أبيجايِل امرأة نابال

[الصخره]

أبيجايِل امرأة نابال

هل فكرت يومًا أن كلمة من فمك يمكنها أن تدمر بلدًا كاملة، وكلمة أخرى يمكنها أن تنقذ أمة من الدمار؟! هذا ما فعله نابال بكلامه العنيف.. وما أصلحته زوجته الحكيمة بكلامها اللطيف.
تعالوا نعرف القصة من بدايتها..
كان داود رجل الله مطرودًا ظلمًا من أمام وجه شاول الملك، بسبب حقد الملك وحسده، دون أن يفعل داود له شرًا.
وبسبب خروج داود إلى البرية كان عائشًا في ضيقة، واجتمع معه كل متضايق النفس، وصاروا مجموعة كبيرة من الرجال، يعيشون معًا في الصحراء.. ثم حدثت القصة التي نحن بصددها:
"وكانَ رَجُلٌ في مَعونٍ، وأملاكُهُ في الكَرمَلِ، وكانَ الرَّجُلُ عظيمًا جِدًّا ولهُ ثَلاثَةُ آلافٍ مِنَ الغَنَمِ وألفٌ مِنَ المَعزِ، وكانَ يَجُزُّ غَنَمَهُ في الكَرمَلِ. واسمُ الرَّجُلِ نابالُ واسمُ امرأتِهِ أبيجايِلُ.
وكانَتِ المَرأةُ جَيدَةَ الفَهمِ وجَميلَةَ الصّورَةِ، وأمّا الرَّجُلُ فكانَ قاسيًا ورَديءَ الأعمالِ، وهو كالِبيٌّ. فسَمِعَ داوُدُ في البَريَّةِ أنَّ نابالَ يَجُزُّ غَنَمَهُ.
فأرسَلَ داوُدُ عشَرَةَ غِلمانٍ، وقالَ داوُدُ للغِلمانِ: "اصعَدوا إلَى الكَرمَلِ وادخُلوا إلَى نابالَ واسألوا باسمي عن سلامَتِهِ. (أي سلموا عليه باسمي واسألوا عن سلامته)، وقولوا هكذا: حَييتَ (تعيش) وأنتَ سالِمٌ، وبَيتُكَ سالِمٌ، وكُلُّ مالِكَ سالِمٌ. والآنَ قد سمِعتُ أنَّ عِندَكَ جَزّازينَ (يجزون الغنم، وكان يعتبر وقت جز الغنم احتفالاً وأيامًا طيبة). حينَ كانَ رُعاتُكَ معنا، لم نؤذِهِمْ ولم يُفقَدْ لهُمْ شَيءٌ كُلَّ الأيّامِ التي كانوا فيها في الكَرمَلِ. اِسألْ غِلمانَكَ فيُخبِروكَ (بصدق هذه المعلومة). فليَجِدِ الغِلمانُ نِعمَةً في عَينَيكَ لأنَّنا قد جِئنا في يومٍ طَيّبٍ، فأعطِ ما وجَدَتهُ يَدُكَ (أي أعطنا ما نأكل لأننا في احتياج شديد) لعَبيدِكَ ولابنِكَ داوُدَ. (كلام مليء بالاتضاع والانسحاق بسبب العوز)".
فجاءَ الغِلمانُ وكلَّموا نابالَ حَسَبَ كُل هذا الكلامِ باسمِ داوُدَ وكفّوا. فأجابَ نابالُ عَبيدَ داوُدَ وقالَ: "مَنْ هو داوُدُ؟ ومَنْ هو ابنُ يَسَّى؟ قد كثُرَ اليومَ العَبيدُ الذينَ يَقحَصونَ كُلُّ واحِدٍ مِنْ أمامِ سيّدِهِ. (تكلَّم بكل كبرياء وعدم إحساس بمعاناة ناس مظلومين ومطرودين بلا سبب منهم). أآخُذُ خُبزي ومائي وذَبيحيَ الذي ذَبَحتُ لجازيَّ (الذين يجزون غنمي) وأُعطيهِ لقَوْمٍ لا أعلَمُ مِنْ أين هُم؟".
فتَحَوَّلَ غِلمانُ داوُدَ إلَى طريقِهِمْ ورَجَعوا وجاءوا وأخبَروهُ حَسَبَ كُل هذا الكلامِ.
فقالَ داوُدُ لرِجالِهِ: "ليَتَقَلَّدْ كُلُّ واحِدٍ مِنكُمْ سيفَهُ". فتقَلَّدَ كُلُّ واحِدٍ سيفَهُ، وتقَلَّدَ داوُدُ أيضًا سيفَهُ. وصَعِدَ وراءَ داوُدَ نَحوُ أربَعِ مِئَةِ رَجُلٍ، ومَكَثَ مِئَتانِ مع الأمتِعَةِ" (1صم25: 2-13).
قرر داود أن يحارب الرجل ويقتله بسبب الإهانة ومرارة نفسه، وطبعًا كان هذا القرار متسرعًا وخاطئا..

لكن انظر كيف منعه الرب من تنفيذ خطته

وارتكاب خطيئة شنيعة!!

أبيجايل تسمع برفض نابال

"فأخبَرَ أبيجايِلَ امرأةَ نابالَ غُلامٌ مِنَ الغِلمانِ قائلاً: "هوذا داوُدُ أرسَلَ رُسُلاً مِنَ البَريَّةِ ليُبارِكوا سيدَنا فثارَ علَيهِمْ. والرجالُ مُحسِنونَ إلَينا جِدًّا، فلم نؤذَ ولا فُقِدَ مِنّا شَيءٌ كُلَّ أيّامِ ترَدُّدِنا معهُمْ ونَحنُ في الحَقلِ. كانوا سورًا لنا ليلاً ونهارًا كُلَّ الأيّامِ التي كُنّا فيها معهُمْ نَرعَى الغَنَمَ. (كنا أصدقاء وكانوا يساعدوننا ويحموننا من الأذية سواء من اللصوص أو من وحوش البرية)...
فبادَرَتْ أبيجايِلُ وأخَذَتْ مِئَتَيْ رَغيفِ خُبزٍ، وزِقَّيْ خمرٍ، وخَمسَةَ خِرفانٍ مُهَيّأةً، وخَمسَ كيلاتٍ مِنَ الفَريكِ، ومِئَتَيْ عُنقودٍ مِنَ الزَّبيبِ، ومِئَتَيْ قُرصٍ مِنَ التينِ، ووَضَعَتها علَى الحَميرِ. وقالَتْ لغِلمانِها: "اعبُروا قُدّامي. هأنذا جائيَةٌ وراءَكُمْ". ولم تُخبِرْ رَجُلها نابالَ" (أرادت أن تحل المشكلة أولاً، ثم تخبر رجلها لئلا يعطل الحل ويأتي الشر عليهم جميعًا) (1صم25: 14-19).

أبيجايل تنقذ الموقف

"ولَمّا رأتْ أبيجايِلُ داوُدَ أسرَعَتْ ونَزَلَتْ عن الحِمارِ، وسقَطَتْ أمامَ داوُدَ علَى وجهِها وسجَدَتْ إلَى الأرضِ، وسَقَطَتْ علَى رِجلَيهِ وقالَتْ: "علَيَّ أنا يا سيّدي هذا الذَّنبُ (تحملت ذنب زوجها مع أنها لم تخطئ بل هو ولكنها اعتبرت خطأه خطأها)، ودَعْ أَمَتَكَ تتكلَّمُ في أُذُنَيكَ واسمَعْ كلامَ أَمَتِكَ... والآنَ هذِهِ البَرَكَةُ التي أتَتْ بها جاريَتُكَ إلَى سيّدي فلتُعطَ للغِلمانِ السّائرينَ وراءَ سيدي (كلام ملئ بالاتضاع والاحترام). واصفَحْ عن ذَنبِ أَمَتِكَ لأنَّ الرَّبَّ يَصنَعُ لسَيّدي بَيتًا أمينًا، لأنَّ سيّدي يُحارِبُ حُروبَ الرَّب، ولم يوجَدْ فيكَ شَرٌّ كُلَّ أيّامِكَ... ويكونُ عِندَما يَصنَعُ الرَّبُّ لسَيّدي حَسَبَ كُل ما تكلَّمَ بهِ مِنَ الخَيرِ مِنْ أجلِكَ، ويُقيمُكَ رَئيسًا علَى إسرائيلَ. (هي تعرف أن الله اختاره ملكًا، وتم مسحه بيد صموئيل، ولكنه لم يتولى الحكم بعد، ونبهته أنه إن سفك دماء في ثورة غضبه تصير غلطة تشوه سمعته، وتقف حجر عثرة أمام مستقبله السياسي والديني أمام الله والشعب)، أنَّهُ لا تكونُ لكَ هذِهِ مَصدَمَةً ومَعثَرَةَ قَلبٍ لسَيّدي، أنَّكَ قد سفَكتَ دَمًا عَفوًا، أو أنَّ سيّدي قد انتَقَمَ لنَفسِهِ. وإذا أحسَنَ الرَّبُّ إلَى سيّدي (بأن تتملك على الشعب حسب وعد الله لك) فاذكُرْ أَمَتَكَ".
فقالَ داوُدُ لأبيجايِلَ: "مُبارَكٌ الرَّبُّ إلهُ إسرائيلَ الذي أرسَلكِ هذا اليومَ لاستِقبالي، ومُبارَكٌ عَقلُكِ، ومُبارَكَةٌ أنتِ، لأنَّكِ مَنَعتِني اليومَ مِنْ إتيانِ الدماءِ وانتِقامِ يَدي لنَفسي. ولكن حَيٌّ هو الرَّبُّ إلهُ إسرائيلَ الذي مَنَعَني عن أذيَّتِكِ، إنَّكِ لو لم تُبادِري وتأتي لاستِقبالي، لَما أُبقيَ لنابالَ إلَى ضَوْءِ الصّباحِ بائلٌ بحائطٍ". فأخَذَ داوُدُ مِنْ يَدِها ما أتَتْ بهِ إليهِ وقالَ لها: "اصعَدي بسَلامٍ إلَى بَيتِكِ. اُنظُري. قد سمِعتُ لصوتِكِ ورَفَعتُ وجهَكِ" (1صم25: 23-35).

لقد أنقذت بيتها وزوجها وممتلكاتهم من الدمار

بسبب الكلام الحكيم اللين،

بل وأنقذت داود نفسه من خطية عظيمة

كان موشكًا أن يقع فيها.

حقًا قال الكتاب:
e"الكلامُ الحَسَنُ شَهدُ عَسَلٍ، حُلوٌ للنَّفسِ وشِفاءٌ للعِظامِ" (أم16: 24).
e"تُفّاحٌ مِنْ ذَهَبٍ في مَصوغٍ مِنْ فِضَّةٍ، كلِمَةٌ مَقولَةٌ في مَحَلِّها" (أم25: 11).
e"للإنسانِ فرَحٌ بجَوابِ فمِهِ، والكلِمَةُ في وقتِها ما أحسَنَها!"(أم15: 23).

دعنا نحسن كلاماتنا ومعاملاتنا..

فنربح الناس ونربح أبديتنا..

لأن السيد المسيح علّمنا أنه

"بكلامِكَ تتَبَرَّرُ وبكلامِكَ تُدانُ"

(مت12: 37).

[كاتى]

مشاركه مثمره
ربنا يفرح قلبك

[الصخره]

شكرا للمرور المميز

[ناردين]

شخصيه مميزه ايجايل ربنا يعطينا الحكمه كما اعطاها
ربنا يباركك يا غالي الصخره

[الصخره]

شكرا ناردين لمرورك المميز