رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
ولنبدأ قضية الفداء من أولها حتى نقف على كل دقائقها... عندما خلق الله آدم وحواء ميزهما بميزة «حرية الإرادة» وأمرهما جل شأنه بعدم الأكل من شجرة معرفة الخير والشر، وكان هذا الأمر الإلهي لامتحان حرية إرادة الإنسان، وسقط الإنسان في الامتحان بإغراء الشيطان الذي تكلم في الحية وأغرى حواء بالأكل من الشجرة المحرمة «َأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ» (تك 3: 6). ومع أننا لا نعلم شيئاً عن طبيعة ثمر شجرة «معرفة الخير والشر» إلا أننا نعلم أن تغييراً كيميائياً قد حدث في دم آدم وحواء نتيجة الأكل من هذا الثمر، فلوث هذا الدم بجراثيم الخطية والإثم «فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان» (تك 3: 7)، وبغير شك أن ما حدث في دم آدم وحواء من تغيير كان بمثابة تسمم لهذا الدم نتج عنه الموت كما قال الله لآدم «وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ» (تك 2: 17)، وبالتناسل انتقل هذا الدم الملوث بالخطية إلى جميع ذرية آدم، وهذا هو التعليل الكتابي لوجود الميل الطبيعي لعمل الشر في كل إنسان، إذ قد لوث ثمر شجرة معرفة الخير والشر دم الإنسان بجراثيم الخطية وانتقلت هذه الجراثيم بالتناسل إلى ذرية آدم، فأصبح كل إنسان يولد بطبيعة ساقطة يسميها الكتاب المقدس «الإنسان العتيق» (أفسس 4: 22) نسبة إلى آدم «الإنسان القديم» و «الأب الاول» للبشرية ويسميها كذلك «الخطية الساكنة في الجسد» (رومية 7: 16 و17) باعتبار أن الخطية الموروثة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من طبيعة الإنسان وأخضعت جسده للموت. وهذا ما قرره بولس الرسول في كلماته: «بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ ٱلْخَطِيَّةُ إِلَى ٱلْعَالَمِ، وَبِٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْتُ، وَهٰكَذَا ٱجْتَازَ ٱلْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ ٱلْجَمِيعُ» (رو 5: 12) وما أكده داود في كلماته: «هَئَنَذَا بِٱلإِثْمِ صُّوِرْتُ وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي» (مز 51: 5). هكذا سقط الإنسان الذي خلقه الله على أحسن تقويم، لكن الخطية نزلت به إلى أسفل سافلين، فانحدرت البشرية إلى مهاوي الشر والرذيلة، التي نراها في الحروب، والخيانات والنجاسة، والتفرقة العنصرية والكراهية، إلى نهاية قائمة الخطايا السوداء. والآن ماذا يفعل الله بذلك الإنسان الشرير الأثيم، الذي أصبحت نفسه أمارة بالسوء؟! كيف يوفق جل شأنه بين عدله الذي يطالبه بتوقيع القصاص على الإنسان وهو قصاص رهيب أبدي عظيم، يتناسب مع عدله وقداسته، نراه في كلماته: «هَا كُلُّ ٱلنُّفُوسِ هِيَ لِي. نَفْسُ ٱلأَبِ كَنَفْسِ ٱلاِبْنِ. كِلاَهُمَا لِي. اَلنَّفْسُ ٱلَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ» (حزقيال 18: 4) «لأَنَّ أُجْرَةَ ٱلْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ» (رو 6: 23) والموت في مفهوم الكتاب المقدس لا يعني مجرد خروج الروح من الجسد، بل يعني الوجود الأبدي بعيداً عن الله، كما قيل عن المرأة المتنعمة: «وَأَمَّا ٱلْمُتَنَعِّمَةُ فَقَدْ مَاتَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ» (1 تي 5: 6) وكما وصف بولس الرسول حالة الخطاة قائلاً: «وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتاً بِٱلذُّنُوبِ وَٱلْخَطَايَا» (أفسس 2: 1) وكذلك كما وصفهم بالكلمات: «إِذْ هُمْ مُظْلِمُو ٱلْفِكْرِ، وَمُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ ٱللّٰهِ» (أفسس 4: 18). أجل كيف يوفق الله بين عدله الذي يطالبه بتوقيع القصاص وبين رحمته التي تطالبه بأن يصفح عن خطية الإنسان؟ وحين نسأل كيف يوفق الله بين عدله ورحمته، فيكون «باراً» و «يبرر» الإنسان الأثيم، نحن لا ننتقص من قدرته جل شأنه، ولا نضعه سبحانه وتعالى في موقف الإنسان الضعيف الذي وجد نفسه فجأة في مأزق دقيق، فأخذ يضرب يميناً وشمالاً لعله يجد مخرجاً، حاشا. فالواقع أن الله لم يفاجأ بسقوط الإنسان في الخطية وعصيانه لأمره، لأنه كان يعلم مقدماً بهذا السقوط كما قال يعقوب: «مَعْلُومَةٌ عِنْدَ ٱلرَّبِّ مُنْذُ ٱلأَزَلِ جَمِيعُ أَعْمَالِهِ» (أع 15: 18) وكان قد رتب مقدماً فداء الإنسان كما يقرر بطرس الرسول قائلاً: «عَالِمِينَ أَنَّكُمُ ٱفْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ ٱلْبَاطِلَةِ ٱلَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ ٱلآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ ٱلْمَسِيحِ، مَعْرُوفاً سَابِقاً قَبْلَ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ، وَلٰكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي ٱلأَزْمِنَةِ ٱلأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ» (1 بطرس 1: 18 - 20). والفداء ليس بدعاً في المسيحية، لكنه موجود بصور مختلفة في جميع الأديان ، ووجوده في الديانات الوثنية والسماوية يدل على وحدة مصدره مع ما حدث في مفهومه من خلاف نتيجة ابتعاد الإنسان عن الحق الذي أعلنه له الله. ففي الوثنية فداء انحرف به الإنسان حتى صار يقدم أولاده فداء عن نفسه، وقد حرم الله الذبائح البشرية إذ كلم شعبه القديم قائلاً: «مَتَى دَخَلْتَ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، لاَ تَتَعَلَّمْ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ رِجْسِ أُولٰئِكَ ٱلأُمَمِ. لاَ يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ٱبْنَهُ أَوِ ٱبْنَتَهُ فِي ٱلنَّارِ» (تث 18: 9 و10). وفي اليهودية فداء يظهر في كلمات موسى للعبرانيين في القديم: «وَيَكُونُ مَتَى أَدْخَلَكَ ٱلرَّبُّ أَرْضَ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ كَمَا حَلَفَ لَكَ وَلآبَائِكَ وَأَعْطَاكَ إِيَّاهَا، أَنَّكَ تُقَدِّمُ لِلرَّبِّ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ، وَكُلَّ بِكْرٍ مِنْ نِتَاجِ ٱلْبَهَائِمِ ٱلَّتِي تَكُونُ لَكَ. ٱلذُّكُورُ لِلرَّبِّ. وَلٰكِنَّ كُلَّ بِكْرِ حِمَارٍ تَفْدِيهِ بِشَاةٍ. وَإِنْ لَمْ تَفْدِهِ فَتَكْسِرُ عُنُقَهُ. وَكُلُّ بِكْرِ إِنْسَانٍ مِنْ أَوْلاَدِكَ تَفْدِيهِ» (خر 13: 11- 13). والمرة القادمة سوف نكمل الحديث والكلام عن قضية الفداء... و سيعرف الجميع ... أن المسيح كان حقاً هوّ «الله» ؟ أشكرك أحبك كثيراً الرب يسوع المسيح يحبكم جميعاً فتعال...هو ينتظرك * * * * والمجد لربنا القدوس يسوع المسيح دائماً.. وأبداً.. آمين التعديل الأخير تم بواسطة بيدو توما ; 21 - 06 - 2014 الساعة 12:53 PM |
19 - 06 - 2014, 09:21 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ ( 15)
شكرا بيدو مشااااااركة جميلة
|
||||
20 - 06 - 2014, 07:37 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ ( 15)
|
|||
20 - 06 - 2014, 09:50 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ ( 15)
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
22 - 06 - 2014, 06:34 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ ( 15)
|
|||
23 - 06 - 2014, 01:48 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ ( 15)
موضوع رائع جداً ربنا يبارك خدمتك يا بيدو |
||||
24 - 06 - 2014, 08:58 AM | رقم المشاركة : ( 7 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ ( 15)
|
|||
24 - 06 - 2014, 09:33 AM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ ( 15)
«مَعْلُومَةٌ عِنْدَ ٱلرَّبِّ مُنْذُ ٱلأَزَلِ جَمِيعُ أَعْمَالِهِ»
موضوع رااااااائع يا بيدو |
||||
25 - 06 - 2014, 07:34 AM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ ( 15)
اقتباس:
أسعدني تواجدك وكلامك الجميل شكراً جزيلاً أختي العزيزة Sama لمرورك الجميل تحياتي وأحترامي والرب معك دائماً يباركك ويبارك حياتك وأعمالك وخدمتك المباركة ويعوض تعب محبتك ربنا يفرح قلبك ويفيض عليك بنعمه الغنية وسلامه العظيم ومحبته الدائمة الى الأبد... والمجد لربنا القدوس يسوع المسيح دائماً..وأبداً..آمين |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ ( 12) |
هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ ( 8 ) |
هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ 6 |
هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ 5 |
هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ 1 |