منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 24 - 05 - 2013, 02:49 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,008

أبلوس الواعظ العظيم
أبلوس الواعظ العظيم

يبدو لنا أبلوس من أول القصة أميراً من أمراء المنابر ، وواعظاً من من أفصح الوعاظ وأقدرهم يملك ناصية البيان وفصاحة التعبير كأروع ما تكون بلاغة الواعظ المتمكن من منبره ، وإذا كان قواعد علم الوعظ ، على ما يدرسه طلاب كليات اللاهوت ، تذكر الصفات والمقومات التى يملكها الواعظ الممتاز بأنها أربع صفات متلازمة ، نلاحظ أنها جميعاً كانت ملك أبلوس وتملأ كيانه ، وهى كما يلى :
التقوى
والمدقق فى قصة أبلوس وهو ينتقل من الإسكندرية ليحاضر ويعظ فى أفسس ثم يتجه إلى أخائية : « وهو حار فى الروح » ( أع 18 : 25 ) يدرك أن هذا الرجل تحرك من البداية بدافع الإحساس الروحى المتعمق فيه كيهودى أولا ، ثم كمسيحى ثانياً ، وأنه كان يحمل فى أعماقه قلباً متقداً بحب اللّه ، والولاء ليسوع المسيح ، أو فى لغة أخرى لقد كان الواعظ التقى الذىلا ينطق إلا بما يخرج من أعماق قلبه ، ويعبر عن مشاعره العميقة الصادقة ، وتلك هى السمة الأولى للواعظ المسيحى الناجح ، ... والتقوى فى الواعظ هى إحدى خصائص النفس الروحية ، وهى أساس الحماس الأخلاقى البعيد الجذور الذى ينعكس عن الاختبار الدائم لعلاقة الواعظ باللّه ، وهى علاقة صداقة وشركة وحب ، يصبح بمقتضاها خليلا اللّه ، وهى فى لغة أخرى تكريس مهيب للّه ، وهى ليست شيئاً مصطنعاً أو أحجية أو تكلفاً ، وهى ليست جامدة ساكنة بل هى نشطة متحركة تمضى قدماً مزدهية بالحق وبمجد وفضائل النعمة المسيحية وبركاتها ، وهى ليست شيئاً ينتمى إلى عالم آخر ، بمعنى العزوف المتكبر ، أو الانطواء المترفع عن حاجيات الناس ومصالحهم ، بل هى تختلط بهم وتعاشرهم وتعاملهم فى الحياة مزودة بل مسلحة بالفضائل المسيحية . وهى ليست ضعيفة خائرة ، بل هى بطلة ، وبطولتها تتجلى فى انتصار الروح انتصاراً رائعاً على الجسد ، وهى الحقيقة الروحية التى لا تقبل أى تهادن أو تهاون مع الزيف أو الكذب أو الخداع أو التظاهر أو النفاق ، وهى تعترف بوجود أعداء الحياة الخلقية والروحية ، ومن ثم تتحداهم ، وليست من المبالغة أن نقول : إن هذه أول سمة فى الواعظ الناجح ، والضمان لتأثيره وأثره ، إذ أنها تلهب الواعظ نفسه بالغيرة المتلظية والحماس النارى ، وهى التى تبقى الشعلة حية متوهجة وسط كل تلك اللامبالاة الجليدية التى كثيراً ما يجد الواعظ نفسه مجابها ومحاصرا بها ، إن هذه التقوى هى التى تظفر للواعظ بتقدير موعوظيه وعطفهم ونواياهم الطيبة، بل إن أكثر الناس شراً بينهم ، سوف لا يتمالكون أنفسهم من الإقرار بأن ذلك الحماس الصادق من جانبه أمر خليق باحترامهم وجدير بكل ثناء وتقدير . ومثل هذا الواعظ الصادق والأمين لابد أن يبارك اللّه جهوده وأتعابه ... ومن الخطأ البين الفصل بين حياة الواعظ والعظة التى ينادى بها ، فروعة البلاغة وقوة وسائل الإقناع والاستمالة ، تذهب هباء مالم يحرص الواعظ الذى يبشر بالإنجيل على أن ينمى فى شخصيته وحياته عنصر التقوى الشخصية ، ومن ثم فإنها لمأساة دونها كل مأساة ، أن يهمل الواعظ عنصر التقوى الشخصية فى حياته !! .
المواهب الطبيعية
كان أبلوس يملك المواهب الطبيعية للواعظ العظيم والتى تبدأ أولا بالقدرة على التفكير السليم الواضح : « مقتدر فى الكتب » و « خبير فى طريق الرب » ، .. لم يكن ضحل التفكير سطحى التأمل ، بل كان ناضج الذهن ، كما كان يملك العاطفة الملتهبة ، فالواعظ البارد المشاعر لا يصلح قط أن يكون واعظاً ، ولكن الواعظ الملتهب هو الذى يتجاوب مع عظته ، عندما وعظ الواعظ الأعمى جيمس وادل عن الصليب ، وجاء إلى كلمة المسيح : « يا ابتاه اغفر لهم » ، رفع الواعظ منديله إلى عينيه وانفجر باكياً ، ... لأن العظة مست شغاف قلبه قبل أن تصل إلى الآخرين !! .. وإلى جانب العاطفة هناك الخيال المجنح الذى يرتفع بالواعظ ، ويرفع معه الموعوظيين ، كان لجورج هو يتفيلد القدرة الهائلة على التصور ، جلس « تشستر فيلد » يستمع إليه ذات مرة ، وسمعه وهو يشبه الخاطئ بشحاذ أعمى سقط عكازه ، فهوى الرجل فى هوة حتى صرخ تشستر فيلد : يا إلهى ضاع الرجل !! .. وإلى جانب الخيال هناك المنطق الذى ينبغى أن يتحلى به الواعظ لتكون له القدرة على الإقناع ، وقد كان أبلوس ، كما يبدو من الوصف الكتابى ، لا تعوزه المواهب الطبيعية من حيث الفكر والعاطفة والخيال والمنطق ، مما جعله من أقدر الوعاظ وأفصحهم !! .
المعرفة
من المسلم به فى علم الوعظ ، أنه إذا كانت التقوى قوة الواعظ ، والمواهب الطبيعية وسيلته ، فإن المعرفة هى مادته التى يصوغ منها عظاته وتعاليمه . والمعرفة الواسعة أمر جوهرى فى حياة الواعظ ، وقد كانت للخطيب الرومانى الأشهر شيشرون فكرة معينة مؤداها أن الواعظ أو الخطيب البليغ يجب أن يعرف كل شئ . ومن المسلم به أن الواعظ يستطيع أن يستفيد من أية معرفة ، ويفيد معه الآخرين ، ومن ثم ينبغى أن تكون المعرفة هى طموحه المقدس حيث يعرف كل ما يمكن تعلمه من الحقائق الدينية وسائر الحقائق الاخرى التى تلقى الضوء على كل جوانب الحياة ، ولن يتحقق هذا إلا عن طريق الدرس المستمر ، والصلاة المتعمقة !! ..
المهارة
قال المرنم : « فاض قلبى بكلام صالح متكلم أنا بإنشائى للملك . لسانى قلم كاتب ماهر» (مز 45 : 1 ) .. والمهارة هى ذلك الطابع المميز للواعظ فى أصالته ، عن غيره من الوعاظ ، وقدرته على التفرد بشخصية مستقلة لا تخضع لطغيان المؤثرات التى يمكن أن تحدثها البلاغة العالية أو تقليد الوعاظ الآخرين تقليداً ممسوخا ، ويبدو أن أبلوس كان من هذه الناحية شخصية رائعة متميزة ، لم تتأثر بأخطاء البلاغة اليونانية أو تقليد غيره من الوعاظ ، ... ومن المعلوم أن البلاغة اليونانية شأنها شأن اللغة اليونانية ، كانت وسيلة نافعة مجدية فى توصيل الإنجيل إلى الأمم ، فلقد ظهرت المسحية فى عالم انتشرت فيه هذه البلاغة ... وكانت المسيحية فى مطلع الأمر فى حذر منها ، إذ نشأت فى أرض فلسطين ، وكان رواد الوعظ المسيحى وجماهيره وخلفياته وصلاته الروحية مرتبطة باليهود ، ومن ثم كان طبيعياً بل وضرورياً أن يسير الوعظ المسيحى فى فلسطين على نمط الأنبياء والمعلمين فى الديانة اليهودية ، يضاف إلى ذلك أن البلاغة ، وإن كانت قد وصلت فى فجر المسيحية إلى قمتها فى الحجة والمنطق والتأثير عند العالم اليونانى والرومانى ، فإنها قد استخدمت فى كثير من المواطن أسوأ استخدام ، إذ غدت فى أيد غير نظيفة سواء كانت أيدى محامين أو معلمين مزيفين ، فتدهورت وفقدت سمعتها ومركزها الأدبى الذى كان مرموقاً ، بعد أن بدت وسيلة ماكرة خاتلة تحاول أن تجعل الأسود أبيض والأبيض أسود ، ومن ثم كان على الواعظ المسيحى الماهر أن يراقب هذه البلاغة أو يتعامل معها على حذر ، ... على أن هذا كله قد تأثر بعاملين حيويين فيما بعد ، أولهما تضاؤل النفوذ اليهودى عندما انتشرت المسيحية بين الأمم ، وابتدأت الصور البالغية تدخل فى لباب الوعظ ، ... ويعتقد الكثيرون أن أبلوس تأثر إلى حد كبير فى الإسكندرية بهذه الصور ، وأدخلها فى وعظه ، الذى سحر به الكورنثيين ، ففضله بعضهم على بولس نفسه ، ... الأمر الثانى - أنه ربما كان من رجال الأدب والبلاغة ، وتحول إلى الوعظ وخلصه ولا شك من أساليب الختال والخداع التى طغت على المحامين والأدباء الذين استخدموا البلاغة اليونانية أسوأ استخدام .
وقد ظهر فى التاريخ الوعاظ المسيحيون الذين جنبوا وعظهم أساليب الخداع أو التمويه ، وكانت رسائلهم قوية مباركة أمثال أبلوس وباسيليوس وغريغوريوس وفم الذهب وأمبروز وأوغسطينوس ، ... ومن المسلم به أن أبلوس اشتهر كواعظ فصيح بأسلوبه الخاص الذى تفرد به عن غيره ، ولسنا نعلم هل كان يتحلى بصوت موسيقى ساحر ، وإلقاء مدرب عظيم ولكن يبدو أنه كان كذلك ، ... وأن مظهره ومخبره على المنبر كانا كما قال دافيد هيوم : إن سفر عشرين ميلا شئ هين مقابل التمتع بسماع جورج هو يتفيلد .
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أبلوس الخادم
أبلوس الواعظ العظيم
أبلوس المتضع
أغريباس وبولس الواعظ العظيم
أبلوس


الساعة الآن 12:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024