منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 15 - 08 - 2014, 04:30 PM
الصورة الرمزية Ramez5
 
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Ramez5 متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,822

معرفة الله والمعرفة عن الله

يقول الرسول بولس"كُلِّ شيء نفاية من أجل معرفة الله" .
الحياة لا تنفع بدون علاقات أنسانية ولكن الحياة تبقى بلا معنى وبلا رجاء وخاوية دون العلاقة المباشرة مع الله الخالق . يقول الرب يسوع المسيح عن المؤمين به والذين عرفوه وأختبروه في حياتهم "أعرفُ خرافي وخرافي تعرفني , مثلما يعرفُني ألآب وأعرف أنا ألآب "يوحنا 10:14,15".

لن نستطيع أن نعرف حقيقة أيُّ أنسان من مجرد رؤية وجهه أو صورته ولن نعرفه من خلال رؤيته شخصيا الاّ اذا أقمنا علاقة قريبة من هذا الشخص لنعرف المزيد عن شخصيّته من خلال : 1- سلوكه ، 2- أعماله ، 3- كلامه ، 4- الشركة معه (اقامة علاقة معه) أي أن أعرفه كشخص وليس فقط أن أعرف عنه كمعلومات , لأنّ المعرفة نوعان :

1- معرفة معلوماتية أي أن أعرف أشياء حدثت أو معلومات عن أشخاص ولكنها ليست الاّ معرفة معلوماتية ، هكذا لن نستطيع معرفة الله الاّ أذا أقمنا رحلة مع طرقه (سلوكه) وعرفنا عن أعماله , فنستمتع بحضوره في حياتنا عن قرب ونختبرها فعليا .

2- المعرفة (أنا أعرف) باللغة اليونانية تعني أنا "أختَبَرتُ" .

يقول بولس فغالي (عالم في دراسة الكتاب المقدس) :

"ويعرفون أنّي أنا الرب" هذا التعبير يتكرّر خمسا واربعين مرة في سفر حزقيال وهناك ثماني عشرة مرة أُخرى يردُّ فيها التعبيري ذاته في الكتاب المقدس . انَّ هذا التعبيري , كما هو يحمل أهمية لها مغزاها , انَّهُ يلمح الى الهدف الذي ينبغي أن يبلغهُ الشعب (الأسرائيلي) , وهوَ معرفة يهوه من خلال أفعاله (أفعال الله) , وهو تعبير عن علاقة وجودية ( حسب اللغة العبرية) , حيث "علِمَ بشيئ ما , يعني أنّهُ أختبره , يُقال عرف فلان فلانا , أي دخلَ معهُ في علاقة ما. ويستعمل الكلمة للدلالة على التضامن العائلي , والعلاقة الزوجية وحتى العلاقة (الجنسية) الحميمية , بهذا التعبير التصويري يُعلن حزقيال عودة علاقة العهد بين الشعب والههِ (وهذا ما تم في العهد الجديد) .

وهنا الفرق بين من يقول أنا أعرف الله (معلوماتيا) وبين من يقول أنا أعرف الله (أختباريا) أي بتكوين علاقة شخصية مع الله , والمسيحي "المؤمن الحقيقي" يجب أن يختبر معرفة الله وذلك من خلال العيش والعشرة مع الله والتألم معه والفرح معه وأختبار تدخلات الله في حياته وشعور المؤمن بلمسات الله وكيف أنّ الله كان دائما يرافق حياته في كُلّ الحالات سواء عند المرض أو موت عزيز على القلب , في الضيقات والشدائد , في أ لآلام والمصائب , في السعادة والنجاح أو في ألأفراح والمسرات....الخ انّها حياة معاشة مع الرب .

يقول أحد الآباء "انّه ما من ماساة أكبرمن عدم أكتشاف محبّة الله" .

كثيرون من المسيحيين يعتقدون أنّ المسيحية ديانة وعقيدة تتبع تعليمات وردت في الكتاب المقدس ويؤمنون بيسوع المسيح ربا والها , وتراهم غيورين على مسيحيّتهم ويقومون بتطبيق الشعائر الدينية والذهاب الى الكنيسة وترديد صلوات حفظوها عن ظهر قلب ويمارسون الطقوس والفرائض الدينية , ولكن للأسف الكثيرون منهم ليست لهم علاقة شخصية مع الله ولم يختبروا هذه العلاقة في حياتهم اليومية والمؤسف حقا هو أنّ الكنيسة وخاصة كنيستنا الشرقية لم تُركز على تعليم الناس المؤمنين أنّ المسيحية ليست ديانة ولاعقيدة , لأنّ العقيدة تعني الأعتقاد بوجود الله بينما المسيحية هي يقين تام وأختبار حقيقي بعلاقة شخصية بشخص يسوع المسيح أبن الله الذي تجسّد وأصبح أنسانا مثلنا . رأيناه وسمعناه ولمسناه , كما يقول يوحنا البشير , لأنّ الأبن يسوع المسيح هو الوحيد والفريد الذي أخبرنا عن طبيعة أبيه السماوي وأعطانا روحه القدوس ليسكن فينا ومعنا وهو بدوره يكشف لنا ألأبن وهكذا أصبحنا نعرفه ونتذوقه ونتحاور معه في كُلِّ حين لابل أصبح يسكن معنا وينوّر حياتنا بحيث أصبحت حياتنا كُلَّها حياة صلاة وعشرة ومعرفة الله عن قرب , وهذا ما يشعر به كُلِّ من أختبر تدخلات الله في حياته بل أصبحت حياته معجزات يصنعها هذا الأله المحب , فيكتشف أنّ الله معه في السراء والضراء , في المحن والمشاكل , في الألآم والمصائب , حتى يرى ألأنسان المؤمن , الذي يختبر هذه العلاقة الحميمة , أنَّ حياته أصبحت فرحا وسعادة وشكر وتسبيح بسبب هذه العشرة , فيُسلِّم حياته كُلّها لهذا الأله في طاعة كاملة لايشوبها أي شك , ولا يتزحزح هذا اليقين مهما كانت الضروف أو الحالات التي يمُرُّ فيها ألأنسان المخلوق لكي يشترك مع خالقه بعلاقة ولا يمكن أن تكون هذه العلاقة حميمة دون أن يتعَّرف على هذا الخالق . كثيرون يقولون انّنا نعبد الله الواحد ولكن قليلون يعرفون انَّ حقيقة الله وطبيعته وصفاته لايمكن أن تُعلن الآّ اذا عرفوا ألأبن "يسوع المسيح" فهو وحدهُ عرَّفنا ويعرِّفنا على حقيقة أبيه السماوي . انّها حقيقة مُرّة أن يدعي أحدُ أنَّه يعرف الله ولكنه لم يتعرّف على أبنه يسوع المسيح الذي هو الوحيد الذي أخبرنا عن أبيه وكشف لنا بسرَّ التجسُّد طبيعة هذا الله "يوحنا 17:25,26".فيسوع المسيح هو الدليل والمرشد الذي يقودنا الى حقيقة الله , وهذه الحقيقة هي أنّ الله" محبَّة". وكُلِّ من يقول انَّه يعرف الله دون أن يعترف أنَّ الله محبّة فهو لم يعرف الله . وكُلِّ من يقول أنّه لوحده عرف الله وأقامَ معه علاقة بدون" الولادة الجديدة" بالروح القدس فهو يكذب"يوحنا 14:17".

الذي لايسكن الروح القدس في قلبه بالأيمان فهو لا يعرف الله , والذي لايعرف طبيعة الله "المحبة" التي تجلّت في أبنه يسوع المسيح فهو لم يذق ولا يعرف طعم محبة الله "ذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب" .

الذي لم يتأصَّل فيه روح المسيح فهو لن يعرف طعم "غذاء الروح النازل من السماء" وهو يسوع المسيح خبز الحياة .

الذي لايفتح قلبه للمسيح ليسكن المسيح فيه فهو تعيس وبائس ومسكين .

فالمؤمن المسيحي الحقيقي هو من يعرف وقادر ويختبر ويدرك محبة المسيح فيصبح مثل العضو في الجسد ومثل الغصن في شجرة العنب ومثل شجرة دائمة الخضرة لأنّ جذورها تستمد مياهها من النبع الصافي(يسوع المسيح).

لو أنّ العالم عرف الله لأتَّبع يسوع المسيح وتعرّف على شخصه كأنسان وكإله .

يقول يوحنا البشيرعن يسوع المسيح الكلمة المتجسّدة " ...وكان في العالم , وبه كان العالم , وما عرفه العالم...أمّا الذين قبلوهُ , المؤمنون باسمه , فأعطاهم سُلطانا أن يصيروا أبناء الله , وهم الذين وُلِدوا لا من دمٍ ولا من رغبة جسد ولا من رغبة رجلٍ , بل من الله"يوحنا 1:10,12" .

من هذه الآيات نستنتج أنّ العالم لايعرف الله الحقيقي الا من خلال يسوع المسيح ألأبن , وهذا واضح من خلال الديانات أو المعتقدات حيث الناس يعتقدون بوجود الله ولكنهم في الحقيقة لا يعرفون الله (لأنّهم لا يقتدون بأعماله واقواله ) , لأنّ معرفة الله تأتي من معرفة يسوع المسيح ألأبن , وبالروح القدس وحده يستطيع ألأنسان معرفة ألأبن لأنّه هو(الروح القدس) الذي يكشف لنا حقيقة يسوع المسيح كانسان وكإله وهذا لن يتم الاّ بالولادة الجديدة , أي الولادة الروحية ( ليصبحوا خليقة جديدة) , لأنّ الولادة الجديدة (الثانية) تُعطي ألأنسان الجديد حياة روحية وتضعه في عائلة الله وهكذا يتعرَّف على الله عن قرب , فلا يستطيع أحد معرفة الله الاّ بالروح والحق لأنَّ"الله روح ُ, وبالروحِ والحق يَجِبُ على العابدين أن يعبدوهُ"يوحنا4:24" , وهنا ألأختلاف بين المسيحية والديانات والمعتقدات ألأُخرى , فالمسيحية ليست شرائع ولا نظريات ولا فلسفة بل هي علاقة مباشرة مع الله , وكُلِّ الذين يعترفون ويقبلون الوهية المسيح و تجسُّدهُ , عندها المسيح يُعلن لهم ذاته ، فالذين ولدوا بالجسد (الولادة الطبيعية) هم لا زالوا عبيدا للشهوات والرغبات الجسدية (الخطية) , بينما الذين ولدوا بالروح القدس فقد أعطاهم الله الحق ليصبحوا أبنائه , وكما نعرف أنَّ ألأبن له علاقة مباشرة مع الأب ويستطيع أن يعرف أبيه عن قرب ويحصل على جميع حقوق البنوّة , بينما العبد ليس له الحق أن يعرف أسرار سيِّده ولا يرث ملكوته.

نعم قبل المسيح كان الناس لا يعرفون الله الاّ جزئيا , أمّا بعد المسيح فقد أمكن للناس أن يعرفوا الله الكامل , لأنّه صار ملموسا ومرئيا لهم في المسيح "الذي كان من البدء , الذي تأمَّلناه ولمسته أيدينا من كلمة الحياة , والحياة تجّلت فرايناها "1يوحنا 1:1,2", فالمسيح هو التعبير الكامل لله في صورة بشرية "عظيم هو سر التقوى ,الله ظهر في الجسد" ويقول لنا البشير يوحنا" ....ونعرف أنَّ أبن اللهِ جاء وأنَّهُ أعطانا فهما نُدركُ به الحق(الله)". ونحنُ في الحق , في أبنهِ يسوع المسيح"1يوحنا5:19,20: اليوم هناك الكثيرون لايفهمون ولايعرفون الله الحقيقي لأنَّ العالم منجرف وراء المنجزات ومعجب بالسلطة السياسية والقوّة العسكرية وبالشهوات الجسدية . فبالرغم من نبوات الأنبياء وشهادة الرسل وشهادة تاريخ الكنيسة وشهادات المنتصرين على الموت بالقيامة وشهادات لناس أجرى الله معهم معجزات كثيرة وأختبروا الله في حياتهم , أقول رغم كُلِّ هذه الشهادات فهناك الملايين من الناس لايستوعبون الخبر السار (خبر الخلاص بالأبن يسوع المسيح) الذي ضحَّى من أجلنا بعد أن عاش بيننا ورأينا مجده وهو الوحيد الفريد الذي نزل من السماء لأنّه كان في السماء , وهو الوحيد الفريد الذي أخبرنا عن طبيعة وجوهر الله الآب "ما من أحدٍ رأى الله . ألأله ألأوحد الذي في حضن ألآب هو الذي أخبر عنهُ "يوحنا 1:18" ، نعم يسوع المسيح كشف لنا هذه الطبيعة (طبيعة الله) بطريقة يُمكن رؤيتها ولمسها وأحساسها , ففي المسيح صار الله أنسانا يحيا على الأرض وهو(أي الأبن) هو الذي جعل النور يُشرق ُفي قلوبنا , لأشعاء معرفة مجدُ الله المُتَجلّي في وجه المسيح الذي هو ألأعلان الكامل لله"يوحنا 14:9" فرحلة البحث عن الله تنتهي بمعرفة المسيح"كلَّمَ الله ابائنا من قديم الزمان بلسان ألأنبياء مرّات ٍ كثيرة وبمُختَلِف الوسائل , ولكنَّه في هذه الأيّام ألأخيرة كَلَّمنا بِأِبنِهِ الذي جَعَلَهُ وارثا لكُلِّ شيء وبهِ خَلَقَ العالم"عبرانيين1:1,2" .

"هذا الشعب يُكرِّمني بشفتيهِ, وأمّا قلبه فبعيدٌ عنّي. وهو باطلا يَعبُدني بتعاليم وضعها البشرُ"متى 15:8,9" .

الشعب اليهودي وكذلك الكثيرون من القادة الدينيين في زمن اشعيا وفي زمن يسوع المسيح (وكما في زماننا ايضا) كانوا يدَّعون أنهم يكرّمون الله ويعبدونه ويتصرفون دينيا كما لو أنّهم يُطبّقون الفرائض والواجبات الدينية (حرفيا) ولكن كانت قلوبهم بعيدة عن الله, فالعبادة عندما تصبح عبادة خارجية وروتينية بلا حقيقة فهذا يعني أنّ ألأنسان قد أبتعد عن معرفة الله ولم تصبح العبادة لله سوى تقليد يمارسه ألأنسان كما مارسه ابائه وأجداده. هكذا خاطب الرب يسوع المسيح الفريسيين ورجال الدين في أيّامه وكشف ريائهم. فالعبادة الخالية من المحبة والتكريس لله هي عبادة بعيدة عن طاعة الله بأمانة واخلاص.

يقول كاتب سفر الأمثال"من وجدني (أي عرف الله) وجد الحياة ونال رضى من الربّ "أمثال 8:35" .

المسيحية تؤمن أنّ الله يكشف حقيقته للساعين الى معرفته مهما كانت خلفياتهم الأجتماعية والدينية, فليس هناك حواجز بين ألأنسان المشتاق الى معرفة الله عندما يطلب هذا ألأنسان الله بكل تواضع وتوبة وخشوع وروح منكسرة وارادة حقيقية, لأنَّ "الله يريد جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يأتون", بينما يعتقد الكثير من الناس وبعض المعتقدات و الديانات ألأخرى أنّ الله يكشف نفسه فقط للمتبحرين في العلوم والمعارف فهم نخبة قليلة وأمّا الباقين من الناس فما عليهم الاّ أن يؤمنوا بما تؤمن به هذه النخبة ويطبّق ما يقولونه لهُ أو ما يفتون بهِ, لكن يسوع المسيح يقول لتلاميذه "البسطاء "أنتم (اي التلاميذ) أُعطيتُم أن تعرفوا أسرار ملكوت السماوات , وأمّا هم (أي الذين لايؤمنون بالمسيح) فما أُعطوا"متى 13:10" فلا نستطيع بالعقل وحده أن نأتي الى الله بل بالأيمان الذي ينور العقل ليكون في خدمة هذا الأيمان .

كان المعلّمون الكذبة في كنيسة كولوسي يعتقدون أنَّ الكمال الروحي"سر" وتدبيره مخبوء لا يستطيع أن يعرفه الآّ القليلون من المحظوظين, أي أنَّه ليس للجميع, ويسمّي الرسول بولس تدبير الله "سرَّا" ليس بمعنى أنّ القليلين فقط هم الذين يستطيعون فهمه (كما يدَّعي الغنوصيين أصحاب المعرفة السريَة), بل لأنَّه ظلّ هذا السر مخبوءاً الى مجيء المسيح, ومن كان يستطيع أن يتصوّر أنَّ تدبير الله السرِّي هو أن يجعل ابنه يسوع المسيح يحيا في قلوب كلِّ الذين يؤمنون به؟ وبعبارة أخرى السر ينكشف (بعد أن كان مخبوءا) لكُلِّ انسان يؤمن بيسوع المسيح وليس لفئة من الناس, ولكن اذا رفضه الناس فهو لا يكشف سرَّه لهم الآ للذين يعترفوا به كمخلّص وابن الله (راجع كولوسي 1:26,27") .

ويقول بولس الرسول"..الا أنَّ الله أختار ما يعتبره العالم حماقة ليُخزي الحكماء"1كورنثوس 1:27" , نعم اليوم ايضا الملايين يريدون أن يصدِّق الله على افكارهم وخططهم بدل أن يطلبوا نعمة الله ومشيئته في حياتهم, فمعرفة الله وحكمته أعظم جدا من معرفة وحكمة الأنسان "ولأنّهم (أي الناس الذين لهم حكمة هذا العالم) رفضوا أن يحتفظوا بمعرفة الله, أسلمهم الى فساد عقولهم يقودهم الى كُلِّ عمل شائن"روميا1:28" .

قد نعرف أنّ الله موجود (بالعقل) ولكن فكرتنا عنه قد تكون خاطئة (يوحنا 12:16) .

فالأيمان ليس ما تعرف بل من تعرف, ومعرفة المسيح هي معرفة الله وهذه المعرفة تتم من خلال التأمل والأصغاء لكلمة الله أي الكتاب المقدس"الحكمة كُلُّها في كتاب العهد الذي قطعه الله العُلّي معنا "يشوع بن سيراخ24:23" فالكتاب المقدس ليس كتاب جمع معلومات نضيفها الى معلوماتنا السابقة بل فيها قوّة (الروح القدس) مغيَّرة لنفوسنا وسلوكنا وطريقة تفكيرنا وعيشنا في هذا العالم, فقد ندرك أنّ الله موجود وأنّه يصنع عجائب مدهشة, لكن الله لن يُغيِّرنا حتى نعترف به سيدا وربّا لحياتنا, فعندما سأل يسوع المسيح تلاميذه ماذا تقولون عني؟ من أنا؟ فأجاب واحدٌ منهم فقط وهو سمعان بطرس قائلا "أنت المسيح أبن الله الحي" في حين أنَّ بقية التلاميذ, وبالرغم من المعجزات التي صنعها الرب أمامهم لم يعرفوا حقيقة الرب يسوع المسيح , لأنّهم كانوا لا يزالون يفكِّرون عقليا ومنطقيا ولم يطلبوا الروح القدس ليكشف لهم حقيقة كون الرب يسوع هو أبن الله الحي, ولكن بعد حلول الروح القدس عليهم في يوم العنصرة تغيّروا وأصبحت لديهم قناعة تامة بيسوع المسيح ربا والها, وها هُم ( بعدما كانوا ناس بسطاء وشكّاكين) يقلبون العالم رأسا على عقب ويقلبون موازين هذا العالم (ليس بالسيف بل بقوّة الكلمة), لأنهم أمتلئوا من الروح القدس الذي منحهم قوّة لا تُقهر (أعمال 2) .

فالمعرفة يجب أن توجِّه الحياة, لقد اثبت الرسول بولس أنَّ المعرفة في حد ذاتها فارغة, ولكي تصبح لها قيمة, يجب أن تؤدي الى تغيير في الحياة والعيشة باستقامة والنمو في معرفة الله "اكولوسي1:10" لأنّ الذي يقيم علاقة مع الرب يسوع المسيح تتغير حياته الى الأبد فيصبح انسانا جديدا وخليقة جديدة بالولادة الثانية (الولادة الروحية), (وليس كما يقول المثل أن يبدا ألأنسان بصفحة جديدة نحو ألأفضل ), عندها يتغيَّر فيها هدف ألحياة للأنسان, فيفكر ليس لأرضاء نفسه بل يعيش من أجل خدمة الله ومحبّته ومحبة الآخرين من أخوته والعمل بما يريده الله منه (لتكن مشيئتكَ يارب). ما يتميّز المسيحي الحقيقي عن الآخرين هو أنَّه يتكلَّم بما سمعه وقرأهُ والأهم هو خبرته وعلاقته مع يسوع المسيح "أذا ثبتُّم في كلامي صرتم في الحقيقة تلاميذي: تعرفون الحق َّ(الله) والحقُّ يُحرِّرُكُم"يوحنا8:31" .

فالله لا يريد كلمات رنّانة بل كلمات صادقة نابعة من قلب محب "لو تكلّمتُ بلغات الناس والملائكة, ولا محبّة عندي, فما أنا الاّ نُحّاس يطُنُّ أو صنج يَرُنُّ"1كورنثوس13:1 .

نعم على ألأنسان أن يشحن ذهنه بالمباديء الكتابية, كلمة الله وروحه القدوس "الروح هو الذي يُحيي, وأمّا الجسد فلا نفع منهُ. والكلام الذي كلّمتُكُم به هو روحٌ وحياة "يوحنا6:63" فالوحي في الكتاب المقدس لا يتعارض مع ضروف الناس وعقولهم, "فالكتاب كُلُّهُ من وحي الله, يُفيدُ في التعليم والتفنيد والتقويم والتأديب في البر, ليكون رجل الله كاملا مستعدا لكُلِّ عمل صالحٍ "2تيموثاوس 3:16,17 .

فبقراءة الكتاب المقدس ندرك مخافة الله ونَعثُر على معرفة الله .

ولكن للأسف الكثيرون من الناس بدل أن يركِّزوا أهتمامهم بمعرفة الله والعلاقة معه فأنّهم يحاولون الأحاطة بالسماء وبالله بعبارات بشرية, وبدل أن يكون الله هو الهدف والتركيز عليه باعتباره مصدر الحياة, يركّز الكثيرون من الناس أفكارهم على مصالحهم في علاقتهم مع هذا ألأله, ويحوِّلون تركيزهم عن هذا الله ويشتِّتون أفكارهم في ما ينتظرهم من ألأمجاد والشهوات الجسدية والسلطة والمراكز والقوّة البعيدة كُلِّ البعد عن الحياة الروحية مع الله"متى 22:29"

يقول أحد المؤمنين الذي أختبر الله في حياته:"قد تكون الفردوس قطعة من صحراء ولكن بحضور الله تصبح فردوس ,لأنَّ الفردوس(الملكوت)في المفهوم المسيحي هي فكرة روحية , فعندما نكون بقرب الله ويملئ حياتنا تصبح حياتنا فردوس, بينما عندما نبتعد عن الله تصبح حياتنا جحيم, فالفردوس ألأرضي هي صورة للفردوس السماوي الذي هو"ليس أكلا وشربا بل برّا وسلاما" .

أنَّ حالة الفساد في مجتمعاتنا اليوم تشجّع على التشويش في القيم السماوية, فنحنُ نتعرّض لسيل من الكتب والوسائل ألأعلامية المتطوّرة التي تُركز على الحياة ألأرضية والأغرائات المادية والشهوات الجسدية التي توصلنا الى الرضى والسعادة المزيّفة والمشوّه لأنّ ألأنسان روح وجسد فلا يمكن أن يشبع بالأمور الجسدية بل يحتاج الى غذاء للروح وعندما يفقد حياته الروحية مع الله فهو لا يعرف معنى السعادة والفرح الحقيقيتين بل يضلُّ في شوق وجوع وعطش روحي لا يستطيع هذا العالم أن يعطيه له سوى الرب يسوع المسيح الذي يقول "أنا هو خبز الحياة...من يأكل هذا الخبز النازل من السماء لايموت "يوحنا6:48,50".. من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا, فلن يعطش أبدا"يوحنا 4:14." يقول الله على لسان النبي عاموس"ستأتي أيّام أقول أنا السيد الربُّ, أرسلُ فيها الجوع على ألأرض, لا الجوع الى الخبز ولا العطش الى الماء, بل الى ألأستماع الى كلمة الربِّ"عاموس8:11 .

فمعرفة الله لا تُعطى للذين يقفون في منطقة وسطى بين الحق والباطل, بل يكون ألأنسان في هذه المنطقة مشوّشا, فمثلا لايمكن أن نعترف بالمسيح كنبي عظيم وننكر الوهيّته وصلبه وقيامته ولا نؤمن بالخلاص الذي وهبهُ الرب يسوع ( بالنعمة المجانية عندما بذل نفسه من أجل البشرية جمعاء) لكلّ الذين قبلوه مخلِّصا لحياتهم. الحواجز تبقى كبيرة بين العالم الذي لم يعرف المسيح وبين المؤمنين المسيحيين الذين عرفوا شخص يسوع المسيح واختبروه في حياتهم"راجع الحوار بين المسيح ونيقاديمس في انجيل البشير يوحنا".

يقول الرب يسوع المسيح لتلاميذه "هم يفعلون بكم هذا كُلِّه لأنّهم لا يعرفون الذي أرسلني "يوحنا 15:21".

لقد أنكر الشعب اليهودي, وعلماءالشريعة اليهود, يسوع المسيح ولم يؤمنوا به لأنّهم أعتبروه ضعيف ومتواضع, وارادوه أن يكون ملكا محررا لهم بقوة السيف, وأستغلال قوَّته ومعجزاته ليبطش بأعدائهم (الرومان), ولكن كَم هو بعيد فكر ألأنسان عن فكر الله الحقيقي وكم هو بعيد ألأنسان عن معرفة الله الذي هو كُلّه محبة وحنان ورحمة وسلام, الذي أرسل أبنه لا ليهلك الناس بل ليخلِّصهم .

اليوم كما في أيّام المسيح الكثيرون لا يعرفون الله الحقيقي بل بعيدون عن معرفة طبيعة الله "المحبة" فيتصوّرون الله رافع سيفه ليقطع أعناق وارزاق كُلِّ من لا يتبع فكرهم ومعتقدهم البعيد كُلِّ البعد عن الله الحقيقي, بينما يسوع المسيح بيّن لنا طبيعة الله"المحبة" وهو على خشبة الصليب عندما غفر لأعدائه الذين صلبوه وطبّق قوله عن محبّة حتى ألأعداء عندما يقول "سمعتم أنّه قيل: أحبَّ قريبُكَ وأبغض عدوِّكَ. أمّا أنا فأقول لكم: أحبوا أعدائكم, وصلّوا لأجل الذين يضطهدونكم. فتكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات. فهو يُطلع شمسُهُ على ألأشرار والصالحين ويُمطر على ألأبراروالظالمين"متى 5:43,44,45" ", نعم هذا هو الأله الحقيقي الذي نعرفه ونختبر قوّته في حياتنا, وغيرهُ ليس الا صنم لا قلب له ولا رحمة ولا شفقة ولايسمع ولا يحسُّ ولا يرى ولا يكشف نفسه بمعجزة للذين يتبعونه فهو اله لا حول له ولا قوّة فيطلب من الذين يؤمنون به أن يقاتلوا الناس عوضا عنه, بينما يقول لنا الهنا الحقيقي "أنا أُدافع عنكم وأنتم تصمتون".
رد مع اقتباس
قديم 15 - 08 - 2014, 06:50 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,279

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: معرفة الله والمعرفة عن الله

مشاركة جميلة جدا
ربنا يبارك حياتك
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أما معرفة الله فهي معرفة يقينية في كل شيء لا تقبل الشك
تتميز معرفة الله أيضا بأنها معرفة يقينية وفوق التطور
معرفة الله بالمستقبل هي معرفة يقينية ثابتة
معرفة الله* معرفة الناس* معرفة النفس ( 2)
معرفة الله* معرفة الناس* معرفة النفس ( 1 )


الساعة الآن 06:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024