كان من الأوقات المحببه الي قلبي هو الجلوس مساءاً في كافيه (سيلانترو)، احتسي قهوتي المُفضلة، وأنا أتصفح موقعي المُفضل آنذاك (شبكة الحب الإلهي)، أشارك بخواطري و أرائي في شتى الأمور. كانوا يطلقون علىّ وقتها (ملك الرومانسية)، وصدقوني، اللقب بعيد تماماً عن شخصيتي العنيفة (احياناً)، وربما رفضي للقب ينبع من جذوري الصعيدية التي لا تقبل أي شيء له علاقة (بتسبيل العيون) أو آهات (سومة العاشق) في فيلم (طير أنت)!، وكانت مرتبطه في ذهني صورة الرجل الرومانسي، بالرجل الذي يرتدي تنورة قصيرة وشعر أقدامه بارزه من جوربه (شيمل يعني!). ولأسباب كثيرة تعود إلي طبيعة نشأتي و ثقافتي و قراءاتي، جعلتني أنفر من اللقب، ولكني لم أعترض عليه صراحةً، وكانت العبارة التي تناسب موقفي وقتئذ هي: سيبوهم يتسلوا . فكنت لا اريد أن اصنع موضوع من لا موضوع، الامر لا يعدوا عن كونه مجرد احاسيس قاربت على التلاشي، فما المانع من أن أتركهم يسعدون بوصفي (ملك الرومانسية) وما المانع من أن امتعهم انا بكيف تكون (الرومانسية)!، وتركت لمُخيلتي العنان، روحت امطرهم بوابل من القصائد و الخواطر و الزجل، التي تحوي بين طياتها رسالة ما، وصار (طارق) شخصية معروفة جيداً على (شبكة الحب الإلهي)، وصدقوني، لم يكن يُعنيني الأمر مُطلقاً، فلا يهمني من قريب أو بعيد أن أكون شخص مشهور في مكان ما، بل على العكس تماماً، أعشق عبارة "دعونا نعمل في صمت" .. وظهر هذا الصديق! .. لم يكن ظهوره بالمعنى الذي يوحي بإنعدام وجوده في هذا المكان قبل الظهور، كلا!، بل كان شخصية محبوبه و معروفة للجميع، بمن فيهم انا، وكنت أحبه كثيراً، وأحترم عقله بنفس القدر الذي أحبه به، وكان يشتهر كثيراً بالقصص الفكاهية، و المواضيع الاجتماعية المحببه للكل، وكانت ترتسم على شفتي إبتسامة واسعة عندما أقرأ تعليقات كل الأعضاء على مواضيعه وقصصه، وأشعر بسعادتهم، و إندماجهم الكامل معها. وكان أكثر ما يجذبني إليه هو بساطته، وإستخدامه لمفردات سهلة يفهمها الجميع، و قريبة جداً من حياتنا المُعاشة، و جميعنا نرددها في تعاملاتنا اليومية، ولا يخلوا الامر من بعض التلميحات (الجنسية)، التي كانت بمثابة صدمة لي في باديء الامر، سرعان ما تفهمت ضرورتها، خصوصاً وانها لم تكن (فجة) أو بمفردات واضحة، كان صديقي هذا (رجل أعمال)، تجاوز العقد الرابع ببضعة سنوات، لديه مشروعه الخاص الذي يدر عليه ربح لا بأس به، وكان شبه متفرغ للأقسام الاجتماعية والفكاهيه، ونادراً ما أجده يشارك بجدية في اية اقسام أخرى! .. لا بأس! .. إلى أن أتى ذلك اليوم! .. فوجئت برسالة منه على بريدي الخاص يطلب فيها ان يراسلني على أميلي الشخصي (الياهو)، سعدت كثيراً، وبالطبع لم أتردد، وأرسلت له الاميل الشخصي ممهوراً بعبارات تُبرز سعادتي الجمّه لأهتمامه بالتعرف إلىّ، وعلى الماسنجر دار بيننا في باديء الامر تعارف قصير، وتبادل للأراء والافكار، إلى أن فوجئت به ذات يوم يقول لي: – بس انت يا عم مكوش على الكل !! .. مكوش!! .. فقلت : - مكوش؟ إزاي يعني؟ .. فكان رده بنفس الوجه الباسم هذا - يعني كل البنات بقى حواليك، وانت بقى ملك الرومانسية .. (!!) ربما ما ادهشني بالفعل هو تعليقه .. بجوار عُمره .. لا أقول ان من تخطوا الثلاثين يجب ان لا يمزحوا او ما شابه .. إطلاقاً! .. ولكن كان عُمره يقارب 48 سنة .. و كان جاداً بالفعل في كلامه حتى وإن أراد أن يجعله يبدوا كمزاح، فهو يتحدث مع شخص أكثر ما يكرهه في نفسه هو تحليله (التلقائي) للشخصيات، وإكتشفت بالفعل فيما بعد انه لم يكن يمزح !! .. لقد كان مراهق !! .. كان يشعر بخواء عاطفي كبير في حياته !! .. ولكن ما أثار دهشتي بالاكثر .. انه كتب موضوعاً ينتقد فيه الشاب الرومانسي !! .. بل و يتهمه بأبشع الصفات !! .. وكان ينقصه فقط ان يقول في نهاية الموضوع (إهداء إلى عزيزي طارق (ملك الرومانسية) ) .. والحقيقة انني لم أتمالك نفسي .. فدخلت موضوعه وكتبت مشاركة واحدة فقط.. و كانت أكبر (هههههههه) في تاريخ الانترنت !! .. الحقيقة أنني بالفعل (قهقهت) من أعماقي، وليس ضحكت فقط ، لأن هذا ما توقعته صدقوني بعد أول (تشات) بيني و بينه ، ليس لأنني قمت بإستفزازه أو ما شابه، إطلاقاً .. صدقوني لم أفعل أي شيء بالمره! .. بل على العكس تماماً .. كان كل كلامي معه على شاكلة .. حضرتك .. يا فندم .. يشرفني .. هذه طبيعتي في الغالب .. أكون قمة الذوق مع شخص لا أعرفه، فأتعامل معه بحسن نية، إلى أن يثبت العكس .. فأتحول (بقدرة قادر) إلى عربجي يتجرع (الكولّه) اسفل كوبري أكتوبر .. كان توقعي أنه سيقوم بمهاجمتي بأية طريقة لا لشيء سوى لأنه مراهق !! ... نعم هو مراهق!! .. من يهتم (بتجميع) البنات حوله هو مراهق!! .. من يحاول الإقتراب من فتاة أصغر من إحدى بناته هو مراهق !! .. نعم صدقوني !! .. لا جدال في مراهقته !! .. بكل العلم و العقل و المنطق و التحليل هو مراهق !! بل ما أثار قمة دهشتي بالاكثر ما حدث بعدها !! لقد راح صديقي (المراهق) يهاجم كل من يختلف معهم من الأعضاء .. فهذا لأنه عارضه، وذاك لأن أفكاره لا تروق له، و تلك لأنها لم تتجاوب معه! .. وكان يخصص مواضيع كاملة لمهاجمة أشخاص بعينهم، دون أن يذكر أسماء أو مواقف، ولكن كان أغلب الأعضاء يعرفون إلى ماذا يرمي، ومن يقصد ! .. وإشمئز منه الكثير ! .. و تبين للغالبية مراهقته المتأخره .. وكنت أقرأ مواضيعه وأنا حزين من اجله، حقيقتاً كنت حزين من أجله .. وحزين من أجل قلوب بعض الفتيات البريئات اللواتي إنجذبن له من كتاباته، و إنخدعن .. صدر من صديقي هذا أمور كثيرة ليس لي أن أذكرها الآن .. ولكن ربما ذات يوم أقصها عليكم .. صديقي هذا علمني أمراً هاماً .. أن ليس كل ما يلمع ذهباً .. وليس كل صاحب لسان عذب .. هو عذب.. وليس كل ما يبدو نضوج .. هو في حقيقته نضوج .. فربما يكون .. مراهقة متأخرة ..