رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النحت في الدولة الحديثة النحت هو الفن ذو الأبعاد الثلاثة (الطول والعرض والسمك)، وبنظرة على ما خلفته الدولة الحديثة من تماثيل، نجد أن بعضها يعبر عن المثالية بقوة ووضوح، والبعض الآخر يعبر عن الواقعية، بالإضافة إلى التماثيل التي تمثل المدرسة الآتونية، وتلك التي جمعت بين المثالية والواقعية.رأس الملك أمنحتب الأول بمتحف المتروبوليتان رأس الملكة حتشبسوت بالمتحف المصري وأصبح فن نحت التماثيل في عصر الدولة الحديثة أشد تعبيراً منه في أي عصر مضى، بل وأكثر ازدخاراً بالحياة، وأكثر تحرراً، وذلك بقدر ما تسمح به صفته الرسمية، وسلطة الكهنة والتقاليد التي تفرضها مقتضيات الطقوس الدينية. التمثال العملاق للملك رمسيس الثاني بمتحف ميت رهينة، ممفيس. حتشبسوت تقدم إنائي القرابين بالمتحف المصري وتدخل مجموعة التماثيل الضخمة التي تصور الملك آمون حوتب الثالث وزوجته "تي" نطاق التماثيل التقليدية التي سوف ينالها تغيير هام وعميق اعتبارا من هذا العصر. امنحتب الثالث والملكة تي.المتحف المصري وقد قامت حركة إخناتون الدينية في الوقت الذي كانت مدرسة آمون حوتب الثالث الفنية قد أخذت تتأصل وتفرض وجودها، فتركت هذه الحركة بصماتها على فن هذه الفترة، خصوصاً في فن النحت. ولم تكن محاولة التخلص من القواعد الفنية التقليدية لتجد طريقها دون أن تقابلها بعض الصعوبات الناتجة عن قلة عدد الفنانين الذين كان في مقدورهم تبني وتنفيذ القواعد الفنية الجديدة. وجاءت المدرسة الآتونية معبرة عن الفكر الديني الجديد الذي تبناه إخناتون، فالوجه مستطيل، والرقبة طويلة، والشفتان ممتلئتان والصدر أنثوي، والبطن مترهلة، والفخذان متضخمتان، والساقان نحيفتان، الخ. والواقع أن كل ما يبدو في قسمات وجه الملك يمثل إيماناً يحطم كل إدارة معادية، حتى وإن كان هذا الإيمان مصحوباً بموت عاجل، أو بفشل محقق، كما يمثل هموماً تعبر عن ثقل المسئولية التي يحملها على كاهله. وقدر لهذه المحاولة الجديدة أن تفشل دينياً وفنياً، وبالتالي لم يقدر لفن الآتونية الدوام. إلا أن ما بقي منه يتسم بالجمال، ويشير إلى حياة طبيعية تسودها الألفة والمحبة، وتجلت هذه السمات حتى في التماثيل الملكية، وهو ما لم يكن معهوداً من قبل. فالحياة الخاصة للأسرة المالكة قبل إخناتون كانت ملكاً لها، ولم يكن من حق الشعب أن يعرف شيئاً عنها، وإظهار المشاعر الطبيعية لم يكن بالإمكان، وبَعُدَ التعبيرُ عنها بصورةٍ من الصور. أما في عهد إخناتون فإننا نجد الملك لا يمانع في تصوير نفسه وهو يعبر عن مشاعره الطبيعية نحو أفراد أسرته، فسمح بأن يصور وهو يضم زوجته الملكة نفرتيتي في رقة، ويمسك بيديها. ولم يكن هناك أيضاً من بأس في أن يمثل الملك وهو يقبل طفلاً من أطفاله، أو يصور وهو في نزهة مع زوجته وأطفاله. والواقع أن التماثيل والنقوش التي عثر عليها، والتي ترجع إلى ذلك العهد، تمثل مدرسة فنية متميزة، وهي مدرسة بني فيها الفن على مبدأ التأمل الباطن المعبر، الذي، ويميل مع ذلك نحو الجانب العاطفي والمعنوي أكثر مما يميل نحو الحقيقة المادية الخالصة. والواضح أن الفنانين الذين التجأ إليهم إخناتون قد درسوا التشريح ووعوه تماماً، ويتضح ذلك من مجموعة الأقنعة الجصية، والقوالب التي عثر عليها في العمارنة. وانتهت تجربة المدرسة الآتونية، ولكن ملامحها لم تندثر، حيث ظل بعضها قائماً في عهد توت عنخ آمون وآي وحور محب. واحتفظت الأسرة التاسعة عشرة بالتقاليد الخاصة بالرقة والرشاقة، والتي كانت متبعة في نهاية الأسرة الثامنة عشرة، ومن أجمل التماثيل التي تتجلي فيها الدقة المتناهية، تمثال رمسيس الثاني المحفوظ بمتحف تورين بإيطاليا. وسار الفنانون في الأسرة العشرين على نفس النمط، وإن اختفى الجمال الفني، وحل محله شيء من التكلف المفعم بالركاكة. ولن نرى بعد ذلك تقدماً في فن نحت التماثيل إلا حين يكون الفنان بصدد التعبير عن ملامح غير مألوفة، تضطره إلى أن يستلهم المثل الحي، ويبدو ذلك واضحاً في المجموعة المحفوظة بمتحف القاهرة، والتي تمثل رمسيس السادس وهو يصرع أسيراً. ومنذ بداية الأسرة الثامنة عشرة، ابتكر النحات أسلوباً جديداً ترجع جذوره إلى أيام الدولة الوسطى، ونفذه في بعض التماثيل التي عرفت بتماثيل الكتلة، فظهر الجسم قاعداً القرفصاء، والذراعان تطوقان الركبتين، وقد لف في رداء واحد متخذاً هيئة مكعبٍ لا يبرز منه سوى الرأس وغطاؤها. ومن أمثلة هذا الأسلوب الجديد في النحت، تمثال "سننموت" مهندس الملكة حتشبسوت، وهو يضم بين ذراعيه تلميذته وربيبته الصغيرة "رع نفرو". وظهرت هيئة جديدة أخري في التماثيل، تصور رجلاً جاثياً ممسكاً أمامه بلوحة تذكارية، أو ناووسٍ، أو مذبحٍ، أو وجهٍ إلهي. وقد برهن النحات المصري في هذه الفترة على قدرته على تمثيل الحيوانات المفترسة والأليفة، تدل على ذلك نماذج السباع و السنانير التي عثر عليها، وكذلك كلاب الصيد والقردة. وقد مثل الفنان كلاً من هذه الحيوانات بحركاته الخاصة به واقعيةً صادقةً، تقل مبالغة عن الواقعية التي مثلت بها الحيوانات المفترسة في الفن الآشوري في بلاد النهرين على سبيل المقارنة. تحياتى |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|