ظهور المسيح
المسيحية، كما قلت، ليست مجرد بدعة أرضية أتت إليهم، أو مجرد رأى إنساني حافظوا عليه جيدًا، وليس مجرد ناموس ائتمنوا عليه، بل هو الله بذاته، القادر على كل شيء، وخالق جميع الأشياء، وغير المرئي، أُرسل من السماء، وعاش بين البشر، هو الحق، والقدوس كلمة الله غير المُدَّرك، والقائم بثبات في قلوبهم. هو لم يرسل كما يتخيل أحد، أي خادم، أو ملاك، أو حاكم، أو أي شيء يدب على الأرض، ولا عَهِدَ بذلك لمن يحكمون الأشياء في السماء، بل أرسل جابل وصانع كل الأشياء، الذي به صنع السماوات، وبه جعل حدًا للبحار، الذي تخضع له النجوم بحق، ومنه تستمد الشمس قوتها لتطيعه، وهو الذي يطيعه القمر ويضيء في الليل، وتطيعه النجوم أيضًا في مداراتها، بل زُينت كل الأشياء ووُضِعت في حدودها، هو الذي تخضع له السموات وكل ما فيها، والأرض وكل ما عليها، والبحر وكل ما فيه؛ هو الذي يحكم النار والهواء والهاوية، وكل شيء في الأعالي، وكل شيء تحت الأرض، وكل شيء بينهماهذا (الكلمة) أرسله إليهم ليس لكي يتسلط عليهم ولا لكي يرعبهم، بل ليظهر رحمته ووداعته. فكما يرسل الملك ابنه، الذي هو ملك أيضًا، هكذا أرسل الله ابنه كإله، أرسله كمخلص للبشر ليفتش عنا لكي يقنعنا وليس ليقهرنا لأن العنف والإكراه ليسا من طبع الله. أرسله ليدعونا، وليس كمنتقم يتعقبنا، أرسله لمحبته لنا، وليس ليحاكمنا. ومع ذلك فهو سيأتي (فيما بعد) لكي يديننا، ومن يحتمل ظهوره؟
ألاّ ترى كيف تعرض هؤلاء لهجوم الوحوش المفترسة لكي يجعلوهم ينكرون الرب، لكنهم لم ينهزموا؟ ألاّ ترى كيف أنهم كلما عُذب البعض منهم فإنهم يزدادون في العدد؟ وهذا يبيّن أن هذا العمل ليس هو عمل إنسان بل هو قوة الله؛ هذه هي البراهين على ظهوره.