أمثلة للعادة تتكون العادة في بساطة شديدة كما أسلفنا ولو كان الإنسان ُيدرك كم ستكلفه في النهاية لأنتبه وأحتاط، ولكن العادة تأتى في شكل سلوك عابر ونزوة سريعة وخطأ غير مقصود. يقول مار اسحق "كل عادة إذا سلمت لها باختيارك تصبح لك في النهاية سيداً تسير قدامه مضطرًا بغير اختيارك". العادة الشبابية: و قد ُسميت عادة لأنها تحولت مع الوقت إلى ضرورة ملحة، رغم استياء الإنسان من العادة الشبابية، وتنتقل هذه العادة إلى الإنسان من خلال خبرة رديئة سرية عن طريق صديق غير مخلص، وفى المرة الأولى وقع بعد حرب عنيفة وظل يعانى كثيرًا من تعب الضمير والشعور بالإثم وقد يحرمه ذلك من مواصلة الصلاة وقراءة الكتاب المقدس لفترة، وفى المرحلة الثانية سقط بعد حرب ليست بذات الدرجة من العنف، وفى المرة الثالثة وقع فيها بدون حرب، وفى الرابعة أثار هو الحرب على نفسه وسعى إلى الخطية، وفى الخامسة سقط بدون لذة، وفى السادسة دون شعور. قال شيخ "لا يوجد شيء أصعب من العادة الرديئة، إذ يحتاج صاحبها في سبيل قطعها إلى زمان وتعب كثير، أما التعب فهو في متناول الكثيرين، ولكن الزمان الذي يحتاج إليه فما أقل من قضاه حتى النهاية، لأن أكثر أصحابها أختطفهم الموت قبل تمام قطعها، والله وحده هو الذي يعلم كيف سيدينهم". التدخين: كيف تعلم المدخن التدخين؟ لقد شجعه البعض على مشاركتهم في سيجارة، وتمنع فسخروا منه وفى أول محاولة احتقن وجهه وسعل كثيرًا وضحكوا منه كثيرًا، وفى المرة التالية تشجع ولم يسعل وفى المرحلة الثالثة لم يبد عليه أي تأثر، ثم أصبح بعد ذلك يطلب بنفسه منهم، وقليلا قليلا بدأ يشترى هو واحدة وأثنين ليدخنها خلسة، ومع الوقت صار يشترى علبة كاملة يخفيها في ملابسه والآن هو مدخن كبير يدخن علنا كمن يقوم بعمل جاد وهام، ولا تكفيه علبتين في اليوم ويعرف عنه أصدقاؤه ذلك وكذلك أسرته. و اليوم يود لأسباب صحية ومالية التخلي عن التدخين فلا يعرف ويحاول معه المخلصون بطرق مختلفة فلا يفلحون وينصحه الأطباء ببعض البدائل فلا يقدر، بل أعترض أهل الفتاة التي يود تزوجها – على ذلك، معتبرين أن التدخين ليس من شيمة المستقيمين، وها هو يعانى الذل ّ ولا يستطيع منها إفلاتا؟! ويقولون الآن أن متوسط عمر الإنسان بين غير المدخنين هو تسعة وستون عاما بينما ينخفض إلى ستين بين المدخنين (حسب إحصائية فرنسية حديثة). و ما يقال عن التدخين يقال عن القهوة وعن تعاطي المخدرات والمنبهات، تلك التي تتسّلل إلى خلايا الجسم فلا يستطيع الإنسان منها فكاكا، وكذلك اعتياد بعض الأماكن مثل صالات الديسكو وبارات الخمر والديفيليهات (عروض الأزياء) ودور السينما والمسارح وما إلى ذلك. هل تعرف كيف بدأت عبادة التماثيل إن ذلك يشرحه لنا سليمان الحكيم في سفر حكمة سليمان، فقد توفى أحد الفتيان وكان أبوه يحبه كثيرا أكثر من العادة ومن ثم أستدعى أحد النحاتين وطلب إليه أن يصنع له من كتلة من الخشب تمثالا يشبه أبنه، الذي لا يقدر على الحياة بدونه، ففعل المثال أما الأب المسكين فقد كان يضع كل يوم أمام تمثال أبنه ما كان يحبه من ألوان الطعام والشراب ويضع فوقه كذلك ما كان يرتديه من ملابس وهو ما يزال حيا، وفى كل صباح يمطره بالقبلات ويربت على كتفه كثيرا، وقد أستمر في ذلك لسنوات طويلة، ومن ثم فقد قام أولاده بتقليده فصارت عادة في تلك الدار، وهكذا أصبح في الدار إلها..!! إنها العادة تستمد قوتها من محبة الشخص لها واستعبادها إياه فتصبح إلها!. (راجع حك 14). و يرد في سفر الملوك الثاني عن الأقوام الذين جاء بهم ملك أشور ليسكنوا في السامرة أن كل منهم بدأ في عبادة الآلهة التي كان يعبدها في البلد التي سبى منها وكانوا من خمس بلاد هي: بابل، كوث، عوا، حماه، سفروايم، لأنها صارت عادة هناك "كانوا يتقون الرب ويعبدون آلهتهم كعادة الأمم التي سبوهم من بينهم" (2 مل 17: 33) والخطورة تكمن هنا في أنهم اتقوا الرب إله إسرائيل خوفا من السباع التي هاجمتهم ومع ذلك فإنهم لم يستطيعوا التخلي عن عبادة الأصنام. قال أب (الذي أعتاد الخطية يشبه كلبا أعتاد على شحومات اللحامين "بقايا الجزارين" فكلما نهروه عاد أيضًا وكلما طردوه رجع في إلحاح ويظل هكذا حتى يقتلونه مكانه) هكذا تؤدى العادة ليس إلى عبادة الأصنام بل إلى الموت الجسدي مع الموت الأدبي للخطية.