رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
آريوس المهرطق (3) كان آريوس مصريا ليبيا ولم يكن عربيًا، فمصر تعرَّبت بالثقافة الإسلامية، وهناك عبارة شهيرة للشيخ الراحل محمد الغزالي كان يقول فيها "أنا مصري عربني الإسلام"، ونحن يمكننا أيضًا أن نقول مثله: "نحن مصريين عربتنا الثقافة العربية واللغة العربية". كما أن آريوس لم يقل مطلقًا أن المسيح إنسان بل أن آريوس كان يؤمن بعقيدة الثالوث (الآب والابن والروح القدس) ولم يقل أن المسيح مجرد إنسان، كما زعم الكاتب، بل وألغي إنسانية المسيح تمامًا!! وركز على قول الآية" والكلمة صار جسدا" (يو1:14)، وفسرها بمفهوم أقرب إلى التحول من اللاهوت إلى شكل جسد، أو كما تصور البعض أنه قال أن المسيح بلاهوته حل في جسد خالي من الروح محل الروح الإنسانية!! كما أن فكر آريوس يقوم أساسًا على لاهوت المسيح وله قانون إيمان، أرسله للإمبراطور قسطنطين، يشبه قانون إيمان مجمع نيقية باستثناء بعض العبارات التي يمكن أن تفسر بأكثر معنى، فيقول "نؤمن بإله واحد، الآب القدير؛ وبالرب يسوع المسيح ابنه، المولود منه قبل كل الدهور، الله الكلمة الذي به صنع كل شيء، ما في السموات وما على الأرض. الذي نزل وصار متجسدا؛ وتألم، وقام ثانية؛ وصعد إلى السموات؛ وسيأتي ثانية ليدين الأحياء والأموات. [ونؤمن] أيضا بالروح القدس. وبقيامة الجسد وحياة الدهر الآتي، وبملكوت السموات، وبكنيسة الله الواحدة الجامعة، الممتدة من أقصى الأرض إلى أقصاها. الإيمان الذي استلمناه من الأناجيل المقدسة، حيث يقول الرب لتلاميذه - "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس"[80]. وقد وصل آريوس إلى هذا الفكر الهرطوقي لأنه لم يتبع الفكر الإنجيلي ولا منهج التسليم الرسولي الذي تسلمه آباء الكنيسة من تلاميذ المسيح ورسله، بل أعتمد بالدرجة الأولى على الفلسفة اليونانية الرواقية، وبصفة خاصة على فكر الفيلسوف فيلو الفيلسوف اليهودي الاسكندري (20ق م – حوالي 40م)، المعروف بفيلو اليهودي، والذي جمع ما بين فكر العهد القديم والتقليد اليهودي والفلسفة اليونانية، خاصة الرواقية، إلى جانب بعض العناصر الشرقية، لذا فكان فكره وعقيدته خليط بين اليهودية والفلسفة اليونانية. فكيهودي آمن بالله كما هو في العهد القديم، ونظرا لأن الفلسفة اليونانية ترى أن المادة أزلية مثل الله وأنها شر، وأن الله لا يتصل بهذه المادة التي هي شر، لذا فصل فيلو بين الله والعالم تمامًا، وجعل الله بدون أي صلة بالعالم، وقال أنه لا توجد أي صلة بين الروح المحض (الله) والعالم المحسوس. ونظرا لأن هذا الفكر أوجد فجوة وهوة لا قرار لها بين اللاهوت السامي والفائق وغير المدرك وبين العالم المادي المحسوس، لذا فكر فيلو في إيجاد، معبر، كوبري، وسيط، يعبر هذه الفجوة أو الهوة، وسيط يربط بين الله والمادة، ولكن لا بحسب الكتاب المقدس أو التقليد اليهودي بل بحسب فكرة القوات الوسيطة والمُثل الأفلاطونية، ونتيجة لذلك فقد قدم فكرة مصغرة لهذه القوات الفاعلة هي اللوجوس (Logos). هذا المصطلح الذي يحتمل أنه أخذه من العهد القديم ولكن بمحتوى وأسلوب وفكر غنوسي يوناني كما هو في فكر أفلاطون في الُمثل وفكر الرواقيين عن الأسباب والقوات. ومن ثم يعني اللوجوس عند فيلو المثال الأولي، الفكرة الأولية، التي تتفق مع عقل الله، العقل الملازم لله، وأيضًا مبدأ الإعلان في الطبيعة الإلهية. ويعتبر اللوجوس عنده هو العقل الجوهري الذي يوصل الفكر الغير منطوق به في الإنسان، هذا اللوجوس فائق وغير مدرك مثل الله نفسه، ولكن في وجهه الآخر فهو القوة والنشاط وموصل للفكر المنطوق به في الإنسان. اللوجوس هو وسيط الله الذاتي الذي يكشف به الله عن نفسه وعن عنايته الإلهية. هذا اللوجوس أو الكلمة المنطوقة هو الخالق الذي خلق به الله العالم وهو العامل في الكون باستمرار والفاعل فيه دائمًا، وفيه توجد كل الحكمة الإلهية والخير الإلهي، بل هو الابن البكر لله، الملاك الأعلى والإله الثاني في الكون[81]. فيقول فيلو في كتابه: "De Plant Noe": "لأن أولئك الذين لا يستطيعون أن ينظروا للابن نفسه، ينظرونه في نوره المنعكس، حتى ولو باعتباره صورة الله، الذي هو ملاكه، فاللوجوس (logos- Memra) كالله (Elohim) نفسه". ويقول في كتابه "On The Confusion Of Tongues p. 247"[82]: "حتى لو لم يكن هناك من هو مستحق ليسمى بابن الله، ومع ذلك فهو يعمل بلا كلل ليكون مزينًا بحسب كلمته البكر [Logos]، أقدم ملائكته، كرئيس الملائكة العظيم ذو الأسماء الكثيرة؛ لأنه يدعى ذو السيادة واسم الله والكلمة [Logos]، وإنسان بحسب صورة الله والذي يرى إسرائيل". ويقول في كتابه "Allegorical Interpretation, III."[83]: "ظل الله هو كلمته [Logos] الذي استخدمه كوسيلة عندما خلق العالم. وهذا الظل، وكما كان، نموذجًا، النموذج الأولي للأشياء الأخرى، لأنه كما أن الله نفسه النموذج لهذه الصورة الذي يدعى الآن الظل، هكذا أيضًا هذه الصورة هو النموذج للأشياء الأخرى. وكما بين عندما أوصى معطيا الناموس للإسرائيليين، وقال: "وعمل الله الإنسان على صورة الله (تك1:26)، لأن الصورة كانت على نموذج الله، ولأن الإنسان كان على نموذج الصورة التي أُخذت، هكذا، قوة وصورة النموذج". كما قال في كتاب: "On Dreams, 1,"[84]: "لأنه يوجد، كما يبدو، هيكلان لله؛ واحد هو العالم، الذي فيه الكاهن الأعلى الذي هو الكلمة الإلهي [Logos]، ابنه البكر..". وقال في كتاب "On The Migration Of Abraham. P. 253"[85]: "كيف نتوقع الكلمة [Logos]، الذي هو أقدم من كل الأشياء التي كانت موضوعات الخليقة، وبأي وسيلة هو حاكم الكون.."[86]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
هرطقة آريوس |
أريوس باغوس |
عودة آريوس إلى القسطنطينية وموت آريوس |
المصريين يثورون ضد آريوس وصول خبر موت آريوس للبابا أثناسيوس بالمنفى |
أريوس باغوس |