منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 31 - 05 - 2013, 07:38 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

المرأة الفينيقية ومعاملة المسيح لها
المرأة الفينيقية ومعاملة المسيح لها
لعله من اللازم أن نشير بادئ ذي بدء إلى غرابة هذه المعاملة، التي تكاد تكون فريدة في نوعها، ولم يعرف عن المسيح مثلها على وجه الإطلاق، وقد ظهرت الغرابة من جانبين عجيبين، الصمت أولا، ثم الكلام القاسي ثانياً، وكلاهما أمر غير مألوف عند يسوع المسيح تجاه الضيق أو الألم أو الأحزان أو تعاسات الآخرين، على أن الدراسة المتعمقة ترينا أن هذا الأسلوب ظهر في المسيح على الأغلب لسببين أساسيين، أولهما يتصل بالمسيح نفسه، والثاني بالمرأة ذاتها، أما السبب الأول فيرجع إلى أن المسيح كان يمر في ذلك الوقت بلحظة دقيقة من أدق اللحظات التي اجتازها على الأرض، لقد ترك أرض إسرائيل، وتعدي حدودها، وأخذ سبيله إلى أرض وثنية، وسار فيها بعد أن عانى من اليهود ما عانى من متاعب وآلام، وصلت بهم إلى أن يطلبوا دمه وحياته، وكان يمر بذهنه هذا السؤال الفاصل، هل انتهت رسالته معهم، وهل جاءت الساعة لينفض يديه تمامًا مما يمكن أن يربطه بكل علاقة بهم؟ إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله! فهل يفتح الباب للأمم؟ ربما يتصور البعض أن هذا السؤال كان سهلاً أو هينًا على ذهن المسيح؟ وهذا غير صحيح، بل لعله كان واحدًا من أقسى الأسئلة التي أجاب عليها سيدنا المبارك.
عندما كان على ابراهام لنكولن أن يوقع على قرار تحرير العبيد، أمسك القلم، وظل طوال ليلة بأكملها يصارع حتى الصباح قبل أن يوقع بإمضائه، كان يعلم أن هذا القرار على ما فيه من عظمة وروعة وجلال، من أصعب القرارات وأقساها في تاريخه، وذلك لأن الأمة منقسمة على ذاتها في حرب أهلية مروعة، وهو يقف بين وحدة الأمة من جهة، وتحرير العبيد من الجهة الأخرى، وليس من السهل أن يطرح واحدًا من الأمرين، وهو في سبيل التمسك بالآخر أو الحرص عليه!!.
أجل كان هذا السؤال الحاسم في ذهن المسيح، عندما جاء إلى الأرض الوثنية، الأرض التي يعيش فيها الكثيرون عيشة حيوانية بهيمية، هي أقرب إلى عيشة الخنازير والكلاب، وجاءت المرأة لتلح عليه وتطلبه أن يشفي ابنتها التعسة المجنونة، وكانت وهي لا تدري تنهض أمامه السؤال، الذي أجاب عليه في الصمت أولا، وهي تلح عليه، وفي الكلام ثانيًا بالقول: لم آت إلا لخراف بيت إسرائيل الضالة. دعي البنين أولا يشبعون لأنه ليس حسنًا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب، ومع أن السيد استعمل كلمة في لفظ الكلاب، هي أدنى إلى الجرو أو الكلب الصغير المدلل، الذي يقربه أصحابه في المائدة ليلتقط الطعام، إلا أن اللفظ في حد ذاته، غريب في لغة المسيح، الذي لم يقس على امرأة قط، مهما كانت درجة انحطاطها وتبذلها، بل على الإنسان، ولا يستطيع أحد البتة أن يهون من التعبير أو يقلل من أثره، ما لم ندركه في الرؤيا الصحيحة التي كانت في ذهن المسيح في ذلك الوقت، لقد كان اليهود يعتقدون أن الأمم ليسوا إلا مجموعة من الخنازير والكلاب تعيش في مستنقع الأوحال والفساد والدنيا، وكان السؤال العجيب والغريب أمام ذهن المسيح هل يتبادل الاثنان الموقع والمجال والحال!! هل يأخذ من عاش عيشة الكلاب، مكان الابن، ويطرح الابن الذي يسقط في أحط الدركات إلى حياة الحيوان التي يصر عليها ويطلبها، فيعيش كلبًا أو ما هو أشر من ذلك؟ أجل ولعل هذا هو الذي دعا السيد أن يقول ذات مرة لرؤساء الكهنة وشيوخ الشعب: «الحق أقول لكم أن العشارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله» ومن المناسب أن نلاحظ هنا أيضًا، ولهذا السبب ملاحظة كامبل مورجان: أن المسيح لم يجب المرأة عندما استنجدت به كابن داود، إذ صمت! ولكنها إذ اتجهت إليه بالقول: ياسيد أعني! مد لها يد المساعدة، إذ لم يعد هو لليهود فحسب، بل لجميع المحتاجين والمتألمين من الأمم على حد سواء، كما لاحظ أن المسيح لم يقل لم آت إلا إلى خراف بيت إسرائيل، بل قال خراف بيت إسرائيل الضالة! وهو لا يقصد هنا اليهود، بل يقصد جميع المؤمنين الذين يستجيبون لندائه بدون تفرقة بين يهود أو أمم، أو كما قال في مناسبة أخرى : «ولي خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضًا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد.!».
على أن المسيح كان يقصد من الجانب الآخر، وهو يتصرف هكذا مع هذه المرأة أن يشحذ إيمانها ويقويه ويخرجه على الصورة الرائعة المكتملة التي شهد لها آخر الأمر، ولقد صعد إيمانها بالضيق والاختفاء والصمت والكلام!
أما الضيق فقد كان الدافع الأول، ولاشك، في ذهابها إلى المسيح، والتجائها إليه، وكان من غير المتصور أن تتجه إليه، لولا ما عانته ابنتها من عذاب وشدة وضيق وتعب، وما أكثر الكثيرين من المؤمنين الذين كان الضيق رسولهم المبارك إلى السيد، ألم يقل الكتاب عن منسى الملك، والذي كان واحداً من أشر الملوك الذين ظهروا في تاريخ إسرائيل: ولما تضايق طلب وجه الرب إلهه،... في أيام روسيا القيصرية عندما أعتلى نيقولا الأول قيصر الروس عرش بلاده زج بعدد كبير من أشراف الروس في السجون للثورة الهائلة التي قاموا بها ضده، ومن بين هؤلاء قبض على نبيل روسي كان بريئًا، ولم يكن له ضلع في مؤامرة الثورة، ولكنه كان حاد الطبع سريع الانفعال، وزاد السجن والظلم من انفعاله وشراسته، فكان يتحرك في زنزانته، كما يتحرك الوحش الجريح، يلعن الإمبراطور، ويجدف على الله، إذ كيف لا يستطيع أن يمنع الظلم، وزاره في السجن أحد خدام الله، وأعطاه الكتاب المقدس، ورجاه أن يقرأ، ولكن النبيل قذف بالكتاب بعد أن خرج الخادم إذ كيف يقرأ كتاب إله يترك الطغيان يسير في الأرض.. ولكنه اضطر بعد قليل أن يمسك بالكتاب ليقرأه دفعًا للسأم والملل، إذ لم يكن له كتاب آخر يقرأ فيه، وقرأ وقرأ وازداد رغبة في القراءة حتى توقف أمام صليب الفادي، ورأى أعظم قصة في التاريخ في الظلم والإهانة ، وهنا رقت نفسه وهدأت اذ أدرك أنه وراء المسيح المتألم يسير، وانجلت عن نفسه ثورة الغضب وحلت في أثرها روح الشهيد، قدم للمحاكمة وعجز عن أن يثبت براءته، فحكم عليه بالإعدام، وعندما فتح السجان باب زنزانته ذات يوم توقع أن يبصر أمامه رسول الموت، ولكنه لدهشته العظيمة أبصر القيصر نفسه، وقد جاء إليه بعد ان اكتشف وثيقة تؤكد براءته، وقد جاء يعتذر ويعفو، وخرج الرجل من ظلمات سجنه إنسانًا آخر ليعيش بقية حياته صديق المحزونين والتعساء والخطاة، وعندما مات ترك وراءه شيئين عزيزين، مستشفي كبيرًا، والكتاب العزيز الذي قذف به يومًا ما في ركن زنزانته!!.. وما أكثر ما يفعل الضيق هكذا في حياة أعداد من الناس لا تنتهي،... وإلى جانب الضيق كان الاختفاء باعثًا أكثر عند المرأة لتظهر أمام المسيح!! كان المسيح يطلب العزلة والراحة في بيت، والمسيح قدير على الاختفاء في مواجهة الرياء والكبرياء، لكنه لا يستطيع أن يختفي على الإطلاق تجاه آلام الآخرين وتعاساتهم وضيقاتهم، لقد دفع الاختفاء الكثيرين إلى أن يرفعوا أصواتهم إلى الله قائلين: لماذا تختفي في أزمنة الضيق، أو يقولوا مع إشعياء : ليتك تشق السموات وتنزل من حضرتك تتزلزل الجبال!... كما أن صمت المسيح أثار المرأة أكثر، ودفعها إلى الالحاح.. على أنه وقد قسا عليها بالكلام، ارتفع إيمانها وبلغ الذروة، أو كما قال أحد المفسرين من البيورتان القدامى: «لقد اتسم جواب هذه المرأة على قول المسيح ببراعة الإيمان، لقد جاءت إليه متخطية حواجز العداء والكراهية، كما أنها ألحت عليه في مواجهة الصمت، أو القسوة الظاهرة، وآخر الأمر، لمع الفكر أمام عينيها كالرؤية الوضاءة وهي تذكر الكلاب المدللة الصغيرة التي تأكل من مائدة أربابها!».
وهكذا انتصر هذا الإيمان، وأضحي رمزًا رائعًا للمواقع المتبادلة في الإيمان المسيحي، إذ طرد أبناء الملكوت من اليهود، وجاء الأمم، وتحقق لنا الرجاء الرائع في الفادي الكريم، وحق ما قاله يوحنا في مطلع إنجيله: «إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه» أو في ختام رؤياه: «طوبى للذين يصنعون وصاياه لكي يكون سلطانهم على شجرة الحياة ويدخلوا من الأبواب إلى المدينة لأن خارجًا الكلاب والسحرة والزناة والقتلة وعبدة الأوثان وكل من يحب ويصنع كذبًا».
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
المرأة الفينيقية| المرأة الثابتة في ايمانها نحو هدفها
المرأة الفينيقية | المرأة المحتاجة للخلاص
المرأة الفينيقية| المرأة الأم
المرأة الفينيقية
المرأة الفينيقية


الساعة الآن 08:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024