العدالة الاجتماعية لن تكون على حساب «الغلبان».. المجتمع غير مستريح لـ«الإسلام السياسي».. والكلمة مسئولية خطيرة أمام الله أولًا
لقاء المشير عبد الفتاح السيسي برؤساء تحرير الصحف المصرية مصطفى محمود
استقبل المشير عبد الفتاح السيسي المرشح لرئاسة الجمهورية وفدًا من رؤساء تحرير الصحف المصرية بمختلف توجهاتها القومية والحزبية والخاصة، في إطار حرصه على الاهتمام بالتواصل مع الإعلام ومؤسسات تشكيل الرأى العام، والتعرف على أهم التحديات التي تواجه الصحافة خلال الفترة المقبلة، وطبيعة الدور الذي تقوم به لتشكيل وعى المواطن المصرى.
وأعرب المشير عبد الفتاح السيسي في بداية اللقاء عن سعادته بالتواصل مع رؤساء تحرير الصحف، وأكد أن الصحافة تقوم بدور كبير في خدمة المجتمع والتعبير عن قضاياه المختلفة، ويمكنها أن تساهم بدور كبير في تحقيق نقلة نوعية على مستوى الوعى المجتمعى المطلوب تنميته خلال المرحلة القادمة، لمواجهة التحديات التي تعترض طريق بناء الدولة المصرية.
وأكد المشير عبد الفتاح السيسي خلال اللقاء أن هناك مشكلة كبيرة في قراءة الواقع الذي نعيشه الآن، حيث نتجه دائما إلى استدعاء صورة في ديمقراطيات مستقرة، ودول سبقتنا بسنوات طويلة، ومقارنتها بالوضع في مصر، موضحا أن تطبيق النماذج الديمقراطية الغربية على الواقع المصرى، يظلم المصريين، ولا يساهم في عملية بناء الدولة المصرية بشكل حقيقى.
أسس بناء الديمقراطية
وأضاف المشير السيسي: "نحن نخلط بين التطور الذي يحدث في مصر الآن، وأسس بناء الديمقراطية، مؤكدا أن المجتمع المصرى ما زال أمامه وقت حتى ينعم بالديمقراطية الحقيقة كما ينبغى أن تكون، وهذا أمر يدعونا إلى ضرورة الالتصاق بالواقع المصرى وما يحدث فيه وعدم الانفصال عنه، وضرورة الإجابة على السؤال الرئيسى في قضية الديمقراطية بمصر، وهو هل آليات الديمقراطية الموجودة في مصر الآن تساعد على خلق ديمقراطية حقيقة في هذا البلد أم لا؟، وحتى نرى ديمقراطية حقيقية في مصر يجب أن نرضى بالنتائج التي يفرزها الواقع المصرى.
وأوضح المشير أن اختلاف المستوى الثقافى والفكرى والتعليمى بين الأنساق الغربية والبئية المصرية، لا يمكن أن يخلق ديمقراطية في مصر تتماثل مع النموذج الغربى.
الإسلام السياسي
وبيّن المشير عبد الفتاح السيسي أن المجتمع المصرى غير مستريح لفكرة الإسلام السياسي، التي قدمتها الجماعات التي حكمت مصر في الفترة الماضية، انطلاقا من فكرة قلقه على حاضره ومستقبله، خاصة بعد التجربة السابقة لذلك التيار في الحكم خلال الفترة الماضية.
وأشار المرشح الرئاسى خلال اللقاء إلى أن رؤساء التحرير والصحفيين يديرون آلة عملاقة جدا، لها دور خطير في توجيه وقيادة الرأى العام، بل لهم دور أيضا في صياغته وتطويره، بما يضع عليهم مسئوليات كبيرة، وتحديات ثقيلة لخدمة وطنهم خلال الفترة المقبلة، بما يقوده نحو النهوض والاستمرار التطور.
وأوضح المشير السيسي أن حديث الصحف ووسائل الإعلام عن الديمقراطية فقط، دون النظر إلى المشكلات والتحديات المحيطة بالمجتمع، يخلق حالة من الشك والقلق للمجتمع، وسيقودنا في النهاية إلى أن مصر ستتقطع، مؤكدا أن السنوات الثلاث الماضية أثرت بشكل كبير على تطور مستويات الفكر والثقافة ومستوى الوعى لدى المواطن المصرى، إلا أنها أثرت أيضا على الاقتصاد وعجلة الإنتاج، ومستويات الأمن والخدمات الاجتماعية.
الخطاب الإعلامي والمصالحة الوطنية
وذكر المشير عبد الفتاح السيسي أن الخطاب الإعلامي يجب أن يقود وعى الناس، ويدفع مع الدولة في اتجاه التنمية خلال المرحلة القادمة، قائلا: "ثورتا 25 يناير و30 يونيو خطوة عملاقة جدا على طريق الديمقراطية، والتجربة التي نؤسس لها الآن في حكم مصر، سيحكم عليها بعد نحو 100 سنة، حيث نستهدف خلالها مستقبل أفضل للأجيال القادمة، في بلد يسير وفق خريطة تنموية حقيقية".
وأكد المشير أن المصلحة الوطنية لمصر ليست رؤيتنا الشخصية للأمور فقط، أو التشكيك في كل إجراء تتخذه الدولة، فهذا أمر سيفقد وسائل الإعلام جزءا كبيرا من مصداقيتها لدى الرأى العام مؤكدا أن التعامل مع المشكلات الوطنية يجب أن يتم في إطار شديد التجرد، والوطن لا يحتمل التجربة لمرة أخرى.
مشهد مضطرب
وبيّن المشير عبد الفتاح السيسي أن المشهد في مصر خلال المرحلة الراهنة مرتبك ومضطرب تماما، وأى مسئول سيتخذ قرارا سيكون به قدر من الارتباك، بما يدعو إلى ضرورة خلق حالة من الوعى المجتمعى لطمأنة الناس من القادم في المستقبل.
وأضاف المشير السيسي: "الرأى العام يطمئن بكلام الصحف عن المسئولين وتوجهاتهم، والإعلام له دور غير تقليدى في رفع وعى المواطن، وأنا أرغب في أن أسمع الناس من خلال صحفكم، وأتمنى أن يكون للإعلام دور حقيقى في دفع هذا البلد نحو التقدم والتنمية، وتحقيق اصطفاف المصريين، وتوحيد جهودهم لبناء مصر".
واستطرد المشير: "نحن نحتاج إلى إرساء ثقافة كيف نختلف في الرأى، وكيف نضع هذا الخلاف في موضعه الطبيعى نعرف كيف نختلف، ويجب أن يقود هذا النخب والمثقفين والمفكرين."
وأكد المشير خلال اللقاء أن برنامجه طموح يرتكز على حشد طاقات المصريين، وبه الكثير من نقاط الأمل للمستثمرين المصريين والعرب والأجانب.
وأوضح المشير عبد الفتاح السيسي ردا على سؤال حول دور الجيش في التنمية خلال الفترة المقبلة أن الجيش لديه استعداد أن يقدم دماء أبنائه من أجل هذا الوطن، فلن يضن عليهم أبدا أن يعاون ببرامج التنمية القادمة.
الكلمة مسئولية أمام الله أولا
وأكد المشير أن عدم التواصل مع الناس لشرح المواقف إجراء يحتاج مراجعة، والمسئول يجب أن يصل صوته للناس بكل شفافية، ولابد للناس أن تسمعه وتعرف وجهة نظره، ونحتاج إلى خلق وعى حقيقى لدى المواطن عن مشكلات مصر الملحة، خاصة مشكلة الطاقة، بالواقع والمنطق، ونحتاج إلى تقديم حلول تستنهض همم الناس، وتفجير طاقات الإبداع داخل المواطن المصرى.
وأضاف المشير: "الكلمة مسئولية خطيرة جدا، أمام الله أولا، ثم لها تأثير كبير على مصلحة الوطن، وسوف يحاسبنا الله على كل كلمة نكتبها، وهذا أمر يدعونا إلى تدقيق المعلومات، والنظر إلى التجارب المقارنة لدى الدول التي تم بناؤها بعد فترة الحرب العالمية الثانية، مثل اليابان وألمانيا، وعلى الإعلام أن يركز على هذه التجارب النجاحة، ويقدمها للمواطن البسيط".
واستطرد المشير أن حشد طاقة المصريين أحد أهم مصادر تمويل برنامجى الانتخابى، قائلا: "أنا أراهن على قدرة المصريين، موضحا أن الطروحات السلبية، التي يقدمها البعض تضيع على الوطن فرصا حقيقية في التطور والتقدم، وعلى الإعلام أن يتناول الوعى الحقيقى وليس المزيف".
وأضاف: "نحتاج إلى أن نشكل في وجدان المواطن فكرة أن مصر هي الأسرة الكبيرة التي يجب أن يحافظ الجميع عليها، والوطن في هذه اللحظة يحتاج من الصحف ووسائل الإعلام العمل على هذا، فمصر لو سقطت لن تعود مرة أخرى".
قوة التدخل السريع
وفى سؤال حول قوة التدخل السريع التي تم تشكليها في الجيش قبل خروج المشير السيسي من الخدمة أكد أن هذه القوات، موجودة في دولتين فقط بنفس مستوانا هما روسيا وأمريكا، ولها دور كبير جدا في حماية مصر وأمنها القومى في الداخل والخارج، وتكوينها بهذه القدرة إنجاز عظيم داخل القوات المسلحة.
التحديات الإرهابية
وبيّن المشير في رده على سؤال حول التحديات الإرهابية التي تواجه مصر أن خريطة أجهزة الأمن لمتابعة العناصر الإرهابية تم إغلاقها لمدة سنتين بعد ثورة 25 يناير، وهذا خلق عناصر إرهابية جديدة وأحدث مشكلات أمنية غير مسبوقة، على الرغم من أن وزارة الداخلية قامت بدور غير مسبوق خلال الفترة الماضية، لحفظ الاستقرار داخل مصر، مؤكدا أن الإرهاب الذي تكون على مدى سنوات، لا يمكن أن يتم القضاء عليه في أيام أو شهور.
العدالة الاجتماعية
وفى رده على سؤال حول العدالة الاجتماعية أكد المشير السيسي أنها لن تكون أبدا على حساب الغلبان والفقير، وسوف تعطى الفقير ولن تأخذ منه، قائلا:" أنا شفت الغلبان وفاهم يعنى إيه ثقافة العوز".
وأضاف المشير الدولة ليس أمامها سوى التحرك بمحاور متوازية على كافة الاتجاهات المختلفة، ومواجهة التحديات الحقيقية التي أثرت على التنمية ومعدلات النمو الاقتصادى والاجتماعى.
الاعتماد على مؤسسات الدولة
وذكر المشير: "ليس لدى خيار آخر سوى الاعتماد على مؤسسات الدولة القائمة، وليس لدينا سوى الترفق بالناس في المعالجة واستنهاض هممهم، الدولة المصرية الآن في أضعف حالاتها".
إجراءات حاسمة مع مراكز الفساد
واستطرد المشير: "سوف نأخد إجراءات حاسمة مع مراكز الفساد، وقيمى ومبادئى لا تقبل اتفاقات أو مصالح مع أحد على حساب وطنى، ولكن يجب أن نستدع الخير داخل نفوس الناس بدلا من استدعاء الشر، ويجب أن نتحمل مسئولية وطنا بمنتهى الشرف والأمانة، وأنا بمفردى لن أتمكن من مواجهة التحديات العملاقة التي تعترض مصر، ولكن لابد أن يعمل معى الجميع وأولهم وسائل الإعلام، وإلا سيحاسبنا التاريخ والإنسانية بطريقة قاسية جدا".
وفى رده على سؤال حول القطاع العام ودوره في التنمية المقبلة، أكد المشير السيسي أن هناك بنية أساسية كبيرة تمتلكها مصر في شركات القطاع العام، ويمكن تصويب الخلل، الذي أصابها دون إهدارها وإهمالها، والإعلام يجب أن يتحمل دوره ومسئوليته تجاه المجتمع، دون أن يساهم في تعميق الخلاف.
وقال المشير: "عندما يقول الشعب لى ارحل سأنفذ فورا، فأنا مستدعى من المصريين، والوطن الآن في خطر ويحتاج من جميع المصريين أن يتحملوا المسئولية معنا، المهمة كبيرة جدا وتحتاجنا جميعا".
الاحتكار ممنوع
وفى رده على سؤال حول الاحتكارات التي تمارسها بعض القطاعات على السوق، لرفع الأسعار، قال المشير: "لن تكون هناك "مافيا" واحتكارات وكلام من هذا القبيل في أي قطاع بالدولة واحنا موجودين مع المصريين، ولازم يكون فيه سعر مناسب يستفيد منه الفقير والمحتاج، وآليات السوق يجب أن تتحرك من أجل نصرة المحتاجين، وأنا أخشى من يوم يخرج فيه المصريون على المصريين."
وأكد المشير أن الإعلام لابد أن يأخذ وضعه الطبيعى في الفترة المقبلة، من خلال عمل آلية لتبادل المعلومات والاتصال وتدفق المعلومات بين الدولة والمجتمع وتنظيم العلاقة بينهم، ويجب ألا نفصل الإعلام عن وضع مصر.
وأضاف المشير: "أنا لا أرغب في أن أجد من يعوقنى أو يعرقلنى الآن عن مسيرة البناء، التي أخطط لها، فليس لدى سوى الفهم والفهم والفهم، ولا أمانع أن أجلس مع كل مواطن وأفهمه ما تحتاج إليه المرحلة من أجل مصلحة بلادى".
وبيّن المشير السيسي أن جهاز الشرطة يحتاج إلى دعم كبير خلال المرحلة الراهنة، من أجل استعادة الأمن والاستقرار في ربوع البلاد، وخلق مناخ آمن للتنمية والاستثمار، مؤكدا أن القوات المسلحة سوف تعاون جهاز الشرطة على تأدية هذه المهام حتى يتمكن من النهوض وممارسة دوره كما ينبغى أن يكون.
وكشف المشير السيسي خلال لقائه مع رؤساء التحرير أنه يسعى بقوة خلال الفترة الراهنة لتشكيل الفريق الذي من الممكن أن يعتمد عليه خلال الفترة المقبلة حال فوزه برئاسة الجمهورية.
وفى رده على سؤال حول المصالحة الوطنية قال المشير، لا يوجد شخص يكره أن تكون هناك مصالحة بين المصريين وبعضهم ولكن ما يحدث على الأرض لا يدعم هذا الاتجاه، وإذا كان المصريون يرفضون هذا التوجه، لابد أن نعالج المسألة مع الشعب أولا ثم نتكلم عن مصالحة يطرحها الحاكم أو الرئيس.
واختتم المشير لقائه مع رؤساء التحرير قائلا: "مصر أمانة في رقابكم، ويجب أن تكونوا سندا حقيقيا لها، مؤكدا أنه سيحرص على التواصل مع الإعلام بشكل دوري خلال المرحلة القادمة".