لزوم المعمودية للخلاص
ولكن الكتاب يعلمنا أن المعمودية لازمة للخلاص للأسباب الآتية:
1 قول السيد المسيح: (من آمن واعتمد خلص) (مر 16: 16) ولم يقل من آمن فقط، وإنما جعل المعمودية من شروط الخلاص. وذلك لأنها موت مع المسيح وقيامة معه (رو 6: 2 4).
2 وتكلم القديس بطرس الرسول عن الخلاص في المعمودية، فقال: (إذ كان الفلك يبنى، الذي فيه خلص قليلون، أي ثماني أنفس بالماء، الذي مثاله يخلصنا نحن الآن، أي المعمودية) (1بط 3: 20، 21).
والقديس بولس يقول إننا بها خلصنا، بغسل الميلاد الثاني (تى 3: 5).
3 في يوم الخمسين، لما آمن اليهود إذ نخسوا في قلوبهم، وقالوا للرسل: (ماذا نفعل أيها الرجال الإخوة) (أع 2: 37) لم يقل لهم القديس بطرس الرسول: ما دمتم قد آمنتم، افرحوا إذن وتهللوا لقد خلصتم بالإيمان وغفرت لكم خطاياكم !
كلا، بل قال لهم: (توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لمغفرة الخطايا، فتقبلوا الروح القدس ) (أع 2: 38)
إذن كانت خطاياهم باقية، على الرغم من إيمانهم. وكانوا محتاجين أن يعتمدوا لمغفرة الخطايا.. وهنا نسأل: لماذا كانت الحاجة أن يقوم الرسل في ذلك اليوم بتعميد ثلاثة آلاف نفس (أع 2: 41) وهى ليست عملية هينة. أمام كان يكفى إيمانهم؟!
4 والذي حدث في يوم الخمسين، حدث لشاول الطرسوسي لما آمن. لقد سأل الرب: (ماذا تريد يا رب أن أفعل؟) (أع 9: 6).
فلم يقل له الرب: ما دمت قد آمنت فقد خلصت! بل أرسله إلى حنانيا الدمشقي، الذي قال له: أيها الأخ شاول.. لماذا تتوانى؟ قم اعتمد واغسل خطاياك) (أع 22: 16) وهنا نرى عجبًا.. إنسانًا تقابل مع المسيح شخصيًا، وتكلم معه فما لأذن، وسمع دعوته، وانتخبه الرب إناء مختارًا، وشاهدًا لجميع الناس.. ومع ذلك لم يكن قد اغتسل من خطاياه بعد..! واحتاج إلى المعمودية لغسل خطاياه.
أين إذن الخلاص في لحظة؟! إنه لم يحدث مع بولس الرسول نفسه الذي تحدث عن أهمية الإيمان في التبرير (رو 5: 1).
5 نلاحظ هنا أن لزوم المعمودية للمغفرة، هو جزء من قانون الإيمان
الذي نقول فيه: (نؤمن بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا) وهذا هو الأمر الذي قررته الكنيسة الجامعة الرسولية، في القرن الرابع الميلادي، في المجمع المسكوني العظيم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). فهل أخطأ كل آباء الكنيسة في العالم كله، في فهم المعمودية؟
نقول هذا للذين يعتقدون بقدسية المجامع وقراراتها. أما الإخوة الباقون فتكفيهم آيات الكتاب السابقة. ونقول لهم أيضًا:
6 ما حدث لبولس، حدث أيضًا لكرنيليوس..
إنه رجل أممي شهد له الكتاب إنه (تقي وخائف الله) وقد استحق أن يظهر له ملاك ويقول له: (صلواتك وصدقاتك صعدت تذكارا أمام الله) هذا طلب إليه الملاك أن يستدعى سمعان بطرس، الذي كلمه والذين معه بكلمة الله، فآمنوا، وحل الروح القدس وتكلموا بألسنة ((أع 10: 44).
فلم يقل لهم بطرس: افرحوا وابتهجوا، لقد خلصتم بإيمانكم، بل وأكثر من هذا حل عليكم الروح ومنحكم موهبة!! كلا، بل قال: (أترى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن أيضًا) وأمر أن يعتمدوا باسم الرب) (أع 10: 47، 48).
وهكذا لم يخلص كرنيليوس في لحظة. ولم يخلص بعيدًا عن الكنيسة وأسرارها، ولا بعيدًا عن المعمودية وعن الكهنوت. إنما دخل من الباب الطبيعي الذي رسمه الرب..
7 وبطرس الرسول أمر بعماد كرنيليوس والذين معه، لأن السيد المسيح أمر رسله بهذه المعمودية، حينما أرسلهم قائلًا: (اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس) (مت 28: 19) والسيد المسيح لا يأمر بشيء ليست له أهمية أو ليست له فاعليته، حاشا.. فالمعمودية لازمة للخلاص حسب قول الرب.
8 بل قال السيد إن الذي لا يعتمد لا يدخل الملكوت، إذ قال في حديثه مع نيقوديموس: (الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من الماء والروح، لا يقدر أن يدخل ملكوت الله) (يو 3: 5).
9 والمعمودية لازمة لأن بها المغفرة (أع 2: 38)، والغسل من الخطايا (أع 22: 26) وصلب الإنسان العتيق، والدخول في جدة الحياة (رو 6: 6، 4) وأيضًا بها نلبس المسيح (غل 3: 27) ونصير أولاد الله، إذ نولد من الماء والروح (يو 3: 5) وهى موت مع المسيح وقيامة معه (كو 2: 12، رو 6: 2، 4).
فإن كانت للمعمودية كل هذه المفاعيل، فكيف يمكن للإنسان أن يخلص في لحظة إيمانه بدون عماد؟!
وإن كان لابد له أن يعتمد، فلا يمكن أن نقول إنه خلص في لحظة. لأن الإيمان والمعمودية لا يتمان في لحظة،
وهما لازمان للخلاص حسب قول الرب: (من آمن واعتمد خلص) (مر 16: 16)
وإن كان لابد للمعتمد من التوبة قبل المعمودية (أع 2: 38) فمن المحال أن تتم التوبة والإيمان في لحظة.
أما إن كان الخلاص بمجرد قبول المسيح، والميلاد الثاني بمجرد القبول، فلماذا ذكر الكتاب كل هذه المفاعيل الروحية للمعمودية؟!
10 وهكذا نرى أن كل الذين آمنوا، تعمدوا فورًا..
وهذا كان واضحًا مع الذين آمنوا في يوم الخمسين (أع 2)، ومع كرنيليوس) (أع 10: 48) وكذلك ليدية بائعة الأرجوان (أع 16: 15)، وسجان فيليبي (أع 16: 53) وكريسبس رئيس المجمع (أع 18: 18)، والخصي الحبشي (أع 8: 38).
فإن كان الإيمان وحده يخلص الإنسان، فهل كانت معمودية كل هؤلاء مجرد شيء زائد!! أما إن كانت ضرورية حسب أمر السيد المسيح ورسله، فلا يكون الخلاص بالإيمان وحده، ولا يكون في لحظة.
11 هنا ونقول: ما أعجب رمز الخلاص في المعمودية، بالخلاص في عبور البحر الأحمر من عبودية فرعون حيث قال موسى النبي: (قفوا وانظروا خلاص الرب) (خر 14: 13) ويطبق بولس الرسول هذا الأمر بقوله: (فإني لست أريد أيها الإخوة أن تجهلوا أن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة، وجمعيهم اجتازوا في البحر. وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر) (1كو 10: 1، 2).
12 وكما كان يرمز إلى المعمودية الخلاص في عبور البحر الأحمر، كان يرمز إليها أيضًا الختان، الذي كان شرطًا للدخول في عضوية شعب الله في العهد القديم (تك 17).
يقول القديس بولس الرسول لأهل كولسي عن السيد المسيح (وبه أيضًا ختنتم ختانًا غير مصنوع بيد، بخلع جسم خطايا البشرية، بختان المسيح، مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضًا) (كو 2: 11، 12)