رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سليمان وأمجاده لم يكن سليمان الملك من أعظم ملوك يهوذا وإسرائيل فقط "بل من أعظم ملوك التاريخ قاطبة، وقد أحاطت به هالة من المجد لم تتح لكثيرين قبله أو بعده، حتى اقترن اسمه في بعض المواطن بالتقاليد والأساطير التي لا تجد سندها في كتاب الله، ويكفي أن نعلم أنه كان من أعظم ملوك الأرض وأغناهم وأحكمهم، حتى أن شهرته ذاعت في الخافقين، فاجتذبت من أقصى الأرض ملكة سبأ لتسمع حكمته كما أن سيدنا له المجد أدناه من نفسه كثيراً عندما قال هوذا أعظم من سليمان ههنا، ولعل أمجاده الثلاثة الشهيرة: مجد الإمبراطورية وما أكثر ما يشبهون امبراطورية سليمان بالامبراطورية الأغسطسية إذ كان عصر سليمان أقرب العصور إلى عصر أوغسطس قيصر أول امبراطور للامبراطورية القديمة، على أن مجدها الحقيقي جاء في أنها كانت رمزاً وصورة ضئيلة لمجد مملكة ابن الله في الأرض، إذ كانت تجمع إليها ثروة الأمم: وجعل الملك الفضة في أورشليم مثل الحجارة، وجعل الأرز مثل الجميز الذي في السهل في الكثرة".. وأليست هذه رمزاً لصورة أورشليم العليا أمنا جميعاً والتي وصفها الرائي بالقول: "وكان بناء سورها من يشب والمدينة من ذهب نقي شبه زجاج نقي وأساسات سور المدينة مزينة بكل حجر كريم الأساس الأول يشب. الثاني ياقوت أزرق. الثالث عقيق أبيض الرابع زمرد ذبابي. الخامس جزع عقيقي. السادس عقيق أحمر. السابع زبرجد. الثامن زمرد سلقي. التاسع ياقوت أصفر. العاشر عقيق أخضر. الحادي عشر اسمانجوني. الثاني عشر جمشت. والاثنا عشر باباً اثنتا عشرة لؤلؤة كل واحد من الأبواب كان من لؤلؤة واحدة وسوق المدينة ذهب نقي كزجاج شفاف"... كما أن الامبراطورية كانت متسعة امتدت من حدود مصر إلى العراق، وكان الملوك المجاورون يتزلفون إلى سليمان بالهدايا والتقدمات والخدمة وكان الرعايا من اليهود أو الأمم على حد سواء، أما اليهود فكانوا أشبه بالرمل الذي على البحر في الكثرة أما الأمم فكانوا من ممالك متعددة تخضع لهذا الملك العظيم، وقد خلا حكم سليمان من الحروب الخارجية والمنازعات الداخلية، وسكن يهوذا وإسرائيل آمنين كل واحد تحت كرمته وتحت تينته من دان إلى بئر سبع كل أيام سليمان، كما امتلأت البلاد بالرفاهية والترف، ويبدو هذا من طعام سليمان اليومي وخيله ومربكاته، وألوان العظمة التي كان يرفل فيها... ولم يكن هذا كله إلا رمزاً لذاك الذي وصفه سليمان في المزمور الثاني والسبعين: "يشرق في أيامه الصديق وكثرة السلام، إلى أن يضمحل القمر ويملك من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض. أمامه تجثو أهل البرية وأعداؤه يلحسون التراب، ملوك ترشيش والجزائر يرسلون تقدمة ملوك شبا وسبأ يقدمون هدية ويسجد له كل الملوك. كل الأمم تتعبد له. لأنه ينجي الفقير المستغيث، والمسكين إذ لا معين له، يشفق على المسكين والبائس، ويخلص أنفس الفقراء من الظلم والخطف يفدي أنفسهم، ويكرم دمهم في عينيه، ويعيش ويعطيه من ذهب شبا... يكون اسمه إلى الدهر قدام الشمس يمتد اسمه ويتباركون به. كل أمم الأرض يطوبونه، مبارك الرب إله إسرائيل الصانع العجائب وحده ومبارك اسم مجده إلى الدهر، ولتمتليء الأرض كلها من مجده آمين ثم آمين"... أو الصورة الأخرى التي أشار إليها دانيال في القول: "وأما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلاً كبيراً وملأ الأرض كلها"... مجد الهيكل عندما بنى جستناين الامبراطور كنيسة أجا صوفيا. وكانت أعظم عمل قام به إلى جانب تجميع القانون الروماني البيزنطي، ودشنها عام 548م. رفع يديه نحو السماء وصرخ: مجداً لله الذي حسبني مستحقاً أن أقوم بعمل عظيم كهذا، ثم تلتفت حوله وصاح: لقد تفوقت عليك يا سليمان!!!.. وهو يقصد أن يقارن بين الكنيسة العظيمة التي بناها، وهيكل سليمان العظيم على أرض المريا،.. وحقاً كان الهيكل آية من آيات الفن والجمال. ومن صلاة سليمان نعلم أن الهيكل كان عنده أكثر جداً من الأبهاء والعظمة التي كانت لمبانيه، إذ كان المكان الذي يحمل اسم الله، ويرمز إلى حضوره،.. كما أنه كان مركز العبادة، والشركة، والأخوة التي تربط الشعب بإلههم، وببعضهم البعض،.. وهو المكان الذي يستطيع أن يتجه إليه خيال المنفي والمسبي، ومن ثم رأينا دانيال في السبي، وإن كان لا يراه بعينه المادية، أو يراه حطاماً في أورشليم، إلا أنه الرمز الذي تفتح في اتجاه الكوى، كمكان الغفران والتضرع والأمل،.. وقد أوضح الله لسليمان أن هذه المعاني جميعاً ستبقى ما بقيت الرابطة الروحية مع الله، فإذا تمسك الشعب الصورة المادية، فإن الله سيجعل إسرائيل مثلاً وهزأة في جميع الشعوب: "وهذا البيت يكون عبرة".. مجد الحكمة ومن العجيب أن امبراطورية سليمان ذهبت، وذهب معها الهيكل، تماماً كما ذهبت الامبراطورية الرومانية القديمة، وكنيسة أجا صوفيا، وبقيت حكمة سليمان في سفر الأمثال، والجامعة ونشيد الأنشاد، تماماً كما بقى القانون الروماني البيزنطي، والذي هو أبو القوانين الحديثة، وكان مفخرة جستينان عندما أمكنه تجميعه، ليحمي الحضارة الحديثة ويمدها بأعظم الصور القانونية في الأرض!!.. ومن الملاحظ دائماً أن الكلمة المكتوبة، أقوى من كل الأوضاع المادية، وأبقى وأخلد!!.. وإذا كان أبناء عصر سليمان، قد تعلموا الكثير من الحكمة في سعيهم إليه من هنا ومن هناك، من أبناء أمته أو الأمم الغريبة، كما سعت إليه ملكة سبأ، تستلهم منه الحكمة والمعرفة،.. فإن العصور بأكملها ما تزال إلى اليوم تنهل، وستنهل مما ترك سليمان في أسفاره الكتابية الثلاثة!!.. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الصليب لا نفصله عن أفراحه وأمجاده |
أمور العالم الزائلة وأمجاده الفانية |
سليمان وأمجاده |
آلام المسيح وأمجاده |
الصليب وأمجاده |