائح لله بكل نقاوة , تلك التى لا يستطيع أحد أن يحصل عليها بدون تطهير . أم تجهلون يا أحبائى , أن أعداء الصلاح يتآمرون دائما , مدبرين شرورا ضد الحق ؟ لأجل هذا أيضا يا أحبائى , كونوا حريصين , و لا تعطوا عيونكم نوما , و لا أجفانكم نعاسا ( مز 132 : 4 ) . و إصرخوا إلى خالقكم نهارا و ليلا , لكى تأتيكم القوة و المعونة من الأعالى , و تحيط و تحفظ قلوبكم و أفكاركم فى المسيح . حقا يا أبنائى إننا متغربون الآن فى بيت السارق , و مربوطون برباطات الموت . أقول لكم بالحقيقة , يا أحبائى , إن إهمالنا و حالتنا الوضيعة و إنحرافنا عن طريق الرب , ليست خسارة و هلاك لنفوسنا فقط , و لكنها أيضا سبب حزن و تعب للملائكة و لجميع القديسين فى المسيح يسوع . حقا يا أبنائى , إن إنحطاطنا و إستعبادنا , يسببان حزنا عظيما لهم جميعا , كما أن خلاصنا و سمونا و مجدنا هى سبب فرح و تهليل لهم جميعا .

إعلموا أن محبة الآب و رأفته لا تتوقف أبدا , فمنذ بداية تحركه بالمحبة من نحونا و إلى اليوم , و هو لا يكف عن العمل لخيرنا و خلاصنا , لكى لا نجلب الموت على أنفسنا بسبب سوء استعمال الإرادة الحرة التى خلقنا بها . لأجل هذا فإن الملائكة أيضا يحيطون بنا فى كل الأوقات كما هو مكتوب ” ملاك الرب حال حول خائفيه و ينجيهم ” ( مز 34 : 7 ) .

و الآن يا أحبائى أريدكم أن تعرفوا , أنه منذ بدأت حركة محبة الله نحونا حتى الآن , فإن كل الذين ابتعدوا عن الصلاح و سلكوا فى الشر , يحسبون أنهم أبناء إبليس , و جنود إبليس يعرفون ذلك و لهذا السبب يحاولون أن يحولوا كل واحد منا لنسير فى طريقهم .
و لأن الشياطين يعرفون , أن إبليس سقط من السماء عن طريق الكبرياء , لهذا السبب أيضا فإنهم يهاجمون أولا , أولئك الذين بلغوا درجة عالية ( فى الفضيلة ) , محاولين ـ بواسطة الكبرياء و المجد الباطل ـ أن يحركوهم الواحد ضد الآخر , و هم يعرفون ـ أنهم بهذه الطريقة ـ يستطيعون أن يقطعوننا عن الله , لأنهم يعلمون أن من يحب أخاه يحب الله , و لهذا السبب فإن أعداء الصلاح يزرعون روح الانقسام فى قلوبنا , لكى نمتلئ بعداوة و بغضة شديدة ضد بعضنا البعض , لدرجة أن الإنسان فى هذه الحالة لا يستطيع أحيانا أن يرى أخاه أو أن يحدثه و لو من بعيد .

حقا , يا أبنائى , إنى أريدكم أن تعرفوا أن كثيرين قد سلكوا طريق النسك طوال حياتهم , و لكن نقص التمييز و الإفراز تسبب فى موتهم . حقا يا أبنائى , إنكم إذا أهملتم نفوسكم , و لم تميزوا أعمالكم و تمتحنوها فلا أظن أنه يكون أمرا عجيبا أن تسقطوا فى يدى إبليس بينما أنتم تظنون أنكم قريبون من الله , و بينما أنتم تنتظرون النور تستولى عليكم الظلمة . فأى إحتياج كان ليسوع حتى يمنطق نفسه بمنشفة و يغسل أرجل من هم أقل منه ـ إلا لكى يعطينا مثالا , و لكى يعلم أولئك الذين سيأتون و يتحولون إليه لينالوا منه الحياة من جديد ؟ ( انظر يو 13 : 4 ـ 17 ) . لأن بداية حركة الشر كانت هى الكبرياء التى حدثت أولا . و لهذا فبدون إتضاع عظيم من كل القلب و العقل و الروح و النفس و الجسد , لن تستطيعوا أن ترثوا ملكوت الله .

حقا يا أبنائى فى الرب , إنى أصلى نهارا و ليلا إلى إلهى الذى نلت منه عربون الروح ( 2 كو 1 : 22 ) , أن يفتح عيون قلوبكم لتعرفوا المحبة التى عندى من نحوكم , و يفتح آذان نفوسكم لكى تكتشفوا إرتباككم . فإن من يعرف خزيه , فإنه يسعى من جديد لطلب النعمة التى وهبت له , و الذى يعرف موته يعرف أيضا حياته الأبدية .

إنى أكلمكم يا أبنائى , كأناس حكماء . إنى أخاف لئلا يستولى عليكم الجوع فى الطريق , بينما كان من المفروض أن نصير أغنياء . كنت أرجو أن أراكم وجها لوجه فى الجسد . و لكننى أتطلع إلى الأمام , إلى الوقت القريب , الذى فيه سنصير قادرين على أن نرى بعضنا البعض وجها لوجه حينما يهرب الألم و الحزن و التنهد , و يكون الفرح على رؤوس الجميع ( إش 35 :10 ) .

و هناك أمور أخرى كثيرة أريد أن أخبركم بها . و لكن ” اعط فرصة حكمة للحكيم فيزداد حكمة ” ( أم 9 : 9 ) .
سلامى لكم جميعا , يا أبنائى الأعزاء كل واحد بإسمه .
رد مع اقتباس
قديم 10 - 02 - 2016, 09:10 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
magy Female
..::| العضوية الذهبية |::..

الصورة الرمزية magy

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122887
تـاريخ التسجيـل : Jan 2016
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 6,797

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

magy غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الرسالة الرهبانية السادسة للأنبا أنطونيوس

لذلك يا أبنائى الأعزاء فى الرب أريدكم أن تعرفوا , أنه بسبب جهالتنا أخذ شكل الجهالة , و بسبب ضعفنا أخذ شكل الضعف , و بسبب فقرنا أخذ شكل الفقر , و بسبب موتنا لبس صورة المائت و ذاق الموت , و إحتمل كل هذا من أجلنا .

ربنا يبارك خدمتك ماري
  رد مع اقتباس
قديم 11 - 02 - 2016, 11:40 AM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,026

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: الرسالة الرهبانية السادسة للأنبا أنطونيوس

شكرا على المرور
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الرسالة الرهبانية الاولى للأنبا أنطونيوس
الرسالة الرهبانية الثانية للأنبا أنطونيوس
الرسالة الرهبانية الثالثة للأنبا أنطونيوس
الرسالة الرهبانية الرابعة للأنبا أنطونيوس
الرسالة الرهبانية الخامسة للأنبا أنطونيوس


الساعة الآن 12:12 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024