رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الإيمان بأمور لا ُترى أدلة منطقية تثبت إمكانية الإيمان بأمور لا تُرى بالعيون المادية:القديس أغسطينس ١. هناك أناسُ يَعتقدون أن الديانة المسيحية يلزم السخرية منها، وليس التمسُّك بها، وذلك لأنه لا يمكن إثباتها بأمور مرئية، بل أن الناس فيها مطالبون بالإيمان بأمور لا ُترى. ونحن إذًا لكيما َندْحض فكر هؤلاء الحكماء في أعين أنفسهم الذين لا يريدون أن يصدقوا ما لا يستطيعون أن يروه بعيونهم، فإننا لا نستطيع بالطبع أن ُنظهر للعيون البشرية هذه الأمور الإلهية التي نؤمن بها لكننا نستطيع أن ُنظهر للفكر البشري أنه يمكننا تصديق حتى الأشياءِ التي لا ُترى. بدايةً يجب أن نقول لهؤلاء الذين بحماقتهم قد أعطوا لعيونهم الجسدية أهمية جعلتهم لا يصدقون كل ما لا يرون بهذه العيون: كم من أمور يصدقونها بل ويعرفونها ولكنها لا ُترى بعيونهم تلك؟ هذه الأمور غير المحصاة توجد في عقولنا نفسها -مع العلم أن طبيعة هذا العقل ذاته أيضًا أنه غير مفحوص- كالإيمان الذي به نصدق أمرًا ما والفكر الذي به نحكم بأن نصدق الشيء أو لا نصدِّقه، بالإضافة إلى أمور أخرى كثيرة، هذه الأمور جميعها غريبة عن أنظار العيون الجسدية. وبرغم من ذلك كم هي مكشوفة وواضحة ومؤكدة لعيون فكرنا الداخلية؟ إذا كنا بدون شك ندرك وجود الإيمان والأفكار رغم أنه لا يمكن رؤيتهما بالأعين الجسدية فكيف لا نؤمن بالمسيح إذًا؟ |
30 - 08 - 2014, 03:02 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الإيمان بأمور لا ُترى
٢.لكن قد يَُقولون أن الأمورَ التي في العقلِ، نستطيع بواسطة العقل نفسه أن نميزها فَليْسَ لنا حاجُة أَنْ نراها بعيون الجسد؛ لكن تلك الأمور التي تطالبنا بأن نؤمن بها ليست هي أشياء خارجة عنا حتى نراها بعيون الجسد، ولا هي داخل عقولنا حتى أنه بتمرينات مُعَيٌنة للفكر قد نراها..
زاعمين أن تلك الأشياء التي يصدقونها هي فقط الأشياء يرونها أمامهم (1). لذلك أقول أنه يجب علينا بالتأكيد أَنْ نؤمن ببعض الأمور الحاضرة، وإن كنا لا نراها، لكيما نَستحقُّ أيضا أَنْ َنرى الأشياء الأبدية، التي نؤمن بها. لكن أنت يا مَنْ لا تصدق إلا ما تراه، هوذا الماديات التي حولك تراها بعيونِ الجسد، ونيَّاتك وأفكارك الخاصة تراها بعيون عقلك إذ هي حاضرة في عقلك. ولكن أخبرني، نية صديقك نحوك… بأي عيونٍ تراها؟ فلا يمكن أَنْ ُترى النيات بعيون الجسد. فهل ترى في عقلكَ أيضًا ما يدور في عقلٍ آخر؟ ولكن إن كنت لا تراها، فكيف ُتبادل نية صديقك الصادقة نحوك إن كنت لا تؤمن بما لا تراه؟ |
||||
30 - 08 - 2014, 03:02 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الإيمان بأمور لا ُترى
هَلْ ستقول جدلاً بأّنك ترى نية الآخر من خلال أعماله؟ إذن أن َ تسََترى أَفْعالاً، وستَسْمعُ َ كلِمات، ولكن نية صديقكَ التي لا يُمكنُ أَنْ ُترى أو ُتسمع فأنت ستصدقها. فهذه النية ليس لها لون أو شكل حتى تراها العينان؛
و ليس لها صوت أو نغم، حتى تسمعها الأذنان، وهي ليست نيتك، لكي ما تَُكونَ محسوسة في قلبك. وعلى الرغم من أنها لا ُترى، ولا ُتسْمَع، ولا هي منظورة بداخلك فيجب عليك أن تصدٌق هذه النية، وإلا ستشعر بالوحدة في حياتك، بدون صداقةِ، و لن تستطيع أن تبادل من يحبك نفس الشعور. فأين هذا الذي تقوله إذن أنك لا تستطيع أن تصدق شيئًا إلا لو رأيته بعين الجسد أو رأيته داخل قلبك؟ هوذا من كل قلبك تصدِّق ما في قلب غيرك وتؤمن حيث لا تستطيع أن ترى بعينيك أو بقلبك. فوجه صديقك تستطيع أن تميزه بعين الجسد وموقفك نحوه يمكنك أن تميزه بعقلك، لكنك لن تستطيع أن ُتَقدِّر محبة الآخر لك مالم تبادله هذا الحب، إذ تصدق أن فيه هذا الحب الذي لا تراه. فمن الممكن أن يخدع الرجل غيره باختلاق النية الحسنةِ، وإخفاء الحقد. وحتى إن لم يكن يفكرُ في إيذائك ولكن لأنه قد ينتظر أن ينتفع منك بشيء، فمن الممكن أن يختلق المحبة على الرغم من أنها ليست فيه. |
||||
30 - 08 - 2014, 03:02 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الإيمان بأمور لا ُترى
٣.لكنك َتُقولُ، إنك تصدق صديقك، الذي لا يُمكن أَنْ َترى قلبه، لأنك اختبرته في تجاربك، إذ لم يتركك في وقت الشدة.. فقد عرفت حقيقة شعوره نحوك. فهل هذا معناه انه يَجِبُ أَنْ نتمنى أن تصيبنا الشدائد لكيما نتيقن من صدق حب الصديق لنا؟
فهذا يعني أنه لن يوجد رجل سعيد مع الأصدقاء الأوفياء، مالم يحزن الصديق في المصائب التي تصيب صديقه!. ولن يَتمتّعُ أحد إذن بحب الآخر مالم يتألم بآحزان ومخاوف! وكيف نتمنى السعادة مع الأصدقاء المخلصين ولا نخشاها، ان كنا لا نستطيع ان ُنْثبِت صدق حبهم إلا من خلال الأحزان؟ ولكن من الممكن أن يكون لك صدي ُُ ق في وقت السعة، وإن كنت تستطيع أن ُتْثبِت صداقته بالأكثر في وقت الشدة. لكنك بالتأكيد لن تعرِّض نفسك للخطرِ لكيما تتيقن من صداقته ما لم تكن متأكدًا أنه سيُْثبِت حسن ظنك (2)؛ وهكذا فأنت فيما تعرض نفسك للخطر فأنت تصدٌق صديقك من قبل أن تجربه. |
||||
30 - 08 - 2014, 03:02 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الإيمان بأمور لا ُترى
بالتأكيد، إن كان لا يَجِب علينا أَنْ نصدق الأمور التي لا ُترى، لكننا حقًا نصد ُ ق قلوبَ أصدقائنا وإن كنا لم نبرهن على صدق شعورهم، وحتى بعد أن نتأكد من صداقتهم من خلال ضيقاتنا فنحن نصدق نيتهم الصادقة نحونا دون أن نراها. إذًا عظيمِ جدا الإيمانُ الذي به نَحْكمُ بشكل ملائم إننا َنرى – بعيونٍ ما – الذي نؤمن به، فإننا يجب أَنْ نؤمن إذن، لأننا لا َنرى.
|
||||
30 - 08 - 2014, 03:02 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الإيمان بأمور لا ُترى
خطورة عدم الإيمان بالأمور التي لا ترُى بعيون الجسد:
٤.إن لم يكن هذا الإيمان موجودًا في المعاملات بين الناس، فانظر كيف تكون الفوضى فيها؟ وكيف يترتب على ذلك تشويش مخيف؟ فمَن الذي سَيُبادِل الآخر بالمحبة، -حيث أن المحبة نفسها غير مرئية- إن كان لا يجب أن أؤمن بما لا أراه؟ إذن فالصّداقة بمجملها ستحتضر، لأنها تقوم على الحب المتبادل. كيف يُقبل الحب إن كان غير ظاهر؟ وعندما لا توجد الصداقة فإن رباطات الزّيجة والقرابة والنسب لن تظل محفوظة في النفس لأن في هذه أيضا يجب أن يكون هناك بالتأكيد اتفاق بروح الصداقة. فالزوج والزوجة َلنْ يتبادلا الحب إذ لن يصدق كل منهما حب الآخر، لأن الحبَّ نفسه لا يُمكنُ أَنْ يُرى. ولن يَشتاقوا أَنْ يَُكونَ لهم أبناءُ، إذا لم يَعتقدوا أنهم سيبادلونهم حبهم . وإن وُلد أبناء وكبروا، فلن يحبهم والدوهم إذ أنهم لا يرون محبة أولادهم التي في قلوب هؤلاء الأولاد إذ هي غير مرئية. وبُناءً على ذلك لن يصبح تصديق هذه الأشياء التي لا ُترى جديرًا بالثناء، بل يكون طيشًا جديرًا باللوم، إذا كنا نؤمن بأمور لا ُترى. فكيف أتكلم أيضًا الآن عن الإرتباطاتِ الأخرىِ التي بين الأخ والأخت، والصهر والحمى، وجميع من هم مرتبطينَ سويًا بواسطة أي قرابة أو صلة؟ إذا كان هذا الحب غير أكيد والنية مشكوكٌ في أمرها، سواء كانت نية الأبناء تجاه الوالدينِ أو نية الوالدين تجاه الأبناء. فأعمال المحبة لن ُترد بالمثل لأن ذاك الذي أُحسن إليه لا يعتقد أنه يجب أن يَرُدٌ بالمثل، إذ هو لا يؤمن بوجود ما لا يراه في الآخر. |
||||
30 - 08 - 2014, 03:03 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الإيمان بأمور لا ُترى
بالتالي فهذا الشك لن يَُكون ملائمًا، بل سيَُكونُ مكروهًا إذ لا نصدق اننا محبوبين لأننا لا نرى هذا الحب ولا نتبادل هذا الحب، إذ َنعتقدُ أننا لا ندينُ لهم بالحب. إِلى تلك الدّرجةِ تكون العلاقاُت الإنسانية قدُ آلت إلى الفوضى إن كنا لا نصدق ما لا نراه، وتسقط تمامًا وجملةً إن كنا لا نصدق نيات الناس التي بالتأكيد لا نستطيع أن نراها.
كذلك، فلن أذْكرَ لهؤلاء الذين يلوموننا لأننا نؤمن بما لا نراه، الأمور الكثيرة التي يؤمنون بها في الأقاويل والتاريخ أو بخصوص الأماكن التي لم يروها بأنفسهم. فلن يقولوا :”إننا لا نصدق إن لم نرى بعيوننا”، لأنهم إن قالوا هكذا، سيضطرون أَنْ يَعترفوا بأنهم لا يعرفون بالحقيقة من هم والديهم؛ لأنهم في هذا الموضوع صدقوا أقوال الآخرين الذين لا يستطيعون أن يُظهروا أمام عيونهم ما يقولون لأنها أشياء مضت؛ فإذ لا يذكرون شيئًا من الماضي البعيد يصدقون أقوال الآخرين الذين كلموهم عن الذي مضى بدون شك؛ فإن لم يكن الأمر هكذا، فسنجد من الضّرورة أن علاقة الابن بوالديه سيشوبها عدم الاحترام، إذ يتجنب التسرع في تصديق تلك الأمور التي لا ُترى. فإن كان عدم إيماننا بما لا نراه يؤدي إلى انهيار السلام بين الناس وعدم تماسك المجتمع الإنساني، فكم بالحري وبالأكثر يجب أن ننظر بعين الإيمانُ إلى الأمور الإلهية التي لا ُترى؟ فإن لم نؤمن فليست مجرد صداقة الناس لبعضهم هي التي ستتأثر، لكن جوهر الإيمان بالدين سوف يتلاشى بما يترتب على ذلك من بؤس عظيم. |
||||
30 - 08 - 2014, 03:03 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الإيمان بأمور لا ُترى
أدلة صدق الإيمان المسيحي:
٥.لكن قد تقول : “النيّة الحسنة لصديق نحوي، وإن كنت لا أراها، لكنني أستطيع أَنْ أتيقن منها بالعديد من البراهين؛ لكن وأن َ ت تطالبنا بالإيمان بالأمور غير المنظورة، لا تعطينا براهين ُتظهر بها صدق اعتقادك ؟”. مبدئيًا، أقول إنه ليس بأمرٍ بسيط، أن َتعترَف بأن بعض الأمور، وإن كانت لا ُترى يَجِبُ أَنْ ُتصَدَّق لسبب وضوح بعض البراهين، وحتى لو ُقبِلَ هذا، أنه ليس كل الأشياء التي لا ُترى لا يمكن التصديق بها، فهذا يعنى أن القول “هكذا نحن لا ينبغي أن نصدق ما لا نراه بأعيننا” يسقط على الأرض، و يُقَذف بعيدًا، بل و يُنَقض تمامًا. |
||||
30 - 08 - 2014, 03:03 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الإيمان بأمور لا ُترى
أ – بركة المسيح للأمم بالكنيسة (3):
لكنهم مخدوعون كثيرًا، أولئك الذين يَعتقدونَ بأّننا نؤمن بالمسيحِ بدون أي أدلة بخصوصه. فهل هناك برهان أوضح من هذا، أن الأمور التي قد أُنبئ عنها نراها الآن قد تحققت؟ فأنتم الذين تعتقدون أنه لا توجد براهين تؤمنون من خلالها بالأمور التي لم ترونها عن المسيح، انظروا إلى الأشياء التي تروها الآن، انظروا فالكنيسة نفسها تخاطبكم كأم تحبكم قائلة: “أنا التي تنظرون إليها بإعجاب في العالم كله، آتية بثمر وأزداد نموًا، لم أكن في الماضي هكذا كما تنظروني الآن، لكن عندما بَارك الله إبراهيم قائًلا: “يتبارك في نسلك جميع أمم الأرض” (تك 22: 18)، أعطى الوعد بوجودي، فبركُة المسيحِ قد انْسَ َ كبَْت على كل الأممِ من خلالي. المسيح هذا هو نسل إبراهيم، فتسجيل الأجيال يَشْهدُ بذلك، باختصار: إبراهيم ولد إسحق، وإسحق ولد يعقوب، ويعقوب ولد اثنا عشر ابنًَا، ومنهم كان شعب إسرائيل، فيعقوب نفسه كان يُدعى إسرائيل. ومن بين هؤلاء الإثنى عشر ابنًا كان قد وُلد يهوذا – منه أخذ اليهود إسمهم- الذي منه كانت مريم العذراء، التي ولدت المسيح. وفي المسيحِ أي في نسل ابراهيم، تنظرون بإعجاب كيف تباركت الأمم. فهل لا تزالون خائفين من أن تؤمنوا به، ذاك الذي كان يجب بالأحرى أن تخشوا عدم الإيمان به؟” |
||||
30 - 08 - 2014, 03:03 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الإيمان بأمور لا ُترى
ب- الميلاد من عذراء :
إن كان يجب عليكم بالأحرى الإيمان بأنه كان يليق بالله أن يولد إنسانًا هكذا، فهل تشّكون أو ترفضون أن تصدقوا ميلاده من عذراء؟!! فاعلموا أن إشعياء الّنبي َقدْ تنبّأَ عن ميلاده من عذراء أيضًا قائًلا: “ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل (الذي تفسيره الله معنا)” (اش 4: 14) فلا تَشٌكوا إذًا أن العذراء تلد، إذا كنتم تريدون أَن تؤمنوا بإله يولد، دون أن يترك تدبير العالم، ويأتي إلى الناس متجسدًا .. إذ أعطى لأمه أن تلد وتبقى أيضًا عذراء. هكذا صار لائقًا بذاك أن يولد كإنسان، إلا أنه هو ذاته الله دائمًا، ومِن قِبل ولادته قد صار إلها لنا. ومن ثم يقول عنه أيضًا الّنبي: “كرسيك يالله إلى دهر الدخور قضيب الإستقامة هو قضيب ملكك. أحببت البر وأبغضت الإثم. من أجل هذا مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك” (مز 45: 6، 7) (4) مَسَحَ الله الآب الله الابن.. لذلك فلقد أخذ لقبه من “المسحة” أي أننا من خلال مَسْحِهِ عرفنا أنه المسيح. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|