رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ذَبِيحة ترجع عادة تقديم الذبائح لله إلى فجر التاريخ البشري، فنجد في العهد القديم إشارات إلى مثل هذه الذبائح كطريقة للتقدم إلى الله (تك 8: 20 وخر 10: 25 ولا 4: 23 و 5: 7 و 17 : 11)، وقد وجدت طقوس متنوعة بخصوص الذبائح في بابل ومصر وسغير هما قبل أيام موسى بكثير. أما المسيحيون الآن ففي غنى عن هذه الذبائح لأن المسيح رُفع على الصليب ذبيحة طاهرة كاملة لأجلهم (عب 13: 11 و 12) إلا أنهم يقدمون ذبائح من صنف آخر تدل على شركتهم في المسيح، كالتسبيح وفعل الخير والتوزيع (عب 13: 15 و 16) (انظر "قربان"). صورة خروف الذبيحة |
08 - 06 - 2012, 02:34 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: ذَبِيحة
أولًا تعريف الذبيحة:
الذبيح أو الذبيحة ما يذبح ليقدم قربانًا للإله، وقد يكون ذلك لتكوين علاقة مودة مع الإله أو لاستعادة هذه العلاقة أو للحفاظ عليها أو للاحتفال بها، فهي الناحية العملية في الديانة ، بل كانت في العصور الموغلة في القدم، تعتبر هي كل الديانة ، وعمل مصاحب لكل العبادات وكانت هناك دوافع كثيرة وراء تقديمها، فكانت أحيانا لاسترضاء الإله أو للتكفير عن خطأ، أو تقديم طعام للإله (انظر قصة "بعل والتنين" في تتمة سفر دانيال)، أو رشوة للإله، أو تعبيرًا عن الاتكال عليه أو الالتزام نحوه أو تقديم الشكر له، أو للتعبير عن التوبة أو الإيمان أو التعبد، أو عنها كلها مجتمعة. وكانت تعتبر الوسيلة الوحيدة للاقتراب إلى الإله، ومن هنا جاءت كلمة "قربان". كما أنها كانت تعبر عن الإكرام والإقرار بالمعروف والحاجة إلى الإله. |
||||
08 - 06 - 2012, 02:34 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: ذَبِيحة
ثانيًا : أصل وطبيعة الذبيحة:
إن أصل نشأة تقديم الذبائح أمر يلفه الغموض وتحوطه الأسرار لأنه يرجع إلى عصور ما قبل التاريخ. ويسجل لنا سفر التكوين حقيقة تقديم الذبائح، ولكنه لا يذكر شيئًا عن كيف بدأت . كما أننا نقرأ عنها في عصور الآباء، ثم نجد شريعة موسى تقرها وتقننها. لقد كان تقديم الذبائح أمرًا شائعًا عند كل الشعوب منذ أقدم العصور، فالفيدا الهندية لها طقوسها المحكمة في ذلك، كما أن بعض الشعوب السامية واليونان والرومان والإفريقيين والهنود في المكسيك، كانوا يقدمون ذبائح بشرية، وإن كان ذلك لم يعرف عند سكان أستراليا الأصليين ، ومع ذلك فإنهم يقدمون شيئًا شبيهًا بذلك، فبعضهم يقدم بعضًا من عسل أو حصاة أو حربة للإله. وقد افترض العلماء الكثير من النظريات بعيدًا عن الكتاب المقدس لتبرير شيوع هذا الأمر بين كل الشعوب . وتتلخص هذه النظريات في الآتي: (1) يظن بعض العلماء أنها من ابتكار الإنسان كما سبق القول لتكوين علاقة مودة مع الإله أو لإكرامه أو لاسترضائه، أو لمشاركته الطعام للدخول في عهد أوثق معه. (2) يظن البعض أيضاَ أنها من بقايا العبادات الطموطية التي تعتقد بوجود روح الإله في حيوان ما، وإذ يأكل العبد من الذبيحة فهو "يأكل الإله" ويكتسب في نفسه كل الصفات الجسمانية والعقلية والأدبية التي للذبيحة. في بعض الحالات كان العابد يشرب الدم وبذلك يمتص الحياة. كما كانوا في بعض الأحيان ينهشون لحم الحيوان قبل أن يموت تمامًا أي وهو مازال ينبض بالحياة. (3) أما علماء الكتاب المقدس فيقولون إن تقديم الذبائح أمر وضعه الله للإنسان منذ البداية، ويبنون ذلك على أساس ما جاء في الأصحاح الرابع من سفر التكوين، حيث نقرأ: "أن قايين قدم من أثمار الأرض قربانًا للرب، وقدم هابيل أيضًا من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه. ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر" (تك 4: 3 و4). ويقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: "بالإيمان قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين" (عب 11: 4)، ويقول "فابر" (Faber ): حيث إن الإيمان هو الذي جعل الذبيحة مقبولة أمام الله، فلابد أن هذا الإيمان كان على أساس وصية محددة من الله أمر بها من قبل، فبدون هذه الوصية الإلهية المحددة لضمان فاعلية الذبيحة، لا يكون ثمة معنى لإيمان هابيل. وبعبارة أخرى: لكي يكون للإيمان أساس ثابت وتوجه صحيح، لابد أن يكون هذا الأساس بإعلان من الله، يعبر عن إرادة الله بكل دقة ووضوح، بل يذهب "فيربرن" (Fairburn ) في كتابه "رموز الكتاب" إلى أبعد من ذلك فيؤكد أن الجلود التي ألبسها الله لآدم وحواء ليستر عيريهما، كانت جلود ذبائح قُدمت عنهما، وليس هناك ما ينفي ذلك. |
||||
08 - 06 - 2012, 02:35 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: ذَبِيحة
ثالثًا : الذبائح قبل عصر موسى:
(1) أول مرة نقرأ عن الذبائح هو ما جاء عن هابيل، وقبول الله لذبيحة. ويرى كثيرون أن سبب رفض الله لقربان قايين هو خلو قربانه من الدم، وإن كان الكتاب لا يذكر هذا صراحة . (2) ثم نقرأ عن نوح عقب خروجه من الفلك: "وبني نوح مذبحًا للرب وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح، فتنسم الرب رائحة الرضا" (تك 8: 20و21). وكان ذلك تعبيرًا عن شكره وتعبده لله، وهكذا "صار وارثًا للبر الذي حسب الإيمان" (عب11: 7). (3) ولا نقرأ عن إبراهيم أنه قدم ذبائح في أور الكلدانيين أو في حاران، ولكن عندما وصل إلى شكيم "بني هناك مذبحًا للرب الذي ظهر له" ( تك 12: 7). وعندما انتقل إلى بيت إيل "بني هناك مذبحًا للرب ودعا باسم الرب" (تك 12: 8). ولما عاد إلى "مكان المذبح الذي عمله هناك أولًا دعا هناك باسم الرب"( تك 13: 4) ثم عندما نقل خيامه "وأتى وأقام عند بلوطات ممرا التي في حبرون، بني هناك مذبحًا للرب" (تك 13: 18). يأمره الرب أن يأخذ "عجلة ثلاثية وعنزة ثلاثية وكبشًا ثلاثيًا ويمامة وحمامة". "فأخذها وقدمها ذبيحة للرب "حيث قطع الرب مع ابرام ميثاقًا" (تك 15: 9و10و18). وأقام إبراهيم في بئر سبع ودعا هناك باسم الرب الإله السرمدي (تك21: 33). ونقرأ في الأصحاح الثاني والعشرين من سفر التكوين عن كيف أوشك إبراهيم أن يقدم ابنه إسحق محرقة، وكان ذلك امتحانًا لقوة إيمانه وتعبده لله، و"هناك ناداه ملاك الرب من السماء... لا تمد يدك إلى الغلام... فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراؤه ممسكا في الغابة بقرنيه. فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضًا عن ابنه" (تك11:22 13). ويقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: "بالإيمان قدم إبراهيم إسحق.. الذي قبل المواعيد وحيده.. إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات أيضًا، الذين منهم أخذه أيضًا في مثال" (عب17:11 19). فكان ذلك مثالًا لعمل الفداء العظيم حين قدم ابن الله نفسه كفارة عن كل العالم (1يو2:2). (4) أيوب: والأرجح أنه عاش في زمن الآباء، وكان يقدم باستمرار ذبائح عن أولاده لأنه قال: "ربما أخطأ بني وجدفوا على الله في قلوبهم. هكذا كان أيوب يفعل كل الأيام" (أيوب 5:1). فكان غرضه هو التكفير عن أي خطية محتملة. وهكذا قدم أصدقاؤه محرقات بناء على أمر الرب (أيوب 7:42 9). (5) إسحق: يبدو انه كان لإسحق مذبح دائم في بير سبع، كان يقدم عليه ذبائح بانتظام تعبيرًا عن شكره وتعبده لله، وتكفيرًا عن نفسه وقومه (تك25:26). (6) يعقوب : عندما ظهر الله له في حلم ووعده بالبركة له ولنسله، "بكر في الصباح وأخذ الحجر الذي وضعه تحت رأسه وأقامه عمودًا وصب زيتًا على رأسه" (تك18:28) وبعد أن قطع عهد سلام مع خاله لابان: "ذبح ذبيحة" ودعا إخوته ليأكلوا طعامًا (تك 54:31). كما أقام مذبحًا في شكيم (20:33). وعندما عاد إلى بيت إيل"بنى هناك مذبحًا" (7:35). وعندما وصل إلى بير سبع، في طريقه إلى مصر، "ذبح ذبائح لإله أبيه إسحق" (1:46). (7) بنو إسرائيل في مصر: لا شك في أن بني اسرائيل شاهدوا المصريين يقدمون الذبائح لآلهتهم، فعندما طلب موسى من فرعون أن يطلق الشعب ليعيدوا في البرية " ونذبح للرب إلهنا" (خر 1:5 3، 16:7) لم يندهش فرعون، بل سأله من هم الذين يذهبون؟" (8:10). ولما أراد فرعون أن تبقى الغنم والبقر، قال له موسى:" لا يبقى ظلف. لأننا منها نأخذ لعبادة الرب إلهنا" (خر26:10). وبعد ذلك ذبحوا الفصح ورشوا الدم على القائمتين والعتبة العليا، فعبر الملاك المهلك عنهم حسب وعد الرب: "فأرى الدم وأعبر عنكم"(خر13:12). (8) يثرون: كاهن مديان وحمو موسى، فعندما قابل موسى وسمع عن كل ما عمله الله مع شعبه أخذ يثرون "محرقة وذبائح لله" (خر12:18). والخلاصة هي أنه من الواضح أن الذبائح كانت الجزء الأساسي في العبادة في كل العالم القديم، فكان دخان الذبائح يتصاعد باستمرار من المرتفعات والمعابد. |
||||
08 - 06 - 2012, 02:35 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: ذَبِيحة
رابعًا : الذبائح في عهد موسى:
(1) ذبيحة العهد: كانت خدمة موسى الأساسية هي إقامة العهد بين إسرائيل والله. وقد تم هذا عند جبل سيناء. وكان أساس هذا العهد هو الطاعة. وجاءت الشرائع للذبائح بعد ذلك، فلا قيمة للذبائح بدون طاعة (انظر 1صم22:15)، لذلك يقول الرب لهم على فم إرميا النبي:"لأني لم أكلم آباءكم ولا أوصيتهم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة، بل إنما أوصيتهم بهذا الأمر قائلًا: "اسمعوا صوتي فأكون لكم إلهًا وأنتم تكونون لي شعبًا" (إرميا21:7و22). وحالما حدَّث موسى الشعب بجميع أقوال الله وأحكامه، وافق عليها جميع الشعب بصوت واحد، فكتب موسى جميع الأقوال، "وبكر في الصباح وبنى مذبحًا في أسفل الجبل... فأصعدوا محرقات وذبحوا ذبائح سلامة للرب من الثيران. فأخذ موسى نصف الدم ووضعه في الطسوس، ونصف الدم رشه على المذبح. وأخذ كتاب العهد وقرأ في مسامع الشعب. فقالوا: "كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له. وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال : هو ذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميع هذه الأقوال" (خر 3:24-8). والموضوع البارز هنا هو رش الدم، للتكفير والتكريس. فالدم حياة قُدمت لله للتكفير عن المذبح وعن الشعب، فأصبح الشعب مقبولًا عند الله، يستطيع الاقتراب إليه. وليس ثمة إشارة إلى شرب الله للدم، وهي العقيدة التي كانت شائعة في عبادة الساميين. (2) الذبائح في خيمة الشهادة: أمر الرب موسى بإقامة خيمة الشهادة في البرية لتكون مركز العبادة لكل الشعب. وبعد أن أقيمت الخيمة في اليوم الأول من الشهر الأول من السنة الثانية لخروج بني اسرائيل من مصر، حسب كل ما أمر به الرب موسى، "وضع مذبح المحرقة عند باب خيمة الاجتماع واصعد عليه المحرقة والتقدمة، كما أمر الرب موسى... ثم غطت السحابة خيمة الاجتماع وملأ بهاء الرب المسكن" (خر29:40 34). و "دعا الرب موسى وكلمه من خيمة الاجتماع" (لا1:1) وأعطاه التعليمات بخصوص الذبائح المختلفة التي يجب تقديمها للرب في الخيمة. وكانت جميعها للتكفير عن نفوسهم إذ يقول لهم بكل جلاء: "لآن نفس الجسد هي في الدم، فأنا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم. لأن الدم يكفر عن النفس" (لا 11:17). والذبائح الرئيسية التي أمر بها الرب موسى هي بحسب ترتيبها الإلهي، تبدأ بما يختص بمجد الله وتنتهي بما يختص بحاجة الإنسان، فتبدأ بذبيحة المحرقة وتنتهي بذبيحة الإثم (لا1:1 7:6). |
||||