الآباء والتقليد
* التقليد جعل لكتابات وآراء الآباء أهمية كبرى. فالكنيسة تعتبر "اتفاق الآباء الإجماع" معصومًا حينما يخص تفسير الكتاب المقدس والعقيدة.
ويصف "نيومان" أهمية أتفاق الآباء واختلافه عن الآراء الخاصة للآباء حينما يقول "إني أتبع الآباء القدماء، ليس على أنهم في موضوع معين لهم الثقل الذي يملكونه في حالة العقائد والتعاليم" (رغم أنهم كذلك). فحينما يتكلم الآباء عن العقائد يتكلمون عنها على أن الجميع يؤمنون بها فالآباء هم شهود الحقيقة أن هذه التعاليم قد استلمت استلامًا، ليس هنا أو هناك بل في كل مكان، ونحن نستلم هذه التعاليم والعقائد التي يعلمون بها، ليس لمجرد أنهم يعلمون بها، بل لأنهم يشهدون أن كل المسيحيين في كل مكان في عصورهم كانوا يؤمنون بها. فنحن نتخذ الآباء كمصدر أمين للمعرفة، ولكن ليس كسلطة كافية في ذواتهم رغم أنهم هم أيضًا سلطة،فلو أنهم قالوا بهذه التعاليم نفسها وأضافوا قائلين " أن هذه هي آراؤنا وقد استنتجناها من الكتاب المقدس، وهى آراء صحيحة"، فإننا في هذه الحال كنا نتشكك في استلامها على أيديهم، وكنا سنقول أن لنا الحق مثلهم أن نستنتج من الكتاب كما فعلوا هم وأن الاستنتاج من الكتاب هو مجرد آراء، فإن اتفقت استنتاجاتنا مع استنتاجاتهم فهذا يكون تطابقًا سعيدًا معهم ولكن إن لم تتفق فإننا سنتبع نورنا الخاص.
* يشهد القديس أثناسيوس الرسولي (296-373 م.) عن الآباء وتقليد الكنيسة وتعليمها الذي سلم بواسطة الرسل منذ البداية فيقول في دفاعه عن ألوهية الروح القدس: "دعونا ننظر إلى تقليد الكنيسة وتعليمها وإيمانها، الذي هو من البداية والذي أعطاه الرب وكرز به الرسل وحفظه الآباء".
لاحظ أنه يعتبر التقليد والتعليم والإيمان واحدًا وأن الآباء هم الذين حفظوا الإيمان "وعلى هذا الأساس تأسست الكنيسة... يوجد ثالوث قدوس وكامل، يعترف بلاهوته في الآب والابن والروح القدس، وهكذا يكرز بإله واحد في الكنيسة كما أوصى الرب "أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس.." (مت 19:28).
* وكما يشهد أيضًا القديس غريغوريوس (335-394 م) أسقف نيصص عن الآباء والتقليد المسلم من الرسل فيقول أنه: "يكفى للتدليل على صحة تعليمنا أن التقليد قد انحدر إلينا من الآباء كميراث تسلم إلينا من الرسل بواسطة القديسين الذين أتوا بعدهم".
_____
(*) المراجع:
1- مدخل إلى علم الآباء المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية.
2- مدخل إلى علم الآباء كورسات متخصصة - أسقفية الشباب.