رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الخطايا التي تنتج عن محبة المديح والكرامة ما أكثر الخطايا التي تنتج عن محبة المديح والكرامة. نذكر من بينها: 1 - الرياء: محب المديح قد يصير إنسانًا مرائيًا، لا يعطى صورة حقيقية عن نفسه. فهو يخفى النقط السوداء التي فيه، ويُظهر فقط النقط البيضاء التي تجلب له المديح. وإخفاء النقط السوداء يتدرج فيه إلى نواح كثيرة. وكذلك إظهار النقط البيضاء التي تجلب له المديح. وإخفاء النقط السوداء يتدرج فيه إلى نواح كثيرة. وكذلك إظهار النقط البيضاء يتدرج فيه إلى نقط خطيرة. وبهذا يقع في عيوب لا تحصى. 2 - الغضب وعدم الاحتمال: مادام محب المديح يخفى عيوبه، فبالتالي لا يقبل أن يُوجه إليه أي عيب. فيكون إنسانًا يكره الانتقاد. وإذا انتقده أحد، فإنه لا يحتمل. وربما لا يقف فقط عند حد عدم الاحتمال، بل قد يتطور به الأمر إلى الغضب والنرفزة والثورة إلى آخر هذا الطريق. فكيف ينقده شخص ويقول عنه كلمة سيئة؟! وكيف يذكر له عيبًا معينًا؟! لهذا فإنه يثور ويضج، ويتعب من الداخل ومن الخارج. كما أنه يُتعب معه الآخرين أيضًا. وكل هذا بسبب محبته للمديح والكرامة. وهنا يجب أن نعلم أن علاج أنواع كثيرة من الغضب، هو ألا يكون الإنسان محبًا للمديح ولا للكرامة. لأن كثيرًا من غضبنا يكون مصدره هو محبة المديح، إذ لا يحتمل الإنسان كلمة إهانة أو نقد أو أية إساءة. 3- الكراهية: محب المديح قد يكره من لا يمدحه. ويكره أيضًا بالأكثر من ينتقده. كما يكره من يمدح غيره أمامه. لأنه يريد المديح له وحده! 4 - الحسد: محبة المديح والكرامة هي من الأسباب الأساسية للحسد. فالحاسد يريد أن يأخذ مركز غيره ومكانته عند الناس. ولا يريد أن يكون غيره أفضل منه. فلهذا يحسد كل من يراه موضع التقدير والإعجاب! 5 - النقد والإدانة والتشنيع والسب للغير: يقع محب المديح في هذه الأخطاء. ذلك لأنه يحب أن يكون جميع الناس أقل منه. لذلك فهو يشوه أعمال الغير، لكي يكون هو وحده الذي بلا عيب. ولهذا فإنه يقع في إدانة الآخرين، وفي التشهير بهم. كما يقع في السب، وما إلى ذلك من انتقاص حقوق الآخرين. 6 - وبذلك يخسر محبة الناس: يخسر محبة الذين ينتقدهم، ومحبة أصدقائهم وأقاربهم. ويخسر محبة من لا يعجبه هذا الأسلوب في تشويه الآخرين. 7 - هو أيضًا يحب المتكآت الأولى: ولأنه يحب العظمة، فإنه يتنازع مع الناس على المتكآت الأولى، ويدخل في خصومات وفي مشاكل مع من يجلس في المتكآت الأولى، كما لو كان ذلك الشخص يغتصب حقًا من حقوقه، أو لا يعترف بمكانته وأولويته! إنه يريد باستمرار أن يكون هو الأول والمتقدم والبارز والظاهر، والمختص بالاحترام والهيبة. وكل من ينافسه في هذا، لابد ان يسئ إليه، ويتكلم عنه رديًا. 8 - ومحبة المديح تدفعه إلى الكذب والادعاء: إن كان الإدعاء يوصله إلى مركز مرموق بين الناس، فلا مانع عنده ان يكذب ويدعى ما ليس فيه من مواهب وصفات. وربما يختلق قصصًا وأحداثًا لإثبات ذلك. 9 - وقد يصل به الأمر إلى تدبير دسائس: يتمكن بها من أن ينزع بها الظاهرين من مراكزهم، لكي يبقى هو وحده في الصورة، بلا منافس وبلا شريك في العظمة وفي إعجاب الناس. 10 - ومحبة المديح تؤدى إلى أكثر من هذا: فقد تؤدى بمحب المديح إلى اشتهاء موت الآخرين لكي يأخذ مكانهم، أو على الأقل يشتهى فشلهم وعزلهم، لكي ينال موضعهم. فإن كان وكيلًا، وليس له رئيس، فإنه يتطلع إلى منصب هذا الرئيس، ويشتهى وظيفته بأية وسيلة! ويطلب أن يُزاح من مكانه، لكي يجلس هو على كرسيه، ويتخيل خيالات توصله إلى ذلك، كأن تقدم شكاوى ضد هذا الرئيس، ويحقق معه، وتثبت إدانته ويُعزل، ويصبح الجو ممهدًا أمامه هو، ويخلو له المكان. وربما لا يسمح له ضميره أن يقول كلمة سوء عن رئيسه. ولكنه ينتظر بفارغ صبر أن تقال تلك الكلمة من غيره، فيفرح بها ويُسر، ولا يدافع عنه مع معرفته الأكيدة بأنه برئ. ولكنه لا يشهد بشهادة في صالحه! فلننظر كم من الخطايا قد وقع فيها مثل هذا الشخص، لفساد قلبه! 11 - ومحبة المديح والكرامة، تجعل الإنسان ليس فقط لا يحتمل التأديب ولا التوبيخ. بل لا يحتمل مجرد كلمة نصح! فكيف ينصحه غيره؟ هل هذا الغير أفضل منه، أو يفهم أكثر منه؟! بينما هو العارف والفاهم والعالم، والناصح والموجه والمرشد!! بل قد يتطور المر معه، فلا يحتمل إنسانًا ينصح آخر أمامه. لأن النصح والإرشاد هما له فقط! هو الذي ينصح. وهكذا يتضايق دون ان يدرك أحد لماذا تضايق! إنه يغلى من الداخل. وإذا سُئل عن سبب ضيقه، لا يستطيع أن يقول السبب. 12 - وبذلك يصبح مشكلة لنفسه ومشكلة للآخرين. وربما إذا سُئل غيره في وجوده، أو احترم الناس غيره في وجوده، لدرجة شعر بها أنه كان الأحق بهذا الاحترام، أو أن الاحترام الذي قد وجه لغيره كان أكثر مما وجه إليه، يتضايق ويتعب في الداخل، ولو من أجل سبب بسيط، كأن يدخل إنسان، ويسلم على غيره باشتياق أكثر أو باحترام أكثر! فهذا الإنسان المحب للمديح يصبح متعبًا. فهو لا يحتمل الناس. كما أن الناس أيضًا في مثل الحالة لا يحتملونه.. 13 - محبة المديح والكرامة تجعل الإنسان في موضع متردد غير ثابت. لأنه لا يسير على مبدأ واحد، وليست له خطة واضحة. وإنما إن كان هذا الأمر يسبب له المديح فإنه يفعله. وإن كان عكسه يأتى بالمديح، فإنه يفعل العكس! إنه يتلون مع الناس كيفما كانت صورهم وأساليبهم واتجاهاتهم: مع الوقور يكون وقورًا ومتزنًا. ومع المهزار يكون مهزارًا!! "ولكل شيء تحت السماء وقت". والوقت عنده هو مجال المديح: مع محب الكلام يكلمه كثيرًا لكي يُمدح على قدرته على الكلام. ومع الذي يحب الصمت، يصمت هو أيضًا لكي يُمدح على صمته. إن كان الدفاع عن الحق يجلب له المديح، فإنه يدافع عنه. لا حبًا في الحق، وإنما حبًا في المديح! وإن كان الدفاع سيغضب البعض منه، فإنه لا يقول الحق لئلا يغضبهم. وبذلك يخسر مديحهم له!! إنه يريد المديح وكفى، بأية طريقة وبأية وسيلة. ولا مانع من التلون مع الناس، لكي يصل إلى مديحهم له! يلبس لكل حالة لبوسها - ويتخذ أمام كل إنسان صورة وشكلًا وتصرفًا ليكسب رضاه ومديحه: أمام إنسان يحب الاتضاع، يجلس بوقار في اتضاع، ويعمل الأعمال التي يُمدح عليها كمتضع. ومع المتكبر يكون في صورة من العظمة التي يحبها. 14 - هو إنسان ملون، لا يثبت على وضع، لكي ينال المديح. يعيش في شقاء وتعاسة. يفقد سلامه الداخلى ك يشتاق إلى الكرامة. فإن لم تأته، يتعب ويشقى. وإن أتته يفرح ويُسر. ولكنه يفرح وقتيًا، ويلازمه الشقاء: إما لخوفه من ضياع تلك الكرامة، أو لاشتياقه إلى كرامة أفضل. ويعيش في تعب، لأن الكرامة الأفضل لم تصله بعد وسلسلة التعب النفسي معه تتوالى ولا تنتهي. 15 - محب المديح يقع في الغطرسة والكبرياء: وهذه تقوده إلى باقى الشرور. الكبرياء تدفعه إلى محبة المديح. وإن نال هذا المديح يزيد مقدار الكبرياء عنده. ويتحول إلى الغطرسة. 16 - وأخيرًا فإن محب المديح يخسر حياته الروحية خسرانًا كاملًا. لأن كل الفضائل التي يجهد ذاته في عملها، تتشوه تشويهًا شاملًا إذ يدخلها حب المديح فيفسدها، أو يكون حب المديح هو هدفها، وليس حب الخير! فلا تصبح له فضيلة على الإطلاق، لآن كل فضائله قد تشوهت بسبب فساد الهدف والدافع إليها. 17 - هذا الإنسان - مهما تعب ومهما عمل، يقف أمام الله صفر اليدين. ولا جزاء له عند الله، لأنه أخذ أجرته على الأرض. إذ يقول له الرب في اليوم الأخير إنك استوفيت أجرته على الأرض مديحًا وكرامة وعظمة. ولا تستحق شيئًا عندي في السماء (مت6: 2، 5، 16) إنك -لست من أجل الرب- عملت الفضائل بل من اجل كرامة تنالها من الناس، وقد نلتها وانتهى الأمر. فضائلك كانت من أجل ذاتك لكي ترتفع هذه الذات أمام الآخرين، وقد حصلت على ما تريد. فماذا بعد؟! وهكذا يخسر الإنسان الملكوت الأبدي والعشرة مع الله وقديسيه. وبسبب نزاعه مع الناس في محبته للكرامة، يخسر الناس أيضًا، لأنهم لا يحبون المتغطرس والمتكبر، ويشمئزون من سعيه وراء المديح. فيتعرض بهذا إلى ازدرائهم واحتقارهم، كلما يمتدح نفسه أمامهم. وصدق ماراسحق حينما قال: من سعى وراء الكرامة، هربت منه. ومن هرب منها بمعرفة، سعت إليه. إن كان الأمر هكذا، فكيف ينجو الإنسان إذن من محبة المديح والكرامة؟ |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|