الإنجيل الشفوي والتسليم الرسولي
سلم السيد المسيح تلاميذه ورسله الإنجيل شفاهة ولم يذكر الكتاب أنه كتب سوى مرة واحدة وكان يكتب بإصبعه على الأرض" (1)، وذلك في حادثة المرأة التي أمسكت في الزنى، وكلمة إنجيل ذاتها كما بينّا في الفصل الأول، تعنى بالدرجة الأولى، الأخبار السارة والبشارة المفرحة، بشارة الخلاص الأبدي، أي الكرازة بـ"جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلم به إلى اليوم الذي أرتفع فيه" (2). وكانت كرازة الرسل بالأخبار السارة، هي ذاتها الإنجيل، الإنجيل الشفوي "ويكرز ببشارة الملكوت هذه كل المسكونة" (3). وتوضح الآيات التالية عمل الله في الرسل في نشر الإنجيل شفاهة بالتسليم:
"الخدمة التي أخذتها من الرب يسوع لأشهد ببشارة نعمة الله" (4)، "وأعرفكم أيها الأخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به وقبلتموه وفيه تقومون" (5)، "أن إنجيلنا لم يصر إليكم بالكلام فقط بل بالقوة أيضًا وبالروح القدس" (6)، "أشكر إلهي.. لسبب مشاركتكم في الإنجيل من أول يوم إلى الآن" (7) "هاتين اللتين جاهدتا معي في الإنجيل مع أكليمندس أيضًا وباقي العاملين معي" (8)، "تيموثاوس أخانا العامل معنا في إنجيل المسيح" (9)، "ثم أريد أن تعلموا أيها الأخوة أموري قد آلت أكثر إلى تقدم الإنجيل" (10)، "ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل (11)".
ولذلك فعندما يقول الرسول "يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي (12)" و"للقادر أن يثبتك حسب إنجيلي (13)"، يقصد كرازتي، عملي في حمل البشارة، وعندما يقول "أنى أوتمنت على إنجيل الغرلة كما بطرس على إنجيل الختان (14)"، يقصد كرازته بين الأمم وكرازة بطرس بين اليهود "فإن الذي عمل في بطرس لرسالة الختان عمل فيَّ أيضا للأمم (15)".
انتشر الإنجيل شفاهة في كل البلاد التي كرز فيها الرسل ولم تكتب الأناجيل المدونة سوى بعد أكثر من خمسة وعشرين سنة من صعود السيد المسيح.