1- راهب رغم أنفه:
اتخذ مارتن قرار ذهابه للدير وهو غير مقتنع ولكنه كان مضطرًا بسبب ما تعرض له من ظروف قاسية، وآخر هذه الظروف تعرضه للعاصفة التي كادت أن تقتله، فتشفع عندئذ بالقديسة حنة ونذر نفسه للرهبنة.. ويقول مارتن في كتاب له سنة 1521م يخاطب أباه:
"أتذكر.. إني قلت لك أن دعوة مخيفة من السماء قد وُجِهَتْ إلىّ، فلم أصِر راهبًا رغبة مني أو مسرة في الرهبنة بل دُفعت بطريقة لا تقاوم للنُطق بهذا النذر "(21).
ومما ذكّى هذا الشعور لدى مارتن، قسوة الحياة في الدير.. فكان الرهبان يصلون سبع مرات في اليوم، ويستيقظون في الواحدة صباحًا ويتناولون الطعام مرة واحدة في الساعة الثانية بعد الظهر.. أما قلايات الشباب فكانت بدون تدفئه في الشتاء... وبالإضافة إلى بعض الأعمال اليدوية كان يتجول الرهبان في الشوارع طالبين الصدقة بقصد الحفاظ على اتضاعهم من جهة، ومن جهة أُخرى لكي يمدوا الدير باحتياجاته.
2- الراهب الفاقد الإفراز:
كان مارتن يقوم بالممارسات الروحية دون حكمة وإفراز؛ فلم يوازن بين احتياجات الجسد واحتياجات الروح... وفي إحدى المرات حبس نفسه في قلايته عدة أيام يصلي حتى فقد الوعي تمامًا، واضطر الأخوة إلى كسر باب القلاية لكيما ينقذوه... ويقول مارتن عن هذا:
" كانت حياتي عبارة عن صوم وسهر وصلاة وعرق، فقد كدت أن أقتل نفسي بالسهر وبالدراسة وبالصلاة وبالأعمال الكثيرة الأخرى"(22).
3- الراهب الخائف المضطرب:
عندما أقام الراهب أغسطينوس أول قداس، تعرض لحالة شديدة من الخوف والانزعاج لأنه شعر أنه يقف أمام الله الذي يهابه ويرهبه، وقد اضطر رئيسه أن يسنده لئلا يسقط على الأرض، فيقول:
"عندما قمت بخدمة أول قداس لي شعرت أني على حافة الموت "(23).
4- الراهب الخاطئ المخطئ:
يعلق على هذا القس البروتستنتي حنا جرجس الخضرى قائلًا:
"لقد اعتقد البعض أن الخطية هي السبب الأول والدائم الذي كان يثير الخوف والرعب والاضطراب في نفسية لوثر، ومما لاشك فيه أن الخطية كانت سببًا من أسباب اضطراب لوثر، على أنها لم تكن السبب الأول والأساسي.. لأن السبب الأول والأساسي في اضطراب وخوف لوثر كان مفهومه الخاطئ عن شخص الله... فقد تصور الله قاضيًا مرعبًا مخيفًا، كما تصور يسوع المسيح ديانًا مهيبًا ولم يحاول أن يرى يسوع المسيح مصلوبًا على الصليب بدافع الحب.. لكنه كان يرى دائمًا يسوع المسيح الجالس على العرش ليدين الأحياء والأموات، فهو الذي يأمر أن يُلقى الأشرار في العذاب الأبدي... فحسب مفهومه هذا يكون يسوع جاء لكي يهلك لا لكي يخلص الهالكين "(24).
5- الراهب الذي أُخفى عنه غفران خطاياه:
وفي إحدى المرات تعرض مارتن لمرض خطير حتى أشرف على الموت الذي يخشاه، ولاسيما أنه غير واثق في غفران خطاياه، وخلال هذه الظروف تقابل مع راهب شيخ اسمه يوحنا ستوبيز يشغل منصب النائب العام للأديرة الأغسطينية ففتح مارتن قلبه للراهب الشيخ وأطلعه على مخاوفه.. فطمأنه الراهب يوحنا بأن الله يغفر الخطايا، وذكّره بقول قانون الإيمان الكاثوليكي "أؤمن بغفران الخطايا".