منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15 - 01 - 2014, 04:52 PM   رقم المشاركة : ( 21 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي

مزمور 20 (19 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير
نظم داود هذا المزمور عند حربه مع بني عمون وأرام الذين جاءوا بعدد عظيم من الخيل والمركبات لمحاربته (2صم6:10، 8 + 1أي7:19). ولقد نصر الله داود، ودائمًا ينصر الله عبيده الأمناء فهذا حدث مع حزقيا عند حصار أشور لأورشليم. فمن يتكل على الله لا يكون لفرسان الأعداء وقوتهم أي قدرة على إلحاق الأذى به.
· ويرى عدد من آباء اليهود أن هذا المزمور خاص بالمسيا. وهكذا رأى عدد من أباء الكنيسة (أثناسيوس وأغسطينوس) أنه نبوة عن آلام المسيح وانتصاره وانتصار الكنيسة فيه.
· بل كل مؤمن يرتل هذا المزمور على أنه الملك الذي سينصره الله "جعلنا ملوكًا وكهنة" (رؤ6:1) فمن يختار المسيح يختار الطريق الضيق، طريق الشدة ولكن الله ينصره ويستجيب له.
آية (1): "ليستجيب لك الرب في يوم الضيق. ليرفعك اسم إله يعقوب."
الله استجاب لداود في يوم شدته، وهكذا يستجيب لكل من يصرخ إليه. ولنفهم أن حياتنا على الأرض هي حرب متصلة، أعدائنا محيطين بنا (الشياطين) ولكن الله معنا. ويوم الضيق بالنسبة لنا هو حياتنا في هذا العالم، في كل تجربة وكل شدة. ويوم الضيق بالنسبة للمسيح كان يوم الصليب. ونحن في حياتنا الآن نشترك مع المسيح في صليبه. وذكره ليعقوب فهو أبو الشعب كله والذي صارع مع الله. والله استجاب ليعقوب يوم شدته. وبذلك نذكر أهمية الجهاد مع الله.
آية (2): "ليرسل لك عونًا من قدسه ومن صهيون ليعضدك."
من قُدسهِ = تابوت العهد أو الخيمة في العهد القديم. والآن فالمسيح جالس عن يمين الآب ليعين كنيسته، بل هو ساكن فينا ونحن هيكله، يستجيب كل من يدعوه. وهو ساكن في كنيسته = صهيون= وهنا نرى أهمية صلاة الكنيسة عن الفرد، الكنيسة صلاتها فعالة (أع5:12).
آية (3): "ليذكر كل تقدماتك ويستسمن محرقاتك. سلاه."
يَذْكُرْ جميعَ ذبائحك = المرتل يقصد بالمعني المباشر، الذبائح التي كانت تقدم قبل المعركة لينصرهم الله. فالمصالحة مع الله غير ممكنة بدون دم. وذبيحتنا المقبولة التي يذكرها الله دائماً فنصير مقبولين هي ذبيحة المسيح. وَيَسْتَسْمِنْ مُحْرَقَاتِكَ = فالله قبل ذبيحة المسيح.
وعلى كل منا أن يقدم ذبائح ليقبلها الله (العبادة والتسبيح والنفس المنسحقة،..). ومن هو فى المسيح يكون كل ما يقدمه مقبولا عند الله ويبارك الله فيه ويقبله. فإن صلَّى يبارك الله في صلاته ويعلمه كيف تكون صلاته مقبولة ثم يقبل ما سيقدمه وتكون صلاته كأنها محرقة ذات رائحة لذيذة يفرح بها الله كأنها ذبيحة كبيرة = يستسمن . ويعطيه الله قلباً نقياً يطلب طلبات نقية ثم يستجيب الله ويعطيه حسب قلبه النقي.
آية (4): "ليعطِك حسب قلبك ويتمم كل رأيك."
ليعطِك حسب قلبك= شهوة قلب المسيح كانت خلاص البشر. وكانت إرادة قلب داود أن ينتصر وأعطاه الله سؤل قلبه، فإن كان طلب كل منا الخلاص بقلبه لنلناه. وكل من يسلك حسب إرادة الله يعطيه الله طلبة قلبه. ويستسمن محرقاته.
أما ذوو القلب الشرير سيعطيهم الله أيضًا حسب قلوبهم، ولما اشتهى بنو إسرائيل أن يكون لهم ملكًا يفتخرون به أمام الأمم أعطاهم الله شاول أطول وأعرض من في الشعب. وفي نهاية الأيام سيسمح الله بظهور ضد المسيح فهذا سيكون بحسب قلب البشر.
آية (5): "نترنم بخلاصك وباسم إلهنا نرفع رايتنا ليكمل الرب كل سؤلك."
نترنم= المرنم يسبح الله على معونته التى بها خلَّصه .هنا اعتراف بخلاص الله لأنه خلَّص مسيحه داود وأقام المسيح ليقيمنا ويستجيب دائمًا لطلباتنا. فمن يسير وراء المسيح دائمًا يسبحه إذ يرى أعمال خلاصه، حقًا الطريق ضيق لكنه مفرح لذلك فعبيد الله يسبحونه على كل الفرح الذي يعطيه لهم. ومن يثبت نظره على الله لن ينشغل بعطاياه بل ينشغل به هو فيسبحه ويعترف بعمله العجيب. باسم إلهنا نرفع رايتنا "ننمو" (سبعينية). الرايات هي رايات النصرة بالمسيح الغالب. ولأن القيامة يتبعها نمو مستمر، فالمسيحي في طريق خلاصه يمارس التوبة وينمو كل يوم ، نموًا في محبة الله ومحبة الآخرين والقداسة والصلاة.. كل هذا باسم الله. ورفع الراية هو علامة النصرة علي عدو الخير.
آية (6): "الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه يستجيبه من سماء قدسه بجبروت خلاص يمينه."
خلاص المسيح كان بقيامته وخلاصنا هو بقيامته وتوبتنا المستمرة لنثبت فيه.
الآيات (7-9): "هؤلاء بالمركبات وهؤلاء بالخيل. أما نحن فاسم الرب إلهنا نذكر. هم جثوا وسقطوا أما نحن فقمنا وانتصبنا."
سلاح الأعداء قوي ولكن الله هو سلاحنا به نغلب ولا نسقط أبدًا. وهنا نرى خلاص الكنيسة كلها ونصرتها في مسيحها المنتصر.
وهذا المزمور نصليه في الساعة الثالثة فالمسيح كان في ضيقته قد تخلى عنه الجميع ولكنه انتصر.
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 01 - 2014, 04:54 PM   رقم المشاركة : ( 22 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي

مزمور 21 - تفسير سفر المزامير
دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي
هذا المزمور تسبحة لداود على الخلاص الذي أعطاه له الله، وأنه جعله ملكًا على أعدائه.
هو نبوة عن المسيح ملك الملوك. وبعض الآيات في هذا المزمور لا تنطبق سوى عليه مثل آية (4) فداود لم يحيا إلى الدهر وإلى الأبد. بل المسيح ملك بعد صعوده للأبد.
كل من يملك الرب على قلبه فيملك على أهوائه ويضبط جسده بمعونة الله يرنم بهذا المزمور. فقد صار المؤمنين ملوكًا محاربين منتصرين يتلقون المعونة من ملك الملوك.
آية (1): "يا رب بقوتك يفرح الملك وبخلاصك كيف لا يبتهج جدًا."
داود لم يفرح بعرشه بل بقوة الله. والمسيح الملك يفرح بخلاص شعبه وأن الآب استجاب لشفاعته الكفارية بعد قيامته. ونحن نفرح بقوة الله التي تجعلنا غالبين (2كو14:2).
آية (2): "شهوة قلبه أعطيته وملتمس شفتيه لم تمنعه. سلاه."
لو كانت شهوة قلب إنسان هي خلاص نفسه وانتصاره على شهواته، وطلب هذا أيضًا بشفتيه لاستجاب الله قطعًا طلباته. وهذا عكس (يع3:4) (مز4:27 + في23:1 + 1مل9:3، 10 + 1تي1:3 + لو34:12) والقديسون اشتهوا الاستشهاد. ومثل هذه الشهوات يستجيب لها الله.
آية (3): "لأنك تتقدمه ببركات خير. وضعت على رأسه تاجًا من ابريز."
الله يعطي أكثر مما نطلب. والله أعطى داود الراعي الصغير ملكاً على كل إسرائيل. وعلينا أن نطلب ملكوت الله وبره والباقي يعطي لنا ويزاد (مت33:6). والله وضع على رأس داود إكليل الملك. ولكن المسيح وُضِعَ على رأسه إكليل شوك مرئي للناس ليفوز بإكليل إبريز أي إكليل سماوي (الذهب يرمز للسماويات) بعد صعوده وجلوسه عن يمين الآب. وكل مؤمن مجاهد يحصل على إكليل بر كما جاهد بولس الرسول وحصل عليه (2تي7:4). وهناك إكليل الإستشهاد وإكليل الرسولية والبركات التي حصل عليها بولس كثيرة. والتي يحصل عليها المؤمن لا تعد خلال حياته.
آية (4): "حياة سألك فأعطيته. طول الأيام إلى الدهر والأبد."
من أهم الأسباب التي تجعلنا نشكر الله أننا تمتعنا بالحياة الجديدة. وداود يشكر الله الذي أعطاه حياة بعد كل محاولة من الأعداء لقتله. وهذه تشير لقيامة المسيح بعد موته، وهي حياة أبدية له ولكنيسته، أعطاها لكنيسته إذ غلب الموت بحياته. لذلك قال المسيح "أنا هو القيامة والحياة" (يو25:11، 26) وهو يقدم لنا جسده ودمه لنحيا.
آية (5): "عظيم مجده بخلاصك جلالًا وبهاء تضع عليه."
عَظِيمٌ مَجْدُهُ بِخَلاَصِكَ = الله خلص داود من كل ضيقاته بل عظمه وجعله ملكا عظيما.ولأجلناأخلى المسيح ذاته فشابه داود فى ضيقاته، ولأجلنا تمجد ونال من الآب كرامةومجداً ولكن كان هذا ليضع التيجان الملوكية على رؤوس مؤمنيه الأتقياء بيده (يو17 :5 ، 22) .وفي إستحقاقات الدم الثمين وهبنا المسيح روحه القدوس، ليجدد صورتنا لنتغير إلى صورة المسيح فيكون لنا نصيب فى هذا المجد (غل19:4).
آية (6): "لأنك جعلته بركات إلى الأبد. تفرّحه ابتهاجًا أمامك."
المسيح المبارك مصدر كل بركة، وصار مصدر كل بهجة وفرح لحياتنا. (ثمار الروح).
تفرحه= المسيح يفرح بالخلاص الذي تم لبني البشر ويشبع بكثرة المؤمنين الأتقياء (يو34:4 + إش11:53)
آية (7): "لأن الملك يتوكل على الرب. وبنعمة العلي لا يتزعزع."
الإنسان الذي يتوكل على الله يضبط شهواته ويملك عليها، وهذا سيعظم مجده جدًا بخلاص الرب، وبعد جهاده سيضع عليه الرب إكليل مجد وجلال (مت43:13). بل يصير جهاد الإنسان بركة لمن حوله (كما كان يوسف العفيف). المهم أن ننسب نصرتنا لله لا لأنفسنا.
الآيات (8-13): "تصيب يدك جميع أعدائك. يمينك تصيب كل مبغضيك. تجعلهم مثل تنور نار في زمان حضورك. الرب بسخطه يبتلعهم وتأكلهم النار. تبيد ثمرهم من الأرض وذريتهم من بين بني آدم. لأنهم نصبوا عليك شرًا. تفكروا بمكيدة. لم يستطيعوها. لأنك تجعلهم يتولون. تفوّق السهام على أوتارك تلقاء وجوههم. ارتفع يا رب بقوتك. نرنم وننغم بجبروتك."
هنا نرى عقوبة الله للأشرار عند مجيئه الثاني. فبالصليب مزق الرب صك خطايانا وشهَّر بعدو الخير. وعند مجيئه الثاني سيلقيه ومن تبعه في البحيرة المتقدة بالنار (رؤ20:19). فِي زَمَانِ حُضُورِكَ = يوم الدينونة. تُبِيدُ ثَمَرَهُمْ مِنَ الأَرْضِ = الثمر هو أولادهم وأعمالهم الشريرة المظلمة. والمسيح هو الذي سيدين. ويد الرب رمز للإبن قوة الله، الذي سيدين وبقوة = يَمِينُكَ = تشير لقوة الله. وسيكون هلاكهم تاماً وخرابهم تاماً، وهذا معنى كلمة تُبِيد، فلا يعود لهم سلطان أو غواية أو قدرة على ظلم أولاد الله.
وفي (11) لأَنَّهُمْ نَصَبُوا عَلَيْكَ شَرًّا. تَفَكَّرُوا بِمَكِيدَةٍ. لَمْ يَسْتَطِيعُوهَا =هذه هي أعمالإبليس وأتباعه وضد المسيح ومن يسير وراءه لذلك يعاقبهم.فهم يفكرون فى هلاك الكنيسة وإبادة شعب المسيح لكنهم سيفشلوا ويغلبهم الخروف (رؤ17 : 14) .
لأَنَّكَ تَجْعَلُهُمْ يَتَوَلَّوْنَ = يستديروا للخلف ويرجعوا هاربين .
تُفَوِّقُ السِّهَامَ = أي يضع السهم على القوس ويشد وتره ضد أعدائه ليعاقبهم.
وينهي المزمور بصلاة ليخلص الله شعبه بقوة حينئذ سيكون تسبيحنا أبدياً على أعماله.
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 01 - 2014, 01:52 PM   رقم المشاركة : ( 23 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي

مزمور 22 - تفسير سفر المزامير
هذا المزمور من أشهر المزامير التي تكلمت بوضوح عن آلام وصلب السيد المسيح. والسيد استخدم افتتاحية المزمور وهو على الصليب ليشير أنه هو المقصود بكلمات المزمور. وكان اليهود يستعملون أول عبارة في المزمور كاسم للمزمور، وهذا ما نفعله الآن. لذلك فحين قال السيد على الصليب "إلهي إلهي لماذا تركتني" تذكر الواقفون حول الصليب كل كلمات المزمور فرأوا أمامهم صورة ناطقة حيَّة وتحقيقًا لنبوات المزمور. والعهد الجديد اقتبس من هذا المزمور 13 مرة منها 9 مرات في قصة الآلام وحدها. وقد اتخذ منه تلاميذ المسيح مادة للكرازة بصلب المسيح وموته وقيامته.
المزمور يحدثنا عن آلام المسيح ثم قيامته ثم الكرازة بالإنجيل وإيمان الأمم. فالروح القدس الذي عمل في الأنبياء هو الذي شهد على لسان داود بكل عمل المسيح (1بط10:1، 11) فواضح أن داود هنا لا يتكلم عن نفسه. وإن انطبقت بعض الصور على داود فهو كان أبو المسيح بالجسد، وكان رمزًا للمسيح. ولكن في كثير من الآيات نجد أنها لا تنطبق سوى على المسيح فقط. وداود نطق بهذا لأن الروح حمله بعيدًا عن آلامه هو ، فنطق بآلام المسيح. هو بدأ يشكو من آلامه ولكننا نجد الروح ينطق على لسانه بآلام المسيح. وداود عبَّر عن هذا حينما قال " لسانى قلم كاتب ماهر " (مز45 : 1) فالكاتب الماهر الذى كان يضع الكلمات على لسان داود هو الروح القدس.
عنوان المزمور على أيلة الصبح= في تفسير هذا وضعت عدة احتمالات:
1. أن نغمة المزمور على نفس نغمة لحن مشهور بهذا الاسم.
2. المسيح كان في آلامه يتألم كأيل جريح برئ حتى يأتي عليه وقت الصبح بالفرج، ونلاحظ أن قيامة المسيح كانت في الصبح.
3. التقليد اليهودي يقول أن هذا اللفظ يعني الشكينة أي السحابة المجيدة التي كانت تظهر وسط شعب الله وتعنى النور الذى كان يظهر على تابوت العهد بين الكاروبين ويراه رئيس الكهنة مرة واحدة فى السنة حينما يدخل إلى قدس الآقداس يوم الكفارة.
آية (1): "إلهي إلهي لماذا تركتني. بعيدا عن خلاصي عن كلام زفيري."
هنا نرى تكلفة فدائنا، فلقد حُسِبَ ربنا كممثل للبشرية، كأنه متروك من الآب إلى حين، فهو صار لعنة لأجلنا (غل13:3 + 2كو21:5). فهو في خضوع ترك نفسه تحت غضب الآب. حين نسمع "إِلهِي إِلهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي" نفهم أن المسيح يسأل هذا السؤال لماذا تركتني أيها الآب لهذه الآلام.. لنجيب نحن " لأجل خطايانا.. ولمحبته لنا كان هذا" وإذا فهمنا أن المسيح هو رأس جسد الكنيسة نفهم أن الله ترك العالم لألامه بسبب الخطية فهو القدوس (آية3) . وكأن سبب ترك الإنسان في الألم وسبب ألام المسيح هو قداسة الله التي لا تقبل الخطية، ويجب أن يسدد بالكامل ثمن الخطية. لذلك حمل هو خطايانا. وقوله إلهي إلهي يشير أنه يتكلم نيابة عن البشرية التي يحمل هو العقاب الذى كانت تستحقه. وقوله إلهى هنا يذكرنا بقول المسيح للمجدلية "إلهى وإلهكم" (يو20 : 17) وكانت هذه بشارة للتلاميذ ولنا ، أن المسيح بجسده صار الله إلهه ليصالحنا مع الآب وليعيدنا نحن إلى حضن الآب . وبهذا نفهم القول بَعِيدًا عَنْ خَلاَصِي، عَنْ كَلاَمِ زَفِيرِي = أن الله كان فى حالة خصام مع البشر بسبب الخطية فكان الخلاص بعيدا عنهم ، والمسيح هنا على الصليب يصنع المصالحة ، ومع كل نفس يتنفسه يطلب خلاص البشر، فهذه كانت شهوة قلب المسيح (إش27 : 4 – 5) . وكأنه يقول مع كل نفس يتنفسه = (زفيرى) كفى يا الله ولتصالح البشر بدمى الذى سفكته = "يا أبتاه إغفر لهم" وكما قال القديس بولس الرسول "لأنه وإن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت إبنه" + "الله الذى صالحنا لنفسه بيسوع المسيح" (رو5 : 10 + 2كو5 : 18) .
وهذا القول يمكن أن يصرخ به داود أو أي إنسان متألم حين يشعر بأن الله قد تخلى عنه. وقد وقف الله بعيداً لا يخلصه من ضيقته = بَعِيدًا عَنْ خَلاَصِي، عَنْ كَلاَمِ زَفِيرِي = فهو لا يكف عن الصراخ لله في كل مرة يتنفس فيها ولكنه لا يرى أن الله يتدخل ليخلصه. فالخلاص دائما يأتى فى "ملء الزمان" (غل4 : 4) = حينما يرى الله الوقت مناسباً .
آية (2): "الهي في النهار أدعو فلا تستجيب في الليل أدعو فلا هدوء لي."
والمسيح صلى ليلاً في البستان حتى تعبر عنه هذه الكأس. وصلي نهاراً وهو على الصليب. ولكن كانت إرادة الآب أن يشرب الكأس حتى النهاية. وهناك من فهم أن قول المرنم فِي اللَّيْلِ = إشارة للظلمة التي حدثت على العالم وقت الصليب.
وكل من في ضيقة يقول هذا، أنا أصرخ الليل والنهار والله لا يستجيب، لكنه يتمهل لحكمته التي لا نفهمها.

دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي
آية (3): " وأنت القدوس الجالس بين تسبيحات إسرائيل."
الله مسبح في قديسيه وملائكته، والله يفرح حين يسبحه القديسين بأفواه نقية بلا غش. وهذه تفهم أن الله لقداسته وعدم قبوله للخطية كان لا بد من الفداء ليخلص البشر.
الآيات (4، 5): "عليك اتكل آباؤنا. اتكلوا فنجّيتهم. إليك صرخوا فنجوا. عليك اتكلوا فلم يخزوا."
الأباء طلبوا الخلاص الأرضى فنجيتهم فأنت المخلص الآن وإلى الأبد .
هكذا ينبغي أن نصلي، فالمرنم هنا يذكر إستجابة الله للآباء، ويتكل عليه كمخلص له.
آية (6): "أما أنا فدودة لا إنسان. عار عند البشر ومحتقر الشعب."
قارن مع (أش14:41). فالدودة هي أحقر المخلوقات ويشعر أمامها الإنسان أنه قوي جدًا وقادر على سحقها. وفي الآيات (4، 5) نرى المرنم يقول في ثقة أن الآباء حين اتكلوا على الله خلصهم، أما هو فدودة حقيرة، وحالته ميئوس منها، وأن الله قد تركه. وهنا فالمرنم يتكلم بلسان المسيح الذي صار مهانًا ومحتقر الشعب، بل صار في عيون أعدائه مرذولًا من الله كدودة مُداسَة بالأقدام. ونلاحظ أن الصليب كان موت العار. (تث22:21، 23 + أش1:53-3) والكلمة العبرية المقابلة لـ"دودة" تستخدم للحشرة الصغيرة التي يستخرج منها الصبغة القرمزية، وهذه تنتج عن موت الحشرة، وفي هذا إشارة لدم المسيح وموته، فدمه القرمزي اللون جعلني أنا أبيض اللون (أش18:1 + رؤ14:7). هذا الاتضاع الإلهي يخزي كل إنسان متكبر.

دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي
الآيات (7، 8): "كل الذين يرونني يستهزئون بي. يفغرون الشفاه وينغضون الرأس قائلين. اتكل على الرب فلينجه. لينقذه لأنه سرّ به."
هذا ما حدث فعلًا مع المسيح على الصليب (مت39:27-43 + مر29:15-32).
آية (9): "لأنك أنت جذبتني من البطن. جعلتني مطمئنا على ثديي أمي."
إشارة لأنه وُلِدَ بغير زرع بشر. فالروح القدس هو الذي جذبه من بطن العذراء أما بقية البشر فيجذبهم البشر من بطون أمهاتهم. وكذلك فالمسيح اجتذب من بطن أمة اليهود هذه البطن المظلمة التي عاشت في شرها وكبريائها. جَعَلْتَنِي مُطْمَئِنًّا عَلَى ثَدْيَيْ أُمِّي = المسيح صار مثلنا تماماً، إنساناً يرضع لبن أمه العذراء. لذلك نقول فى قانون الإيمان "تجسد وتأنس" فهو نام وهدأ على صدر العذراء كأى طفل عادى ، ليشابهنا فى كل شئ ما خلا الخطية وحدها . والآية تشير للمعمودية فالروح القدس يجتذبنا من الماء (رحم الكنيسة) ونستريح على ثدي أمنا الكنيسة (تعاليم الكنيسة تشبه بلبن الأم فبولس الرسول يقول سقيتكم لبنا 1كو3 : 2).
الآيات (10، 11): "عليك ألقيت من الرحم. من بطن أمي أنت الهي. لا تتباعد عني لان الضيق قريب. لأنه لا معين."
منذ ولادتي ألقيت كل إتكالي عليك يا رب فلا تتباعد عني وتتخلي عني. لقد تخلى عن المسيح كل تلاميذه وكل من شفاهم، فهو داس المعصرة وحده. والرب حفظه فلم يمسه أحد بشر بالرغم من كل محاولات قتله ، إلى أن أكمل رسالته فسمح بصلبه ، وهذا معنى قول المزمور "الرب عن يمينك ... " (مز110 : 5) .

دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي
الآيات (12-18): "أحاطت بي ثيران كثيرة. أقوياء باشان اكتنفتني. فغروا عليّ أفواههم كأسد مفترس مزمجر. كالماء انسكبت. انفصلت كل عظامي. صار قلبي كالشمع. قد ذاب في‏ وسط أمعائي. يبست مثل شقفة قوتي ولصق لساني بحنكي والى تراب الموت تضعني. لأنه قد أحاطت بي كلاب. جماعة من الأشرار اكتنفتني. ثقبوا يديّ ورجليّ. أحصى كل عظامي. وهم ينظرون ويتفرسون فيّ. يقسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون."
نجد هنا وصفاً للأعداء المحيطين بالمسيح، وتصوير دقيق لألامه. ولقد استخدم المرنم حديثاً مجازياً لوصف أعداء المسيح. الثِيرَانٌ = هم قادة اليهود وكهنتهم الذين كانوا يقدمون الثيران والذبائح. أَقْوِيَاءُ بَاشَانَ = هم الثيران العنيفة التي من باشان حيث المراعي الخصبة المعروفة بسلالتها القوية من الأغنام. والله بارك في خيرات شعبه إسرائيل فسمن جداً ورفس (تث12:32-15). أَسَدٍ مُفْتَرِسٍ مُزَمْجِرٍ= هم في قوتهم كانوا كأسد يريدون أن يفترسوا المسيح. ولكنهم كانوا في شرهم يتبعون الأسد الزائر وهو إبليس (1بط8:5). كِلاَبٌ = إشارة لمن هم أقل درجة من الكهنة والرؤساء، إشارة للشعب الذي صرخ "اصلبه أصلبه"، وإشارة للأمم أي الرومان. فالكلاب بحسب الشريعة دنسة. وهم كانوا كالكلاب الشرسة الدنسة في قسوتهم وجلدهم وشتمهم للرب يسوع. كَالْمَاءِ انْسَكَبْتُ = نجد هنا صورة لموت المسيح، فقد انحلَّ كل جسمه، وصار في ضعف شديد، كماء منسكب (إش 53 : 12 ) لا يمكن جمعه ثانية، مستسلماً للموت بلا أي تدعيم ولا معونة. لكن نجد في هذا نبوة عن الماء الذي انسكب من جنبه المطعون. انْفَصَلَتْ كُلُّ عِظَامِي = هذه نبوة عن طريقة موت المسيح، وأنه سيعلق على الصليب، فعندما علق على الصليب أرهقت العضلات وانفصلت المفاصل عن مكانها. إلا أن هناك تأمل في هذه الآية، أن التلاميذ عند صلب المسيح هربوا وتشتتوا. ولأن هناك نبوة أن عظماً منه لا ينكسر فهو حفظهم وشددهم حتى لا يضيعون. ( أف 5 : 30 ) نري هنا من قول بولس الرسول أننا صرنا عظم من عظامه فالتلاميذ لأنهم عظم من عظامه لم يدعهم يتشتتون . صَارَ قَلْبِي كَالشَّمْعِ = ذاب من الألم والحزن، وانطبع فيه كل حزن بسبب خيانة وغدر من أحبهم، وبسبب حمله الخطايا. وبسبب اشتعال نار العدل الإلهي فيه. لقد انطبعت في قلبه صورة غضب الله ضد الخطية. وكلما نتأمل هذه الصورة يجب أن تختفي قساوة قلوبنا. قَدْ ذَابَ فِي وَسَطِ أَمْعَائِي = أي قلبه صار كالشمع المذاب في داخله من شدة الحزن. يَبِسَتْ مِثْلَ شَقْفَةٍ قُوَّتِي = لم يكن له أي قوة للمقاومة كالدودة الضعيفة. لَصِقَ لِسَانِي بِحَنَكِي= من ناحية لصمته فهو لم يدافع عن نفسه حتى بالكلام. ومن ناحية أخرى لعطشه. إِلَى تُرَابِ الْمَوْتِ تَضَعُنِي= إشارة لنزوله القبر. وباقي الآيات (16،17) هي نبوة واضحة عما حدث على الصليب. أُحْصِوا كُلَّ عِظَامِي = نبوة عن الصليب فالمصلوب تصير عظامه بارزة من الشد الذي يتعرض له جسده نتيجة تعليقه على الصليب.

دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي
الآيات (19-21): "أما أنت يا رب فلا تبعد. يا قوتي أسرع إلى نصرتي. أنقذ من السيف نفسي. من يد الكلب وحيدتي. خلصني من فم الأسد ومن قرون بقر الوحش استجب لي."
نرى هنا الصورة التي رسمها معلمنا بولس الرسول في (عب7:5) فالمسيح يصرخ ليخلصه الآب. والآب يستجيب بأن يخلص كنيسته أي جسده. وكانت الاستجابة بقيامة المسيح من بين الأموات لتقوم كنيسته معه. لذلك قيل أَنْقِذْ.. مِنْ يَدِ الْكَلْبِ وَحِيدَتِي =
فوحيدته هي كنيسته الواحدة الوحيدة، ولكن كما إقتسم العساكر ثيابه إقتسم الهراطقة كنيسته وشقوها بينهم. ولاحظ هياج أعداء الكنيسة من حولها. فهو أسماهم هنا الأَسَدِ = الشيطان. الْكَلْبِ = الذي يريد أن يمزق ما يطوله منها. وهم أعداء أقوياء لهم قرون قوية= قُرُونِ بَقَرِ الْوَحْشِ. والمسيح يصرخ لتخلص كنيسته من الألام التي تجوز فيها= أَنْقِذْ مِنَ السَّيْفِ نَفْسِي = كما قيل للعذراء "وأنتِ يجوز سيف في نفسك" ونلاحظ أنه قيل عن الله "في كل ضيقهم تضايق" فالله يشعر بألامنا النفسية الناشئة عن ظلم أعدائنا لنا. ولقد تعرض المسيح للسيف بمعنى تعرضه للصلب والموت وبمعنى ألامه النفسية الرهيبة حينما حمل إثم جميعنا.
ويشير قوله أَنْقِذْ.. نَفْسِي.. وَحِيدَتِي إلى أن المسيح صرخ للآب "أن تعبر عنه هذه الكأس إن أمكن" وأن ينجي الآب نفسه من الموت. وأسمي نفسه وحيدة لأنها وحيدة في طبيعتها فهو إبن الآب بالطبيعة = هو وحيد الجنس، ويقال عن الكنيسة عروس المسيح "واحدة هي حمامتي كاملتي الوحيدة لأمها هي" ( نش 6 : 9 ).
وبالنسبة لداود يفهم هذا على أن وحيد القرن هو إبنه إبشالوم أو أي من أعدائه والكلب هو أخيتوفل، ووحيدته هي نفسه الطاهرة المسكينة المتواضعة.
الآيات (22-31): "اخبر باسمك اخوتي. في وسط الجماعة أسبحك. يا خائفي الرب سبحوه. مجدوه يا معشر ذرية يعقوب. واخشوه يا زرع إسرائيل جميعا. لأنه لم يحتقر ولم يرذل مسكنة المسكين ولم يحجب وجهه عنه بل عند صراخه إليه استمع. من قبلك تسبيحي في الجماعة العظيمة. أوفى بنذوري قدام خائفيه. يأكل الودعاء ويشبعون. يسبح الرب طالبوه. تحيا قلوبكم إلى الأبد. تذكر وترجع إلى الرب كل أقاصي الأرض. وتسجد قدامك كل قبائل الأمم. لأن للرب الملك وهو المتسلط على الأمم. أكل وسجد كل سميني الأرض. قدامه يجثو كل من ينحدر إلى التراب ومن لم يحي نفسه. الذرية تتعبد له. يخبر عن الرب الجيل الآتي. يأتون ويخبرون ببره شعبًا سيولد بأنه قد فعل."

دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي
في الجزء الأول من المزمور يتحدث المرنم عن ألام المسيح. وفي هذه الآيات يتحدث عن ميلاد الكنيسة =الْجَمَاعَةِ ، إِخْوَتِي فلقد صار "بكراً بين إخوة كثيرين" (عب11:2 ، 12 + رو29:8). ولاحظ أن كلمة الجماعة مترجمة في اليونانية الكنيسة ، فالمسيح وسط كنيسته . وهذه الجماعة وُلِدَتْ بقيامة المسيح من الأموات وحلول الروح القدس على الكنيسة يوم الخمسين ثم بالمعمودية = شَعْبًا سَيُولَدُ (الآية (1)). وهذه الكنيسة ستكون كنيسة كارزة ببر المسيح = يَأْتُونَ وَيُخْبِرُونَ بِبِرهِ = ستخبر كل من يولد بِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ = أي قدَّم الخلاص والتبرير لأولاده. وعمل الكنيسة أن تسبحه وتشكره على ما فعل= سَبِّحُوهُ والكنيسة تتكون من اليهود مَعْشَرَ ذُرِّيَّةِ يَعْقُوبَ. ومن الأمم= تَسْجُدُ قُدَّامَكَ كُلُّ قَبَائِلِ الأُمَمِ والله يسمع لشعبه ولكن بشروط أن من يصرخ يكون متواضعاً= يسمع صراخ المسكين= أي المنسحق الذي يشعر بخطاياه ويتواضع بين يدي الله. وفي كنيسته يعطى الشبع لأولاده فهو أولاً يعطيهم جسده ودمه. ويشبعهم بتعاليمه وطوبى للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون. ويزيد إيمانهم. ويملك الله على قلوبهم= لأَنَّ لِلرَّبِّ الْمُلْكَ. ونرى مثالاً آخر لشرط الانسحاق أمام الله= قُدَّامَهُ يَجْثُو كُلُّ مَنْ يَنْحَدِرُ إِلَى التُّرَابِ = كلهم قابلين الصليب وَمَنْ لَمْ يُحْيِ نَفْسَهُ = أي من لم يطلب ملذات العالم= " من أراد أن يخلص نفسه يهلكها" ونلاحظ أن المسيح استخدم الآية (1) من المزمور على الصليب. وبولس الرسول نسب الآية(22) للمسيح في (عب12:2) + (مت 26 : 30 ) . لقد رأينا المسيح وحيداً على الصليب ، ولكن بعد القيامة نراه يظهر وسط إخوته ليؤمنوا بقيامته (يو18:20). ومن آمن وعرف المسيح تكون له حياة = تَحْيَا قُلُوبُكُمْ إِلَى الأَبَدِ (يو3:17). ونرى هنا أنه حتى الأغنياء والأقوياء لهم نصيب في هذا الشبع الروحي والخلاص = أَكَلَ وَسَجَدَ كُلُّ سَمِينِي الأَرْضِ = ولكن الشرط لهذا القبول نجده في بقية الآية.. قُدَّامَهُ يَجْثُو كُلُّ مَنْ يَنْحَدِرُ إِلَى التُّرَابِ = أي المتواضعين المنسحقين وهناك شرط آخر أن يتمم هذا الشخص العظيم غنياً كان أو قوياً، خلاصه بخوف ورعدة = يَا خَائِفِي الرَّبِّ سَبِّحُوهُ. والله لا يرفض أبداً من يأتي إليه بهذه الشروط = لَمْ يَحْتَقِرْ وَلَمْ يُرْذِلْ مَسْكَنَةَ الْمَسْكِينِ (مت3:5).
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 01 - 2014, 01:54 PM   رقم المشاركة : ( 24 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي

مزمور 23 (22 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير
كثير من مزامير داود مملوءة بالشكوى، أما هذا المزمور الرائع فمملوء بالتعزيات وبكلمات الفرح عن الله الراعي الذي يقوده فلا يخاف. وهذا المزمور من أروع تأملات داود عن رعاية الله. والمسيح هو الراعي الصالح (يو10) هو يبذل نفسه عن الخراف وفي المزمور السابق مباشرة (مز22) رأينا كيف يبذل المسيح نفسه عن كنيسته، وهنا نرى الراعي يُدخل قطيعه إلى مراعٍ خضراء باستحقاقات صليبه، هو تسبحة ثقة في الله وداود كان راعي غنم وغالبًا قال هذا المزمور وهو يتأمل في علاقته بقطيعه وفي نفس الوقت يتأمل في عناية الله به في كل مراحل حياته، فوجد أن الله هو الراعي الحقيقي له.
الآيات (1، 2): "الرب راعي فلا يعوزني شيء. في مراعٍ خضر يربضني. إلى مياه الراحة يوردني."
هنا نرى الرب الراعي. ونلاحظ أن الراعي يلتصق اليوم كله برعيته ويعيش معها، يقوتها ويغذيها ويقودها ويحميها. فحينما نسمع أن الله ربنا وملكنا نشعر بقوته ومجده. لكن حينما نسمع أنه راعينا نشعر بحلاوته ورقته وعنايته. وإذا كان الرب راعيَّ فلن أعتاز شيء، بل هو يرعى حتى شعور رؤوسنا، يسد احتياجاتنا الروحية والمادية ويحمي القطيع من الذئاب (الأعداء الروحيين والجسديين). والله دبر لكنيسته رعاة يخدمون شعبه ويتشبهون بالراعي الأعظم ولكنه هو وحده الراعي الكامل الصلاح. الذي يعرف خرافه بأسمائها. ومهما كانت شدة الضيقة التي أجتازها لن يعوزني شيء. في مراعٍ خضر يربضني= هذه المراعي هي كلمة الله (الكتاب المقدس). وهي الكنيسة نتعلم فيها ونسكن فيها ونأخذ من خيراتها. ونلاحظ أن أرميا وحزقيال ويوحنا الرائي أكلوا كلمة الله فهي مشبعة، والأكل معناه أن نهضم الكلمة ونختبرها ونحيا بها، أي ننفذها. والتعاليم التي نحصل عليها في الكنيسة هي طعام نقي، أما ما هو خارج الكنيسة فطعام غير نقي والكنيسة نجد فيها أشهى مائدة (جسد الرب ودمه). إلى مياه الراحة يوردني= الراعي هو الذي يقود القطيع ليشرب ويرتوي من ينابيع الروح القدس. وهذا ما كنا نحصل عليه إلا بعد أن قدَّم الراعي نفسه عنا على الصليب (مز22) (يو37:7، 38). هذا الماء يروي الشجرة المغروسة على مجاري المياه. والروح القدس هو معطي النعمة لكل مؤمن خلال الأسرار بدءًا بماء المعمودية.
الآيات (3، 4): "يرد نفسي يهديني إلى سبل البر من أجل اسمه أيضًا إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا لأنك أنت معي. عصاك وعكازك هما يعزيانني."
هنا نجد المسيح هو الطريق والقائد في هذا الطريق. ليرد النفوس التائهة إلى الكنيسة (بيت الآب)، كما عاد الابن الضال لبيت أبيه، وحينما نبتعد يدفعنا الروح القدس لنعود. وهذه العطايا ليست من أجل استحقاقنا لكن من أجل اسمه والرب رسم لنا طريقًا ضيقًا، لكنه هو الذي يقودنا. بل يستخدم الله بعض التجارب والآلام ليردنا للطريق إن لم نسمع لصوت التعزيات. وما هي سبل البر إلا بر المسيح فهو يقودني إلى ذاته بكونه الطريق الآمِنْ الذي يحملنا بروحه القدوس إلى حضن الآب. بل من يثبت في المسيح الطريق لا يخاف الموت فهو ذاقه لأجلنا من قبل ويعرف طريق الخروج منه بالقيامة. ولن نخاف مادام معنا، لأنه سيأخذنا معه في طريق القيامة، بل لن نخاف من أي ألم فهو قد اجتاز أصعب آلام وهي آلام الصليب وخرج منها منتصرًا. . إذا سرت في وادي ظل الموت = وادي ظل الموت هو هذه الحياة بحروبها وضيقاتها، وآخر عدو لنا وأصعب ضيقة هي الموت، ولكنه يسميه هنا ظل الموت، فلم يَعُدْ للموت سلطان علينا ، فلم يَعُدْ الموت موت أبدي، بل هو انتقال "مَنْ آمن بي ولو مات فسيحيا". عصاك وعكازك هما يعزيانني= الراعي يستخدم العصا في طرد الحيوانات المفترسة بعيدًا عن قطيعه، والعكاز ليستند عليه، وبه يضرب الخروف الجامح الذي يحاول الهروب وهذا يشير لتأديب الأبوة الحانية الحازمة. وهذا ما يعزينا أنه لا يتركنا نبتعد فنتوه. فعصاته هذه تحمينا من الذئاب الخارجية والذئاب الداخلية (ميولنا المنحرفة وراء شهوات الجسد).
الآيات (5، 6): "ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي. مسحت بالدهن رأسي. كأسي ريا. إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام."
هنا نجد المسيح الصديق المضيف، الذي أعد وليمة بذبيحة نفسه ليشبعني ويهبني فرحاً. لقد وجد راعينا أن عدونا قائم ضدنا فأعد هو بنفسه المائدة لنجلس ونأكل دون أن نخاف العدو الذي يطرق أبوابنا. العدو يستغل ضعفنا ويغرينا بالخطايا الممهلكة والمسيح أعطانا جسده غفرانا لخطايانا فنحيا أبديا . وكما أعد الله المن لشعبه طعاماً في رحلة غربتهم أعد لنا مائدة التناول في رحلة غربتنا. فالأعداء حاولوا إعاقة رحلتنا إلى السماء مسكننا الإلهي، فأعطانا راعينا جسده نثبت فيه حتى نصل إلى مسكننا. ونلاحظ أن الله أعطى المن لشعبه بعد الخروج، والمسيح أعطانا جسده بعد أن حررنا بصليبه من عبودية إبليس . مَسَحْتَ بِالدُّهْنِ رَأْسِي = إشارة لسر الميرون وبه نصير مسكنا للروح؟ ومن ثماره الفرح الذي ملأ كأسي فإرتويت من محبة الرب (الخمر رمز للفرح). فقديماً كانوا في الحزن يلبسون المسوح ويجلسون في الرماد. وفي الفرح يَدَّهِنون بالزيت. وكان مسح الضيف بالزيت علامة تكريم وكأن المسيح يستضيفنا على مائدة ويدهنا بزيت ليفرحنا ويخزي أعدائنا بمحبته لنا. ونلاحظ أن الراعي يحمل معه زيتاً لترطيب جراحات قطيعه. وأما الكأس للرعية فهي كتلة حجرية منحوتة ومجوفة يملأها الراعي بالمياه العذبة كل اليوم ليشرب القطيع والراعي يملأها دائماً حتى تفيض، فيبرد الماء المنسكب جدرانها ، فهو كراعي صالح كله حنان، لا يرضي أن يجد قطيعه هذا الكأس الذي يشرب منه القطيع وقد جعلته حرارة الشمس ساخنا، فيلتهب فم الخروف الذي يأتي ليشرب فهذا الماء المنسكب علي الحواف يبردها = كَأْسِي رَيَّا = أي مروية وفي هذا إشارة للبركات والتعزيات الدائمة. وهذه التعزيات والبركات نأخذها من داخل الكنيسة= مسْكُنُي فِي بَيْتِ الرَّبِّ مَدَى الأَيَّامِ. ونجد في مثل ناثان النبي لداود أن الحمل هنا سكن في بيت الراعي (2صم1:13-3). وقوله مدى الأيام يشير لسكنانا هنا وفي الأبدية في بيت الرب.
ونصلي هذا المزمور في الساعة الثالثة، التي نذكر فيها صدور الحكم على مخلصنا الراعي الصالح في وادي الموت، ويعطينا الروح القدس بمسحته في مثل هذه الساعة.
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 01 - 2014, 01:56 PM   رقم المشاركة : ( 25 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي

مزمور 24 (23 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير
يرى بعض المفسرين أن داود رتل هذا المزمور عند إصعاد تابوت العهد من بيت عوبيد أدوم إلى جبل صهيون (2صم12:6-17). والتابوت يمثل الحضرة الإلهية في موكب يرتفع إلى مدينة الله المقدسة على قمم الجبال العالية. ويقول يوسيفوس أن 7 فرق مرتلين وموسيقيين كانوا يتقدمون التابوت مرتلين هذا المزمور في هذه المناسبة.
وبروح النبوة رأي داود السيد المسيح صاعدًا إلى مقدسه السماوي.
والمسيح في صعوده أعطى للإنسان أن يصعد معه إلى السماء التي فتحها هو، ولكن المرتل هنا يذكر أن من سيصعد مع المسيح له مواصفات معينة، أي من له أعمال صالحة.
(مز22) حدثنا عن المسيح المصلوب و(مز23) حدثنا عن الراعي الصالح الذي بصليبه يقودنا إلى مراعي خضراء و(مز24) نرى فيه موكب مقدس غالب داخلا من خلال أبواب السماء المفتوحة، والملك الممجد وسط شعبه يصعد بهم إلى أمجاده السماوية. ولذلك تنشد الكنيسة هذا المزمور في عيدي القيامة والصعود. فهذا المزمور نقوله في تمثيلية القيامة. فالسيد المسيح نزل إلى عالمنا ليملك علينا بصليبه، وهو يقدس حياتنا ليهبنا الاستحقاق لندخل لموضع قدسه. ونسمع هنا عن ألقاب المسيح "ملك المجد- الرب الجبار في الحروب- رب الجنود" لأن دخولنا إلى السماء احتاج أن يهزم هو الشيطان أولًا ومازال يحاربه ويغلب فينا حتى الآن، فالمعركة لم تنتهي.
ونرتل هذا المزمور في الساعة الثالثة فهو مزمور الصعود. والصعود أعقبه حلول الروح القدس.
الآيات (1، 2): "للرب الأرض وملؤها. المسكونة وكل الساكنين فيها. لأنه على البحار أسسها وعلى الأنهار ثبتها."
الرب خلق الأرض كلها. ونرى في خلقة الأرض قدرة الله. ولكن قبل المسيح لم يعرف الرب سوى اليهود. وبعد المسيح عرفته المسكونة كلها وآمنت به، إذ ملك بالحب على كل المسكونة. في فرح داود بصعود التابوت والشعب يسبح، رأى بروح النبوة المسكونة كلها ممثلة في كنيسة العهد الجديد مسبحة لملكها المسيح وهو في وسطها، بل رأى هذه الكنيسة صاعدة للسموات مع عريسها.
عَلَى الْبِحَارِ أَسَّسَهَا = في بداية الخليقة كان روح الله يرف على وجه المياه ليخلق ويُبدع من أجل الإنسان محبوبه، فيتمتع الإنسان بالأرض. والعالم الذي نعيش فيه يشار له بالْبِحَرِ لمائه المالح الذى لا يروىوتقلباته.أماالأَنْهَارِ فتشير لمصادر الخيرات. ولكن المسيح ثبت كنيسته وسط هذا العالم المتقلب على الأنهار. والأَنْهَار تشير للروح القدس الذي أرسله المسيح بعد الفداء ليقود المؤمنين كخليقة جديدة فى المسيح ويثبت هذه الخليقة الجديدة فى المسيحوسط ألام هذا العالم المتقلب ويعزيهم =على الأنهار ثبتها.
الآيات (3-6): "من يصعد إلى جبل الرب ومن يقوم في موضع قدسه. الطاهر اليدين والنقي القلب الذي لم يحمل نفسه إلى الباطل ولا حلف كذبًا. يحمل بركة من عند الرب وبرًا من إله خلاصه. هذا هو الجيل الطالبه الملتمسون وجهك يا يعقوب. سلاه."
من يصعد مع المسيح؟ ونلاحظ أن جبل الرب هو موضع قدسه وهو أورشليم السمائية. وهنا نرى أهمية الأعمال مثل نقاوة القلب وطهارة اليد والجهاد عمومًا. وهذا هو منهج الكنيسة الأرثوذكسية. ومن يجاهد لكي ينقي قلبه يعاين الله (مت8:5). ومن يسهر على نقاوة قلبه يصير قلبه سماء مقدسة يسكن فيها الله. ونلاحظ أن حياة المؤمن هي صعود مستمر ونمو مستمر، فمن يتغذى ويرتوي بمياه الأنهار (الروح القدس) ينمو ويكون له ثمار. الذي لم يحمل نفسه إلى الباطل= أي لم ينشغل بتفاهة هذا العالم وملذاته. ومن يصنع هذا ينال بركة من الرب. هؤلاء الذين يبتغون وجه إله يعقوب وليس العالم.
الآيات (7-10): "ارفعن أيتها الارتاج رؤوسكن وارتفعن أيتها الأبواب الدهريات فيدخل ملك المجد. من هو هذا ملك المجد. الرب القدير الجبار الرب الجبار في القتال. ارفعن أيتها الارتاج رؤوسكن وارفعنها أيتها الدهريات فيدخل ملك المجد. من هو هذا ملك المجد. رب الجنود هو ملك المجد. سلاه."
في الآيات (1، 2) رأينا الله الملك الخالق ، الخلقة الأول (آدم) والخلقة الثانية فى المسيح(أف2 : 10). وفي الآيات (3-6) نرى الله الملك الذي يقدس شعبه . وهنا نرى صورة الملك الغالب، المسيح الذي صار إنساناً ثم صعد بجسد بشريتنا إلى السماء. وكما أصعد شعبه من مصر ها هو يصعد شعبه من العالم للسماء. (رؤ2:6) نرى فيه صورة الغلبة. فهو جاء ليدخل عالمنا كمحارب، يحارب بإسمنا ولحسابنا. وهنا نرى الملائكة في موكب المسيح الصاعد ينادون على الملائكة حراس أبواب السماء ليفتحوا الأبواب لملك المجد. ليفتحوا أبواب السماء= الأَبْوَابُ الدَّهْرِية. وكلمة دهرية لا تشير لأبواب الخيمة أو حتى أبواب الهيكل. لقد عبر داود بفكره من الرموز إلى الحقائق، ومن صعود تابوت العهد إلى جبل صهيون إلى صعود المسيح بجسد بشريتنا للسماء . وما كان ممكناً أن تغلق أبواب السماء أمام رب السماء. ولكن الغريب بالنسبة للملائكة أن تجد رب السماء له جسد بشري، وكأن الملائكة تتساءل من هذا الإنسان الذي يفتح له أبواب السماء. فالإنسان بسبب خطيته أغلقت أمامه أبواب السماء، أبواب العدالة الدهرية. وها هو رَبُّ الْجُنُودِ يفتحها له وهذا ما سبب ذهول الملائكة فتساءلت. بل نزل الرب أولاً إلى الجحيم وفتح أبوابه الدهرية التي كانت قد أغلقت على الإنسان لمدى الدهر وهنا...
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 01 - 2014, 01:58 PM   رقم المشاركة : ( 26 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي

مزمور 25 (24 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير
هذا المزمور هو صلاة جميلة، نموذج نتعلم منه الصلاة، فيه عناصر الصلاة المطلوبة.
آية (1): إليك يا رب أرفع نفسي."
1إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَرْفَعُ نَفْسِي = الصلاة ليست مجرد وقوف أمام الله، ولكنها رفع للنفس أي عدم الانشغال بالأرضيات وشهوات العالم، فمثل هذه الشهوات تربط النفس بالأرض وتمنعها عن الإرتفاع إلى فوق (كو1:3-10). وبعد أن يرتفع القلب عن الأرضيات، يجب أن ينشغل الذهن بالتفكير في السماويات، بالمسيح الذي فدانا (لذلك نضع دائماً صورة المسيح المصلوب في كل كنيسة) (1كو1:2 ، 2 + غل1:3). وحين نرفع أيدينا في الصلاة فلنفكر في أننا يجب أن نرفع عيوننا وأفكارنا وقلوبنا للسماء وبذلك لا نسمع ما قيل في (إش13:29) وهذا ما نسمعه في القداس "إرفعوا قلوبكم" ويجيب الشعب "هي عند الرب" ولأن رفع القلب هو هبة إلهية نسمع الكاهن يقول "فلنشكر الرب" الذى أعطانا هذا .
الآيات (2، 3): "يا إلهي عليك توكلت. فلا تدعني أخزى. لا تشمت بي أعدائي. أيضًا كل منتظريك لا يخزوا. ليخز الغادرون بلا سبب."
نجد هنا داود يشتكي من الأعداء، ربما إبشالوم أو شاول أو أي عدو آخر.. وربما أعداء روحيين، ونحن لنا أعداء كثيرين مثل الشيطان، الموت، الذات وشهواتها للعالم. والنفس التي ارتفعت عن الأرض إلى محبة الله تدرك قوته فتتكل عليه لينجيها من أعدائها وهي لن تخزى أبدًا أمام أعدائها الأشداء. ولنلاحظ قوله الغادرون بلا سبب= فلا سبب لعداوة الشيطان ضدنا، ولكن الله معنا. ما أحلى أن نصلي لله بثقة فيه واتكال عليه.
الآيات (4، 5): "طرقك يا رب عرفني. سبلك علمني. دربني في حقك وعلمني لأنك أنت إله خلاصي. إياك انتظرت اليوم كله."
هنا يطلب داود الإرشاد الإلهي، هو يقف كتلميذ أمام معلمه ليتعلم، يتعلم كيف يصلي وكيف يتضع، وكيف يحمل الصليب وكيف يخدم، علمني يا رب كيف أسلك في طريقك هنا نتعلم من داود أن الصلاة ليست كلامًا فقط بل نسمع صوت الروح القدس يعلمنا. وداود لا يتعجل أي شيء، بل هو ينتظر الرب النهار كله= فالله يعطي التعليم في الوقت المناسب. ونلاحظ أن أهم مصادر التعليم هو التأمل في الكتاب المقدس بروح الصلاة. دربني في حقك= فالله المعلم يدربنا ويروض أجسادنا لنخضع له ويصير لنا طريقه ونتقدس. والتعليم هو إعطاء الوصية ، أما التدريب للإنسان فهو ترويض للإنسان الذي يحمل طبيعة متمردة ورثها من أبيه آدم. وكون داود ينتظر الرب النهار كله فهذا يعني أنه يظل عمره كله يتعلم ويقبل التدريب ولا يظن أنه صار كاملًا لا يحتاج لتعليم (في12:3-18).
آية (6): "أذكر مراحمك يا رب وإحساناتك لأنها منذ الأزل هي."
أذكر يا رب مراحمك= الله يُسَّر بأن يطالبه الابن بحقه في المراحم والرأفات، بكونه منبع الحب الأزلي، هذه الطلبة تؤكد إيمان من يصلي بها وثقته في وعود الله بمراحمه لأولاده.
آية (7): "لا تذكر خطايا صباي ولا معاصي. كرحمتك أذكرني أنت من أجل جودك يا رب."
من شروط الصلاة المستجابة، الإعتراف بالخطية (إش5:6)، وهكذا قال بطرس للسيد المسيح "أخرج يا رب من سفينتي لأنني رجل خاطئ" (لو8:5). وداود هنا يذكر خطايا صباه ولا يتناساها ولذلك علينا أن نقف أمام الله ونذكر خطايانا شاكرين الله الذي غفرها، لكن لا نقف كمبررين ونظن في أنفسنا أننا أبرار. وهو يعتمد فقط على رحمة الله= كَرَحْمَتِكَ اذْكُرْنِي.
آية (8): "الرب صالح ومستقيم لذلك يعلم الخطاة الطريق."
هذه أيضًا من شروط الصلاة الصحيحة، أن ننسب كل الصلاح لله، ورعايته لأولاده.
آية (9): "يدرب الودعاء في الحق ويعلم الودعاء طرقه."
نرى هنا من الذي يقبل التعليم والتدريب الإلهي هم الودعاء المتضعين غير المتكبرين. التعليم هو إعطاء المعرفة ، أما التدريب فهو كيفية تطبيق المعرفة النظرية فى الحياة.
آية (10): "كل سبل الرب رحمة وحق لحافظي عهده وشهاداته."
طرق الرب كلها رحمة وحق ويكتشف هذا من يبتغي حقًا أن يعرف.
آية (11): "من أجل اسمك يا رب اغفر إثمي لأنه عظيم."
إعتراف آخر بالخطية. وهو يطلب الغفران ليس لأنه يستحق ولكن لأجل كرامة ومجد اسم الرب الذي دعي عليه، "لكي يرى الناس أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذي فيالسموات".
الآيات (12، 13): "من هو الإنسان الخائف الرب يعلمه طريقًا يختاره. نفسه في الخير تبيت ونسله يرث الأرض."
الإنسان الخائف الرب، يرشده الرب للطريق التي ارتضاها له وتثبت نفسه في خيرات الرب الروحية في هذه الحياة وفي الحياة الأخرى. نسله يرث الأرض= بمفهوم العهد القديم تستمر الأرض التي أعطاها لهم الله لهم ولنسلهم ولا يأخذها منهم الأعداء. وروحيًا الآن ميراث الأرض هو ميراث نصيبنا السماوي، والنسل هم كل من عرف المسيح عن طريق شهادتنا وخدمتنا وحياتنا، فكل المؤمنين هم نسل الرسل والتلاميذ.
آية (14): "سر الرب لخائفيه. وعهده لتعليمهم."
خائف الرب يتمتع بمجد الرب، الروح القدس يكشف له أسرار السماء (1كو9:2-13).
آية (15): "عيناي دائمًا إلى الرب لأنه هو يخرج رجلي من الشبكة."
الذين يثبتون عيونهم على الرب دائمًا ينجوا من الشباك المنصوبة لهم. فلنثبت عيوننا على الله ولا ننشغل بالأرضيات فننجذب لخداعاتها وملذاتها فتكون لنا شركًا.
الآيات (16، 17): "التفت إليَّ وارحمني لأني وحد ومسكين أنا. أفرج ضيقات قلبي من شدائدي أخرجني."
هنا شرط آخر للصلاة المقبولة وهو الانسحاق "القلب المنكسر والمتواضع لا يرذله الله". فداود يقول ها أنا إبنوَحْدٌ وَفقير = أي منفرد ومعزول أي ليس لي من ألجأ إليه سواك لتخرجني من ضيقتي، فأنا ضعيف جداً (يقول هذا وهو ملك له جيوش). وله من الأموال الكثير جدا وقادر أن يمتلك الأكثر ، ولكنه شاعر بأنه بدون الله فهو لا شئ . وكل من لم يشعر بأن الله يملأ حياته يشعر بعزلة مهما كان عدد الناس المحيطين به. وبهذا فداود كان فاهما للرسالة التى وجهها المسيح لملاك كنيسة لاودكية " أنا مزمع اناتقيأك....لانك تقول إنى غني...." ( رؤ 3 : 16 ،17).
ملحوظة: من يأس لأنه سقط في خطية ليس له فكر مسيحي. فنحن نعلم أننا قابلين للخطية بسبب ضعف طبيعتنا والخطية الساكنة فينا. ولكن فلنسرع كما فعل داود ونعترف بخطيتنا واثقين في قوة دم السيد المسيح الذي يبررنا. وأما اليأس فيترجم أنه كبرياء.
آية (22): "يا الله افد إسرائيل من كل ضيقاته."
هنا نصل لشرط آخر للصلاة المقبولة وهو الصلاة من أجل الآخرين وكل الكنيسة. افد إسرائيل = وهذا تم بالصليب.
ونصلي هذا المزمور في باكر فنذكر المضايقين الذين اجتمعوا حول المسيح والخلاص الذي صنعه المسيح. الابن الوحيد الفقير، الذي افتقر ليغنينا.
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 01 - 2014, 02:01 PM   رقم المشاركة : ( 27 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي

مزمور 26 (25 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير
ربما قال داود هذا المزمور في فترة هروبه من شاول أو من ثورة إبشالوم ضده حين أثار أعداءه عدة أكاذيب ضده وصوروه كإنسان شرير جدًا، وكانت التهم تتلخص في أنه خائن لوطنه إذ أنه اضطر أن يلجأ للفلسطينيين وأنه اشترك مع الوثنيين في عبادتهم تاركًا عبادة بيت الرب. وداود هنا شاعرًا بهذا الظلم يدافع عن نفسه ضد هذه التهم تاركًا الحكم على قلبه لله العادل ليصدر حكمًا بالبراءة عليه.
يرمز داود هنا في هذا المزمور للمسيح الذي صار عارًا عند البشر. وكأن المسيح هو الذي يقول أحكم لي يا رب فأني بكمالي سلكت = وبحسب السبعينية "بدعتي سلكت" والمسيح هو الوحيد الذي يقال عنه أنه كامل فهو بلا خطية وكان وديعًا كشاة تساق إلى الذبح دون أن تفتح فاها. أما داود فحين يقول بكمالي سلكت لا يقصد الكمال المطلق ولكن أنه برئ من التهم الموجهة إليه ظلمًا. احكم لي = تعني دافع عني.
والكنيسة المضطهدة بلا سبب يمكنها أن ترتل هذا المزمور مع مسيحها ليدافع عنها ضد مضطهديها ويحكم ببراءتها ويظهرها عروسًا له.
نرتل هذا المزمور في صلاة الساعة الثالثة فنذكر الساعة التي صدر الحكم فيها على المسيح وشهود الزور ضده وكيف أنه سلك بدعة وكان كاملًا وكيف انتصر.
آية (1): "اقض لي يا رب لأني بكمالي سلكت وعلى الرب توكلت بلا تقلقل."
لم يكن أمام داود، وقد وجه له أعداءه اتهامات ظالمة، إلا أن يلجأ لله ليشهد له أنه لم يفعل كل ما قيل عنه. واضعاً كل إتكاله على الرب وليس على إنسان وبلا تردد " ولم يضعف" (سبعينية).
آية (2): "جربني يا رب وامتحني صف كليتي وقلبي."
جَرِّبْنِي يَا رَبُّ.. صَفِّ كُلْيَتَيَّ = جربني هنا جاءت بمعنى فحص المعادن بالنار لتنقيتها ولذلك جاءت الكلمة فى السبعينية "إبلنى". وداود هنا غير أيوب. فأيوب حين فاجأته التجارب صرخ إلى الله متسائلاً لماذا سمحت بكل هذا يا رب فأنا بار.. أما داود فصرخ لتكن هذه الألام والتجارب لتنقيتي، فمن يحبه الرب يؤدبه.. هو هنا يريد أن تكشف التجارب له حقيقة ضعفاته ليكمل، فقوله جربني لا يعني أن يعرف الله بعد التجربة حقيقة قلبه فالله عالم بكل شئ، إنما لكي ينكشف داود أمام نفسه ويتنقى من أخطائه الدفينة. والكلية تشير للداخل، هي تنقي الدم وداود يريد تنقية داخله تماماً. (يع2:1 ، 3 + 1بط8:1 + 2كو10:12). هنا داود فى المزامير إرتفع درجة عن أيوب .
آية (3): "لأن رحمتك أمام عيني. وقد سلكت بحقك."
الأساس الذي نقبل به أي تجربة هو أن كل ما يمر بحياتنا مبنى على أساس رحمة الله، وأن كل شيء للخير للذين يحبون الله = وقد سلكت بحقك. فهو برئ من التهم التي وجهت إليه، وهو يحب الله لذلك يثق في استمرار مراحم الله كما اختبرها من قبل.
الآيات (4، 5): "لم أجلس مع أناس السوء. ومع الماكرين لا أدخل. أبغضت جماعة الأثمة ومع الأشرار لا أجلس."
نرى نموذج لكمال داود وتدقيقه في اختيار أصدقائه. فالناس يُعرفون من أصدقائهم. وهنا يدافع عن نفسه فهو مع أنه التجأ للوثنيين إلا أنه لا يشترك في أعمالهم. هو كان محرومًا بالجسد من مشاركة شعبه عبادتهم ولكن قلبه كان هناك في أورشليم.
الآيات (6-8): "أغسل يدي في النقاوة فأطوف بمذبحك يا رب. لأُسَمِّع بصوت الحمد وأحدث بجميع عجائبك. يا رب أحببت محل بيتك وموضع مسكن مجدك."
يعلن أنه ولو أنه هارب من أورشليم إلا أنه هو معهم، وكأنه يغسل يديه بالنقاوة، لا بماء المرحضة مع الكهنة ولكن بنقاوة القلب الداخلي، ويطوف حول المذبح لا بجسده وإنما بشوقه الداخلي، يسمع التسبيح السماوي بأذنيه الروحيتين. وغسل يديه يشير لأنه لم يشترك في عبادة الأوثان كما اتهموه ظلمًا. ونحن نغسل أيادينا ونتطهر من الماء والدم اللذين فاضا من جنب المسيح (معمودية + توبة وإفخارستيا). والطواف حول المذبح= كان الكهنة يفعلون ذلك بعد تقديم الذبيحة. وكان الشعب يتابعهم مسبحًا. وهنا داود يشعر أنه بقلبه يتابع تقديم الذبائح ويسبح الله مخبرًا بجميع عجائبه ومراحمه.
الآيات (9-12): "لا تجمع مع الخطاة نفسي ولا مع رجال الدماء حياتي. الذين في أيديهم رذيلة ويمينهم ملآنة رشوة. أما أنا فبكمالي أسلك. أفدني وارحمني. رجلي واقفة على سهل في الجماعات أبارك الرب."
صلاة يشتهي فيها داود أن يكون الله نصيبه وأن لا يُحرم من الله فيكون نصيبه مع الأشرار، هو لا يتصور أن يكون محروماً من الله هنا أو هناك فهو يحبه. أَمَّا أَنَا فَبِكَمَالِي سْلُكُت = هو تأكيد الولاء لله، وليس فيها نوع من الكبرياء. والدليل قوله. افْدِنِي وَارْحَمْنِي = فهو لا يقول انه كامل كمالا مطلقا بل مهما كانت أعمالي مستقيمة فلا خلاص لي سوى بفدائك العظيم ورحمتك. رِجْلِي وَاقِفَةٌ عَلَى سَهْل = تقف في الاستقامة (سبعينية) والسهل هو طريق مستوي بلا منخفضات ( سقوط في خطايا أو صغر نفس او يأس ) أو مرتفعات (كبرياء ) لذلك ترجمتها السبعينية " أما أنا فبدعتي سلكت" فلا تجعل نصيبي مع الشرير= لاَ تَجْمَعْ مَعَ الْخُطَاةِ نَفْسِي....لأنني لا أسلك في طريقهم. هنا نرى أعماله ولكنها بدون الفداء لن تجدي نفعاً. فِي الْجَمَاعَاتِ أُبَارِكُ الرَّبَّ = نرى هنا أهمية العبادة الجماعية في الكنيسة والقداسات والاجتماعات.
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 01 - 2014, 02:03 PM   رقم المشاركة : ( 28 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي

مزمور 27 (26 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير
ما أحلى أن نبدأ يومنا في صلاة باكر بهذا المزمور، فنشعر بثقة واطمئنان في حماية الله لنا وفيه أيضًا نرى شهود الزور محيطين بالمسيح (آية12) والرجاء في القيامة (آية13) وقيل عن مناسبة كتابة داود لهذا المزمور عدة أسباب، فقيل أنه كتبه في أثناء فترة اضطهاد شاول له، وقيل أنه كتب في آخر معركة دخلها داود وهو شيخ وكاد أن يقتل فيها لولا أن أنقذه أبيشاي (2صم16:21، 17) (هذا الرأي يقوله اليهود). ولكن كلمات هذا المزمور الرائع هي تسبحة حب وثقة وإيمان في الله ربما قالها داود وهو في قمة مجده شاعرًا بحماية الله له الدائمة (1-6). أما في باقي المزمور فنراه لا يكف عن الصلاة والتضرع فأن نكتشف معونة الله فهذا ليس مبررًا لنا أن نكف عن الصلاة والتضرع.
وعنوان المزمور أنه لداود قبل مسحِه. وداود مُسِحَ ثلاث مرات (في بيته على يد صموئيل ثم عندما ملك على يهوذا ثم عندما ملك على كل إسرائيل). (قبل مسحِه وردت في السبعينية).
آية (1): "الرب نوري وخلاصي ممن أخاف. الرب حصن حياتي ممن أرتعب."
الله نور (لو79:1 + يو5:1+5:9 + 1يو9:2). ويقول المزمور "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي". فالخاطئ أعمى يتردد ويتخبط في الظلمة وهكذا المهموم بهموم العالم. أما من كان الرب نوراً له يرى قوة الله وأن الله قادر أن يخلصه من أحزان العالم وهمومه وخطيته. والقديسين هزموا إبليس بعلامة الصليب. وعلمنا الأباء ترديد صلاة يسوع اليوم كله "فإسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنع". ولا يستطيع أن يردد هذه الآية من كان لا يزال ملقياً إتكاله على إنسان أو مادة أو ذاته. فيجد في الله حمايته من الأعداء الروحيين وخلاصاً وعاضداً له في تجارب العالم التي تعصف بحياته. والكتاب المقدس يقدم لنا الرب بألقاب كثيرة (نور/ خلاص/ حصن) ليجد كل واحد حاجته فيه.
الآيات (2، 3): "عندما اقترب إليَّ الأشرار ليأكلوا لحمي مضايقي وأعدائي عثروا وسقطوا. إن نزل عليَّ جيش لا يخاف قلبي. إن قامت علي حرب ففي ذلك أنا مطمئن."
الأشرار لو أكلوا لحمي فلن يقدروا أن يهلكوا روحي، فلا نخاف ممن يقتلون الجسد ولكن ليس لهم سلطان على الروح. ونحن في حروبنا الروحية تواجهنا قوات شر روحية (أف12:6) ولكن إن كان المسيح في سفينتنا فلا خوف من أن تغرق. (دانيال في جب الأسود) (الـ 3 فتية في أتون النار). هذا قول داود الذى أنار الله عينه فرأى الله معه .
الآيات (4، 5): "واحدة سألت من الرب وإياها ألتمس أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي لكي أنظر إلى جمال الرب وأتفرس في هيكله. لأنه يختبئ في مظلته في يوم الشر يسترني بستر خيمته على صخرة يرفعني."
داود لم ينشغل في ضيقته بالجيوش المحيطة به، بل ارتفع فكره ونظره إلى بيت الرب، وهذه دعوة لينشغل فكرنا بصلوات الكنيسة والشركة في التناول، وشركة الأمجاد الأبدية، علينا أن ننظر ومهما أحاطنا العدو بتجارب فلنرفع أفكارنا إلى بيت الله مشتاقين للسكنى معه كل أيام حياتنا، فهو مصدر حمايتنا، هو يرفعنا على صخرة، هو يعطينا غلبة على أعدائنا. وهناك نفرح بتسبيح الله ونقدم ذبائح الحمد. هنا نرى العبادة الجماعية بجانب العلاقة الفردية. وهنا يطلق المرتل على الكنيسة أسماء متعددة فهي بيت الرب إشارة لسكنى الله وسط شعبه وسكنى المؤمن مع الله. وهي هيكله المقدس إشارة للقداسة التي تكون للهيكل حين يحل الله فيه، وهي خيمته إشارة أن الله يشترك معنا في غربتنا في هذا العالم وهي مظلته حيث يستر علينا من حر التجارب وهي صخرة ترفعنا فوق الضيقات. طلبة داود هنا ويجب أن تكون طلبة كل منا أن نكون دائمًا في هيكل الله، دائمًا مع الرب. وجسدنا هو هيكل الله والروح القدس ساكن فينا وطلبة المؤمن أن لا يفارقه الله بل يسكن فيه دائمًا. أتفرس في هيكله= هذا يعني الصلاة والتأمل في كل ما أعطاه الله لنا ونشكره عليه. وداود كان يسمع من رئيس الكهنة عن مجد الله الذى يراه حينما يدخل إلى قدس الأقداس ، وداود بل كل الشعب محروم من رؤية هذا المجد ، فلا يدخل إلى قدس الأقداس سوى رئيس الكهنة ومرة واحدة فى السنة ، فكان داود يتفرس فى الهيكل ويشتهى أن يرى ما يراه رئيس الكهنة. وهكذا علينا أن نحيا نشتهى رؤية أمجاد السماء بعد أن دخل إليها المسيح كسابق لأجلنا، والمسيح هو رئيس كهنتنا ودخل إلى الأمجاد مرة واحدة ولا يعود يخرج ، والآن هو ينتظرنا إذ أعد لنا المكان بدخول الجسد البشرى للأمجاد السمائية . وخيمة الرب هي جسد المسيح الذي اختبأنا فيه، كما اختبأ موسى في نقرة الصخرة (خر33) وبذلك إستطاع أن يرى مجد الله فيلمع وجهه.وجسد المسيح هو المظلة التى نحتمى فيها. ونحن إن كنا ثابتين في المسيح نستطيع أن نتفرس ونتطلع إلى الأمجاد السماوية. والذي يعيش شاعراً بستر الله يكون ثابتاً على صخرة ، والصخرة هي المسيح (1كو4:10) وبهذا يرفع رأسه على أعدائه الشياطين.
آية (6): "والآن يرتفع رأسي على أعدائي حولي فأذبح في خيمته ذبائح الهتاف. أغني وأرنم للرب."
من اكتشف المسيح صخرة له وتأمل في أمجاده ومحبته يرتفع رأسه على أعدائه ويقدم ذبائح التسبيح والشكر إذ تيقن من النصرة الأكيدة تحت قيادة الرب.
الآيات (7-12): "استمع يا رب. بصوتي أدعو فارحمني واستجب لي. لك قال قلبي قلت اطلبوا وجهي. وجهك يا رب أطلب. لا تحجب وجهك عني لا تخيب بسخط عبدك. قد كنت عوني فلا ترفضني ولا تتركني يا إله خلاصي. إن أبي وأمي قد تركاني والرب يضمني. علمني يا رب طريقك وأهدني في سبيل مستقيم بسبب أعدائي. لا تسلمني إلى مرام مضايقي لأنه قد قام علي شهود زور ونافث ظلم."
لَكَ قَالَ قَلْبِي قُلْتَ اطْلُبُوا وَجْهِي = "لك قال قلبي طلبت وجهك" (سبعينية). هنا داود لا يكف عن الصلاة ومن قلبه، ليس من شفتيه فقط، وهو لا يطلب ولا يلتمس سوى الله. لو فقدت كل شئ في الدنيا فلن أخسر شيئاً، ولكني إذا حْجُبْت وَجْهَكَ عَنِّي ، فهذه لا أحتملها حتى إِنّ تركني أَبِي وَأُمِّي فأنت يا رب لا تتركني، وعَلِّمْنِي الطريق المُسْتَقِيمٍ. بِسَبَبِ أَعْدَائِي = حتى لا يشمتوا بسقوطي. مهما أحاط بي أعدائي وشهدوا زوراً فلا تتركني يا رب. وقوله لَكَ قَالَ قَلْبِي أي أصلي لك بقلبي ولكن بماذا يصلي؟ بما قاله الله سابقاً في وعوده أطلبوا وجهي. هو يتذكر وعود الله ويتمسك بها في ضيقته حين أحاط به الأعداء، فهو يطلب من الله أن لا يحجب وجهه عنه حين طلبه. فهو عوض الانشغال بالأعداء وتهديداتهم، ها هو ينشغل بوعود الله. ونلاحظ أن الله لا يحجب وجهه إلا بسبب الخطية ولكن مع ذلك فالله لا يهملنا بل يدبر أمورنا حتى لو أخطأنا. ربما الناس يرفضوننا بسبب خطايانا لكن الله لا يترك داود وهو أيضا لا يتركنا، حتى "إن نسيت الأم رضيعها أنا لا أنساكم". ولم نسمع أن أبو داود أو أمه قد تركاه ولكن المعنى أنه في ضيقته لن يستطيع أحد أن يدركه بالخلاص حتى أباه وأمه، ليس سوى الله . لقد جعل داود الله أبوه وأمه بل كل شئ له.
الآيات (13، 14): "لولا أنني آمنت بأن أرى جود الرب في أرض الأحياء. انتظر الرب ليتشدد وليتشجع قلبك وانتظر الرب."
أَرْضِ الأَحْيَاءِ = هي ملكوت السموات فهناك حياة لا يعقبها موت ، فالموت ناتج عن خطية هذا العالم، أما السماء فليس فيها خطية، لذلك فهي أرض الأحياء الذي ليس للموت سلطان فيها "ليس للموت الثاني سلطان عليهم". خيراتَ الرَّبِّ = هي الوجود الدائم في حضرة الرب ومعاينة وجه الرب، وهذا لا يتم إلا في الحياة الأخرى. وهذا الإيمان بأن لنا نصيباً في أرض الأحياء وبأننا سنعاين خيرات الرب، هو الذي يعطينا أن نصمد أمام تجارب وضيقات هذا العالم، والحروب الروحية التي تواجهنا. ولذلك يعلمنا المرتل في نهاية مزموره أن نصبر وننتظر الرب ونثق فيه وفي وعوده ونراقب عمله وتدبيره ونسبحه متأكدين من أبوته الحانية. ولأن التجارب قد تطول مدتها وبسبب هذا تخور قوة الكثيرين على الاحتمال يكرر المرتل عبارة انْتَظِرِ الرَّبَّ (14).
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 01 - 2014, 02:05 PM   رقم المشاركة : ( 29 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي

مزمور 28 - تفسير سفر المزامير
هذا المزمور هو صرخة صادرة من عمق الضغطة، تعكس خطرا هائلًا محيقًا بداود جعله يقترب من الموت، وكثرة الأحزان في حياة داود جعلته يصرخ إلى الله كثيرًا ويتحول إلى مرتل عذب، مرنم إسرائيل الحلو، يصرخ في ضيقته ثم يشعر بثقة أن الله سيستجيب فيسبح الله على استجابته. والصلاة والتسبيح لم تجعل الأحزان تدفع داود للكآبة، بل صارت سببًا في تعزيته وفي اتساع قلبه، بل في انفتاح عينيه، إذ رأي بروح النبوة ما سيحدث للمسيح من آلام، لقد حولت الصلاة داود إلى رمز للسيد المسيح ونبي يتنبأ عن ما حدث للمسيح.
آية (1): "إليك يا رب اصرخ يا صخرتي لا تتصامم من جهتي لئلا تسكت عني فأشبه الهابطين في الجب."
أحباء الرب يصرخون لله في ضيقاتهم بحرارة من قلوبهم. أما البعيدين عن الرب فلمن يصرخون؟ لذلك فهم يكتئبون ويكونون بلا تعزية في ضيقاتهم. يا صخرتي لا تتصامم من جهتي= هو يصرخ ليحقق الله طلبته ويخلصه من أعدائه، وإن لم يخلصه فليسمعه صوته المعزي، ويشعره بوجوده وقبوله فيفرح كما فرح الثلاثة فتية في أتون النار ومعهم المسيح. إن أقصى ما يؤلم الإنسان في ضيقته عدم سماعه لصوت تعزية الرب له، بل أن الإنسان إذا شعر بأن الله لا يستجيب له يحسب نفسه ميتًا = فأشبه الهابطين في الجب. والجب هو إشارة للجحيم الذي كان ينزل إليه كل من يموت، ثم نزل إليه المسيح ليخلص من ماتوا على الرجاء من قديسي العهد القديم. وكل من داخله هذا الشعور أن الله تركه ولم يعد يستمع إليه وأنه صار كمن في جب، عليه أن لا يكف عن الصلاة حتى يشعر باستجابة الله له وأن الله أعاد له تعزيته، كمن يعيد له حياته ويصعده من الجب. فصمت الله هو موت لنا، وحديثه معنا هو متعة بالحياة الجديدة المقامة في كلمة الله القائم من الأموات. وتؤخذ هذه الآية كنبوة عن أن المسيح، آلامه قد وصلت به إلى الجب أي الجحيم. لا تتصامم= هو تصور أنه طالما طلب من الله، فالله لابد وأن يستجيب فورًا.. لكن الله حقًا لابد وأن يستجيب لكل صلاة، ولكن الله له ثلاث طرق للاستجابة كما تعلمنا من أباء الكنيسة:
1. يستجيب فورًا.
2. يستجيب في الوقت المناسب الذي يراه هو "ملء الزمان".
3. لا يستجيب إطلاقًا لو كانت الطلبة ضد خلاص النفس أو أنها لضرر الشخص.
فبولس طلب من الله ثلاث مرات أن يرفع الشوكة والله قال لا، لصالح خلاص نفسه. ومن يفهم هذا، ومن يدرك محبة الله يطلب من الله ويثق أن الله قد استمع وأنه سيستجيب بحسب مشيئته (1يو14:5) التي هي خلاص النفوس (1تي4:2).
آية (2): "استمع صوت تضرعي إذ استغيث بك وارفع يديّ إلى محراب قدسك."
نموذج للصلاة [1] توجيه القلب للسماء = محراب قدسك [2] رفع اليدين مثل موسى. وهذه الآية تعبر عن حال المسيح في القبر، فاليهود بعد أن صلبوه ظنوا أنه انتهى إلى الجحيم.
آية (3): "لا تجذبني مع الأشرار ومع فعلة الإثم المخاطبين أصحابهم بالسلام والشر في قلوبهم."
المرنم يصرخ إلى الله حتى يعينه فلا ينجذب إلى طريق الأشرار فيكون نصيبه كنصيبهم . والمسيح بعد نزوله للجحيم لم يستمر فيه مع الأشرار بل أخذ الأبرار معه وصعد إلى الفردوس.
الآيات (4، 5): "أعطهم حسب فعلهم وحسب شر أعمالهم. حسب صنع أيديهم أعطهم. رد عليهم معاملتهم. لأنهم لم ينتبهوا إلى أفعال الرب ولا إلى أعمال يديه يهدمهم ولا يبنيهم."
هذه نبوة عن نهاية الأشرار وعقوبتهم وليست أمنية النبي أو دعاؤه عليهم فالنبي يعرف أن كل إنسان سيحصد ما قد زرع، والأشرار سيحصدون نتيجة خبثهم.
الآيات (6، 7): "مبارك الرب لأنه سمع صوت تضرعي. الرب عزّي وترسي عليه اتكل قلبي فانتصرت. ويبتهج قلبي وبأغنيتي احمده."
هذه هي نتيجة الصلاة والصراخ لله، هنا نجد المرنم قد شعر باستجابة الله له ، وهذا عمل الروح القدس فهو يعطى الشعور بالإستجابة فيتعزى من يصلى ويشكر الله على الإستجابة ويخرج من الصلاة وهو فى حالة فرح حتى وإن كانت مشكلته لم تُحَّل بعد .وهو لسان حال المسيح وكنيسته التي تفرح وتغني بقيامته وقيامتها فتشكر الرب على خلاصها.
الآيات (8، 9): "الرب عزّ لهم وحصن خلاص مسيحه هو. خلّص شعبك وبارك ميراثك وارعهم واحملهم إلى الأبد."
النبي أو كل منا يجب أن يصلي من أجل الكنيسة كلها= خلص شعبك. ينسى المؤمن ضيقته وينشغل بكل الكنيسة. ونرى هنا صورة لشفاعة المسيح الكفارية بعد قيامته عن كنيسته.
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 01 - 2014, 02:08 PM   رقم المشاركة : ( 30 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي

مزمور 29 (28 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير
· العواصف الرعدية شئ مرعب يراها كل إنسان فيخاف،· ولكن داود المرتل الذي إعتاد التسبيح حَوَّل منظر عاصفة مرعبة إلى مصدر تسبيح لله،· إذ رأى فيها علامة مجد وعظمة الله،· فإن كان الرعد والعاصفة مرهبين هكذا فكم أنت رهيب وعظيم يا الله.
· داود كان رقيق المشاعر مملوء حباً لله،· ويعزف أنشودة حب لله تحت أي ظرف،· إذا رأى السموات صافية قال "السموات تحدث بمجد الله" وإن رآها عاصفة قال هذا علامة مجد وعظمة وقوة الله. في الضيق يسبح وفي انفراج الضيق يسبح.
· هنا نراه يصف عاصفة رعدية وأثارها،· وهذه العاصفة بدأت من البحر الغربي قاطعة تلال فلسطين المكسوة بالغابات حتى براري قادش في أقصى حدود أدوم وهنا داود يدعو أبناء الله (الملائكة في السماء والمؤمنين في الأرض) أن يسبحوا الله على قوته،·فهذه الطبيعة الثائرة التي يقف أمامها الإنسان عاجزاً هي تحت سيطرة الله. بل هذا الرعد هو صدى لصوت الله الذي كل الأمور بيده وفي نهاية المزمور يعلن عدم خوفه من هذه الظواهر الطبيعية إذ هي في يد الله ،· والله يعطي عزة لشعبه وقوة،· وهو يسبحه الآن ليس فقط لقدرته وقوته بل محبته وأنه قادر أن يحول كل شئ لعز شعبه.
· ولقد بدأت العاصفة تتكون على البحر= صوت الرب على المياه. وكانت هناك سيول كثيرة على التلال الساحلية. والعواصف كسرت أغصان الأشجار العظيمة وتترك الجذوع عارية وذروة العاصفة موصوفة في صورة واضحة،· أن جذوع الأشجار التي إقتلعت فتقاومها الرياح فتقفز كما يفعل العجل أو الثور البري حين يتمرغ بشدة حمقاء. ومظهر آخر ربما نتيجة البروق تخرج نيران في وسط هذه الغابات. وبسبب الخوف تلد الوعول قبل أوانها. ونتيجة كل هذا تعرت الغابات من أشجارها. هنا نجد على الأرض هذه القوة الصاخبة،· وداود إمتد بصره للسماء فوجد هناك الملائكة تسبح. وعلى الأرض رأى الله يريد البركة لشعبه.
· جاء في الترجمة السبعينية أن هذا المزمور كان يرتل في عيد المظال،· وفي عيد المظال كانوا يبتهجون فيه بنهاية الحصاد.
· تكرر في هذا المزمور كلمة صوت الرب 7 مرات وكلمة الرب 18 مرة.
· صوت الرب هو الروح القدس الذي يتكلم في قلوبنا،· ويذكرنا ويعلمنا،· يأخذ مما للمسيح ويعطينا،· يرشدنا ويقودنا ويبكتنا لو أخطأنا. وعلى كل منا أن يدرب نفسه أن يجلس في خلوة هادئة وبروح الصلاة يتسمع لصوت الله الهادئ داخل النفس،· فالصلاة حوار مع الله،· ونسمع صوت الله في جلسات الإعتراف. وما يعطلنا عن سماع صوت الله هو إنشغال الإنسان بأهداف أخرى غير خلاص نفسه،· أما من كان قلبه نقياً غير منقسم الإتجاه يكون جهاز إستقباله الداخلي مستعداً لسماع صوت الروح القدس. ونلاحظ أن حلول الروح القدس يوم الخمسين على التلاميذ صاحبته أصوات كأنها هبوب ريح عاصفة،· ثم ظهرت ألسنة نار. ثم تعمد بالمياه 3000 نفس. هنا نرى الروح القدس صوت الرب الذي نخس قلوبهم فآمنوا،· ونرى الروح القدس صوت الرب على المياه التي ولدوا منها ثانية بالمعمودية،· وصوت الرب كنار يحل على التلاميذ،· وصوت الرب كعاصفة تزلزل قلوب غير المؤمنين فيؤمنوا. لذلك نصلي هذا المزمور في صلاة الساعة الثالثة.
الآيات (1، 2): "قدموا للرب يا أبناء الله قدموا للرب مجدًا وعزًا. قدموا للرب مجد اسمه اسجدوا للرب في زينة مقدسة."
هنا يطلب المرتل من كل أبناء الله أن يسجدوا لله ويمجدوا إسمه. وفي السجود إنسحاق وشعور بالإحتياج. وكيف نمجد إسم الله؟ بأعمالنا الصالحة ليراها الناس ويمجدوه (مت16:5). ونجدأن قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدًا وَعِزًّا="قدموا أبناء الكباش" (سبعينية). بمعنى أن نقدم أنفسنا ذبائح حية وهذا يمجد الله. والكبش وظيفته أن يتقدم القطيع وهذا عمل الرؤساء كقدوة لكل مؤمن. اسْجُدُوا لِلرَّبِّ فِي زِينَةٍ مُقَدَّسَةٍ = "اسجدوا للرب في دار قدسه"(سبعينية) = أي الكنيسة الواحدة الوحيدة على الأرض ليكون لنا نصيب في ديار قدسه في السماء.. إذا ما وقفنا في هيكلك المقدس نحسب كالقيام في السماء "قطع الثالثة".
زينة مقدسة=طهارة ونقاوة .
آية (3): "صوت الرب على المياه. إله المجد أرعد. الرب فوق المياه الكثيرة."
هذا ما حدث يوم الخمسين وما صاحب حلول الروح القدس من صوت عاصفة.والمياه الكثيرة = إشارة للمعمودية فهكذا قيل فى المكان الذى كان المعمدان يعمد فيه (يو3 : 23). وصوت العاصفة إشارة لعمل الروح القدس فى المعمودية (أع2 : 2). الرب فوق المياه الكثيرة = ونرى في أول أيام الخليقة روح الرب يرف فوق المياه لتخرج حياة. وهنا خرج مؤمنين وخرجت الكنيسة. وكون أن كلمة صَوْتُ الرَّبِّ تكررت 7 مرات ففي هذا إشارة لعمل الروح القدس الكامل في الكنيسة وفي السبع أسرار. وفي (رؤ1:3) نسمع عن سبع أرواح الله. كذلك نسمع عن أن اسم الرب تكرر 18 مرة 18 = 3 × 6 و(3) هي إشارة للثالوث أو الأقنوم الثالث، و(6) إشارة للإنسان الذي صار هيكلاً للروح القدس. وفي معمودية المسيح حل عليه الروح القدس وسمع صوت الآب "هذا هو ابني الحبيب.. " لذلك صوت الرب على المياه يشير لعمل الروح القدس فى المياه لتتغير طبيعتها ولا تعود مياها ساذجة عادية بل لها قوة أن تلد.
آية (4): "صوت الرب بالقوة. صوت الرب بالجلال."
صوت الرب ليس ضعيفًا، فكلمة بطرس في هذا اليوم آمن بسببها 3000 نفس. وفي العهد القديم حينما تكلم الله أرعد الجبل وخرجت نار فخاف الجميع، وحينما تكلم بولس ارتعب فيلكس الوالي، وحينما كلم المسيح السامرية تغيرت، وشاول آمن. وصوت الرب بالجلال = شعر موسى بجلال الرب وهو أمامه في العليقة، وكان المسيح بالرغم من اتضاعه في جلال عجيب فهو مولود في مذود ولكن ملائكة السماء تزفه في جلال. يهرب إلى مصر فتتحطم أصنامها، يتجلي أمام تلاميذه، يصلبونه فتظلم الشمس ويقوم من الأموات، ومن يقبل صوت الله يكون له جلال، فتلاميذ المسيح أحاطهم هذا الجلال وصنعوا المعجزات، وهكذا كل القديسين.
آية (5): "صوت الرب مكسر الأرز ويكسر الرب أرز لبنان."
الأرز المتشامخ رمزًا للكبرياء وتشامخ الفكر، مثل من يريد أن تكون له أفكاره الخاصة بالانفصال عن الله، أو شاعرًا ببره الذاتي. والأرز شجر معمِّر إشارة إلى أن خطية الكبرياء مزمنة. وصوت الرب أول شيء يعمله كسر هذا الكبرياء فتسقط معه باقي الخطايا ويبدأ الإنسان في الاستعداد لقبول مشيئة الله. الله لا يبدأ بأن يحارب الخطايا السهلة، بل يحارب الجبابرة ويخضعهم فهو ملك قوي.
آية (6): "ويمرحها مثل عجل لبنان وسريون مثل فريز البقر الوحشي."
يُمْرِحُهَا مِثْلَ عِجْل لُبْنَانَ = أشجار الأرز الضخمة تتطاير أمامه كما يجري عجل لبنان. وَسِرْيُونَ مِثْلَ فَرِيرِ الْبَقَرِ الْوَحْشِيِّ = سِرْيُونَ جبل في لبنان.. لا شئ يثبت أمام صوت الله مهما كانت قوته. أين كانت قوة موسى الأسود وكبريائه في مشهد إستشهاده النهائي. يُمْرِحُهَا مِثْلَ عِجْل= يجعلها تتقافز في مرح. فَرِيرِ الْبَقَرِ الْوَحْشِيِّ = جاءت في الإنجليزية "مثل صغير العجل الوحشي حينما يقفز" وفي السبعينية "إبن وحيد القرن المحبوب" والمعنى "العجل الصغير الوحشي" الذي يقفز في مرح أمام والديه، هكذا تتقافز أشجار الأرز الضخمة.
آية (7): "صوت الرب يقدح لهب نار."
هذه هي ألسنة النار التي حلَّت على التلاميذ فإلتهبوا حباً في الله، وغيرة على مجده، فتركوا كل شئ وجالوا مبشرين غير خائفين. وفي بعض الترجمات جاءت عوضاً عن يَقْدَحُ يقطع لهيب النار = هنا نرى الروح القدس يطفئ لهيب الشهوة.
آية (8): "صوت الرب يزلزل البرية يزلزل الرب برية قادش."
البرية عادة تكون قاحلة، لا حياة فيها، وهكذا الإنسان بدون الروح القدس يكون بلا ثمار، قلبه كبرية قاحلة، وصوت الروح القدس يحوله لجنة مثمرة، حوَّل اليهود وغير المؤمنين إلى مسيحيين، فتحولت القلوب الحجرية لقلوب لحمية حية، إذ تغير الجحود والقساوة فيها إلى حب وتوبة واشتياق لله.
آية (9): "صوت الرب يولد الأيل ويكشف الوعور وفي هيكله الكل قائل مجد."
يولد الأيل= الأيل نوع من الغزلان لها غريزة طبيعية عجيبة هي أنها تضع أنفها عند جحور الثعابين فتسرع هذه للخروج فتبطش بها الأيائل بحوافر أرجلها وتميتها، وهي تبدو في فرح بعد الانتصار فتسير كأنها ترقص وتتجمع بعد جهاد الحرب حول ينابيع المياه لتشرب، وصوت الرب ولَّدَ مؤمنين لهم سلطان أن يدوسوا على الحيات والعقارب، ويولد في نفس المؤمن الفرح والسلام والاشتياق إلى ينابيع المياه أي الامتلاء من الروح القدس. وهكذا فرح وتهلل الوزير الحبشي بعد معموديته وسجان فيلبي. يكشف الوعور أي الغابات الكثيفة. وهذه الغابات بسبب كثافة أشجارها يحجز عنها نور الشمس فتكون مظلمة، وأرضها موحلة تحيا فيها الثعابين والزواحف السامة، وداود رأى أن صوت الله يكشف هذه الغابات فيشرق فيها نور الشمس والمسيح هو شمس برنا. فهربت الحيات والعقارب وجفت المياه المتعفنة، وتحولت الطرق إلى طرق مستقيمة. وخلال جلسات فحص النفس والاعتراف، يستطيع صوت الرب أن يكشف الوعور ليصبح الداخل نقيًا. وفي هيكله الكل قائل مجدًا= هذه هي ثمار عمل النعمة في الشعوب وفي الأفراد حين يشرق نور المسيح فيهم. فنرى الآن الأرز قد تكسَّر= الكبرياء. وفي القديم نرى نتيجة الكبرياء بلبلة الألسن وفي يوم الخمسين حدث العكس إذ فهم الكل ما قاله بطرس، لقد اجتمعت الكنيسة كلها في لسان واحد يسبح الله وكل من قدَّم توبة ينطلق لسانه مسبحًا.
آية (10): "الرب بالطوفان جلس ويجلس الرب ملكًا إلى الأبد."
الرب بالطوفان جلس = نرى في الطوفان هلاك العالم القديم بسبب خطاياهم وقيامة عالم جديد ممثلًا في نوح عن طريق الفلك. والفلك رمز للكنيسة، وحادثة الطوفان رمز للمعمودية (1بط20:3، 21)، وهذا ما رأيناه في كلمات هذا المزمور أن صوت الرب حطّم الإنسان العتيق بكبريائه وشهواته ليقيم إنسانًا جديدًا (رو3:6، 4) وهذا الإنسان الجديد يملك الله علي قلبه، ويعطي مجدًا لله مسبحًا الله على عمله.
آية (11): "الرب يعطي عزًا لشعبه. الرب يبارك شعبه بالسلام."
صوت الرب جاء ليعلن فاعليته في حياة البشر ويحول قفر العالم إلى فردوس ويعطي شعبه قوة ويمنحهم سلام "سلامي أنا أعطيكم سلامي أترك لكم".
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب ثياب الحشمة - القس أنطونيوس فهمي
دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي
دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - مقدمة في سفر الملوك الأول "Kings 1"
دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - مقدمة في سفر راعوث " Ruth "
دراسة كتاب مقدس: عهد قديم -مقدمة في سفر القضاة " Judges "


الساعة الآن 07:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024