|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
13 - 05 - 2012, 06:21 AM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
الجزء الثانى: البابا كيرلس السادس بطريركاً على كرسى مارمرقس (من عام 1959م إلى عام 1971م) بقلم القس رافائيل أفامينا (الشماس روفائيل صبحى) - الشماس الخاص لقداسة البابا نسكيات البابا "أقمع جسدى وأستعبده" (1كو 9: 27) "صالبين الجسد مع الشهوات" (غل 5: 24) "لأننا نحن الأحياء نسلم دائماً للموت من أجل يسوع لكى تظهر حياة يسوع فى جسدنا المائت" (2كو 4: 11) لم ينس البابا كيرلس يوماً انه الراهب الفقير مينا، وإن اختياره للبطريركية ليس شيئاً يدعوه إلى تغيير حياته النسكية.. بل كان على العكس يعتقد أنه يجتاز تجربةمريرة يحتاج معها لمزيد من التنهد والحزن والانسحاق والصوم والصلاة وكأنى بالأشواق الصالحة القوية التى ملكته منذ فخر شبابه- كمختار من الله - ودفعته إلىأن يلفظ العالم ، ويمسك بالمسيح الذى بداخله ، لم تتحول يوماً إلى غير ما كان يحرص.. لقد أغلق كل أبواب العالم عن نفسه الشهوات مع الرغبات ليبحث فيهاعن الكنز المخفى .. باع كل شئ ليشترى اللؤلؤة الواحدة الكثيرة الثمن.. أهمل احتياجات الجسد، فلم يعدله عليه سلطان، أشعل الروح بزيت الفضائل الذى لاينطفئ. وبعد أن ذاق، وشارك، وعاش ، وملك مع المسيح، لم يكن ممكناً أن يتطلع لاقتناء شئ آخر ، لقد ربح المسيح.. فما حاجته لهذا الآخر. "تحت ظلك اشتهيت أن أجلس، ثمرته حلوة لحلقى" "لقد وجدت من تحبه نفسى ، فأمسكته، ولم أرخه حتى أدخلته بيت أمى" طعامه وملابسه ونومه ليس غريباً إذاً أن نجد طعام البابا هو هو طعامه أيام إن كان راهباً رغم تقدم السن وتزايد المسئولية وإرهاق العمل. فكان إفطاره قربانة واحدة مع مسحوقالكمون أو الملح أو السمسم ، وبعد إلحاح طويل من أبناء البابا زيد هذا الإفطار مقدار ملعقتان صغيرتان من الفول. وكثيراً ما كانت تمتد مقابلات البابا إلى الساعة الثانية أو الثالثة بعد الظهر دون أن يتناول إفطاراً. وطعام الغذاء خبز جاف مع القليل جداً من الطعام المطبوخ الذى لا يأكل منه شيئاً بل يبلل به الخبز الجاف.. ما رأيته يوماً يقترب إلى دجاجة قدمت له، أو امتداديده لكوب من اللبن ليرتشف منها جرعة. وما كان أزهده فى اللحوم. وكان العشاء مثل الإفطار، وكان يكتفى أحياناً فيه بالقليل من الفاكهة. هذا هو طعام البابا فى غير أيام الصوم الذى كان له فيه نظاماً قاسياً ، وخاصة فى الصوم الكبير ، وصوم كلية الطهر العذراء مريم ، فكان يتناول الطعام مرة واحدةفى المساء بعد صلاة القداس الإلهى التى ما كان يريد لها أن تنتهى لولا إشفاقه على أبنائه الصائمين. أما ملابسه فما أبسطها.. فالداخلى منها بسيط خشن غير جاهز ، بل "مسرج" مصنوع من "الدمور" وفوقه يلبس حزاما من جلد والاسكيم المقدس ، ثم جلبابا أسودخفيفا من قماش زهيد الثمن. وكان يرتدى عباءة (زعبوط) غير مفتوحة من الأمام، والمسماة "الفراجية" . وكان يضع شالا على رأسه ليخفى به شعره الذى نذر ألايقصه منذ رهبنته. والملابس التى كان يرتديها عند إقامة القداسات كانت - وهى على مرآى من الجميع - غاية فى البساطة ، وكثير من الأباء يرتدى ما هو أثمن منها ، وكان ذلكدأب قداسته حتى فى الأعياد والمناسبات. وكان يرفض ارتداء البرنس أو التاج حتى فى يوم افتتاح الكاتدرائية الجديدة بالعباسية لم يرتد الملبس الفاخر الذى أهداه إياه جلالة الإمبراطور هيلاسلاسى فى هذهالمناسبة، وكان يردد : "لقد أتى المسيح إلى مصر هاربا ولم يكن له أين يسند رأسه". وما كان يستخدم إلا المناديل "المحلاوى" البسيطة. وكان يعطى لأبنائه المناديل الفاخرة التى تهدى له من أولده. كما كان يعطى من ملابسه للأباء الأساقفة أو الكهنة ، ولعل الكثيرون يحتفظون بها للبركة والذكرى. والشىء الذى أدهشنى انه لم يغير حذاءه طوال مدة خدمتى لقداسته، وهى خمس سنوات كاملة، ولم يه تم بدهانه أو إصلاحه .. وكثيرون حاولوا ربط حذائه بعدانتهاء الصلاة، فكان يأمرهم بتركه وهو يقول لهم (سيبه يا ابنى .. خلى الليلة تفوت على خير). "كهنتك يلبسون العدل وأبرارك يبتهجون ابتهاجاً" "يبتهج قلبى بالله مخلصى لأنه ألبسنى ثوب الخلاص وسربلنى بحلة السرور كل حين" أما نومه فما أقله.. فمن المعروف أن البابا يبدأ يومه بالصلاة فى الساعة الثالثة والنصف صباحاً، ولا يفرغ منن المقابلات والمشاغل إلا فى ساعة متأخرة منالليل. ومهما كان مجهداً أو متعباً فإنه ما أن يحين موعد الصلاة حتى ينهض قداسته بنشاط عجيب، وسرور ليكمل قانون عبادته. سريره بسيط من النحاس ، وغطاؤه بطانية واحدة صيفاً وشتاء. وما اكثر الليالى التى نام فيها فوق مقعده. وقد تعجب القاصد الرسولى لبساطة قلاية الباباعندما زاره وهو مريض، وعرض أن يؤثثها له بنفسه، فشكره البابا، وقال له أنى أحب هذا المكان البسيط. قراءات البابا لقد كان الكتاب المقدس هو صديقه الحميم الذى يلتقى به كل يوم. ولا يمل القراءة فيه، وكذلك كانت كتب القديس مار اسحق السريانى، لا يكف عن مطالعتها رغمأنه كان يحفظ الكثير منها، وسبق أن نسخها عدة مرات. وكذلك كان يقرأ كل الكتب الدينية التى طبعت فى عهده المبارك، وما أكثرها، وكان يعلق على ما جاء بها، وكذلك المجلات الدينية، لا يهمل فيها سطراً، ويبدىملاحظاته لمحرريها فى مقابلاتهم لقداسته ويخرجون من عنده منتفعين. اتضاعه وبغضه المديح ولا تجدى الكلمات فى وصف اتضاع البابا، فالاتضاع فضيلة لا توصف بل أعمال وحياة ناطقة، وبين طيات هذه المذكرات وجدنا، كما سنجد أمثلة حية لهذاالاتضاع. أما عن بغضه المديح فسأكتفى هنا بذكر واقعتين للدلالة على بغض قداسته له من كل قلبه. بينما كان أحد الأباء الكهنة يعظ فى دير مارمينا بمريوط ذكر معجزة حدثت بصلوات البابا، فخرج البابا من الكنيسة واتجه إلى قلايته، وعاد مع قرب انتهاء العظة، وكان واضحاً من عينيه الباكيتين، ومن ملامح وجهه ماذا صنع بنفسه فى قلايته. كما حدث ذات مرة أن قدم محاسب بعمارة رمسيس بالقاهرة إلى المقر البابوى ومعه ابنته الصغيرة لمقابلة البابا، ولما دخلت وركعت أمامه، رفعت نظرها إلى أعلالتقبل الصليب، فرأت منظراً عجيباً، فلم تستطع القيام حتى أقامها البابا، وخرجت الصبية تحكى لأبيها ما رأت. وفى اليوم التالى جاءت الصبية مع والدها، وقابلتالبابا، وقالت له أنها بالأمس رأت هالة من نور حول رأسه وتصل إلى كتفيه. انزعج البابا لقولها هذا، وقال: "احفظنى يارب.. احفظنى يارب " قال هذا وهو يشيح بوجهه عن الصبية. وكثيراً ما كنت أسمعه يقول تحقيراً لنفسه "الواد عمل بطرك". وكان إذا طلب امراً، ووجد كثيرين يسرعون إلى تلبية طلبه، كان يقول ببساطة: "جلبيته لحد ركبته،وعشرة فى خدمته". وفى تضاعيف هذه المذكرات سنجد صوراً ناطقة لحياة الاتضاع الكامل . وإذا كان العطف والحنان هما السمة المميزة لمعاملة البابا للآخرين ، إذا كانت البسمة المعزية هى هدية سمائية يقدمها لنا البابا .. فماذا ترى كان يصنع البابا معنفسه؟. ولكى تعرف الإجابة على هذا السؤال ، فلنقرأ معاً هذه الصفحات. معاملة البابا لنفسه حقاً إنك رجل الله أثناء الصوم الكبير فى عام 1969 ، أعطانى قداسة البابا زجاجة صغيرة بها ثلاث حصوات ، وطلب منى أن أعرضها على الأستاذ الدكتور/ عزيز فام - أستاذجراحة المسالك البولية بكلية الطب جامعة القاهرة ، وأخبره بأن هذه الحصوات قد آلمت البابا كثيراً عند نزولها. ولما رأى سيادته هذه الحصوات صاح قائلاً: "أناصغر حصوة من هذه الحصوات يحتاج إنزالها إلى عملية . أسرع إلى قداسة البابا لتوصيه بالإكثار من شرب الماء طوال النهار، وإنه إذا أراد الصوم فإنه يمكنهالامتناع عن تناول الطعام، ولكن لابد له من الإكثار من شرب الماء للحيلولة دون ترسب الأملاح فى الكلى . ولكن البابا أجابنى ببساطة : هل نترك الله ؟ .. هلنترك الشهيد مارمينا؟. وبعد ذلك بيومين حضر الأستاذ الطبيب للاطمئنان على صحة البابا ، وسألنى عما إذا كان البابا يكثر من شرب الماء من عدمه؟ فأخبرته ان البابا مستمر فى صومهكالمعتاد ، فصاح سيادته قائلاً : إن الكتاب يقول " لا تجرب الرب إلهك" وسمع البابا صوت الطبيب فاستدعاه، وأعطاه زجاجة أخرى بها حصوتان، وقال : "انالشهيد مارمينا قد ساعدنى فى إنزال هاتين الحصوتين أيضاً .. وهنا هدأت ثورة الطبيب .. وقال له: "حقاً أنك رجل الله ... قد أمنت بك" وأخذ الحصوات واحتفظبها لتكون شاهداً على قوة إيمان البابا ... وعلى قوة اتكاله على الله .. وعلى تمسكه بزهده، ونسكه. لماذا نتكاسل وقصة أخرى حدثت فى رحاب دير القديس العظيم مارمينا بمريوط.. فى صباح أحد الأيام أخبر قداسة البابا القمص مينا أمين الدير بأنه يشعر بألم لا يستطيع معهإقامة القداسة الإلهى . فمضى القمص مينا، وصلى القداس بمفرده. وما أن مضت نصف ساعة تقريباً حتى استدعانى البابا، وقال لى: "لماذا نتكاسل يا ابنى؟ .. هيئلى المذبح للصلاة" فرجوته أن يستريح فرفض. فأخبرته بأن القمص مينا قد اخذ أدوات الصلاة وصلى بها، فقام البابا بنفسه وأحضر أوانى أخرى وجمع لفائفاً منأماكن متفرقة ، واختار لنفسه ثلاث قربانات قائلاً: "قربان دير مارمينا يا ابنى أفضل بكثير من قربان أى مكان آخر". وأقام قداسته القداس على مذبح جانبى متناسياًآلامه وأتعابه وانحدرت من عينى عندئذ دمعة إشفاق. * حدث أكثر من مرة أن تعتل صحة قداسة البابا ، وترتفع درجة حرارته إلى اكثر من 39 درجة ، فكنا نقلق ونضطرب، وإذ بنا نفاجأ بقداسته تاركاً فراشه فىطريقه إلى الكنيسة فكنت أرجوه أن يستريح ، فلا يقبل . وقال لى معلقاً: "ذات مرة عندما كنت فى المنصورة ارتفعت درجة حرارتى إلى 40 درجة، وطلب منىالأطباء أن استريح لكننى صليت القداس، وقمت بزيارات لعدة كنائس وعدت فى ذات اليوم إلى المنصورة، وكان الأطباء مضطربين، ولكنهم وجدوا الحرارة قدهبطت إلى 37 درجة". * أعتاد البابا أن يذهب إلى الكاتدرائية المرقسية الجديدة بالأنبا رويس ليصلى القداس الإلهى أيام الأحد والأربعاء والجمعة، وكذلك صلاة رفع بخور عشية هذهالقداسات. وفى أيام الشتاء حيث كان البرد قارصاً داخل الكاتدرائية لعدم وجود الأبواب والنوافذ ولارتفاعها الشاهق ولاتساعها الكبير والفضاء المحيط بها. وبالرغممن ذلك كله كان البابا يداوم على الصلاة بها حتى فى تلك الأيام والليالى التى يزداد فيها الجو عبوساً ويهطل فيها المطر، وكنا نتوقع أن تعوقه مثل هذه الظروفعن الذهاب إلى هناك ، ولكننا كنا نفاجئ به يترك قلايته فى نشاط، ويمضى إلى الكاتدرائية ، ومع أنه لم يكن أحد من الشعب يحضر للكنيسة فى مثل هذه الليالىإلا نادراً. حاجاتى خدمتها هاتان اليدان استيقظت ذات ليلة على صوت حركة فى الصالون الصغير المجاور لحجرتى فنهضت لأعرف السبب، فوجدت لدهشتى قداسة البابا يقف فى المطبخ بملابس النوم،ويضع طعام العشاء فى الثلاجة. وتأثرت جداً من هذا المنظر وقلت لقداسته : "لماذا يا سيدنا لم تكلفنى بهذا العمل" فأجاب : "أنتم تتعبون معى طوال النهار ، وأنا قدخشيت على الطعام من التلف إذ أنى لم أكل منه شيئاً. فقمت لأضعه فى الثلاجة.. تصبح على خير" . وعدت إلى مخدعى متأثراً ، وأقول لنفسى أنه لا يتعامل معناكبابا وبطريرك .. بل كواحد منا. .. حتى طعامه لأولاده بينما كان البابا مقيماً فى دير مارمينا ذات مرة حضرت بعض العائلات لزيارة البابا، وعند انصرافهم أمر قداسته بأن يجهز لهم غذاء، وبعد قليل استدعانى وأمرنىأن أخذ طعام غذائه وأقدمه للأطفال ، فعرفته أننا قد أعددنا لهم طعاماً ، ولكنه أصر على ذلك .. فأخذت الطعام ، وقدمته للأطفال ... أما هو فلم يذق شيئاً. لعل الله ينظر إلىّ ويرحمنى أعطانى البابا ذات يوم الخطابات الواردة له لأرتبها ثم أتلوها على مسامعه، فوجدت خطاباً يحمل سباً وقذفاً فى قداسته، فأخبرته أن هناك خطاب يحمل كلاماً لايليق، فأمرنى بتلاوته ولكنى طلبت منه السماح لى بتمزيقه، ولكنه صمم على أن أتلوه له، فامتثلت ، وبعد أن فرغت منه قال لى بابتسامته البسيطة: "لا يزعجك هذاالكلام يا ابنى ولا تهتم به، لعل الله ينظر إلى ويرحمنى .. لقد قيل أكثر من ذلك مراراً كثيرة .. ولكن شكراً لله .. خلصنى وافتقدنى". يَخدم .. ولا يخُدم حدث فى عام 1967 أن أصيب قداسة البابا بجلطة فى وريد الساق فلزم الفراش نحو شهرين. ورغم ذلك فكان قداسته يأمرنى بإدخال أبنائه إليه، وكان يجلسواضعاً قدميه على كرسى - كأمر الأطباء- وتوافد ذات يوم عدد كبير من الناس وإذ كنت متعباً دخلت حجرتى لأستريح، وبعد ثلاث ساعات تقريباً استدعانىقداسته وبادرنى بقوله: "لقد صنع معى الرب أعجوبة يا ابنى " فقلت: ما هى يا سيدنا ؟ .. فقال : "بعد خروج الحاضرين قمت لأغلق الباب لأنى أعلم أنكم تتعبونكثيراً من أجلى. وقمت فعلاً وأغلقت الباب ولكننى سقطت إلى جواره وحاولت القيام فلم أستطع. ولم أتمكن من دق الجرس لأنه مرتفع، وحاولت قرع الباب فوجدتهبعيداً عنى .. ولم أقدر أن استند إلى الكراسى فجميعها دون متناول يدى.. وهكذا مكثت حوالى نصف ساعة ، فصرخت إلى الرب وطلبت منه المعونة ، فأعاننىوقمت" فبكيت لكلماته .. وقلت : "ما فائدتنا كلنا فى هذا المكان اسمح لى أن أتركه لأن البابا لا يريد منا حتى غلق بابه". فقال لى: "لا تقل هذا الكلام يا ابنى بلأعطى مجداً لله الذى أعاننى وحفظ عظامى من الكسر، وصنع معى هذه الأعجوبة مع كبر سنى ومرضى".. ثم صلى وأمرنى بالانصراف. جرح لم يلتئم قرر الأطباء إجراء عملية جراحية (إخراج الظفر من اللحم) فى قدمى قداسة البابا مرة كل ستة أشهر، وكان يقوم بإجراء هذه العملية السيد الدكتور يوسف يواقيمبالقاهرة، والسيد دكتور ميشيل أسعد بالإسكندرية. وكانت تجرى فى قلاية البابا وتستغرق أكثر من ساعة ، يتألم خلالها البابا ألماً شديداً وكان يجب ان يلتزم الباباالراحة الكاملة عدة أيام.. ولكنها لحظات قليلة تمر. ويرى الناس بعدها البابا فى الكنيسة يقوم برفع الصلوات ويطوف الكنيسة كلها مقدماً بخور الشكر لله .. وكانيقابل أبناؤه ويتحدث إليهم باشاً مستمعاً إلى أتعابهم ومشكلاتهم بابتسامة وديعة. وما كان يدرى أحد أن بقدمى قداسة البابا فى تلك اللحظة جرحين لم يلتئما بعد. |
||||
13 - 05 - 2012, 06:23 AM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
البابا المصلى من المتعذر علينا حقاً أن نقترب من شخصية البابا كيرلس السادس إذا لم تكن لنا خبرة حقيقية بحياة الشركة مع الله. ولا يمكننا بالتالى أن نفهم حياة هذا الرجلالقديس ، ما لم نكن نعرف معنى الصلاة بالروح والحق.. لقد كان قداسته دائب الصلاة .. يصلى ولا يمل .. لا يفتر لحظة عن التسبيح .. فى قلايته .. أو فىمقابلاته .. أو فى سيره، أو عند تناول الطعام .. دوماً يتلو المزامير ، رافعاً لله عقله ، وقلبه ، وكل حواسه .. كانت الصلاة مصدر تعزياته ، ووسيلته لحل مااستعصى من المشاكل .. والمرشد لاتخاذ القرار الحاسم . فهناك فى قلايته بعيداً عن الأعين كان يقضى أوقاتاً طويلة فى صلوات عميقة طارحاً أما الله كل المشاكلطالباً من أجل أولاده، ومن أجل الكنيسة والبلاد. لقد كانت حياة البابا كلها صلاة . وكانت الصلاة أيضاً هى حياة البابا. كان البابا يبدأ عادة فى الثالثة صباحاً مهما تأخرت ساعة إيوائه للفراش.. يقوم ليصلى مزامير نصف الليل، وبعدها يتجه إلى الكنيسة ليؤدى التسبحة التى يشبههابالمن الذى كان يجمعه بنو إسرائيل قبل شروق الشمس، والذى إذا ما أشرقت الشمس يسيل ولا يمكن جمعه .. وكان يصليها فى قلايته إذا كان متعباً ، ولا يقوىعلى مغادرتها.. وكنت أسمعه يرددها بتمعن وتلذذ عميق. وروى قداسته واقعة حدثت لمرتل بيعة فى إحدى قرى المنوفية ليبين أهمية هذا الطقس - شأنه فى ذلك شأن كل طقوس البيعة - كان لذلك المرتل ابن كسول لايريد حفظ صلوات التسبحة فكان يعاقبه. وذات مرة ضربه ضرباً موجعاً وحبسه فى الكنيسة ، وجلس الولد يبكى حتى جاءته امرأة وربتت على كتفيه ، وقالت له :"مالك يا ابنى؟" فقال لها : "أبويا ضربنى دون أن أعمل شيئاً" فقالت له : "يا ابنى أبوك عايزك تتعلم وتبقى كويس زيه .. اسمع كلام أبوك وأنا هساعدك"،وانصرفت المرأة ، وبعد قليل رجع المرتل إلى ابنه ليراجع معه بعض الألحان التى سبق أن تعلمها، فوجده قد أتقنها فجأة ، ولم يعرف الابن سر هذا الإتقان . ولكنأبوه إذ كان رجلاً تقياً سأل ابنه : "ألم يحضر لك أحد ؟ " فقص الابن قصة المرأة التى حضرت له ، فقال له " أنها القديسة العذراء مريم أم النور، سلام الرب له". أما صلاة القداس الإلهى فقد كانت هى الكنز الذى يفتحه يومياً ليغترف منه التعزيات الإلهية، وليطرح أمام "حمل الله" كل متاعبه وآلامه.. كان يصليه فى هدوءوعمق بصوت منخفض، ووجه مطرق إلى أسفل، ويغمض عينيه .. وتكاد صلاته بلا لحن .. وفى وقار وخشوع ولم يكن يسمح لنفسه أن يتكأ على المذبح أويخاطب أحداً.. ومع صلاة القداس يزرف الدموع الغزيرة .. فالدموع هى بنت الصلاة، وكنا جميعاً كشمامسة نجد أنفسنا نبكى معه. والحقيقة أن قداسة البابا كان يميل إلى إقامة صلاة القداس كاملة بمفرده، ليشعر بالعزاء الأكبر: ولعلنا جميعاً قد لاحظنا فى بعض الأحيان أنه كان يحضر فى ليالىالأعياد القداسات المذاعة على الشعب، ولا يشارك فيها لأنه يقيم قداساً آخراً بعد ذلك ينتهى قبل الفجر. وكان لشدة إيمانه بعظمة فائدة القداسات أمر بإقامة ثلاث قداسات بالكاتدرائية وقداسين بالكنيسة الصغيرة التى بجوارها ... وكان يردد : "لازم نفرح ملاك كل مذبحعلشان يذكرنا أمام الله". وكان يقول عن هؤلاء الملائكة "هم دول الجيش بتاعى اللى أنا بحارب بيه". كما واظب قداسة البابا على صلوات رفع بخور باكر وعشية فى ملبس بسيط : الشملة البيضاء والصدرة الحمراء .. كان يؤدى الصلاة فرحاً مبتهجاً، ويدوربالبخور كل الكنيسة ، يبخر أمام كل الأيقونات طالباً شفاعة أصحابها. وكان يصمم على رفع بخور باكر بمفرده.. وحدث ذات مرة أن تقدم إليه قس راهب ليأخذمن الشورية ، كما جرت العادة مع بعض الرؤساء الروحيين، فقال له البابا: "ولماذا لا أرفع أنا البخور.. السنا نرفعه للعزة الإلهية .. هناك كبير او صغير أمام الله.. أننا جميعاً أمامه سواء" .. وكان يشير إلى عظمة هذا الطقس وكرامته ، ويقول : أنه يشبه خدمة هارون وزكريا. وفى ليالى كيهك كان قداسته يجد عزاء كثيراً عندما يصلى تسابيح هذا الشهر المبارك بمفرده، داخل قلايته وكنت أدخل إليه فأجده ممسكاً بدف صغير ، يصلىبصوت مسموع. وكان يعاتبنى لعدم اشتراكى مع شمامسة الكنيسة فى صلاة التسبحة، ولكننى كنت أرغب فى الحقيقة أن أكون مستحقا مشاركة قداسته هذهالصلوات.. ولكنه يرفض. ومع مجىء أسبوع الآلام كان يعيش مع أحداث هذا الأسبوع الحزينة .. فكان يحزن ويكتئب .. ويبكى .. وكان يصلى صلوات الساعة الأولى والساعات الأخيرةبالكنيسة حيث يكون الحاضرون قليلين.. وكان يقرأ الفصول سواء بالقبطية أو بالعربية كأى قارئ صغير. وفى قراءة الطلبة كان يركع - رغم تقدم سنه - مصلياًبدموع وانسحاق. أما صلوات باقى الساعات فكان يصليها فى قلايته ببكاء كثير وتذلل عميق، واضعاً أمام ناظريه كل آلام كل آلام الفادى المخلص ، ذاكراً خطاياه وجهالات شعبه ،واكثر ما كان يؤثر فى نفسى منظر قداسته وهو ممسك بعكاز رهبانى بسيط، متخلياً عن عصا الرعاية. وما أن ينتهى قداس الخميس الكبير (خميس العهد) - وكان ينتهى غالباً حوالى الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر- حتى يبدأ البابا - وهو صائم - فى قراءةفصول أناجيل الروح القدس، ويقرأها باللغة القطبية بمفرده ، وهو واقف مرتيداً الشملة البيضاء ممسكاً شمعة بيده.. وكان هذا يستغرق وقتاً ليس بالقصير.. ولكنهيصلى شاعراً بالعزاء العظيم . *** عليك أيها القارئ العزيز أن تتصور بعد ذلك مدى الحزن الذى أصاب قداسة البابا ، عندما أمره الأطباء بملازمة الفراش بعد النوبات القلبية التى أصابته فى أيامعمره الأخيرة .. لقد أثر فى نفسه تأثيراً بالغاً فراقه للمذبح الذى لازمه اكثر من أربعين عاماً رافعاً عليه القرابين المقدسة كل يوم ، والبخور فى الصباح والمساءولذلك - وبناء على طلب قداسته - ركبت سماعة فى قلايته ليتابع بواسطتها الصلوات المقامة بالكاتدرائية وليشترك مع هذه الصلوات بفكره وقلبه ودموعه. وكانيبين للأباء الكهنة ما أخطأوا فيه وما أصابوا، مركزاً بصفة خاصة على توضيح الألفاظ وعدم الإسراع فى الصلوات وضرورة الإكثار من الصلاة باللغة القبطية. وهكذا كانت الحياة على الأرض بالنسبة لبابانا القديس كيرلس السادس صلاة مستمرة .. اتصال لا ينقطع بينبوع البركات التى تفوق العقل ولا يبلغ مداها أىوصف.. والصلاة بالروح هى التى تخلص القلب من ارتباطات العالم .. وتعطيه أنات الرغبة الحقيقية فى الانطلاق حيث الطهر الأسنى. وبصلواته كم انحلت صعاب، وحلت مشاكل، وجرت آيات ومعجزات. وعلى صفحات تالية من هذه المذكرات سنشتم أريج بخور صلاته المقبولة ، وسنسمع انتصارات النعمة وسنرى ماذا فعلت الصلوات ، وما هى ثمرة الأنات.. |
||||
13 - 05 - 2012, 06:26 AM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
معاملة البابا لأبنائه قصبة مرضوضة لا يقصف. وفتيلة مدخنة لا يطفئ (مت: 12-20) كان قلبه يلتهب بالحب لأبنائه ، تجذبه جذباً إلى أولاده جذوة إلهية متقدة.. إنه لا يستطيع إلا أن يحبهم، ولا يقدر إلا أن يفتح لهم قلبه، قبل أن يفتح بابه. من أجلهمتألم ، وحزن ، وبكى ، واكتأب، وتعب. وإذ كان الحب الذى يملأ قلبه حباً إلهياً ، لذلك فقد احبه الجميع : من أساء إليه مثل من كرمه، من قبله مثل من رفضه. وهو إذا زجر أو قسى ، فلأنه يحب محبةصادقة مخلصة. وإذا تحنن وأشفق، فهو يشدد ركب مرتخية ، أو يخشى على قصبة مرضوضة من عاصفة لا يريدها أن تقصف بعود يابس. وإذ كانت روحه أقوى من جسده بما لا يقاس، لذلك لم يعقه مرض أقعده عن أن يلتقى بأبنائه.. يلقاهم لأنه يحبهم.. حتى وهو على سرير المرض تنتابه أتعابوأوجاع لا يعرف أحد عنها شيئاً، سوى المقربين إليه جداً. سوف نذكرك يا أبانا لسنوات وسنوات ، وسوف يذكرك التاريخ لأجيال وأجيال. وسوف يشهد لك السمائيون إلى دوام الأزمان: أنك الأب الذى كان لأولاده..والراعى الذى كان لرعيته .. معلماً لهما بوداعة واتضاع ومحبة .. معطياً سلاماً من فيض سلام السماء عليك.. لم تكن لهما واعظاً.. بل كن لهما بحياتك عظة. . وإنى إذ أقتطف من حياة قداستك شذرات من هنا وهناك ، أعترف أن حبك لأبنائك أمر لا يمكن أن ترسم حدوده كلمات، أو تحكيه بعض القصص، لذلك، فإنى أدعوالقارئ مخلصاً أن يتعمق بروح صافية كل واقعة أرويها، لعله يستطيع الوصول إلى الأبعاد الحقيقية لعمل الله فى قلب هذا الرجل القديس.. لقد بكيت مع كل قصةمن هذه القصص، بل مع كل كلمة من كلماتها .. ولم لا .. وقد توارى عنا احب من كان يحبنا. * ما كان البابا يعرف أن أحد الأباء الأساقفة مريض، وانه بالقاهرة إلا ويذهب للسؤال عنه. كما كان يرسل من يسأل عن صحة الكاهن المريض أو يتصل به تليفونياً للاطمئنان عليه، ويستقبله بالبشر بعد أن يبل من مرضه. * وفى أوائل حبريته زار المستشفى القبطى بالقاهرة والإسكندرية مبتدأ بنزلاء الدرجة الثالثة، مما كان له أعظم الأثر فى النفوس. كما انشأ كنيسة بالمستشفىالقبطى بالقاهرة، وأخرى فى الإسكندرية. * وكم من مرة يلمح البابا شيخاً عجوزاً يريد بركة ولا يستطيع الوصول إليه لشدة الزحام، فكان يذهب إليه ويصلى له. * وكم من عروسين كانا يطلبان صورة تذكارية للبابا وهما إلى جواره ، فكان يستجيب للطلب مانحاً لهم الدعوات ، ولكنه فى ذات الوقت يرفض دائماً أن يصورمع خطيبين. * وكم من مرة أسمعه يطلب من الكاهن الذى يقدس معه الحل ، وكان الكاهن يتحرج من هذا الطلب، ولكن البابا كان يقول له : قول .. يا أبونا قول - حاللنى ياابنى. وأمام إلحاح البابا كان يعطيه الكاهن الحل. كفاية .. وجدنا الراعى الصالح حضر الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف المتنيح ذات يوم لمقابلة قداسة البابا ، فلم يجده فى قلايته، وعرف انه ما زال فى استقبال زائريه بصالون الطابقالأرضى منذ خروجه من الكنيسة عقب صلاة القداس وكانت الساعة وقتئذ قاربت الثانية والنصف بعد الظهر ، ولم يكن البابا بالتالى قد تناول طعام الإفطار بعد. ودهش نيافة المطران لذلك، ودخل إلى البابا وأصعده معه، وهو يقول للناس: "كفاية إحنا وجدنا الراعى الصالح.. أنتم عاوزين تضيعوه من وسطينا". وصعد معهالبابا كابن صغير يسمع له. ولكن البابا عاد لأولاده بعد صلاة العشية، وجلس معهم عدة ساعات. كنت مريضاً فزرتمونى * سمع البابا بمرض المتينح الأنبا كيرلس مطران قنا. وعلم أنه موجود بمنزل أحد أقاربه بالقاهرة ، فذهب إليه البابا وتباركا وصليا معاً. وبكى نيافة المطرانمتأثراً من محبة البابا. * ذهب البابا لزيارة المتنيح الأنبا كيرلس مطران البلينا، الذى كان مريضاً بالمستشفى القبطى. وما أن رآه نيافة المطران حتى قام واقفاً - بالرغم من أنه كان لايقوى على ذلك - وقبل البابا وتعانقا طويلاً. من يكرمكم يكرمنى عندما كان البابا يستقبل أحد الأباء الأساقفة أو المطارنة الأقدم منه فى الرسامة ، كان يترك كرسيه ليستقبله عند باب حجرة الاستقبال، ويقبله ويأخذ بيده ويجلس إلىجواره. الكرامة لمن لهم الكرامة لم يكن البابا يقسو على أى من الأباء الكهنة أمام أفراد الشعب مهما كان السبب، بل كان يحرص دوماً على ان يتحدث معه فى سرية فيما اخطأ، عملاً بقول الرسولبولس الى تيموثاؤس تلميذه: "لا تنتهر شيخاً (أى قسيساً)" . فإذا اخطأ الكاهن فى صلاته ، أو كيفية أداء الطقس كان يدنو منه وهو ممسك بالخولاجى ، ويعرفهالخطأ والصواب. وإذا كان خطأ الكاهن فى الطقوس التى تعلم بالتسليم - وهى عادة لا تدون فى الخولاجيات المقدسة - كان يشرحه له فى صوت منخفض جداً. وقد كان قداسة البابا متشدداً فى ضرورة الصلاة باللغة القبطية - بحيث لا يخلو منها قداس - وأصدر منشوراً بذلك للأباء الكهنة. يا ابنى أعطنى قلبك سمع قداسة البابا أن أحد الشمامسة يعيب على كاهن طريقة أدائه للقداس إذ قد تكاد تكون صلاة بلا لحن، وأراد البابا أن يقوم سلوك الشماس بلطف، فانتهز فرصةوجوده والشماس مرة أثناء تأدية ذلك الكاهن لصلاة القداس فقال للشماس: "شايف أبونا بيصلى إزاى.. الصلى طالع من قلبه .. ياريت اثنين ثلاثة زيه فى العالملكان ربنا يرفع غضبه عننا" فخجل الشماس وطلب الصفح والحل من البابا. شددوا الأيدى المرتخية قدمت شكاوى ضد أحد الكهنة فكان البابا ينصحه ويقويه بحنان، وكان الكاهن يأتى الى البابا ، ويطلب منه أن يؤازره بدعواته ، فكان البابا يقول له: "يا أبونا بأدعىلك كل يوم .. فقم وشد حيلك ، وشرفنى". القاضى العادل اشتكت لجنة إحدى الكنائس بالقاهرة من مرتل الكنيسة متهمة إياه بالإهمال، فلم يصدر البابا أمراً بشأنه ، إلا بعد أن أرسل أحد الموثوق فيهم وتحقق من صحةالشكوى. دعوا الأولاد يأتون الىّ كان البابا يشجع الشمامسة الصغار بأن يدعهم يتلون أغلب المردات وكان يشدد على المرتيلين لكى ينتظروا حتى ينتهى هؤلاء الشمامسة من المرد بأكمله، وكانيقول متسائلاً للمرتل الذى يقاطع الشمامسة، ويبدأ بقول المرد الخاص بالشعب : " ولما يغلط الشماس .. مين اللى يصحح له غلطه؟!". لئلا يخوروا فى الطريق كان البابا يأمر بإعداد طعام للشمامسة الصغار الذين يشتركون معه فى القداسات فى الصوم الكبير إذ كانت الصلاة تنتهى فى الساعة الخامسة مساءاً وكان يسال عدةمرات متأكداً من تناولهم الطعام قبل انصرافهم. بســـــطاء فى أحد الأمسيات عندما كان البابا يدور بالبخور فى الكنيسة - أثناء رفع بخور عشية - تقدمت إليه امرأة بسيطة، وقدمت له ثلاث بيضات وقالت له "خد دول ياسيدنا وباركنى". فأخذ بابا الإسكندرية الثلاث بيضات .. وضعها فى جيبه، رغم أنى كنت أسير خلفه فلم يسلمها لى وقال لها مبتسماً: "مسلوقين كويس ياست . ولايسيحوا فى جيبى" فأجابت : "لا يا سيدنا مسلوقين كويس". فانفرجت أساريره وقال لى : "ضمنا العشا يا ابنى" وصرفها داعياً لها بالبركة. خراف بلا راعى كان قداسة البابا يكن حناناً خاصاً نحو بناته طالبات الجامعة والموظفات حاثاً إياهن على التمسك بالحشمة والطهارة ، والتقرب إلى الله معطياً إياهن أمثلة منحياة قديسات الكنيسة. وكان يردد "انه عندما ينشغلن بحب الكنيسة تبتعد عنهن قوة الشر". وقد كان البابا يبدى حزنه على هذا الجيل وسمعته مرة يقول فىحجرته متنهداً "حاجة تبكى .. حاجة تحزن .. خراف بلا رعاة" وقد أثمرت حكمة البابا إذ كانت أعدد كبيرة منهن تفد إلى الكنيسة لحضور القداسات وأخذ بركة قداسة البابا قبل أن يتوجهن إلى الدراسة أو العمل. الزينة الخارجية ومع هذا لم يكن قداسة البابا يتهاون فى أن يطالبهن بارتداء الملابس المحتشمة بل كان يؤنبهن بشدة على الملابس غير المحتشمة. وعندما لا يعجبه زىإحداهن كان يقول لها: "حطى حاجة على رأسك يا ست" أو "أخرجى بره حطى حاجة على كتفك"، وإذا حضرت عائلة ومعها طفل بملابس قصيرة كان قداسته يقولللطفلة : "قولى لأمك تطول لك الفستان" وإذا كانت الطفلة ترتدى فستان بدون أكمام كان يقول لها : "قولى لأمك تعمل لك كم". وذات يوم حضرت سيدة مع زوجها لأخذ بركة من البابا حيث أنها كانت مريضة بالمستشفى، ولكن لاحظ قداسته أنها ترتدى ملبساً غير محتشم فزجرها قائلاً:"أخرجى بره.. هل هذه الملابس تقابلى بها البابا؟" فخرجت السيدة تبكى بحرقة ، وبعد انتهاء طابور الزوار دخلت مرة أخرى مع زوجها فصلى لهما الباباوصرفهما، ولكن دون ان يظهر لهما حنوه الذى تعوداه منه. كونوا كاملين كان البابا أيضاً يتشدد مع الشباب فى ضرورة ارتداء الملابس المحتشمة فعندما كان يرى شاباً مرتدياً قميصاً بنصف كم كان قداسته يضربه على ذراع ويؤنبهويقول : "يجب ان تكونوا كاملين" . وإذا حضر لمقابلته شاب طويل الشعر كان يمسك بشعره ويشده ويقول له : "ده ما يصحش" . وكان منهم من يتأثر ويطيع. أماإذا رأى شاباً ممن يظهرون بمظاهر الخلاعة والانحلال فكان قداسته يضربه على ذراعه ويؤنبه بقسوة. الراعى الصالح كان البابا يحرص على مقابلة أبنائه - حتى ولو كان متعباً - ليطمئن عليهم حاملاً عنهم أتعابهم. فقد حدث فى أحد الأيام بعد انتهاء قداسته من صلاة القداس الإلهى وقبل تناول الإفطار أن توافد عدد كبير من الزوار ملتمسين التبرك من قداسته، وحينما سألنى عنعدد الزوار عرفته أن عددهم كبير وإذ كان البابا متعباً رجوته أن يصرفهم بسرعة ، فنظر البابا وسألنى بحدة: "أنت تقصد ايه ؟؟" ... فخجلت من تصرفى .. ثمطلب منى إدخال الزوار وأفاض فى الحديث معهم ، ولم يفرغ منهم إلا فى موعد الغذاء، وهنا أراد قداسة البابا أن ينبهنى إلى خطئى بطريقته الأبوية راجعاً باللومعلى نفسه قائلاً: "لو كنت سمعت كلامك ما كنت تأخرت إلى هذا الوقت دون إفطار" ، وخرجت من أمام قداسته باكياً. ومتأثراً من فرط حنانه ومحبته لرعيته. والأكثر من هذا أن قداسته كان يطلب منى النزول للتأكد من عدم وجود زوار فى الطابق الأرضى قبل أن يدخل حجرته ليستريح. كلوا مما يقدم لكم ما كان قداسته يرفض أى طعام يقدمه له أى إنسان ، فكان يأخذ منه داعياً له ، وحدث أن بعض البسطاء أحضروا لقداسته سندوتشات فول وطعمية فقبلها منهم. كما تعودت زوجة شرطى أن توزع على الفقراء فطيراً فى عيد رئيس الملائكة الجليل ميخائيل، وكانت تعطى لقداسته نصيبه، إذ تحضر له ثلاث فطائر يأخذهابفرح، ويتذوق منها امامها، ثم يصرفها بالبركة ويعطينى الفطائر وكنت أنسى أمرها تماماً، ولكنه كان يسألنى عنها قائلاً: "هات الفطير نأكل منه، علشان نأخد بركةيا ابنى". ويأخذ منها قدراً يسيراً. من أراد أن يكون عظيماً حضر إلى البابا أحد الأشخاص وطلب من قداسته قطعة قطن مبللة بالزيت المصلى عليه ليعطيها لزميل له مريض يطلب صلوات البابا، فقام قداسته وأحضرزجاجة الزيت، وبلل قطعة قطن، وأثناء ذلك سقط قليل من الزيت على يد الزائر. فطلب منه البابا أن يغسل يديه. فغسل الزائر يديه ثلاث مرات لينظفها منالزيت، وكم كانت دهشته عندما وجد قداسة البابا واقفا خلفه منتظرا حاملا له الفوطة ليجفف بها يديه. تمثلوا بى فإنى وديع حدث أن اتصل بى البابا تليفونياً من حجرته الخاصة ، فرد عليه شخص كان موجود بحجرتى وقتئذ ، ولم يعرف أن محدثه هو قداسة البابا ، فأغلظ فى القول معه،وأثناء ذلك حضرت وسمعت صوت البابا، فأسرعت للرد عليه، فخجل هذا الشخص جداً، وذهب إلى البابا طالباً الصفح والحل، فعاتبه البابا فى ظرف وبساطة. جسداً واحداً وروحاً واحداً طلب قداسة البابا من أحد السعاة إعداد بعض الاحتياجات الخاصة بى ، وكان ذلك فى أول أيام لتلمذتى لقداسة البابا، فرد الساعى قائلاً: "أنا خدامه يا سيدنا" . لكنقداسته كأب للجميع رفض هذا القول قائلاً: "بل اخوة" ، وهكذا عشنا اخوة متحابين تحت ظل بابانا الحنون ، وكان درساً نافعاً لى فى أول أيام تلمذتى. كونوا حكماء حدث أن وجه لى أحد العاملين بالبطريركية - وكان مسناً - لفظاً قاسياً وعندما أردت معاتبته منعنى قداسة البابا ، وبعد ذلك جاءنى الرجل معتذراً، وتصادقنا منذلك الوقت بفضل حكمة البابا. أحبوا أعدائكم كان بعض الضعفاء يقومون بإصدار منشورات ضد قداسة البابا مملوءة سباً وقذفاً، ولكن جاء كثيرون منهم بعد ذلك إلى قداسته معتذرين معترفين، فكان يقبل منيأتى منهم ويقول له: "أنا كنت أعرف عنك كل شئ وكنت أصلى لك" . وقد أسند لبعضهم أعمالاً هامة فى الكنيسة وكان البعض يتساءلون ما سر ذلك، وكان البابايجيب: "أحبوا أعدائكم - باركوا لاعنيكم - صلوا من أجل الذين يسيئون إليكم". كونوا ودعاء عندما كان قداسة البابا يطلب من أحد السعاة طلباً ما كإحضار كوب ماء أو ملابس الصلاة ، كان يطلبها بوداعة ولطف ويقول مداعباً: "احضر لى يا ابنى (كذا) ..لكى أدعو لك الدعوتين اللى فاضلين". * فى دير مارمينا بمريوط كان البابا يقيم فى الدور العلوى من جناحه الخاص. وكان بعد تناوله الطعام يقوم بنفسه بإنزال أوانى الطعام إلى الطابق الأرضى ثميصعد ، ويقف فى أعلى السلم، وينادينا، وعند حضورنا وقبل صعود السلم يعرفنا انه قد أنزل الأوانى، وحاولنا كثيراً أن نثنيه عن القيام بهذا العمل ولكنه كانيقول: "يكفى تعبكم معى فى أشياء أخرى كثيرة". |
||||
13 - 05 - 2012, 06:28 AM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
البابا كيرلس العجائبى "أسكب من روحى فى تلك الأيام فيتنبأون" -- يوئيل النبى * "يا رجل الله البابا كيرلس السادس.. كم من شخص يروى عنك انك كنت تفهمه من أول لقاء، وتحدثه عن نفسه وعن مشكلاته الخاصة قبل أن يكلمك فيها..وكم من إنسان يحكى انك كنت تنبئه عن أمور جرت أو ستجرى فى حياته أو فى بيته وأنت بعيداً عنه بالجسد حتى دخلت بروحك إلى حياة الكثيرين واندمجتمعهم فى مجريات أمورهم الشخصية. وصاروا يرونك فى أحلامهم منهما ومرشداً، وأصبحوا يتلقفون من فمك كلمة يمتصونها هدى ونوراً لسلوكهم." --(نيافة الأنبا غريغوريوس - أسقف الدراسات العليا) * "صممت أن أتحدث إليه فى أمر خاص يهمنى، ولما بدأت بتقبيل يديه وإذا به يتكلم وكأنه يقرأ ما فى قلبى كلمة كلمة. وأنا أنظر إليه مأخوذاً حتى إنه إذا ماأتم حديثه معى لم يدع لى مجالاً لكلمة تزاد. لأنه تناول ما أردته من جميع النواحى. ولم تكن هذه هى المرة الوحيدة، ولكنها مرات ومرات. فأدركت أنه بروحالله وروح الله لا يسكن إلا حيث القداسة" .. -- (جريدة مصر 10 مايو 1960) - القمص أرسانيوس زكى للإطلاع على مزيد من المعجزات نرجو الرجوع إلى كتب "معجزات البابا كيرلس السادس". ما قيل فى الآذان اخبرنى السيد دكتور البير جرجس اسحق انه كان يسير يوماً بجوار البطريركية بالقاهرة بصحبة صديق له وطلب السيد الدكتور من صديقه هذا أن يدخل الكنيسة،ليحضرا صلاة رفع بخور عشية التى يقيمها البابا بنفسه، ولكن الصديق رفض قائلاً: "أن هذا الرجل جاهل ولا داعى لتضييع الوقت وراءه سدى" وتحت الإلحاحرضخ فى النهاية على أن يدخلا لبضع دقائق وينصرفا. ولما مر البابا بالبخور انحنيا أمامه ، فوضع البابا الصليب على رأسيهما، ثم نظر للصديق - الذى كان لايريد حضور الصلاة - وقال له: "مادمت أنا راجل جاهل، وغير متعلم لماذا تتعب نفسك وتحضر تصلى معانا" . وهنا بكى الصديق وطلب الصفح، وأخذ يقبل يدىالبابا ومنذ لك الوقت وهو لا يفارق الكنيسة. نبوءة التلمذة حضرت عائلة لتتبارك من قداسة البابا عام 1967. وعند خروج أفراد هذه الأسرة ، سألنى البابا عن مدى معرفتى بها ، فقلت له أنى لا أعرف أحد من أفرادها.فقال لى البابا "أن معهم شاب يريد الرهبنة ، وسوف يرثك فى التلمذة"، فقلت له : "الرب يجعلنا مستحقين لخدمتك وأهلاً لها" . وبعد عامان حضر الشاب إلى ديرمارمينا حيث كان البابا موجوداً وطلب البقاء إجازة الصيف فى حضرة البابا. وفى هذه الأثناء رسمنى البابا راهباً ثم قساً، وأمرنى بإبلاغ هذا الشاب باختيار الباباشماساً خاصاً له بدلاً منى. فذهبت وأحضرته ، ولما مثل أمام البابا ، أمرنى أن أسلمه الحية النحاسية علامة التلمذة، فاعتذرت بأنى قد تسلمتها من يد البابا وعند ذلكأخذها منى البابا، وأعطاها لشماسه الجديد بيد المباركة ، ذلك هو الشماس فهمى شوقى فرج الذى ترهبن فى دير البراموس باسم الراهب متياس البراموسى ، بعدنياحة البابا. اسم مينا عشرات الأطفال تسموا باسم "مينا" . ولم يكن ذلك مصادفة بل أن وراء كل طفل قصة. كان يحضر زوجان للبابا يطلبان منه دعوة صالحة ليعطيهما الرب نسلاً ،فيصلى البابا لهما ، ويقول " فى مثل هذا الوقت من العام القادم ستحضران ومعكما مينا" وتتم هذه النبوة، ويعود الزوجان للتبرك من البابا ، ومعهما "مينا". وسنكتفى هنا بواقعة واحدة عالمين أنه فى بيوت الكثير منا وقائع عديدة مشابهة. كان شخص يعمل بمؤسسة تعمير الصحارى بخط مريوط ، تزوج "بأربعة نساء" - كما تسمح له عقيدته - طالباً نسلاً ، ولكن دون جدوى. كما قرر الأطباء الذينتردد عليهم بأنه لا أمل فى الإنجاب. ولما عرف بوجود البابا فى دير مارمينا ذهب لزيارته ، فلما رآه البابا سأله عن أولاده فأجابه الرجل حزيناً بأنه لم ينجب، وانالأطباء قرروا بأن لا أمل فى العلاج. فطمأنه البابا إلى أن سيعود ومعه مولود فى مثل هذا الوقت من العام التالى. وتصادف وجود البابا فى هذا الموعد بديرمارمينا بمريوط ، فحضر الرجل ومعه طفله الصغير- الذى أسماه مينا - ليشكر البابا ويتبارك منه ، فأخبره البابا بأنه سيرزق بابنة فى مثل هذا الوقت من العامالتالى، وقد تحققت هذه النبوة أيضاً، وقد حضر الرجل ومعه ابنه وابنته. خليقة جديدة توجه زوجان من معارف "القس مكارى عبد الله " الكاهن بالقاهرة، إلى قداسة البابا كيرلس لطلب البركة ، فسألهما البابا عن نسلهما فدمعت عيونهما : وأخبراه بأنالزوجة - حسبما قرر الأطباء - لا يمكن أن تنجب، لأن لها (رحم طفلة) وأنه إذا حدثت معجزة ، فعليها أن تنتظر سنيناً طويلة إلى أن ينمو الرحم. فصلى الباباعلى ماء ، وأعطاه للزوجة فشربت منه ، وصرفها بالبركة والدعوات، وعادا إلى مقر عمل الزوج فى طنطا. وبعد عدة أشهر أحست الزوجة بالآم فى بطنها ، فاصطحبها زوجها إلى أحد الأطباء للكشف عليها لأن فى بطنها انتفاخ نتيجة وجود ماء به. فنظر إليهما الطبيبنظرة شك، معتقداً انهما ليسا زوجان، وتردد فى إخبارهما بالحقيقة . ولكن الزوج استفسر عما بزوجته لأنها كانت متألمة جداً، فقال الطبيب: " ده نهاية اللى يمشىفى الطريق ده" . فاندهش الزوج وقال "أى طريق" . فقال الطبيب: "دى نتيجة الطريق السئ"، فقال الزوج: "أنها زوجتى ، وفى هذه الليلة أحست بألم فأحضرتهالك" . فاندهش الطبيب وقال: "فى هذه الليلة فقط، أن زوجتك حامل فى شهرها الثامن". فتعجب الزوج ولم يصدق، وأطلع الطبيب على تقارير الأطباء. فازدادتدهشة الطبيب لما عرف بقصة لقاءهما مع البابا، وأطلع على تقارير الأطباء الذين يثق هو فى مقدرتهم العلمية نظراً لأنهم كانوا يدرسون معه بالخارج، وقال : "هولسه احنا فى عصر يصلى فيه الكهنة على المياه فيصنعون معجزات !، لقد خلق الله لها رحماً جديداً!" ثم باشر هذا الطبيب فيما بعد الولادة بنفسه. ستعود الأرض روى لى السيد/"نصر ولسن" من القاهرة، بأنه اشترى قطعة أرض ليقيم عليها مسكناً خاصاً له. ولكن فوجئ بإحدى الهيئات الحكومية تخطره باستيلائها على قطعةالأرض مقابل دفع التعويض فذهب إلى البابا مخبراً إياه بما حدث، فقال له البابا بأن أرضه ستعود إليه. وأثناء إتمام عملية تسليم الأرض للجنة المختصة، حضرموظف كبير بسيارته الحكومية وأخبر اللجنة بأن الهيئة قد استغنت عن هذه الأرض، ولم تعد فى حاجة اليها، وطلبت وقف الإجراءات ، ففرح الرجل، وذهب إلىقداسة البابا ليخبره بما حدث، فقال له : "لقد أرسلت لك مارمينا يا ابنى". الله ينور طريقك روى لى صديق انه حضر لقداسة البابا طالباً منه البركة ، وإذ كان مقدماً على الزواج بعد بضع أسابيع قال للبابا أنه خاطب وسيتزوج قريباً فقال له البابا "ربناينور طريقك وينجيك" ، فخرج الصديق من عند البابا وقد تحير قلبه لهذا القول. ولكن بعد ذلك بثلاثة أيام تكشفت له حقيقة خطيبته ، وفسخت الخطبة.. وشكر اللهعلى دعوة البابا التى استجابت سريعاً. عادل أنت يارب كانت الكنيسة الصغيرة التى بناها البابا باسم الشهيد العظيم مارمينا بمصر القديمة محاطة بحديقة.. وذات يوم رأى البابا صبياً يتسلق السور ، ويدخل الحديقة ،فساءه ذلك ، وأمره بالرجوع إلى حيث كان خوفاً عليه من السقوط. ولكن الصبى اخذ يبكى، وبدون ترو نزل والده إلى الشارع مندفعاً فى الصياح، وفى سب"القمص مينا" ، ومهدداً بتقديم شكاوى لغلق الكنيسة . فقام بعض من أبناء القمص مينا المتوحد بكتابة شكوى ضد هذا الرجل باعتبار أنه سب علناً رجلاً من رجالالدين وأنه قد عطل الشعائر الدينية بالكنيسة، وأطلعوا أبونا مينا عليها قبل تقديمها ، ولكنه دعاهم إلى عدم السير فى هذا الطريق ، وتوجه بهم الكنيسة لعمل تمجيدلمارمينا وهو يعرف شغله. وكلم البابا الشهيد مارمينا بعد التمجيد قائلاً: "سوف يغلقون كنيستك يا مارمينا" وفى ثالث يوم مرض الرجل، وحمل إلى المستشفى علىنقالة. وأجريت له عدة عمليات جراحية ولكن بدون جدوى ، وخرج من المستشفى وهو مازال مريضاً وحضر إلى أبونا مينا طالباً الصفح ، فسامحه وصلى له،فشفى ، ولكن المرض يعاوده فى نفس الموعد كل سنة . أما نجله الذى سب البابا من أجله ، فقد أصبح إنساناً فاشلاً ، ورأيته يضرب والده طالباً منه نقوداً. كرسى البابا فى ظهر أحد الأيام جاءت إلى المقر البابوى فتاة من المنصورة تدعى "جورجيت" بصحبة عائلتها والأب "القمص أنطونيوس يونان" . وكانت هذه الفتاة مصابةبمرض خطير فى القلب عجز عن علاجه الأطباء . وكانت الفتاة وأسرتها يثقون أنها ستشفى بصلاة البابا، ولكنه كان عند وصولهم يستريح فى قلايته، فدخلواالكنيسة للانتظار، وتوجهت الفتاة إلى كرسى البابا، واستندت إليه متوجعة، وأخذت تبكى متشفعة بالبابا كيرلس ، وما أن فرغت من صلاتها وهمت بالعودة إلىحيث أسرتها حتى شعرت بأنها قد تحسنت حالتها جيداً، فتهللت الفتاة لذلك وفرحت أسرتها. وعرضوها على الأطباء المعالجين فقرروا أنها قد شفيت تماماً، ولا أثرللمرض بها. طاعة الحديد توجه البابا مبكراً للصلاة فى كنيسة ملحقة بملجأ فى محرم بك بالإسكندرية . فوجد ركب البابا باب الكنيسة مغلقاً بقفل كبير. فأخذوا يقرعون الباب مدة عشر دقائق، ولكن الخفير كان غير موجود وقتئذ. فرأى مرافقو البابا إلى التوجه لكنيسة أخرى ، ولكنه قال لهم : " شدوا السلسلة" فأطاعوه ، فسقط القفل الكبير. ودخل الباباوصلى القداس. وحضر الخفير ودهش إذ وجد القفل فى أيديهم مع انه قد قفله قبل أن يمضى. روح لها يا مارمينا عندما كان السيد/ "إبراهيم جندى" يتناول من يد قداسة البابا بكى وقال له ان ابنتى فى المستشفى ، متعسرة فى ولادتها . فخبط البابا "بالمستير" (الملعقة التى يعطىبها الدم للمتناول) على حافة الكأس وقال: "يا مارمينا روح انجدها" . وعاد الرجل إلى المستشفى فوجد ابنته ومعها وليدها، وأقبل عليه يهنئونه بسلامة ابنتهالمعجزية . فسألهم عما حدث، فقالوا له انه منذ قليل كانت حياتها قد وصلت مرحلة خطرة وفجأة نزل المولود سالماً. فقص عليهم ما فعله البابا .. فمجدوا الله. الإعرابى حضر إعرابى من صحراء مريوط إلى قداسة البابا بدير مار مينا يشكو من انحباس البول، وكاد أن يموت من شدة الألم . فصلى له البابا على قليل ماء، وأعطاه لهفشربه. ولم يكاد يصل الإعرابى إلى سور الدير حتى نزلت حصوة ، وشفى الرجل. وقد حدثت مثل هذه الأمور كثيراً مع الاعراب المحيطين بدير مارمينا بمريوط ، ومازالوا يتحدثون بما صنعه البابا كيرلس معهم. حتى الرياح والزوابع عندما كان البابا موجوداً بدير مارمينا بمريوط عام 1964 هبت زوبعة رملية شديدة، فطلب منه الأباء الرهبان أن يصلى لكى يتحسن الجو. فرفع البابا صليبهوقال: "أعط يارب مزاجاً حسناً للهواء" فهدأت الزوبعة وسكن الرياح تماماً حتى كادت الأنفاس تختنق. وهنا قال البابا "يا مارمينا هو إحنا نقولك سكت الزوبعة ،تقوم تسكت الهواء كله؟" وهنا تحرك الهواء برقة، فاعترت الجميع الدهشة والعجب. * وفى عام 1966 توجه البابا إلى دير الشهيد العظيم مارمينا مقرراً أن يعود فى ذات اليوم إلى الإسكندرية ، لارتباطه بمواعيد هامة. ولما فرغ البابا من صلاةالقداس هبت زوبعة رملية شديدة. وهنا نظر البابا إلى أيقونة الشهيد مارمينا ، وقال له: "انت زعلان عشان حنسيبك ، احنا هنرجع فى أقرب فرصة" ، ورفع الباباالصليب ، فسكتت العاصفة.. وعاد البابا إلى الإسكندرية. وكل من عرف بالمعجزة كان يعطى مجداً لله الذى كان يعبده القديس البابا كيرلس بالحق. شفاء القرحة روى لى السيد/ "حنا يوسف مينا" من الإسكندرية إنه أصيب بقرحة فى معدته، ولم يكن يستطيع أن يتناول أى طعام، وظل مدة لا يأخذ سوى "ماء الفول النابت" .وفى ليلة دخل الكاتدرائية ، ووجد البابا يرفع بخور عشية ، فوقف بجوار البابا يريد أن يخبره بمرضه ليصلى له. ولكن البابا طلب كوباً ليشرب، ورشمه وشربنصفه، ثم نظر إليه ، وقال له: "أنت نفسك فى شوية الميه دول" ، وأعطاهم له ، فشرب وشعر ن الماء ينزل فى أحشائه بلسماً شافياً. ولم يجد ما يدعوه لأن يخبرالبابا بمرضه. وعاد إلى منزله وتناول طعاماً دسماً. وكانت دهشته عظيمة إذ شعر بارتياح تام / وزال عنه المرض. إخراج الشياطين كان الناس يأتون إلى البابا بمرضى كثيرين منذ ان كان فى وحدته بمصر القديمة ، وكان يشفيهم بقوة الله . ولكن الأمر الذى كان يبهر العقل هو تلك القوة التىمعه لإخراج الشياطين. فكان يعمل كمن له سلطان .. وهنا اذكر أمثلة لوقائع حدثت أمامى، لعلها تعطينا فكرة واضحة عن مدة امتلاء ذاك البار من عطية الله الصالحة التى كانت تؤازره طوال حياته. * كان جمع من الناس ينتظرون نزول البابا من قلايته ، وعندما كان البابا فى أعلى السلم صرخ أحد الواقفين فى الدور الأرضى قائلاً: "أبعدوه عنى.. أبعدوه عنى". وسأل البابا عن سبب هذا الصراخ فأخبروه بأنه شخص به شيطان. وعندما وصل البابا إلى الدور الأرضى، صرع الشيطان الشاب، فأقامه البابا قائلاً: "قوم ياأبى مالك" . فقام الشاب متلفتاً حوله فصلى له البابا ، وأمره بالتناول من الأسرار المقدسة ، وانهال الشاب على يدى البابا تقبيلاً . وتعجب الجميع إذ خرج الشيطانبمجرد لمسة من البابا. * بينما كان البابا فى حجرة الاستقبال بعد انتهاء القداس أحضر له شاب به روح نجس ، فأمر البابا أن يترك حتى الانتهاء من مباركة الشعب ، وكان الشاب يصيحطالباً من الباباً " أن يتركه فى حاله ولا يؤذيه" ولما وضع البابا الصليب على رأسه ، صمت الشاب إذ صرعه الروح النجس ، فأقامه البابا وأعطاه كوب ماءفشربه، وانهال الشاب على يدى البابا مقبلاً وسط فرحة أقاربه الذين أتوا به باكين. * عندما كان البابا يناول الشعب ، أحضر له صبى به روح نجس ، ملأ الكنيسة صياحاً . وبعد القداس اقترب منه البابا ، ولطمه، وقال له : "لماذا ملأت الدنياصياحاً. أخرج منه" ووضع البابا صليبه على فم الصبى فاستفاق ، وأقبل على يدى البابا يقبلها. |
||||
13 - 05 - 2012, 06:30 AM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
تجديد الكاتدرائية المرقسية القديمة عند عودة قداسة البابا كيرلس من مؤتمر رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية الذى انعقد فى أديس أبابا سنة 1965، فوجئ بمقاول مكلف من قبل المجلس الملى العاميقوم بإزالة بياض الكاتدرائية ، وشرع فى هدم القبة الوسطى ليصب أخرى مكانها من الأسمنت المسلح، ولكن البابا منعه، وصرخ فى وجهه قائلاً: "إن الكنيسة كلها منالخشب" (الكنيسة مصممة بطريقة هندسية فريدة لتقاوم أى هزات أرضية) .. وكم كان حززن البابا على إتلاف الرسومات الموجودة بالسقف ، إذ كان يعتبرها آثاراًعزيزة للأباء السابقين ثم استدعى المقاولين شاروبيم وفرج اقلاديوس من الإسكندرية . وبمساعدة ابن أخيهم السيد/ عزيز ميخائيل المقاول بالقاهرة قاموا بإعادة بناءالواجهة الغربية للكنيسة ، وكذلك الدورين البحرى والقبلى. وأقاموا طابقين بالخرسانة المسلحة يسعان نحو ألف وخمسمائة مقعد. كما أعادوا ترميم القبة الوسطى وزينتبأبدع الرسومات. كما وضعت أساسات جديدة للهياكل ، وشيدت مذابح لكل منها قبة خاصة مزينة بأحلى الرسومات. كما هدمت الكنيسة الصغرى الملحقة بالكاتدرائية (كنيسة الشهيد اسطفانوس) ، ووضعت لها أساسات جديدة ، وبنيت كلها بالخرسانة المسلحة مع ثلاث مذابح بثلاث قباب، وزادت مساحتها كثيراً عن مساحتها الأولى. وفى ليلة عيد الميلاد المجيد سنة 1966 احتفل البابا بافتتاح الكاتدرائية بعد انتهاء ترميم الجزء الأكبر فيها. وأدى الصلاة مع قداسته مندوبو الكنائس الأرثوذكسية الشرقيةفى قداس تاريخى نقلته الإذاعة للعالم أجمع. كان البابا يجب هذه الكنيسة كثيراً، وكان يردد أنه يشعر برهبة الله تملؤها، وخوفه حال فيها، وان لها روحاً خاصة يرتاح لها. ومما هو جدير بالذكر أن هذه الأعمال قد تكلفت حوالى أربعون ألفاً من الجنيهات . وحينما انتقل البابا إلى السماء كان قد ترك ما يتمم العمل فيها. |
||||
13 - 05 - 2012, 06:31 AM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
عمل الميرون المقدس فى أسبوع البصخة المقدسة . وفى شهر أبريل عام 1967 ، أقام البابا صلوات تقديس الميرون المقدس بحضور ممثلى الكنيسة الأثيوبية. والأباء المطارنة والأساقفة والكهنة والرهبان بالكاتدرائية المرقسية القديمة وقد عدل البابا عن عمل الميرون فى الدير المحرق حسبما كان قد قرر، إشفاقاً منه على الكثير من المؤمنين الذين أبدوارغبة فى حضور تلك الصلوات المباركة. وقد بدأت الصلوات عقب صلاة ترحيم يوم أحد الشعانين فأنزل البابا بنفسه معدات طبخ الميرون وهى مكونة من عطور وأطياب وزيت زيتون نقى. واستمرت عملياتطحن وتنقية هذه المواد أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء من البصخة المقدسة . واشترك مع البابا فيها الأباء المطارنة والأساقفة والرهبان. وفى يوم خميس العهد أقيمت صلوات عقب صلاة القداس. وتم وضع الخميرة المقدسة فى الميرون ليلة عيد القيامة المجيد. وأعطى جزء منه لوفد الكنيسة الأثيوبية. هذا ، ويعتبر تقديس الميرون من الأعمال الهامة التى لا تحدث إلا نادراً ، ويذكر التاريخ أنه لم يتم تقديس الميرون إلا خمسة وعشرون مرة قبل أن يقوم البابا كيرلس بتقديسه.. وقد أعدت وزارة الثقافة فيلماً سينمائياً تسجيلياً لهذا الحدث العظيم . وقامت بعرضه داخل البلاد وخارجها. كما التقطت عدة هيئات أجنبية أفلاماً أخرى وقد أوفدت مندوبيها إلى القاهرة خصيصاً لتسجيل هذا الحدث. |
||||
13 - 05 - 2012, 06:33 AM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
تشييد الكاتدرائية المرقسية الجديدة وضع حجر الأساس فى يوم 24 يوليو سنة 1965 تم الاحتفال رسمياً بوضع حجر أساس أكبر كاتدرائية فى الشرق، وتحمل اسم القديس مارمرقس ، وحضر الحفل الزعيم الخالد جمالعبد الناصر، وألقى خطاباً رائعاً موضحاً فيه سياسة الدولة نحو المواطنين جميعاً، مؤكداً أن العدالة هى الطريق الذى ينتهجه . وأن المحبة هى الرباط الذى يربطعنصرى الأمة. ولقد كان لهذا الخطاب صداه البعيد فى أنحاء العالم، وعنى به مجلس الكنائس العالمى. وقام بترجمته إلى عدة لغات ، ووزع منه آلاف النسخباعتباره نموذجاً صالحاً ينبغى أن تقوم عليه العلاقة بين المواطنين فى جميع البلدان. وتلقى البابا سيلاً من البرقيات من جميع أنحاء العالم للتهنئة بوضع حجر الأساس ومشيدة بسياسة الدولة . كما قدم إلى المقر البابوى سفراء بعض الدول ، ليعبرواعن مشاعر الغبطة والبهجة لهذا الحدث. واطلع سعادة سفير السنغال قداسة البابا على جريدة السنغال شبه الرسمية يتصدرها خطاب الزعيم مع صورة كبيرةله مع قداسة البابا وهما يتعانقان. تكريس حجر الأساس فى مساء 8 مايو 1967 (30 برمودة 1683) أقام البابا كيرلس صلاة تبريك لمكان بناء الكاتدرائية الجديدة وقد وافق هذا اليوم المبارك عيد استشهاد القديس مارمرقس الرسول، وعشية عيد ميلاد القديسة مريم البتول. وحضر هذا الحفل الأباء المطارنة والأساقفة ، وكثير من الشعب. وعقب هذه الصلاة الطقسية ، رش البابا الماء المقدس فى مكان البناء، وبعدها بدأت شركة النيلالعامة للخرسانة المسلحة (سبيكو) فى إقامة الكاتدرائية العظيمة بعد أن بارك البابا الرسومات والتصميمات المعدة. وعلى الفور بدأت الشركة فى أعمال التشييد .وقد أعلنت السماء غبطتها بهذا العمل العظيم الذى قام به قداسة البابا، إذ قد تبارك بظهور رؤى منيرة فوق قبة هذه الكاتدرائية ليلة 18 مايو، شاهدها نيافةالأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمى وآخرون. حفل الافتتاح فى 25 يونية عام 1968 احتفل رسمياً بافتتاح الكاتدرائية ، وحضر الحفل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، وجلالة الإمبراطور هيلاسلاسى الأول عاهل أثيوبيا، وممثلون لمختلف كنائس العالم بلغ عددهم مائة واثنان وسبعون ضيفاً. والقى أعضاء بعض الوفود لكمات للتهنئة بهذا العمل العظيم ، وبهذا اليوم التاريخى. ومشيدين بعظمة الكنيسة القبطية ، والبابا كيرلس السادس الذى تمت فى عهدهأمجاد كثيرة للكنيسة. ونذكر على سبيل المثال ما قاله مار أغناطيوس يعقوب بطريرك سوريا فى كلمته الطويلة الشيقة "... إن كنيسة سوريا الأنطاكية لترى فى شخص قداسة الباباالأنبا كيرلس السادس صورة مجسمة لسميه القديس كيرلس الأول دعامة الأرثوذكسية الراسخة .. وذلك لتقواه وإيمانه الراسخ وعقيدته الصلدة.. فعسى أنتتوثق فى عهده الميمون أواصر المحبة والأخوة بين كنيستنا الشقيقتين..." وبعد إلقاء الكلمات توجه البابا وضيوفه الكرام نحو الكاتدرائية لإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية. وفى صباح اليوم التالى أقيم قداس بالكاتدرائية على المذبح المذهب المهدى من كنيسة روسيا. واشترك فيه أساقفة من الكنائس الشرقية الأرثوذكسية. كما حضرهجلالة الإمبراطور هيلاسلاسى ، ووفود من كنائس العالم ، وجموع غفيرة من أبناء الشعب امتلأت بهم الكاتدرائية وذلك بخلاف عدة آلاف وقفت خارجها تستمع إلىالصلاة من خلال مكبرات الصوت. وقال البابا كيرلس لغبطة مار أغناطيوس الجالس إلى جواره .. "إنه يوم عظيم حقاً يشبه علية صهيون التى جمعت تلاميذ المسيح له المجد" . فابتسم مارأغناطيوس وقال: "بهمة قداستكم يا سيدى البابا كيرلس ". فأعطى البابا المجد لله والشكر لفضله. وفى نهاية القداس أقبل الجميع يقبلون الجسد الطاهر لكاروز الديار المصرية العائد من أرض غربته وحمله البابا كيرلس ونزل به سلالم الكاتدرائية بصحبة جلالةالإمبراطور ووفود الكنائس وسط تهليل الحاضرين وتسبيحهم، يحف بهم الكهنة والشمامسة بالمجامر والبخور الطيب حيث أودع الجسد الطاهر فى مزاره الجميل. |
||||
13 - 05 - 2012, 06:34 AM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
تجلى العذراء الزهور ظهرت فى الأرض بلغ أوان القصب وصوت اليمامة سمع فى أرضنا (نشيد الأنشاد) شهدت السماء بما للبابا المعظم كيرلس السادس من قداسة بأن شرفت عهده بحدث تاريخى فريد. ومعجزة دهرية مجيدة، هو ظهور البتول العذراء أم النور بالكنيسةالمدشنة باسمها الطاهر بناحية الزيتون بالقرب من القاهرة. ظهرت بنور سمائى يعجز البشر عن وصفه. إن هذا الإعلان السمائى العظيم لم يحدث مثله منذ حلولالروح القدس على التلاميذ القديسين فى يوم الخمسين. ففى الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم الثلاثاء المبارك 24 برمهات سنة 1684 للشهداء. الموافق 2 أبريل سنة 1968 ميلادية شاهد السيد/ عبد العزيز على -وهو خفير بجراج هيئة النقل العام المقابل للكنيسة - فتاة تمشى فوق القبة ، فصاح بها ، واجتمع حوله بعض العاملين بالجراج ، وهم السيد/ مأمون عفيفى، السيد/حسين عواد ، والسيد/ ياقوت على ، وأخذوا يتطلعون إلى أعلا القبة . فتبين وجود فتاة بملابس بيضاء جاثية فوق القبة أمام الصليب الذى يعلوها . فأثاردهشتهم هذا المنظر غير المألوف. ثم نظروها وقفت، فتبادر إلى ذهنهم أنها تريد الانتحار - خاصة وان القبة مكورة - فتعالت صرخاتهم ، وأبلغوا الشرطةلنجدتها. وتجمع المارة ، وجاء رجال الشرطة. ولكن شكل الفتاة بدأ يزداد وضوحاً ويشتد ضياء، فظهرت صورتها وضاحة تماماً، باهرة فى غلالة من النورالأبيض.. تسير فى هدوء فوق القبة وجسمها يضىء كالشمس، وتمسك بيدها ما يشبه غصن الزيتون . وظهر فجأة سرب من الحمام الأبيض من فوق رأسها،وطار إلى السماء ، كما ظهرت حولها دائرة من النور. حاول بعض الذين تجمعوا أن يتأكدوا مما يرون، فسلطوا أضواء كاشفة من مصابيح السيارات على هذا الجسم النورانى، فازداد تألقاً وقاموا بتحطيم المصابيحالكهربائية القائمة حول الكنيسة ، ثم أطفأوا أنوار المنطقة، فبدت أم النور أشد نوراً، وأكثر ضياء ووضوحاً. أنتشر النبأ وتناقلته الألسن والصحف ، وطيرته وكالات الأنباء إلى بلاد العالم أجمع . ولما تكرر هذا الظهور عدة ليالى ، وفى أوقات وبصور وأشكال مختلفة ، فإذبمئات الألوف - سواء من أبناء الكنيسة ، أو من غيرهم - يزحفون لمشاهدة هذا الظهور، ويقفون ساعات طوال يترقبونه. ومن أحداث الظهور العجيبة أنه فى الساعة الثالثة إلا ربعاً فجر يوم الثلاثاء 30 أبريل 1968 كانت الألوف تقف فى الشوارع المحيطة بالكنيسة مترقبة ظهورها.فإذا بهم يرون حمامتين تنطلقان من فوق الكنيسة ثم ظهر شكل نورانى كالسحاب الذى توهج ، وظهرت منه العذراء دفعة واحدة، وكانت فى هذه الليلة تتحرك إلىاليمين ، والى اليسار، وتومئ برأسها وتبسط يديها للناس كأنها تحييهم وتباركهم. واستمرت على هذا الحال حتى الساعة الخامسة. وقد استمر الظهور شهوراً طويلة صاحبه ظهور أجسام نورانية تشبه النجوم وانطلاق حمام بجسم نورانى فى سماء الكنيسة طائراً إلى أعلا حتى يتلاشى، وانطلاقكميات هائلة من البخور من أعلى سطح الكنيسة. ونال نعمة الشفاء مئات من ذوى الأمراض المستعصية التى عجز الطب عن علاجها. فقد فتحت أعين العميان، وبرأ المشلولون ، وقام المقعدون من مختلفالأديان والجنسيات، فعم الفرح ، والعزاء للجميع ومجدوا الله كثيراً. وصاحب هذا الظهور أيضاً ظهور البتول أم النور لأفراد كثيرين فى منازلهم ، تعزيهم وتشفى أمراضهم دون تفرقة بين دين أو جنسية. وأمام هذا الحدث ارتفعت القلوب بتمجيد الله ، وتأكد لأبناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عظمة كنيستهم ، وصحة عقيدتها ، ورسوخها حتى عاد إلى أحضانهاكثيرون ممن خدعوا بمذاهب فلسفية الحادية، أو عقائد دينية غريبة. وكان لابد للكنيسة أن تقول كلمتها وبعد الدراسة والبحث الدقيق أمر قداسة البابا بإصدار بيان بابوى عن هذا الظهور أذيع يوم السبت الموافق 26 برموده سنة1684 الموافق 4 مايو 1968 فى مؤتمر صحفى عقد فى المقر البابوى وحضره عدد كبير من رجال الصحف ووكالات الأنباء والإذاعة فى مصر والخارج ومنبينهم صحفيين حضروا خصيصاً من الخارج لحضور هذا المؤتمر. وقام نيافة الأنبا أثناسيوس أسقف بنى سويف بتلاوة البيان باللغة العربية ثم باللغة الإنجليزية. بيان من المقر البابوى بالقاهرة منذ مساء يوم الثلاثاء 2 أبريل 1968 الموافق 24 برمهات 1684 توالى ظهور السيدة العذراء أم النور فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التى باسمها بشارعطومانباى بحى الزيتون بالقاهرة. وكان هذا الظهور فى ليالى مختلفة كثيرة لم تنته بعد ، بأشكال مختلفة، فأحياناً بالجسم الكامل وأحياناً بنصفه العلوى ، يحيط بها هالة من النور المتلألئ، وذلك تارةمن فتحات القباب بسطح الكنيسة ، وأخرى خارج القباب وكانت تتحرك وتتمشى فوقها، وتنحنى أمام الصليب العلوى، فيضئ بنور باهر، وتواجه المشاهدين،وتباركهم بيديها وإيماءات رأسها المقدس، كما ظهرت أحياناً بشكل جسم كما فى سحاب ناصع أو بشكل نور يسبقه انطلاق أشكال روحانية كالحمام شديد السرعة.وكان الظهور يستمر لفترة زمنية طويلة وصلت أحياناً إلى ساعتين وربع كما فى فجر الثلاثاء الموافق 30 أبريل سنة 1968 الموافق 22 برمودة سنة 1684 حيناستمر شكلها الكامل المتلألئ من الساعة الثانية والدقيقة الخامسة والأربعين إلى الخامسة صباحاً. وشاهد هذا الظهور آلاف عديدة من المواطنين من مختلف الأديان والمذاهب ومن الأجانب ومن طوائف رجال الدين والعلم والمهن وسائر الفئات الذين قرروا يقينرؤيتهم لها. وكانت الأعداد الغفيرة تتفق فى وصف المنظر الواحد بشكله وموقعه وزمانه بشهادات إجماعية تجعل ظهور السيدة العذراء أم النور فى هذه المنطقةظهوراً متميزاً فى طابعه، مرتقياً فى مستواه عن الحاجة إلى بيان أو تأكيد. وصحب هذا الظهور أمران هامان: الأول انتعاش روح الإيمان بالله والعالم الآخر والقديسين وإشراق نور معرفة الله على كثيرين كانوا بعيدين عنه، مما أدى إلىتوبة العديدين وتغير حياتهم . والثانى حدوث آيات باهرة من الشفاء المعجزى للكثيرين ثبت علمياً وبالشهادات الجماعية. وقد قام المقر البابوى بجمع المعلومات عن كل ما سبق بواسطة أفراد ولجان من رجال الكهنوت الذين تقصوا الحقيقة وعاينوا بأنفسهم هذا الظهور وأثبتوا ذلك فىتقاريرهم التى رفعوها إلى قداسة البابا الأنبا كيرلس السادس. والمقر البابوى إذ يصدر هذا البيان يقرر بملء الإيمان ، وعظيم الفرح. وبالشكر الانسحاقى أما العزة الإلهية أن السيدة العذراء أم النور قد والت ظهورها بأشكالواضحة ثابتة فى ليال كثيرة مختلفة لفترات متفاوتة وصلت فى بعضها لأكثر من ساعتين دون انقطاع، وذلك ابتداء من مساء الثلاثاء 2 أبريل سنة 1968 الموافق24 برمهات 1684 حتى الآن بكنيسة السيدة العذراء القبطية الأرثوذكسية بشارع طومانباى بحى الزيتون فى طريق المطرية بالقاهرة وهو الطريق الثابت تاريخياًأن العائلة المقدسة قد اجتازته فى تنقلاتها خلال إقامتها بمصر. جعل الله هذه البركة رمز سلام للعالم ، وبمن لوطننا العزيز، وشعبنا المبارك الذى سبق الوحى الإلهى فنطق به: "مبارك شعبى مصر". السبت 4 مايو عام 1968 المقر البابوى بالقاهرة 26 برمودة سنة 1684 *** هذا وقد أصبح هذا الظهور عيداً كنسياً تعيد له الكنيسة ، وأدرج فى السنكسار تحت يوم 24 برمهات. لقد كان هذا الحدث الإلهى العجيب يحمل عزاء خاصاً لقلب البابا المثقل بحمل صعب، ومسئوليات جسيمة، فقبله بسنة تقريباً هبت على الكنيسة عاصفة صعبة منالتجارب، محملة بمشكلات مستعصية، هزت بعنف ذلك الجسد الضعيف، فلزم البابا الفراش شهوراً يبكى فيها فراقه للمذبح، ومتوجعاً من طعنات المعاندين وكانالظهور ليطمئنه إلى انه فى العمر بقية، وان العذراء شفيعته العظيمة، وهى تقول له تشجع، ولا تيأس، فأنا أيضاً "قد جاز فى نفسى سيف، وأعلنت أفكار منقلوب كثيرة". والبابا إزاء هذه المساندة الإلهية الفذة برؤيته للبتول أم النور ، بدأ يستعد لاستقبال جسد حبيبه ناظر الإله مارمرق س الرسول. |
||||
13 - 05 - 2012, 06:36 AM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
عودة جسد القديس مارمرقس الرسول لم يكن ما يفصل بين جسد القديس مارمرقس الرسول فى البندقية، وبين رأسه بالإسكندرية هو البحر المتوسط بمئات أمياله ، إنما شئ آخر أعمق بكثير: إنها مايزيد عن إحدى عشر قرناً من عمر الزمان ، جعلت الفرقة بينها حقيقة تاريخية أقرب إلى ظواهر الطبيعة ، كشروق الشمس وهطول المطر.. وكانت فى أقل القليلكفيلة بأن تجعل الأمر رازحاً تحت جبال النسيان ، لا يمكن أن يجذب انتباه أحد، ولا يمكن أن يحرك مشاعر إنسان. وتوالى على الكرسى المرقسى بعد حادث سرقته، ونقله إلى البندقية، عشرات من الآباء البطاركة ، لم يخطر ببال أى منهم أن يحاول استعادة الجسد.. حتى جاءالبابا كيرلس السادس. ألا يجب علينا إذاً أن نقف لنتساءل .. ما الذى دفعه إلى المطالبة باستعادة الجسد؟ * أهل هو إحساسه العميق بالارتباط بينه وبين مارمرقس باعتباره انه ابن ، وخليفة حقيقى لهذا الكاروز؟ * أم لأنه عاش تاريخ كنيسته وأمته وتمثل هذا التاريخ فى كيانه ، وأحس بفضل القديس مرقس على الأمة المصرية ، وأنه نقلها ببشارة الإنجيل من ظلمة الوثنيةإلى نور المسيح. وان وجاب الابن العارف بجميل أبيه أن يسعى وراء جسده أينما كان. أم أن هناك إعلان دفعه إلى أن يطالب بالجسد الحبيب ، وهذا أمر يجب تصديقه ، ما دام نداء البابا قوبل من الطرف الآخر باستجابة لم تكن متوقعة. أليس هذا هو العمل الإلهى الخفى فى إحدى مقابلات البابا مع القاصد الرسولى بالقاهرة، قال البابا : "ألم يحن الوقت لكى تعطونا جسد القديس مرقس الرسول؟" أجاب سيادته بأدبه الجم: "نحن لانستطيع أن نؤخر طلباً لقداسة البابا" .. فقال البابا : "شكراً .. أنى سأرسل فى طلبه إلى قداسة بابا روما، وأنى واثق من أن مساعينا ستكلل بالنجاح". وعلى أثر هذا الحديث بدأت المفاوضات لإعادة الجسد الطاهر فبعث البابا كيرلس برسالة إلى قداسة البابا بولس يطلب فيها إرجاع جسد القديس مرقس إلى مصر،فرحب بابا روما بذلك ، وأرسل إلى بطريرك البندقية- حيث يوجد الجسد- يطلب موافقته. ولكنه رفض محتجا بأنه لا يستطيع التفريط فى هذا الجسد الطاهر ،فهو شفيع البندقية، فضلاً عن أنه من معالمها السياحية الهامة. ولكن بابا روما عاد يكرر الطلب ، بينما بطريرك البندقية ظل متمسكاً برفضه إلى أن وافق فى النهاية- بعد صلوات البابا كيرلس ودموعه - على أن يعيد جزء من الجسد . ومع السرور والبهجة أعلن الخبر ، واستعدت الكنيسة لاستقبال جسد أبيها الروحى،ومؤسس كرسى الإسكندرية. أوفد البابا كيرلس وفداً مكوناً من خمسة وسبعين فرداً بينهم أساقفة وكهنة ورهبان وشمامسة وعلمانيين، مع وفد من الكنيسة الأثيوبية ، أقلتهم جميعاً طائرة خاصة .وقد استقبل الوفد فى روما بحفاوة بالغة . وتم الاحتفال رسمياً يوم 22 يونيو سنة 1968 (15 بؤونه) بتسليم الجسد وسط فرحة غامرة. واستقل الوفد الطائرة عائداً مساء يوم 24 يونيو سنة 1968 حيث وصل إلى مطار القاهرة الدولى فى ساعة الحادية عشر والنصف ليلاً وكان فى انتظار الجسد مايزيد على المائة ألف مواطن فضلا عن أعضاء الوفود الأجنبية والهيئات الدينية والدولية المصرية. وتدخلت حكمة السماء فى ذلك اليوم لتظهر قدسية جسد هذا الرسول العظيم، فقد كان مقررا أن تصل الطائرة المقلة للجسد الطاهر فى الساعة الخامسة بعد الظهر،ولكنها أصيبت بعطب أخر وصولها إلى الساعة الحادية عشر والنصف مساء. وعندما كانت الطائرة تحلق فى سماء المطار استعدادا للهبوط، ظهرت حمامةبيضاء حلقت على ارتفاع منخفض، شوهدت فى ظلام الليل، فصاح الحاضرون مسبحين وممجدين الله بصوت يشبه الرعد وعند هبوط الطائرة ظهرت الحمامةالبيضاء مرة ثانية فوق جسم الطائرة التى كانت محركاتها مازالت تدور ويصدر عنها صفير قوى. وصعد البابا كيرلس سلم الطائرة وحمل الجسد الطاهر وسط تهليل الجميع وهتافهم فاهتزت أرجاء المطار. وعند ركوب قداسة البابا سيارته حاملاً الجسد على ركبتيه رأى البعض الحمامة البيضاء داخل السيارة بجوار الجسد الطاهر. وقد أودع الجسد مكاناً خاصاً فى الكاتدرائية المرقسية القديمة بعد أن دار به البابا فى أنحائها مع الكهنة والشمامسة وسط الترتيل والتسبيح حاملين الصلبان والشموعوالبخور. ويخبرنا السيد دكتور/ يوسف منصور رئيس شمامسة الكاتدرائية انه اعتاد دخولها زهاء خمس وعشرين عاماً فى أى وقت يشاء حتى فى منتصف الليل لأداءتسبحة نصف الليل وباكر. ولكنه فى الليلة التى كان الجسد الطاهر مازال موجوداً بها، حدث أن توجه إليها حوالى الساعة التاسعة مساءاً، وبعد أن فتح الباب أرادالدخول شعر بهيبة ورهبة عظيمة تملها فاعتراه خوف شديد، حتى انه لم يستطع الدخول، بل أغلق الباب وخرج مسرعاً مبهوتاً. كذلك شاهد السكان المحيطين بالكاتدرائية نوراً عجيباً فوق قبابها ليلة وجود الجسد الطاهر بها قبل نقله إلى الكاتدرائية الجديدة. كما اخبرنى أحد المقيمين بالمقر البابوى - رفض ذكر اسمه - انه أثناء وجود الجسد الطاهر بالكاتدرائية القديمة رأى فى الساعة الثالثة والنصف صباحاً رؤيةعجيبة. فقد رأى رجلاً تبدو عليه سمات النسك الشديد والبساطة المتناهية ، يمشى رافعاً يده وبها كتاب، ويمشى خلفه البابا كيرلس السادس حاملاً الصليب وعصاالرعاية فى هيبة ووقار، ورأى خلفها بعضاً من أبناء البابا. فتعجب من هذا المنظر وسأل أحد الموجودين : "من هذا الذى يسير أمام البابا العظيم ، وكيف؟ .."فأجابه ذاك بصوت جهورى اهتززت معه جدران الحجرة فى عنف: "الست تعرف من هذا ؟ .. انه حامل البشارة العظيم". وقد روى الشخص ما حدث فى الرؤية لقداسة البابا، فقال له: "انه مارمرقس يا ابنى اللى أنا بمشى وراه دائماً" . وفى 26 يونيو عام 1968 وبعد إقامة أول قداس بالكاتدرائية المرقسية الجديدة - أودع الجسد الطاهر فى مزاره الجميل بتلك الكاتدرائية حسبما ذكرنا فى البابالخاص بها. |
||||
13 - 05 - 2012, 06:37 AM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
البابا كيرلس مع الزعيم الخالد جمال عبد الناصر كانا قطبين عظيمين أحدهما زعيم سياسى والآخر أب روحى .. التقى الاثنان على طريق واحد، فسارا وأيديهما متشابكة وإرادتهما، ورغبتهما واحدة: إسعاد كل فردمن أبناء هذا الوطن. ولقد كانت محبتها لبعض .. وتقدير واحترام كل منهما للآخر مثار إعجاب.. حتى قالت "إذاعة صوت أمريكا" يوم نياحة البابا: لقد توفىالصديق الوفى لعبد الناصر". وبدلاً من أن نقف عند الوصف فلنقترب من الأحداث لنرى ما كان بينهما من حب وتقدير وتفاهم ، كان لمصلحة البلاد. * كان أول لقاء بينهما عام 1959 إذ قام البابا كيرلس السادس بزيارة الرئيس عبد الناصر، وتبادلا أحاديثاً ودية. ويومها قال البابا للرئيس " إننا لو أقمنا مصنعاًبملايين الجنيهات وألحقنا به الآلاف من العمال الذين لا وعى لهم، ولا وازع دينى عندهم، فماذا نجنى؟ انهم سيجهزون على المصنع. ولكن يا سيادة الرئيس لوأقمنا مصنعاً بمائتى جنيه وألحقنا به عشرة عمال يتمتعون بالضمير الحى الطاهر، مخلصين لله والوطن فإن إنتاج مثل هذا المصنع سيفوق بكثير إنتاج المصنعالأول الذى تكلف الكثير والكثير. لذلك يا سيادة الرئيس، أنى بعون الله سأعمل على تعليم أبنائى معرفة الله وحب الوطن ومعنى الأخوة الحقة ليشب أبناء الوطنوحدة قوية لديها الإيمان بالله والحب للوطن". فأثنى السيد الرئيس على وطنية البابا وحبه لبلاده. ودعى كل منهما للآخر بالتوفيق والنجاح. * التقيا ثانية فى 8 مايو 1965، وكانت الزيارة الثانية للبابا كيرلس السادس وكان لقاءاً مثمراً له أثاره العظيمة. لقد ذهب الوفد المرافق للبابا ، وهو يحمل مشكلةأو مشاكل معينة ، ولكن أحداً لم يكن يعرف أفكار البابا، ولا يتوقع أيضاً النتائج الباهرة التى أسفر عنها هذا اللقاء: - الرئيس : لا تفكر فى هذا الأمر يا والدى . إن تلك الكنيسة ستبنى. - البابا: أشكركم يا سيادة الرئيس. ثم استطرد البابا قائلاً: - أن الأمر الأهم بالنسبة لنا أن تتفضلوا مرة بزيارة أولادكم فى البطريركية ، فسيكون لهذه الزيارة أبلغ الأثر، وسترفع من الروح المعنوية لأولادك. - ليس لدى مانع .. ولكن يا والدى ألا ترى أن المكان الذى أنت فيه الآن قد أصبح غير لائق بك. - نعم يا سيادة الرئيس.. إننا نفكر فى بناء مقر آخر .. كاتدرائية جديدة. - يسعدنى أن أحضر احتفال وضع حجر الأساس، ولكن هل لديكم ما يكفى لهذا البناء الضخم. - إن الله سيعيننا ، كما أن أولادنا لا يبخلون بالمال فى سبيل إنجاز عمل عظيم كهذا. - ستدفع الدولة مبلغ مائة ألف جنيه مساهمة فى هذا البناء العظيم ... - أشكركم يا سيادة الرئيس .. على ان مساندتكم المعنوية والروحية لا تقدر بمال. ثم عادا إلى موضوع حديثهما الأول : - لقد اطلعت على تقارير شاملة عن هذا الموضوع . - إنى أحاول - يا سيادة الرئيس - بكل جهدى أن أجد حلا لهذه المشاكل دون جدوى. - يبين من التقرير الذى اطلعت عليه أنك يا والدى قد عملت ما فى وسعك .. وأن هذا الشخص سبب لكم متاعباً كثيرة ، وسأتخذ قراراً بإقصائه من نصبه. كما كان من نتائج هذا الاجتماع أن أمر الرئيس بفتح كنيسة حدائق حلوان التى ظلت مغلفة ما يقرب من العام، وقال الرئيس: أن أماكن العبادة لابد أن تنتشر.ويجب ان يعرف الجميع الله. وان الإيمان يجب أن يمس كل القلوب. ونقل السيد الرئيس رغبة أسرته فى مقابلة البابا ، فرحب بذلك ودخل قداسته بصحبة الرئيس إلى منزله حيث تقابل مع أبناء سيادته ودعا لهم بالتوفيق، وبدوامالصحة والسعادة، كما تبادل معهم الهدايا التذكارية . وبعد ذلك خرج مودعاً من السيد الرئيس بحفاوة بالغة. * فى 10 مايو عام 1967 - زار قداسته السيد الرئيس. وفى هذه الزيارة رأى سيادته إصدار قرار جمهورى بإنشاء مجلس لإدارة أوقاف البطريركية ، بعد انفشل المجلس الملى فى أداء هذا العمل ، مما أدى إلى عجز فى ميزانية البطريركية تحدثت عنه الصحف. وقد تبرع السيد الرئيس بمبلغ عشرة آلاف جنيه لسد هذاالعجز، وأمكن بذلك دفع مرتبات العاملين بالبطريركية التى توقف دفعها لمدة شهور. كما عرض الأساقفة المرافقين لقداسة البابا مشاكل ايبارشياتهم على السيد الرئيس، وكانت هذه الفرصة للعمل على حلها. ومما هو جدير بالذكر أن قداسة البابا طلب مرتين السماح بإنهاء الزيارة حفظاً على وقت الرئيس، ولكن الرئيس كان يقول مبتسماً فى ود عميق "ميعاد الزيارة لمينته بعد" وظلا يتحدثان فيما يعود بالخير على البلاد. وعندما هم البابا بالانصراف قال السيد الرئيس أنى أضم صوتى لأصوات المهنئين بعيد جلوس غبطتكم متمنياً لكم أياماً سعيدة". فشكره البابا بامتنان كبير واضعاًيده على صدر الرئيس فى لطف وهو يقول: إنى أضع يدى على يد الله.. لأنه مكتوب عندنا: "أن يد الله على قلوب الرؤساء" فاغتبط الرئيس وسر بهذا الحديثكثيراً . وفى مساء ذات اليوم حضر أحد رجال الدولة الرسميين إلى قداسة البابا حيث أبلغه شعور الارتياح الذى يشعر به الرئيس لهذه الزيارة. وأشار إلى أن الرئيسكان يشعر بالآم فى صدره زالت جميعها عندما وضع البابا يده فوق صدره. * فى يونيه 1967 أعلن الرئيس جمال عبد الناصر تنحيه عن رئاسة الجمهورية أثر نكسة 5 يونيو المشئومة وقد اكن هذا الخبر وقعاً بالغ السوء فى نفس قداسةالبابا. فاستدعى سكرتيره الخاص وطلب الاستعداد للذهاب إلى منزل الرئيس فى صبيحة الغد ليناشده البقاء رئيساً للجمهورية. وليبلغه تمسك الأقباط بسيادته فىمركز القائد والزعيم للبلاد.. وفى يوم 9 يونيو صلى البابا القداس وهو حزين، وبعده خرج وبصحبته بعض الآباء المطارنة والأساقفة والكهنة وتوجهوا إلى منزلالرئيس، ولكن ملايين البشر كانت قد سدت كل الطرق المؤدية إلى المنزل فصدرت تعليمات من رئاسة الجمهورية بأن تقوم سيارة تابعة للقوات المسلحة بفتحالطريق أمام سيارة البابا حتى وصلت إلى منزل الرئيس حيث كان فى استقبالهم السيد محمد أحمد سكرتير السيد الرئيس " أمين سر اتحاد الجمعية العربية وقتها"..وكان عناق بالبكاء . وأعلن البابا تمسكه والأقباط معه بقيادة الزعيم عبد الناصر. وقد وعد سيادته بإبلاغ ذلك إلى السيد الرئيس ومتعذراً عن عدم إمكان مقابلةسيادته. لأنه قد لزم مسكنه الخاص بعد إعلان تنحيه.. ولكن ما عاد البابا إلى المقر البابوى حتى طلب من الخدم أن يستعدوا لضرب الأجراس، وكأنه كان يتنبأ ..وما هى إلا لحظات حتى أعلن السيد/ أنور السادات "رئيس مجلس الأمة وقتئذ" بأن الرئيس قد نزل على إرادة الشعب، واستجاب لندائه الملح بالبقاء. ودقت أجراسالكاتدرائية المرقسية فرحة مستبشرة. وفى صباح يوم 10 يونيو توجه قداسة البابا إلى القصر الجمهورى حيث كتب كلمة مؤثرة فى سجل الزيارات معلناً فرحتهبنزول السيد الرئيس على إرادة الشعب. * حضر الزعيم جمال عبد الناصر حفل افتتاح الكاتدرائية الجديدة الذى أقيم يوم 25 يونيو سنة 1968 وكان اللقاء بين القائدين حاراً وفريداً. وعند صعودهما سلم الكاتدرائية لإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية حدث أن امسك السيد الرئيس بيد البابا متوكئاً، وصدرت عنه أنة خفيفة فسأله البابا فى دهشة:"ما بالك يا سيادة الرئيس .. ولم تتألم .. لعلنى أنا الذى يحق لى أن أتأوه، إذ مازلت أشعر بألم فى ساقى أثر الجلطة التى أصابتنى فى العام الماضى" ، فأجابهالرئيس قائلاً : "أنى اشعر بآلام شديدة فى ساقى أنا أيضاً". فقال البابا: "ولماذا لم تخبرنا بذلك إننا كنا على أتم استعداد لتأجيل الحفل حتى تتماثل سيادتكم للشفاءالكامل" فأجاب الرئيس بابتسامة رقيقة : "لا ... بل أنا مسرور هكذا". * وعندما ذهب السيد الرئيس للعلاج من مرض أصاب أوردة ساقه فى "تسخالطوبو" بالاتحاد السوفيتى ، طلب البابا أن يتحدث تليفونياً مع سيادة الرئيس ، ليطمئنعلى صحته .. وجرى بينهما حديث ودى للغاية ، وقال الرئيس فى حديثه للبابا إنه كان يتمنى أن يكون البابا بصحبته لعلاج أوردة ساقه أيضاً، فشكره البابا بامتنانداعياً له بالصحة، راجياً له الشفاء العاجل، مبلغاً إياه دعاءه من أجل عودته للوطن موفور الصحة. وعاد السيد الرئيس بعد ذلك بيومين . وكان البابا ضمن مستقبليه فى أرض المطار. وتعانقا طويلاً بصورة لفتت أنظار الموجودين . وقال الرئيس للبابا: "لماذا لمترسل مندوباً عن غبطتكم وأنت لم تتماثل بعد للشفاء التام؟ واطمأن البابا على صحة الرئيس. *** وعندما فجعت الأمة بفقد زعيمها الخالد جمال عبد الناصر، توجه البابا للعزاء، وظل صامتاً مدة طويلة ، وهو فى صمته يقول: أن المصاب مصابنا جميعاً. والفقيدفقيدنا جميعاً.. *** لقد رحل الرجلان عنا فى فترة وجيزة .. لقد تركا فى قلوبنا جرحاً عميقاً. وفى نفوسنا حزناً شديداً.. وسيذكر التاريخ أنهما ضحيا بكل شئ فى سبيل رسالتهما ...حتى بحياتهما. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|