رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إثمي أعظم من أن يغتفر
يقول سامعي: أخشى أن أكون خاطئاً أعظم من أن أخلص وأشر من أن أستحق الرضا ولست أهلاً لأن أدخل في علاقة مع الله على أية حال اسمعني أيها الصديق: يُخشى أن ألوفاً في جهنم كانوا يفتكرون في أنفسهم إنهم طيبون وصالحون ومحسنون جداً وأبعد ما يكونون عن الهلاك، إلى أن تجرعوا هذه الحقيقة المُرة المتضمنة في معنى الهلاك بعد أن مالت شمسهم وراء غروب يوم النعمة. ولكن بكل يقين مؤكد لا يوجد بين ملايين المفديين في المجد واحد بمفرده يستطيع أن يقول إنه وصل إلى هناك لأنه كان على الأرض صالحاً مؤهلاً للخلاص. هناك يوجد الرسول بطرس الذي مرة قال عن نفسه إنه "رجل خاطئ". وهناك يوجد الرسول بولس الذي اعترف على نفسه أنه "أول الخطاة"، وهناك باقي المؤمنين المُخلّصين بالنعمة- وبالنعمة وحدها. والحقيقة هي أن فكرة استحقاق الخلاص فكرة طبيعية تنبت في قلب الإنسان الطبيعي، تماماً كما تنبت الحشائش المرة والضارة في بستان مهجور. والشيطان يعرف كيف يستفيد من هذا ويعرف كيف يُخفي عن عيني الإنسان جمال "نعمة الله المتنوعة" التي بها وحدها يستطيع أن يخلص. إن الشيطان يكره الحديث عن قصة نعمة الله، لأن نعمة الله لا يمكن أن يُعلن عنها بدون الإعلان عن أمجاد الفداء الذي بيسوع المسيح النعمة وحدها هي التي تملك بالبر الذي أُعلن في الصليب حيث انصبّت الدينونة التي يستحقها الخاطئ على البديل الذي رضى طوعاً أن يموت في مكانه. ولأجل هذا الدم الكريم المسفوك يُنادى للمذنبين والأثمة بغفران مجاني. فالاستحقاق كله للرب وحده والمذنوبية كلها لنا نحن. ونحن أردياء بدرجة كافية تجعلنا نستحق الدينونةن والرب صالح بدرجة كافية حتى أنه جاء ليشرب كأس الدينونة لأجلنا وقد شربها حتى قرارها العكر وقال "قد أكمِل". والله ليس عنده غير طريقين للتعامل مع الخطاة إما أن يعطيهم نصيبهم الذي يستحقونه بالتمام والكمال حتى آخر فلس إذا هم جاءوه وعلى أساس استحقاقهم، وإما أن يعطيهم ما يستحقه المسيح بالتمام والكمال إذا هم جاءوه كمذنبين هالكين. من أجل ذلك طوبى لمن يستطيع أن يتغنى بالقول: قد وفى ديني كله الحمل ربنا يسوع إذ مات قد كمل ولو أن القارئ استوعب لمحة عن ما هي النعمة لما تكلم أبداً عن شرٍ فيه يحول دون خلاصه. لنفترض أن رجلاً وضع لافتة على منزله وكتب عليها هذه الكلمات: (يمكنك أن تتناول وجبة الإفطار مجاناً في هذا البيت كل صباح، ومن الباب المجاور لهذا الباب تأخذ تذكرة مدفوعة الأجر لك، والدعوة مقدمة لكل الملونين والسود، وغير مسموح بالدخول بعد التاسعة صباحاً). فأي شخص ملون أو أسود البشرة، صغيراً أم شيخاً عبداً أم حراً، يمتنع عن الوقوف أمام الباب- ليأخذ التذكرة التي تؤهله إلى تناول طعام الإفطار- بحجة أنه أسود البشرة، نقول عنه أنه غبي. فكلما اسوّدت بشرتك صار لك الحق في تذكرة مجانية. ولكن إذا تقدم رجل أسود إلى باب الدخول دون أن يمر أولاً على الباب الذي يحصل منه على تذكرة. فهل سيندهش إذا مُنع من الدخول؟ وإذا ادّعى قائلاً لأنني أسود فقد رفضتم قبولي، فكلامه مرفوض لأنه غير صحيح، وإذا حاول أن يجادل كثيراً فلا نفع من جداله. ولا يجد أمامه غير الرفض والذهاب بعيداً. فالتذكرة هي التي تؤهله لتناول طعام الإفطار. هناك كثيرون يفتكرون إنه لأن الجميع خطاة ولأنهم يسمعون أن الله يريد أن يُخلّص منهم جماعة تدخل السماء، فإنهم يظنون إن أفضل الخطاة وأحسنهم هم الذين يدخلون ويقولون في أنفسهم إنه إن كان فلان هذا وفلان ذاك يدخلون السماء فأمامهم هم فرصة أفضل للدخول. لكن نريد أن يتيقن القارئ إن كان هو خاطئاً أمام الله فإن أفضل ما يدّعيه وينسبه إلى نفسه لا يمكن أن يؤهله للسماء. إنه خاطئ وكفى. وكونه خاطئاً فهذا سبب كافٍ لأن يجعله يرمي بنفسه على أذرع المخلص. أما أهليته للسماء فهي هبة مجانية يقبلها من مُخلّصه. "هذا يقبل خطاة" (لو15: 2) هذا عنوان منقوش على باب الرب يسوع. ولا يستطيع أحد أن يتعلل بأنه رديء جداً. اقرأوا مرة أخرى "ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" "من يُقبل إليّ لا أخرجه خارجاً" (يو14: 6، 6: 37). ومرة أخرى "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (مت: 28) و "إن دخل بي أحد يخلص" (يو10: 9) و" التفوا إليّ واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض" (أش45: 22) و "كل من يدعو باسم الرب يخلص" (رو10: 13). فلا يخدعن أحد نفسه بأنه بفضل ما هو عليه من أدب أو خلق أو بر ذاتي أو عمل صالح ولو كان ذلك عنده كرمل البحر وكانت خطاياه قليلة ومتباعدة، فإنه يستطيع أن يخلص بدون المسيح. ولو توفر له كل أولئك وليس له المسيح لما كان أهلاً إلا للبحيرة المتقدة بالنار والكبريت. وخطية واحدة كافية لإدانة صاحبها- كلمة عاطلة أو فكر شرير أو عمل واحد من أعمال الذات والإرادة الساقطة فيها كل الكفاية لإبعاد صاحبها من السماء كما طردت خطية واحدة آدم من الجنة. لا تُضيّعوا وقتكم الثمين في محاولة لتحسين أنفسكم قبل الإتيان إلى المسيح بالإيمان. وحقيقة أنكم تطلبون إصلاح نفوسكم دليل على أن ماضيكم رديء فإذا كنتم تُلحّون على تحسين حالكم لتقابلوا الله على أساس من الاستحقاق فاعلموا أنه مكتوب "والله يطلب ما قد مضى" (جا 3: 15). إن قلتم إنكم "أردياء جداً" فأنتم تقللون من مجد نعمة الله الفائقة وتحدون من كفاية القوة المطهرة لدم يسوع المسيح. إنه من السهل جداً على مياه المحيط أن تحمل مركباً حمولتها خمس آلاف طن بنفس السهولة التي تحمل بها ريشة طائرة من جناح عصفور، فإذا كان الرب يطلب قلوبنا وإذا كان الذين يُغفر لهم كثيراً يحبون كثيراً فلنتيقن أنه يرحب بالأردأ بنفس الدرجة التي بها يقدر أن يُخلص أشر الخطاة. منذ سنوات قليلة مضت طُلب من صاحب هذا الكتاب أن يقوم بزيارة إحدى الشابات، كانت تعاني سكرات الموت على فراشها بدون رجاء. كانت ابنة وحيدة لأحد رجال الأعمال الأغنياء وحاولت أمها أن تبدد مخاوفها من المستقبل الأبدي قالت لها "لماذا الخوف يا حبيبتي؟ ومع أن الصيف الماضي هو آخر صيف لك على الأرض لكننا نشهد لك أنك كنت الشابة المثالية وسط حفلات لندن الصاخبة. لقد كنت فيها كلها الشابة الطيبة الطاهرة الذهن"، وبعد محاولات مع والديها سُمح لي أخيراً أن أصعد إلى غرفة مرضها. وأسرع والدها المتلهف عليها فأخرج الممرضة من حجرتها، وركع الزائر بجانب السرير ومن أعماق نفسه صرخ إلى الله طالباً بركته الأبدية على أمته التي تموت، مُسترحماً لأجل خلاص نفسها ثم قام وفتح الكتاب المقدس عند الإصحاح الخامس من رسالة رومية وأعاد قراءة العدد الثامن "ولكن الله بيّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا". وهنا قالت تلك المسكينة المضطربة في دهشة ممزوجة بالعجب "أنت لا تعرف ماذا كنت وإلا فما كنت تكلمني عن محبة الله. إنني لا أستحق الرحمة ولا رحمة لمثلي".وهنا قال صاحب الكتاب: "يا آنستي أنا واثق من أنك إذا رأيت نفسك كما يراك الله فإنك سوف ترين نفسك أردأ عشرة آلاف مرة مما تظنين لكنك ارتكبت اليوم غلطة كبيرة جداً". فنظر أبوها نظرة زائغة من خلال الدموع كأنه يسأل "وما هي هذه الغلطة الكبيرة جداً؟" واستطرد كاتب هذا الكتاب قائلاً للفتاة "إنني لم أقطع هذه الأحد عشر ميلاً لكي أستفهم عما إذا كنت مستحقة أن يستودعك الله بركة أم لا، بل أتيت اليوم لكي أحمل إليك خبراً مباركاً هو أن الله يعتبر ابنه الحبيب ربنا يسوع أهلاً كل الأهلية لأن تثقي فيه. هل تؤمنين بمحبته؟ إنه على هذا الإيمان تتوقف بركتك الأبدية". وفي لحظة واحدة تغير وجه الفتاة كأن سحابات من النور أنارت قلبها وفعلاً كان هنالك عمل إلهي. لأن أباها كتب عن ابنته يقول: "هي الآن حيث لا تستطيع سحابة أن تغشى سماءها أو أن تحجب سيدها ولو إلى لحظة عن عينيها". ليت الرب يعطيكم من ضياء مجد نعمته ما يبدد القلق من قلوبكم حتى تدركوا أن الله لا يطلب فيكم صلاحاً من جهة الماضي كما لا يطالب بأن تصمموا على أن تبلغوا درجة من الاستحقاق في المستقبل. لكنه يريدكم أن تعرفوا الكثير عن استحقاقات ابنه الحبيب يسوع المسيح. هو الرب- الوتد المثبت في موضع أمين ونستطيع أن نُعلّق عليه رجاءنا بكل ثقة. إن سقط هذا الوتد فلابد أن يسقط كل ما عُلّق عليه من آنية ذهبية وفخارية. وسلامة هذه الآنية المعلّقة ليست في نوعها أو ثمنها بل هي تعتمد على ثبات الوتد- (اقرأ اش 22: 23). فليثق كل واحد فيه لأنه يستحق ذلك وليتمسك كل منا بكلمته حتى تكون البركة من نصيبنا. "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 16). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
هذا قتل عمد لا يغتفر 😏 |
أشياء بالحياة العبث بها لا يغتفر |
التخلي عن حلمك امر لا يغتفر |
ذنب لا يغتفر |
ذنب لا يغتفر |