تعليم الكتاب عن التكلم بألسنة
نلاحظ النقاط الآتية من دراسة الكتاب وبخاصة (1كو14) الذي يمكن أن نسميه أصحاح الألسنة.
1) الألسنة هي الأخيرة في ترتيب المواهب:
عندما ذكر بولس الرسول مواهب الروح في رسالته الأولي إلي كورنثوس، جعل التكلم بألسنة وترجمة الألسنة في آخر المواهب فقال:
(فأنواع مواهب موجودة، لكن الروح واحد.. فإنه لواحد يعطي بالروح كلام حكمة، ولآخر كلام علم حسب الروح الواحد. ولآخر إيمان بالروح الواحد، ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد. ولآخر أعمال قوات، ولآخر نبوءة ولآخر تمييز الأرواح. ولآخر أنواع الألسنة، ولآخر ترجمة ألسنة، ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه، قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء) (1كو12: 4-11).
Speaking with
Tongues
وهكذا جعل التكلم بألسنة، ترجمة الألسنة، في آخر قائمة المواهب، ويسبق الألسنة: الحكمة، والعلم والإيمان، ومواهب الشفاء، وأعمال القوات، والنبوءة وتمييز الأرواح..
وقال الرسول أيضا: (فوضع الله أناسًا في الكنيسة: أولًا رسلًا، ثانيًا أنبياء ثالثًا معلمين، ثم قوات، وبعد ذلك مواهب شفاء، أعوانًا تدابير، وأنواع ألسنة (1كو12: 28).
وهكذا وضع التكلم بألسنة في آخر المواهب..
وقال: "جِدُّوا لِلْمَوَاهِبِ الْحُسْنَى. وَأَيْضًا أُرِيكُمْ طَرِيقًا أَفْضَلَ." (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 12: 31). وشرح أن هذا الطريق الأفضل هو المحبة (1كو13) وشرح كيف أن هذه المحبة أهم وأعظم من النبوءة وكل علم، ومن كل الإيمان الذي ينقل الجبال، ومن العطاء والنسك.
وشرح أن المحبة أهم من التكلم بالسنة الناس والملائكة.. وليس ألسنة الناس فقط. فقال: (إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة، ولكن ليس لي محبة، فقد صرت نحاسًا يطن أو صنجًا يرن (1كو1:13).
2) التكلم بألسنة ليس للكل:
رأينا فيما تقدم أن الله (قسم لكل واحد بمفرده كما يشاء) (1كو11:12). (ولنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا) (رو6:12). (وكما قسم الله لكل واحد مقدارًا من الإيمان) (رو3:12). ومن جهة التكلم بألسنة قال بصراحة:
(ألعل الجميع رسل؟ ألعل الجميع أنبياء؟ ألعل الجميع معلمون؟ ألعل الجميع أصحاب قوات؟ ألعل للجميع مواهب شفاء؟ ألعل الجميع يتكلمون بألسنة؟ ألعل الجميع يترجمون) (1كو12: 29، 30).
وواضح من هذا أن الموهبة ليست للجميع.
إذن فحتى في العصر الرسولي لم يكن من الضروري أن ينال كل مؤمن موهبة التكلم بألسنة التي لم تكن علامة ضرورية لاثبات حلول الروح في الإنسان. فقد يكون الإنسان قديسًا ولا يتكلم بألسنة.
إن الله يعرف متى يعطي المواهب، ولماذا يعطيها. وقد منح التكلم بألسنة في عهد الرسل بوفرة شديدة في بداية الكرازة، من أجل البنيان، إذ كانت لازمة جدًا في ذلك الزمان.
ولكن الألسنة ليست لازمة لكل زمان، وفي ذلك يقول الكتاب: (أما الألسنة فستنتهي) (1كو8:13).
وحتى في زمن الرسل، ماذا كانت شروط التكلم بألسنة؟ إننا بقراءة (1كو14). نري شروطًا منها:
3) يجب أن تكون الألسنة لبنيان الكنيسة:
إن أهم عبارة تميز أصحاح الألسنة (1كو14)، هي كلمة (للبنيان) ذكرها الرسول مرات عديدة، وأصر عليها جدًا.
وقال في صراحة: (فليكن كل شيء للبنيان) (1كو26:14). وقال أيضًا: (هكذا أنتم أيضًا، إذ أنكم غيورون للمواهب الروحية اطلبوا لأجل بنيان الكنيسة أن تزدادوا) (ع12).
ومن أجل بنيان الكنيسة، ذكر أن (من يتنبأ أعظم ممن يتكلم بألسنة) (ع5) لأن (من يتكلم بلسان يبني نفسه، وأما من يتنبأ فيبني الكنيسة) (ع4). وكانت كلمة التنبؤ تعني قديمًا التعليم أيضًا. وقد فضل الرسول هذا التنبؤ (لأن من يتنبأ، يكلم الناس ببنيان ووعظ وتعزية) (ع3).
4) شرط أساسي للألسنة هو ترجمتها:
قال الرسول: رمن يتكلم بلسان، فليصل لكم يترجم) (ع13) وأضاف: (ولكن إن لم يكن مترجم، فليصمت في الكنيسة) (ع28).
والسبب عند الرسول واضح، وهو بنيان الكنيسة. فإن لم يحصل هذا البنيان فليصمت. وعبارة (يصمت) هي أمر رسولي.
إذن: إما بنيان الكنيسة بالترجمة، وإما الصمت.
إن وجود المترجم شهادة علي صحة التكلم بلسان. وهكذا تكون موهبة الألسنة لشخص في وقت واحد: أحدهما هم المتكلم والثاني هو المترجم وينطبق قول الكتاب: (علي فم شاهدين أو ثلاثة، تقوم كل كلمة) إن كانت الألسنة بلا ترجمة فما لزومها؟ وكذلك ما لزومها إن كان كل الحاضرين يفهمون اللغة؟
5) ما معني (يبني نفسه)؟
يبني نفسه، أي يكون في حالة روحية خاصة، حالة حلول الروح، وهي نافعة لبنيانه الشخصي. هذه الحالة عليها ملاحظتان ذكرهما القديس بولس وهما:
أ) يصمت، كأي عمل روحي خاص، بينه وبين الله.
وفي ذلك قال: (فليصمت في الكنيسة، وليكلم نفسه والله) (ع28) أمر بينه وبين الله، يليق به المخدع المغلوق، وليس الكنيسة أمام الناس. حينئذ يكون التكلم بلسان، كنوع من الصلاة، وحتى علي هذه يوجد تعليق:
ب) يكون الذهن بلا ثمر، مجرد عمل للروح:
وفي هذا يقول الرسول: "لأنه إن كنت أصلي بلسان، فروحي تصلي وأما ذهني فهو بلا ثمر" (ع 14) ووجد الرسول أن هذه الحالة يلزمها أن تكمل بالفهم، فيصلى الإنسان بروحه، ويصلي بذهنه أيضًا. يرتل بروحه، ويرتل بذهنه أيضًا (ع15). لكي يكون بنيانه الروحي أثبت وأقوي.
علي الرغم من عبارة: (يبني نفسه) هذه التي ذكرها الرسول في حرص وبملاحظات، وأظهر أنها بنيان ناقص، فان الرسول، لأجل البنيان أيضًا يقول:
"أَشْكُرُ إِلهِي أَنِّي أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةٍ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِكُمْ. وَلكِنْ، فِي كَنِيسَةٍ، أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ خَمْسَ كَلِمَاتٍ بِذِهْنِي لِكَيْ أُعَلِّمَ آخَرِينَ أَيْضًا، أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفِ كَلِمَةٍ بِلِسَانٍ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 14: 19).
إذن لا داعي لأن يسعى الناس بكل قواهم للتكلم بألسنة ويظنوها نصرًا عظيمًا.
هذا إذا كانت الألسنة موهبة حقيقية من الروح القدس، فماذا نقول إذن إن كان البعض يدعون أنهم يتكلمون بألسنة، ولا نضمن صحة هذا الإدعاء..
6) الألسنة آية لغير المؤمنين:
يقول الرسول عن التكلم بألسنة (إذن الألسنة آية لا للمؤمنين، بل لغير المؤمنين..) (1كو22:14).
ولأجل هذا السبب منح الله هذه الآية للكنيسة في بدء العصر الرسولي، لأجل انتشار الكرازة، ولكي يصل الإيمان إلي شعوب وأمم لا تعرف لغة الآباء الرسل (الأرامية - أو العبرية). فيبشرونهم بالألسنة، كما حدث في يوم الخمسين.
(فبهت الجميع وتعجبوا..) (وتحيروا لأن كل واحد كان يسمعهم يتكلمون بلغته) (أع2: 7،6).
ولكن ما معنى أن يقف شخص وسط أناس يتكلمون بنفس لغته، لكي يكلمهم بلغة غريبة.. لهذا اشترط الرسول وجوب الترجمة (ولكن إن لم يوجد مترجم فليصمت) (1 كو 28: 14).
7) الرسول اعتبر التكلم بألسنة تشويشًا، إن لم يكن للبنيان.
فقال (إن كان الجميع يتكلمون بألسنة، فدخل عاميون أو غير مؤمنين، أفلا يقولون إنكم تهذون) (1كو23:14).
(وهكذا أنتم أيضًا إن لم تعطوا باللسان كلامًا يفهم.. فإنكم تكونون تتكلمون في الهواء) (1كو9:14) فإن كنت لا أعرف قوة اللغة، أكون عند المتكلم أعجميًا، والمتكلم أعجميًا عندي) (1كو11:14).
أقرأ كل الإصحاح لتثبيت من نفس المعني..