الضمير
يوجد ضمير ضيق يتشكك في كل شيء، ويظن الخطأ حيث لا يوجد خطأ وضمير واسع يبرر تصرفات كثيرة.
وموضوع الضمير يدخل في موضوع العثرة. والأمثلة كثيرة:
·هل الجمال مثلا يعثر؟
فتاة جميلة. ينظر إليها البعض ويشتهونها. فهل هي عثرة لهؤلاء؟ وما ذنبها؟
كلا، إنها ليست عثرة. العثرة هي في قلوب الذين يشتهونها. الخطأ فيهم وليس فيها. القديسة يوستينا مثلا كانت جميلة جدا وقد اشتهاها شخص لدرجة أنه لجأ إلى السحر ليحصل عليها. فهل كانت هذه القديسة عثرة؟ كلا، وإنما العثرة في قلب ذلك الإنسان غير النقي.
ما رأيكم في ملاكين اشتهاهما أهل سادوم؟!
هل الملاكان كانا سبب عثرة؟! حاشا. إنما الخطأ في انحراف ذلك الشعب الشاذ، لذلك ضربهم الملاكان بالعمى عقابا لهم عل شهوتهم النجسة (تك 19: 4-11).
· الكتبة والفريسيون انتقدوا السيد المسيح، لأنه صنع معجزات في يوم سبت – فهل كان السيد المسيح عثرة لهم؟! بل عدم فهمهم أو عدم نقاوة قلوبهم كان هو السبب.
العثرة أتتهم من داخلهم، وليس من سبب خارجي.
· وما أكثر القديسين الذين اتهموا من الناس ظلما، مثل القديس مكاريوس الكبير، والقديسة مارينا والقديس افرام السرياني، ولم يكونوا عثرة، وأظهر الله براءتهم. وهنا ليتنا نتأمل قول الرسول:
(كل شيء طاهر للطاهرين) (تى 1: 15).
غير الطاهرين إذن، تكون كثير من الأمور عثرة لهم، بسبب عدم طهارتهم إذ يفكرون بطريقة فيها دنس.أما الطاهرون فيفكرون بنقاوة. لذلك لا تعثرهم أشياء تعثر غيرهم.
الأمر إذن يحتاج إلى ضمير نقى يحكم بعدل.
·لقد أمرنا السيد الرب أن نخفى فضائلنا. فهل إذا خفينا صلواتنا وأصوامنا وصدقاتنا حسب أمر الرب (مت 6) أيعثر الناس فينا ويظنوننا لا نصلى ولا نصوم؟!أم نطهر فضائلنا لكي لا يعثروا ونخالف وصية الرب؟! المسألة إذن مسألة ضمير..
المهم أننا نقدم مادة للعثرة.
أما إن أعثر غيرنا لسبب فيه، ولا قصد منا في إعثاره، فالذنب ذنبه.
·هل كان داود النبي سبب عثرة لشاول الملك، حينما انتصر على جليات؟!
كلا، بلا شك. وما كان بإمكان داود أن يترك جليات يعير صفوف الرب وداود نفسه نسب الانتصار للرب. وقال لجليات (اليوم يحسبك الرب في يدي..) (لأن الحرب للرب، وهو يدفعكم ليدنا).
(1صم 17: 46، 47) ولكن الذي أعثر شاول هو الغيرة التي في قلبه، وتعبه من قول النساء (ضرب شاول ألوفه، وداود ربواته) (1صم 18: 7).
داود النبي قال أيضًا في المزمور:
(أكثر من شعر رأسي الذين يبغضوني بلا سبب) (مز 69: 4).
فهل هو أعثرهم حتى أبغضوه؟! كلا، بل هم أبغضوه بلا سبب منه. إنما السبب هو حقد قلوبهم، وغيرتهم من تقواه وانتصاراته، أو شهواتهم في أن يغتصبوا سلطانه كما فعل أبشالوم..