17 - 03 - 2013, 01:12 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
زكريا: النبي والملك والكاهن
احسبني معهم
اسم عبري معناه "يهوه يذكر" أو "الرب يذكر" وهو اسم كثير الورود في الكتاب المقدس حيث يطلق علي نحو اثنين وثلاثين شخصاً، فهو اسم:
(1) أحد رؤساء سبط رأوبين في الوقت الذي غزا فيه تغلث فلاسر إسرائيل (1 أخ 5: 5- 7).
(2) زكريا بن مشلميا من بني قهات بن لاوي، وكان بواباً للباب الشمالي من خيمة الاجتماع في أيام داود الملك (1 أخ 9: 21، 26: 2, 14).
(3) زكريا بن يعوئيل أول إسرائيلي سكن في جبعون (1 أخ 9: 35- 37)، ويسمي أيضاً "زاكر" (1 أخ 8: 31).
(4) أحد المغنين بالرباب الثواني من اللاويين الذين عينهم داود الملك للغناء احتفالاً بإحضار تابوت العهد إلي مكانه الذي أعده له في أورشليم (1 أخ 15: 3, 14, 18, 20) وأصبح خادماً أمام تابوت الرب "لأجل التذكير والشكر وتسبيح الرب إله إسرائيل" (1أخ 16: 4, 5).
(5) أحد الكهنة الذين كانوا ينفخون بالأبواق امام تابوت الله عند إحضاره من بيت عوبيد أدوم (1 أخ 15: 24).
(6)زكريا بن يشيا من بني قهات وأحد اللاويين في أيام داود الملك
(1 أخ 24: 25). ويظن البعض أنه هو نفسه الذي سبق ذكره في (4).
(7) زكريا الابن الرابع لحوسه من نسل مراري بن لاوي، وكان أحد البوابين في عهد داود الملك (1 أخ 26: 11).
(8) زكريا الذي كان ابنه "يدو" رئيساً لنصف سبط منسي في جلعاد في زمن داود الملك (1 أخ 27: 21).
(9) أحد رؤساء يهوذا الذين أرسل إليهم يهوشافاط الملك- في السنة الثالثة لملكه- أن يعلمّوا في مدن يهوذا ومعهم بعض اللاويين، "فعلّموا في يهوذا ومعهم سفر شريعة الرب وجالوا في جميع مدن يهوذا وعلَّموا الشعب" (2 اخ 17: 7- 9).
(10) أحد اللاويين من بني آساف، حل علي ابنه يخرئيل روح الرب في وسط الجماعة في عهد الملك يهوشافاط، لكي يشجعهم باسم الرب في مواجهة الموآبيين الذين أتوا عليهم بجيش عرمرم، قائلاً لهم: "لا تخافوا ولا ترتاعوا بسبب هذا الجمهور الكثير، لأن الحرب ليست لكم بل لله" (2 أخ 20: 14, 15).
(11) أحد أبناء يهوشافاط الملك، وقد قتله أخوه يهورام عندما خلف أباه علي العرش (2 أخ 21: 2-4).
(12) زكريا بن يهوياداع الكاهن في عهد يوآش ملك يهوذا (2 أخ 22: 1-12، 24: 15، 16)، فهو ابن يهوسعة أخت أخزيا الملك، وعليه كان زكريا ابن عمه الملك يوآش. وحدث بعد موت يهوياداع، أن ارتد الشعب عن الرب، حتي "لبس روح الرب زكريا بن يهوياداع الكاهن فوقف فوق الشعب وقال لهم: "هكذا يقول الله: لماذا تتعدون وصايا الرب فلا تفلحون. لأنكم تركتم الرب قد ترككم. ففتنوا عليه ورجموه بحجارة بأمر الملك في دار بيت الرب. ولم يذكر يوآش الملك المعروف الذي عمله يهوياداع أبوه معه، بل قتل ابنه. وعند موته قال: الرب ينظر ويطالب" (2 أخ 24: 20-22). والأرجح أن زكريا بن يهوياداع هو الذي قصده الرب يسوع بقوله للكتبة والفريسيين: " لكي يأتي عليكم كل دم زكي سفك علي الأرض، من دم هابيل الصديق إلي دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح" (مت 23: 35،انظر أيضاً لو 11: 51). فالرب يسوع يذكر أول شهيد للبر ذكر في أول أسفار الكتاب المقدس (تك 4: 8)، وآخر شهيد ذكر في آخر أسفار الكتاب المقدس في التوراة العبرية، وهو سفر أخبار الأيام الثاني. والأرجح أن زكريا كان حفيداً ليهوياداع الذي مات عن مائة وثلاثين عاماً (2 أخ 24: 15)، وان أبا زكريا كان اسمه برخيا بن يهوياداع.
(13) زكريا الفاهم بمناظر الله الذي كان مشيراً صالحاً للملك عزيا، فكان الملك ناجحاً في أيام زكريا هذا (2 أخ 26: 56).
(14) زكريا بن يربعام ملك إسرائيل، الذي خلف أباه (2 مل 14: 29)، وسنكتب عنه بالتفصيل.
(15) زكريا جد الملك حزقيا لأمة "أبي" (2 مل 18: 2) أو "أبية" (2 أخ 29: 1).
(16) أحد اللاويين من بني آساف ممن عاونوا الملك حزقيا في تطهير بيت الرب (2 أخ 29: 13-15).
(17) زكريا بن برخيا أحد الشاهدين الأمينين اللذين أشهدهما إشعياء النبي- بأمر الرب علي النبوة بمولد أبنه "مهير شلال حاش بز" وذلك من قبل أن يُحبل به (إش 8: 1-4). وقد يكون زكريا هذا هو نفسه المذكور عالية في (16).
(18) أحد القهاتيين من بني لاوي ممن أشرفوا علي الرجال الذين قاموا بترميم الهيكل في أيام يوشيا الملك (2 أخ 34: 12).
(19) أحد رؤساء بيت الله في عهد يوشيا، الذي قدم لهم الرؤساء التبرعات لعمل الفصح (2 أخ 35: 8).
(20) زكريا من بني فرعوش من بني شكنيا، وقد رجع ومعه من الذكور مئة وخمسون من عشيرته من بابل مع عزرا الكاهن في عهد الملك أرتحشستا (عز 8: 3).
(21) زكريا بن باباي وقد رجع ومعه ثمانية وعشرون من الذكور من عشيرته من بابل مع عزرا في عهد ارتحشستا الملك (عز 8: 11).
(22) أحد الرؤساء الذين أرسلهم عزرا إلي إدو الرأس في المكان المسمي كسفيا لإقناع إدو وإخوته النثينيم ليأتوا بخدام لبيت الله (عز 8: 16). وقد يكون أحد المذكورين في (20) أو (21) بعالية.
(23) زكريا من بني عيلام الذين تزوجوا بنساء أجنبيات في زمن عزرا وأعطوا أيديهم إخراج نسائهم مقربين كبش غنم لأجل إثمهم (عز 10: 26).
(24) أحد الكهنة الذين وقفوا علي المنبر عن يسار عزرا الكاهن وهو يقرأ سفر شريعة الرب (نح 8: 4). وقد يكون هو المذكور في (22) بعالية.
(25) زكريا بن أمريا من بني فارص بن يهوذا، الذي سكن حفيده عثايا في أورشليم مع الرؤساء بعد العودة من السبي (نح 11: 4).
(26) زكريا بن الشيلوني، من أسلاف معسيا بن باروخ من بني فارص أيضاً، من الرؤساء الذين سكنوا في أورشليم بعد العودة من السبي (نح 11: 5).
(27) زكريا بن فشحور بن ملكيا من أسلاف عدايا بن يرروحام من الرؤساء في أيام نحميا (نح 11: 12).
(28) زكريا الذي كان يمثل عائلة عدو من الكهنة في أيام يوياقيم رئيس الكهنة (نح 12: 16). والأرجح أنه هو زكريا بن برخيا النبي .
(29) زكريا بن يوناثان من بني آساف الذي كان يقود أخوته من المغنين عند تدشين أسوار أورشليم في زمن نحميا (نح 12: 35, 36).
(30) أحد الكهنة الذين كانوا يضربون بالأبواق عند تدشين أسوار أورشليم (نح 12: 41).
(31) زكريا النبي بن برخيا بن عدو، وسنتحدث عنه بالتفصيل فيما يلي.
(32) زكريا أبي يوحنا المعمدان، وسنتحدث عنه بالتفصيل فيما يلي.
|
17 - 03 - 2013, 01:12 PM
|
رقم المشاركة : ( 2 )
|
† Admin Woman †
|
رد: زكريا: النبي والملك والكاهن
هو السفر الحادي عشر بين مجموعة الأسفار التي تسمى (بالأنبياء الصغار), والرأي السائد هو أن هذا السفر كتب في العصر الفارسي أثناء حكم داريوس الأول أو حوالي عام 520 ق.م. وقد ظن بعض الباحثين أن الإصحاحات من 9-14 كتبت قبل السبي وظن آخرون أنها كتبت في القرن الثاني ق.م. ولكن قد أيدت دراسة المخطوطات ودراسة النصوص، وحدة السفر وأنه كتب بقلم زكريا. وقد أشار إليه يشوع بن سيراخ إشارة ضمنية عندما ذكر سفر الأثني عشر وكان هذا حوالي 200 ق.م.
وينقسم السفر إلى أربعة أقسام:
أولاً: مقدمة السفر، سلسلة من ثمان رؤى ص 1: 1-6: 8.
ثانياً: أعمال رمزية تشمل تتويج رئيس الكهنة ص 6: 9-15.
ثالثاً: وفد من بيت أيل يسأل عن الصوم وجواب النبي ص 7 و 8.
رابعاً: سلسلة من النبوات تنبئ بهلاك أعداء الله ومجيء المسيا، ومجيء ملكوت الله ص 9-14 وفي هذا القسم نبوات عن المسيح وهي:
(1) دخول الانتصاري إلى أورشليم (9: 9 قارنه مع مت 21: 5).
(2) تسليمه بثلاثين من الفضة (11: 12 قارنه مع مت 27: 9 و 10).
(3) ثقب يديه (12: 10 و 13: 6 قارنه مع يو 19: 37).
(4) الراعي المتألم (13: 7 قارنه مع مت 26: 31).
(5) حكم المسيح يسود على الجميع (9: 10).
|
|
|
|
17 - 03 - 2013, 01:12 PM
|
رقم المشاركة : ( 3 )
|
† Admin Woman †
|
رد: زكريا: النبي والملك والكاهن
أولاً: أسلوبه واهميته:
لأن النبي استخدم الأسلوب الرئوي، أطلق البعض علي هذا السفر اسم "رؤيا" العهد القديم. وتتميز إعلاناته النبوية بالبلاغة والإيجاز حتي ليسمي "موجز الأنبياء". ويتنوع أسلوبه من رؤي نبوية إلي صور رمزية إلي إعلانات مباشرة.
ولقد عبَّر الكثيرون من العلماء- قديماً وحديثاً- عن صعوبة تفسير هذا السفر بسبب ما يحوطه من غموض. فذكر المفسرون اليهود أنهم لا يستطيعون سبر غور الرؤي والنبوات التي يشملها هذا السفر. وهو في لحمته وسداه يعتبر سفراً مسيانياً.
ورغم أنه ليس من السهل تفسير كل ما جاء بالسفر، إلا أن هذا لا يقلل من أهميته. فيقولون عنه إنه "خلاصة أو موجز الأنبياء" فما يحويه من نبوات عن المسيا اكثر مما يتناسب مع حجمه، فلا يفوقه في كثرة النبوات عن المسيا ووضوحها سوي سفر إشعياء.
ويتناول زكريا في نبواته المجيء الأول للمسيا وكذلك مجيئة الثاني. فيتكلم عن مجيئة وديعاً متواضعاً، وعن خدمته كراعٍ لشعبه، ورفضهم له، وضرب الله الآب "لرجل رفقته"، أي المعادل له ، وما ترتب علي ذلك من تبدد الغنم. ثم عن عودته في مجد إلي شعبه الراجع إليه، وتحقيقه للسلام بين الأمم، وغير ذلك من النبوات عن الأزمنة الخيرة.
|
|
|
|
17 - 03 - 2013, 01:13 PM
|
رقم المشاركة : ( 4 )
|
† Admin Woman †
|
رد: زكريا: النبي والملك والكاهن
ثانياً: محتويات السفر:
تنقسم نبوات زكريا إلي قسمين، الأول منها يشمل الأصحاحات الثمانية الأولي، والثاني يشمل باقي السفر أي الإصحاحات الستة الأخيرة. وكل قسم منهما يبدأ من زمنه ويمتد إلي المستقبل البعيد. (1) تتضمن الأصحاحات الثمانية الأولي، ثلاث رسائل متميزة أعلنها النبي في ثلاث أوقات مختلفة.
(1) 1: 1-6، كلمة الرب إلي زكريا في الشهر الثامن من السنة الثانية لداريوس الملك (أي 520 ق.م). أي أنها سبقت النبوات التي تلتها بثلاث شهور. وهي عبارة عن مقدمة عامة للسفر تحتوي علي دعوة من أقوي الدعوات في العهد القديم للتوبة والرجوع إلي الله.
(2) 1: 7-6: 15، وهي سلسلة من ثماني رؤي ليلية تنتهي بمنظر تتويج، وقد رآها زكريا في اليوم الرابع والعشرين من الشهر الحادي عشر من السنة الثانية لداريوس الملك، أي بعد شهرين تماماً من وضع حجر الأساس لبناء هيكل الرب (حجي 2: 18, زك 1: 7). وكان الهدف من هذه الرؤي تشجيع الشعب لبناء بيت الله. وهي ثماني رؤي، نتعلم منها الدروس الآتية:-
(أ) رؤية الأفراس المختلفة الألوان (1: 7-17) ونعرف منها عناية الله بشعبه ورعايته لهم، فيقول لهم الرب مشجعاً: "قد رجعت إلي أورشليم بالمراحم فبيتي يُبني فيها يقول رب الجنود" (1: 16).
(ب) رؤية القرون الأربع والصنَّاع الأربعة (1: 18-21) ومنها نتعلم أن أعداء شعبه سيدمرون، بل سيدَّمرون أنفسهم في الواقع، فلا تعود توجد أي مقاومة لبناء بيت الله.
(جـ) رؤية الرجل الذي بيده حبل قياس (الأصحاح الثاني)، وهي نبوه عن أن الرب سيجعل اورشليم تُسكن كالأعراء من كثره الناس والبهائم، وأنه سيحميها من كل أعدائها، حالما يبني بيت الرب، وستمتد المدينة وتتسع حتي تصبح مدينة كبيرة بلا أسوار لأن الرب سيكون "سيكون نار من حولها".
(د) رؤية يشوع الكاهن العظيم في ثياب قذرة حاملاً خطاياه وخطايا الشعب (الإصحاح الثالث)، ولكن تنزع عنه الثياب القذرة ويُلبس ثياباً مزخرفة وعمامة طاهرة، ويصبح رمزاً للمسيا الغصن الآتي.
(هـ) رؤية المنارة الذهبية والزيتونتين (الإصحاح الرابع)، ونتعلم منها أن المنظور يجب أن يخلي مكانه للروحي، وأنه من خلال "ابني الزيت" (4: 14)، زربابل الرجل العلماني، ويشوع الكاهن، سيظل نور بيت الله يضيء بلمعان باهر دائم، لأنه "لا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود" (عد6)، أي أن الرب هو الذي سيمنحهم القوة والشجاعة والمهارة لبناء بيت الله.
(و) رؤية الدرج الطائر (5: 1-4)، وتعني أنه عندما يُبني بيت الله وتنفذ شريعة الله ، تتطهر الأرض من الشرور.
(ز) رؤية الإيفة (5: 5-11) وهي صورة مجسمة للشر، وستحمل إلي أرض شنعار، أي أن الشر سيزال فعلاً من البلاد حالما يبني الهيكل.
(ح) رؤية المركبات الأربع (6: 1-8). وتعني أن عناية الله ستحل فوق بيت المقدس، وأن شعبه- وقد تطهروا من خطاياهم- سيسكنون آمنين فيه.
ويعقب هذه الرؤي الثماني، منظر تتويج يهوشع الكاهن العظيم رمزاً للمسيا الكاهن الملك الذي اسمه "الغصن" (6: 9-15).
|
|
|
|
17 - 03 - 2013, 01:13 PM
|
رقم المشاركة : ( 5 )
|
† Admin Woman †
|
رد: زكريا: النبي والملك والكاهن
(3) وفي الإصحاحين السابع والثامن نجد جواب زكريا علي مبعوثي بيت إيل، فيما يتعلق بالصيام، وكان ذلك في اليوم الرابع من الشهر التاسع من السنة الرابعة لداريوس الملك (أي في 518 ق.م.)، فقد اعتاد اليهود أن يصوموا في ذكري الأيام البارزة في تاريخ مدينتهم المقدسة: أ- الشهر الرابع الذي استولي فيه نبوخذنصر علي أورشليم (إرميا 52: 6)، ب- الشهر الخامس الذي أحرق فيه الهيكل (إرميا 52: 12,13). جـ- الشهر السابع الذي قتل فيه جدليا (إرميا 41: 2). د- الشهر العاشر الذي بدأ فيه حصار أورشليم (2 مل 25: 1).
وهناك أربعة أقسام لجواب النبي، تبدأ جميعها بعبارة: "ثم صار إلي كلام الرب" (أو ما يشببها- انظر 7: 4, 8، 8: 1, 18)، ومنها نتعلم:
أ- أن الصيام لا قيمة له إلا بالنسبة لهم، فالله يريد الطاعة (7: 4-7).
ب- أن يتعظوا بما حدث مع آبائهم، فقد أهملوا العدل والرحمة، فأوقع الله بهم قصاصه (7: 8- 14). جـ- أن الرب ينتظر أن يرجع إلي أورشليم لينقذ شعبه بالحق والقداسة، وبدلاً من اللعنة ستكون البركة، وعوضاً عن الشر سيكون الخير (8: 1-17).
د- ستتحول أيام صيامهم إلي اعياد طيبة وستأتي أمم كثيرة في ذلك اليوم ليطلبوا رب الجنود في أورشليم (8: 18- 23).
(2) الإصحاحات 9-14: ولا يوجد في العهد القديم جزء يحوي من الإعلانات المتعلقة بالأخرويات مثلما نجد في هذه الإصحاحات الستة الأخيرة من نبوه زكريا، حيث نري فيها:
أ- قضاء الله علي أعداء شعبه في ضوء مجيء رئيس السلام (9: 1- 17).
ب- خلي الرعاة الأشرار المكان للمسيا الراعي الحقيقي الذي سيجمع شعبه من كل مكان تشتتوا إليه (10: 1-12).
جـ- الراعي الصالح يخزي الرعاة الأشرار، ولكن يرفضه القطيع الذي سيعاني تحت يد راعٍ شرير (11: 1- 17).
د- ستنظر أورشليم في ضيقتها إلي من طعنه شعبها، وتتوب توبة صادقة بحزن عميق (12: 1-14).
هـ- تنقطع النبوة اليهودية، عندما يُضرب الراعي الصالح، ويُفتح الينبوع الذي يطهِّر من الخطية والنجاسة (13: 1-9).
و- وأخيراً يكشف النبي- في صورة رائعة- الستار عن مجئ المسيا ثانية إلي جبل الزيتون، إلي شعبه المحاصر، ويقضي تماماً علي العدو، ويطهِّر الأرض لتكون لائقة بقداسة الله (14: 1-21).
فالسفر يبدأ بدعوة للتوبة والقداسة، ويختم بتحقيق هذه القداسة في ملك المسيا، ملك البر والسلام.
|
|
|
|
17 - 03 - 2013, 01:14 PM
|
رقم المشاركة : ( 6 )
|
† Admin Woman †
|
رد: زكريا: النبي والملك والكاهن
ثالثاً: الكاتب ووحدة السفر:
لا خلاف في أن زكريا النبي هو كاتب الثمانية الإصحاحات الأولي، ذلك في الفترة التي يتحدث عنها الإصحاحان الخامس والسادس من سفر عزرا، رغم أن البعض حاولوا أن يميزوا بين زكريا صاحب النبوات وزكريا صاحب الرؤى.
ولكن المشكلة تدور حول الإصحاحات الستة الأخيرة، فيري كثيرون أن هذه الإصحاحات ليست من كتابة زكريا، ولا تشكل وحدة فيما بينها. والحجج التي يقدمونها تتلخص في الآتي:
(1) اختلاف اللهجة بين الإصحاحات الثمانية الأولي والإصحاحات الستة الأخيرة، فالإصحاحات الأولى تمتلئ بالرجاء والوعود، بينما الأخيرة تتحدث عن رعاة أشرار، وتنذر بهجوم العداء، كما إنه ليس بها أي إشارة إلي إعادة بناء الهيكل.
(2) توجد إشارة في 9: 13 إلي اليونان كالقوة البارزة أمام زكريا وليست فارس.
(3) الحط من قدر النبوة في الإصحاح الثالث عشر، والصور الرؤية في الإصحاح الرابع عشر مما يدل علي كتابتهما في تاريخ متأخر.
والحجتان الأوليتان تفترضان أنه لو أن زكريا هو الذي كتب هذه الإصحاحات، فلابد أنه كتبها نحو الوقت الذي كتب فيه الإصحاحات الأولي. ولكن لا سبيل أمامنا لمعرفة المدة التي تنبأ فيها زكريا، ولكن هناك أدلة علي أنه كان صغيراً عندما بدأ يتنبأ (انظر زك 2: 4) في 520 ق.م. وقد ظل إرميا يتنبأ طيلة أربعين عاماً. ولو أن زكريا تنبأ بهذه الإصحاحات في شيخوخته، لكان معني ذلك أنه تنبأ بها في وقت معاصر لملاخي وعزرا ونحميا، عندما بدأت شعلة الحماسة الأولي تخبو ويحل محلها التقاعس والفتور والضعف والخوف من هجمات الأعداء.
أما الإشارة اليونان (ياوان- 9: 13)، فلا غرابة فيها، فإذا لم يكن المعترض يؤمن بالنبوة الإلهية وهي واضحة في السفر في التنبؤ عن الملك والراعي في نفس هذه الإصحاحات، فإن اليونان (أو ياوان) قد ذكرت أيضاً بالاسم في حزقيال (27: 13, 19)، وكذلك في إشعياء (66: 19) باعتبارها أحد المواضع التي سيذهب إليها رسل الرب لإعلان مجده.
والعجب الذي يستلفت النظر- في هذه الحجج- ان أولئك المعترضين يجعلون "إشعياء الثالث" (إش 56-66) معاصراً لزكريا الذي كتب الإصحاحات الثمانية الأولي. ومن المحتمل جداً أن زكريا رأي المركبات ذاهبة إلي الغرب (6: 6)، كما أنه رأي مسبقاً الأسري يعودون من المشرق ومن أرض مغرب الشمس (8: 7)، بل إن يوئيل يشير إلي الفينيقيين قد باعوا "بني يهوذا وبني أورشليم لبني الياوانيين" (يؤ 3: 6)، فمنذ نحو 520 ق.م. بدأ اليونانيون في أسيا الصغري يثيرون المتاعب لداريوس، وقاموا بثورة كبيرة في 500 ق.م. وفي 499 ق.م. أحرق الأثينيون الحصن الفارسي في ساردس. وفي 499، 480 ق.م. انهزم الفرس في حملتهم علي بلاد اليونان هزيمة منكرة في موقعة"ماراثون" الشهيرة، ومعركة سلاميس البحرية. ومن وجهة نظر بشرية محضة كان يمكن لزكريا أن يري في قوة اليونان المتصاعدة خطراً يهدد الشواطئ الغربية للإمبراطورية الفارسية، ولابد أنهم أغاروا كثيراً علي شواطئ فلسطين. كما يجب أن نلاحظ أن "ياوان" كانت واحدة من قوي كثيرة ذكرها النبي في الإصحاح التاسع.
أما القول بأن هناك حط من قدرة النبوة في الإصحاح الثالث عشر، فهو تطرف بل أنحرف في التفسير، فالكاتب لا يحط من قدرة النبوة، حيث أنه هو نفسه كان نبياً، والفكرة الأساسية هي الراعي المطعون الذي سيفتح موته الينبوع للتطهير من الخطية والنجاسة، كذروة كل النبوات، وهكذا تنتهي النبوات، وهكذا ستنتهي النبوات الحقيقة، وكل نبوة تصدر بعد ذلك لابد أنها نبوة كاذبة.
أما الحجة المتعلقة بالصورة الرؤوية الخيالية في الإصحاح الرابع عشر، فلا تقوم عيل أساس ثابت، بل هي مجرد رأي ذاتي، فالنبوات المتعلقة بالأخرويات عديدة في نبوات العهد القديم، ولم تكن قاصرة علي فترة ما بين العهدين، كما يزعمون.
ومن الوجهة الإيجابية هناك وجوه ارتباط قوية بين الإصحاحات الأولي والإصحاحات الأخيرة. فمثلاً: الحاجة إلي التوبة والتطهر (1: 4، 3: 3, 4, 9،5: 1-11، 7: 5 -9، 9: 7، 12: 10، 13: 1, 9)، وأورشليم هي الرأس (1: 16, 17، 2: 11, 12: 6، 14: 9, 10)، ورجوع الأمة (2: 6, 10، 8: 7, 8، 9: 12، 10: 6-12)، وإخضاع أعداء إسرائيل (1: 21، 12: 14)، وتجديدهم (2: 11، 8: 20-23 ،9: 7، 14: 16-19).
كما يوجد تشابه في الأسلوب، مثل استخدامه عدد "2" بكثرة (4: 3، 5: 9، 6: 1، 11: 7،13: 8)، واستخدامه صيغة المنادي (2: 7, 10، 3: 2, 8،4: 7، 9: 9, 13، 11: 1,2، 13: 7)، وعبارة "ذاهب وآئب" (7: 14، 9: 8) وهي عبارة لا ترد في أي مكان آخر في العهد القديم.
وقد يكون من العسير إثبات وحدة الكتاب إيجابياً، ولكن ليس معني هذا إنكارها، وأمامنا كل ما ذكرناه من وجوه التشابه.
|
|
|
|
17 - 03 - 2013, 01:14 PM
|
رقم المشاركة : ( 7 )
|
† Admin Woman †
|
رد: زكريا: النبي والملك والكاهن
1- زكريا النبى " هوذا ملكك يأتى إليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان " " زك 9 : 9 " مقدمة
زكريا هو الحادى عشر بين الأنبياء الصغار الإثنى عشر ، وكان معاصراً للنبى حجى ، ويسميهما البعض « التوأمين بين الأنبياء » ، وقد عاد الإسرائيليون من السبى البابلى ، وقد عاد زكريا ، وهو شاب ، مع العائدين فى أول مرة ، وكان كاهناً ونبياً ، وقد كافح لبناء الهيكل الثانى فى أورشليم ، وكان عليه أن يعمل على بناء هذا الهيكل ، وفى الوقت نفسه يعد الشعب لحياة أفضل وأكمل ، وإذا كان حجى - واسمه يفيد الحجج أو الذهاب إلى العيد ، أو يمكن أن ندعوه فى اللغة الشائعة «عياد» الذى يعيد بعد السبى الطويل ، ويعود إلى حياة الفرح والبهجة - فإن زكريا يمتد إلى أكثر من ذلك ، إذ معناه « الرب يذكر » وقد كشف برؤاه الثمانى المجيدة ، ونبواته الرائعة ، كيف أن الرب سيذكر شعبه ويضمن سلامهم إلى آخر الأيام ، ... وهو من أكثر الناس لذلك حديثاً ونبوة عن يسوع المسيح ومجيئه فى الجسد ، ووداعته ، وصلبه ، حتى تنتهى الرؤى والنبوات إلى آخر الأيام ، ومن المعتقد أنه فى رؤاه وحديثه عن المسيح ، لا يباريه فى هذا الشأن من الأنبياء سوى إشعياء ، وأنه فى عرف الكثيرين يأتى تالياً لإشعياء فى هذا المجال !! .. ومن المعتقد أنه بدأ نبوته وهو شاب فى عام 520 ق.م. ، وها نحن نراه فيما يلى :
|
|
|
|
17 - 03 - 2013, 01:15 PM
|
رقم المشاركة : ( 8 )
|
† Admin Woman †
|
رد: زكريا: النبي والملك والكاهن
زكريا ورؤاه الثمانى المجيدة
وهى ثمانى رؤى متتالية مجيدة ، يقول البعض إن النبى رآها متلاحقة فى ليلة من الليالى ، وقد نهض الناس لبناء الهيكل وربما كان ذلك فى تمام 520 ق.م. ... ومن نعم اللّه على الإنسان أنه يعطيه الرؤيا ، ... وهى بركات روح اللّه التى تحدث عنها يوئيل النبى ، عندما ينسكب روح اللّه على كل بشر ، فيتنبأ بنوننا وبناتنا ، ويرى شبابنا رؤى، ويحلم شيوخنا أحلاماً ، والحياة فى الواقع ، لا يمكن أن تكون صحيحة أو مجيدة بدون هذه الرؤى والأحلام ، ومن ثم فإن الروائيين والكتاب والشعراء ، وهم يتخيلون عالماً أفضل وأعظم وأمجد ، تمتد رؤاهم عبر الواقع التعس المحزن الأليم ، ... وقد قال أحد الكتاب : « إن الرجل الذى يستطيع أن يتكلم إلى القلوب المهزوزة والنفوس التعسة ، لابد أن يكون ذلك الإنسان الذى يعرف قلبه ونفسه ، ومقدار ما عانى من اضطرابات مماثله لما يعانيه الناس الآخرون فى الحياة ، .. الإنسان الذى خاض معركته ، وجابه الظلام ، ووصل إلى النور الذى أعطاه اللّه إياه فى مواجهة الآلام ،... هذا الإنسان الذى منحة اللّه لمسة الحنان والرفق تجاه الشكوك والتعثرات والتخبطات التى تحيط بالناس حوله » ... ولابد لنا أن نرى النبى بهذا المعنى ، إذ أنه ليس الإنسان الذى يتلقى الوحى آلياً ، أو الذى لا يدرك معنى الشكوك التى يكافحها ، أو التجارب التى يندد بها ، أو اليأس ، أو البؤس الذى يريد أن يخلص الناس منه ، ... إنه الإنسان الخاضع لنفس الآلام التى يقع تحتها الآخرون ، وقد جرب بتجاربهم ، ولكنه بروح اللّه تعلم الانتصار والغلبة على المصاعب والمشاكل والمتاعب التى واجهها ، وهو من نبع الإختبار ، وبسلام الإيمان ، يمكن أن يحارب فى معارك الرب ، ويقود الناس إلى النصر فيها » ... وبهذا المعنى كان زكريا النبى ، وهو يكشف رؤى اللّه للناس !!
فإذا تصور الناس فى زحام الحياة ومتاعب الأيام ، أن اللّه قد ترك الأرض والقوى فيها يأكل الضعيف ، والمستبد يهلك الوادع ، وأن الأمور تسير فى كل شئ وفق الأهواء أو النزوات ، وبدا كما لو أنه ليس هناك إله يحكم الناس ، أو عناية تتمشى فى حياتهم ، فإن ملاك اللّه يظهر لزكريا ليرى شجر « الآس » ، وهو ذلك النوع من الشجر القصير الصغير ، الظليل الجميل الدائم الاخضرار ، العطرى الرائحة ، وهو الاسم العبرى الذى أطلق على أستير الملكة ، وربما أطلقه مردخاى عليهم إشارة إلى جمالها الفائق الفتان ، وقد علته مسحة من الكابة والوحشة والتعاسة التى أورثها إياها الفقر واليتم والسبى ، ... وأورشليم كانت بهذا المعنى شجرة آس ، وهى تعود من السبى والمنفى والألم ، ولكنها ما تزال ممتلئة بالتعاسة والوحشة والبؤس ، ... وربما خطر على بال الناس فيها أن اللّه قد ترك الأرض ، ... ولكنه يؤكد أنه يرسل خيله لتجول فى الأرض كلها ، وهو لا ينسى أحداً ، ولا يهمل أحداً ، ولا يتغاضى عن أحد.
ومهما اختلف لون الخيل الحمر والشقر والشهب ، ومهما كانت ترمز إلى ألوان العناية فى تعدد مظاهرها ، ... إلا أن المعنى المقصود هو أن اللّه لا يغفل عن شئ أو يهمل شيئاً فى الأرض !! .. وإذا كانت عناية اللّه تمتد إلى كل الأرض ، فإنها تهتم على وجه الخصوص بشجرة الآس ، التى ترمز إلى أورشليم ، أو إلى كنيسة اللّه العلى ، ... التى تحيط بها المتاعب أو الضيقات ولكنها ليست متروكة على الإطلاق من اللّه .
فإذا تحولنا إلى الرؤيا الثانية ، فإننا نبصر هناك أربعة قرون ، هى رمز للشر الذى سيطر فترة من الزمان ، وبدد يهوذا وإسرائيل وأورشليم ، وهذه القرون الأربعة ، فى تصور الشراح ، هى ممالك بابل ، ومادى وفارس ، واليونان ، وروما ، الممالك الأربع العالية التى بددت أورشليم ، والتى خرج فى إثرها الصناع الأربعة وهم قوى اللّه العظيمة الأدبية ، ورآها بعضهم البر ، والعدالة ، والضمير ، والعناية ، وهى التى ستتغلب آخر الأمر ، وتقضى على كل المفاسد والاثام والشرور ، وتؤكد أن اللّه لا يمكن أن يتخلى عن شعبه وأبنائه ، وستسقط كل القوى الطاغية تحت أقدامهم ، ..
فإذا جئنا إلى الرؤيا الثالثة ، فنحن أمام غلام يحاول أن يقيس أورشليم ، ليرى كم طولها وكم عرضها ، وقد بدت أمامه صغيرة ضعيفة مخربة ، ولكن الملاك يمنعه ، لأنه لا يمكن أن تقاس أورشليم التى ستتسع لكل المؤمنين فى الأرض ، وهى ليست أورشليم القديمة ، التى تعرضت للغزو والفتح والتدمير ، بل أورشليم السماوية ، كنيسة اللّه التى ستغزو وتمد أطنابها فى الأرض كلها .
فإذا كان هناك خوف من آثام الماضى ، وهل يمكن أن تتكرر ، فنحن إزاء الرؤيا الرابعة ، والتى يظهر فيها يهوشع الكاهن العظيم ، وهو يمثل شعب اللّه ، لابساً ثيابه القذرة ، وإذا بالنعمة الإلهية تخلع عنه ثيابه ، وإثمه ، وتلبسه ثياباً مزخرفة ، وتضع على رأسه العمامة الطاهرة ، عندما يأتى عبد الرب « الغض » المسيح الذى بنعمته وروحـــه يزيل إثم الأرض وشرها بدم صليبه !! ..
فإذا ظهرت االصعوبات القاسية كالجبال الرواسى فى طريق بيت اللّه وعمله وخدمته، فنحن نرى فى الرؤيا الخامسة منظر المنارة التى كلها ذهب ، وكوزها على رأسها وسبعة سرج عليها ، وسبع أنابيب للسرج التى على رأسها وعندها زيتونتان ... إحداهما عن يمين الكوز والأخرى عن يساره ، .. ونحن هنا إزاء بيت اللّه الذى يشع منه النور ليملأ الأرض كلها ، وإزاء النعمة التى تجعله دائماً مضيئاً ومنيراً ، فإذا كانت هناك صعوبات هائلة ، فى طريقه ، فإن الجبل يضحى سهلا لا بقدرة الإنسان ، أو قوته ، أو جهده البشرى ، بل بقوة وعمل روح اللّه .
فإذا قيل : ولكن المدينة ما تزال ممتلئة بالأشرار والمجرمين واللصوص والأثمة والخطاة ، فنحن هنا إزاء الدرج الطويل العريض الذى رآه فى الرؤيا السادسة والذى يحمل اللعنة والملعونين ، لإبادة أسمائهم من الأرض ..
فإذا قيل أيضاً : ولكن إلى متى يكون هذا ، ومتى سيبقى الشر بعيداً عن النهوض مرة أخرى ؟؟ ... فنحن نأتى إلى الرؤيا السابعة فى إيفة الشر التي تجلس فيها امرأة ، وقد أغلق على فمها بثقل من الرصاص ، وحملت على أجنحة لتدفن في أرض شنعار ، حيث لا تقوم لها قائمة بعد ..
وحتى يبدو هذا مؤكداً فنحن آخر الأمر أمام الرؤيا الثامنة ، التى تتحدث عن مركبات اللّه المنتصرة التى تخرج إلى كل مكان فى الأرض ، .. ومن الواضح أن الخيل التى تقود المركبات مختلفة الألوان ، فالحمر فى عرف الشراح تشير إلى الدم والمعارك التى يستخدمها اللّه كواحدة من سبل العناية وإتمام مشيئته ، والدهم - وهى أقرب إلى السواد - تشير إلى الحزن والمجاعة ، والشهيب الأقرب إلى البياض ، تتحدث من البهجة والمسرة ، والمنمرة الشقر ، هى مزاج الآمال والآلام والراحة والمتاعب ، ... وقيل إن الحمر تتجه إلى الشمال إلى بابل ، وتتبعها الدهم إلى مادى وفارس ، والشهب نحو اليونان !! والنمرة نحو روما ، ..
فإذا أخذت الرؤى جميعها معاً ، فإنها تبدو أمامنا فى صورة الصراع الظاهر فى سفر الرؤيا بين الخير والشر ، وأن الشر مهما يفعل فسيسقط مهما بدت قوته ، ومظهره، وسلطانه ، وعمله !! ... وأن الحق والخير والجمال والنور ، مقرر لها الغلبة من أول الأمر ومن ابتداء المعركة !! .. أما زكريا نفسه ، يبدو أمامنا فى صورة الرجل الذى يلمع وجهه بالرجاء ، فى قلب الظلمة الداكنة !!
|
|
|
|
17 - 03 - 2013, 01:15 PM
|
رقم المشاركة : ( 9 )
|
† Admin Woman †
|
رد: زكريا: النبي والملك والكاهن
زكريا ورؤاه الثمانى المجيدة
وهى ثمانى رؤى متتالية مجيدة ، يقول البعض إن النبى رآها متلاحقة فى ليلة من الليالى ، وقد نهض الناس لبناء الهيكل وربما كان ذلك فى تمام 520 ق.م. ... ومن نعم اللّه على الإنسان أنه يعطيه الرؤيا ، ... وهى بركات روح اللّه التى تحدث عنها يوئيل النبى ، عندما ينسكب روح اللّه على كل بشر ، فيتنبأ بنوننا وبناتنا ، ويرى شبابنا رؤى، ويحلم شيوخنا أحلاماً ، والحياة فى الواقع ، لا يمكن أن تكون صحيحة أو مجيدة بدون هذه الرؤى والأحلام ، ومن ثم فإن الروائيين والكتاب والشعراء ، وهم يتخيلون عالماً أفضل وأعظم وأمجد ، تمتد رؤاهم عبر الواقع التعس المحزن الأليم ، ... وقد قال أحد الكتاب : « إن الرجل الذى يستطيع أن يتكلم إلى القلوب المهزوزة والنفوس التعسة ، لابد أن يكون ذلك الإنسان الذى يعرف قلبه ونفسه ، ومقدار ما عانى من اضطرابات مماثله لما يعانيه الناس الآخرون فى الحياة ، .. الإنسان الذى خاض معركته ، وجابه الظلام ، ووصل إلى النور الذى أعطاه اللّه إياه فى مواجهة الآلام ،... هذا الإنسان الذى منحة اللّه لمسة الحنان والرفق تجاه الشكوك والتعثرات والتخبطات التى تحيط بالناس حوله » ... ولابد لنا أن نرى النبى بهذا المعنى ، إذ أنه ليس الإنسان الذى يتلقى الوحى آلياً ، أو الذى لا يدرك معنى الشكوك التى يكافحها ، أو التجارب التى يندد بها ، أو اليأس ، أو البؤس الذى يريد أن يخلص الناس منه ، ... إنه الإنسان الخاضع لنفس الآلام التى يقع تحتها الآخرون ، وقد جرب بتجاربهم ، ولكنه بروح اللّه تعلم الانتصار والغلبة على المصاعب والمشاكل والمتاعب التى واجهها ، وهو من نبع الإختبار ، وبسلام الإيمان ، يمكن أن يحارب فى معارك الرب ، ويقود الناس إلى النصر فيها » ... وبهذا المعنى كان زكريا النبى ، وهو يكشف رؤى اللّه للناس !!
فإذا تصور الناس فى زحام الحياة ومتاعب الأيام ، أن اللّه قد ترك الأرض والقوى فيها يأكل الضعيف ، والمستبد يهلك الوادع ، وأن الأمور تسير فى كل شئ وفق الأهواء أو النزوات ، وبدا كما لو أنه ليس هناك إله يحكم الناس ، أو عناية تتمشى فى حياتهم ، فإن ملاك اللّه يظهر لزكريا ليرى شجر « الآس » ، وهو ذلك النوع من الشجر القصير الصغير ، الظليل الجميل الدائم الاخضرار ، العطرى الرائحة ، وهو الاسم العبرى الذى أطلق على أستير الملكة ، وربما أطلقه مردخاى عليهم إشارة إلى جمالها الفائق الفتان ، وقد علته مسحة من الكابة والوحشة والتعاسة التى أورثها إياها الفقر واليتم والسبى ، ... وأورشليم كانت بهذا المعنى شجرة آس ، وهى تعود من السبى والمنفى والألم ، ولكنها ما تزال ممتلئة بالتعاسة والوحشة والبؤس ، ... وربما خطر على بال الناس فيها أن اللّه قد ترك الأرض ، ... ولكنه يؤكد أنه يرسل خيله لتجول فى الأرض كلها ، وهو لا ينسى أحداً ، ولا يهمل أحداً ، ولا يتغاضى عن أحد.
ومهما اختلف لون الخيل الحمر والشقر والشهب ، ومهما كانت ترمز إلى ألوان العناية فى تعدد مظاهرها ، ... إلا أن المعنى المقصود هو أن اللّه لا يغفل عن شئ أو يهمل شيئاً فى الأرض !! .. وإذا كانت عناية اللّه تمتد إلى كل الأرض ، فإنها تهتم على وجه الخصوص بشجرة الآس ، التى ترمز إلى أورشليم ، أو إلى كنيسة اللّه العلى ، ... التى تحيط بها المتاعب أو الضيقات ولكنها ليست متروكة على الإطلاق من اللّه .
فإذا تحولنا إلى الرؤيا الثانية ، فإننا نبصر هناك أربعة قرون ، هى رمز للشر الذى سيطر فترة من الزمان ، وبدد يهوذا وإسرائيل وأورشليم ، وهذه القرون الأربعة ، فى تصور الشراح ، هى ممالك بابل ، ومادى وفارس ، واليونان ، وروما ، الممالك الأربع العالية التى بددت أورشليم ، والتى خرج فى إثرها الصناع الأربعة وهم قوى اللّه العظيمة الأدبية ، ورآها بعضهم البر ، والعدالة ، والضمير ، والعناية ، وهى التى ستتغلب آخر الأمر ، وتقضى على كل المفاسد والاثام والشرور ، وتؤكد أن اللّه لا يمكن أن يتخلى عن شعبه وأبنائه ، وستسقط كل القوى الطاغية تحت أقدامهم ، ..
فإذا جئنا إلى الرؤيا الثالثة ، فنحن أمام غلام يحاول أن يقيس أورشليم ، ليرى كم طولها وكم عرضها ، وقد بدت أمامه صغيرة ضعيفة مخربة ، ولكن الملاك يمنعه ، لأنه لا يمكن أن تقاس أورشليم التى ستتسع لكل المؤمنين فى الأرض ، وهى ليست أورشليم القديمة ، التى تعرضت للغزو والفتح والتدمير ، بل أورشليم السماوية ، كنيسة اللّه التى ستغزو وتمد أطنابها فى الأرض كلها .
فإذا كان هناك خوف من آثام الماضى ، وهل يمكن أن تتكرر ، فنحن إزاء الرؤيا الرابعة ، والتى يظهر فيها يهوشع الكاهن العظيم ، وهو يمثل شعب اللّه ، لابساً ثيابه القذرة ، وإذا بالنعمة الإلهية تخلع عنه ثيابه ، وإثمه ، وتلبسه ثياباً مزخرفة ، وتضع على رأسه العمامة الطاهرة ، عندما يأتى عبد الرب « الغض » المسيح الذى بنعمته وروحـــه يزيل إثم الأرض وشرها بدم صليبه !! ..
فإذا ظهرت االصعوبات القاسية كالجبال الرواسى فى طريق بيت اللّه وعمله وخدمته، فنحن نرى فى الرؤيا الخامسة منظر المنارة التى كلها ذهب ، وكوزها على رأسها وسبعة سرج عليها ، وسبع أنابيب للسرج التى على رأسها وعندها زيتونتان ... إحداهما عن يمين الكوز والأخرى عن يساره ، .. ونحن هنا إزاء بيت اللّه الذى يشع منه النور ليملأ الأرض كلها ، وإزاء النعمة التى تجعله دائماً مضيئاً ومنيراً ، فإذا كانت هناك صعوبات هائلة ، فى طريقه ، فإن الجبل يضحى سهلا لا بقدرة الإنسان ، أو قوته ، أو جهده البشرى ، بل بقوة وعمل روح اللّه .
فإذا قيل : ولكن المدينة ما تزال ممتلئة بالأشرار والمجرمين واللصوص والأثمة والخطاة ، فنحن هنا إزاء الدرج الطويل العريض الذى رآه فى الرؤيا السادسة والذى يحمل اللعنة والملعونين ، لإبادة أسمائهم من الأرض ..
فإذا قيل أيضاً : ولكن إلى متى يكون هذا ، ومتى سيبقى الشر بعيداً عن النهوض مرة أخرى ؟؟ ... فنحن نأتى إلى الرؤيا السابعة فى إيفة الشر التي تجلس فيها امرأة ، وقد أغلق على فمها بثقل من الرصاص ، وحملت على أجنحة لتدفن في أرض شنعار ، حيث لا تقوم لها قائمة بعد ..
وحتى يبدو هذا مؤكداً فنحن آخر الأمر أمام الرؤيا الثامنة ، التى تتحدث عن مركبات اللّه المنتصرة التى تخرج إلى كل مكان فى الأرض ، .. ومن الواضح أن الخيل التى تقود المركبات مختلفة الألوان ، فالحمر فى عرف الشراح تشير إلى الدم والمعارك التى يستخدمها اللّه كواحدة من سبل العناية وإتمام مشيئته ، والدهم - وهى أقرب إلى السواد - تشير إلى الحزن والمجاعة ، والشهيب الأقرب إلى البياض ، تتحدث من البهجة والمسرة ، والمنمرة الشقر ، هى مزاج الآمال والآلام والراحة والمتاعب ، ... وقيل إن الحمر تتجه إلى الشمال إلى بابل ، وتتبعها الدهم إلى مادى وفارس ، والشهب نحو اليونان !! والنمرة نحو روما ، ..
فإذا أخذت الرؤى جميعها معاً ، فإنها تبدو أمامنا فى صورة الصراع الظاهر فى سفر الرؤيا بين الخير والشر ، وأن الشر مهما يفعل فسيسقط مهما بدت قوته ، ومظهره، وسلطانه ، وعمله !! ... وأن الحق والخير والجمال والنور ، مقرر لها الغلبة من أول الأمر ومن ابتداء المعركة !! .. أما زكريا نفسه ، يبدو أمامنا فى صورة الرجل الذى يلمع وجهه بالرجاء ، فى قلب الظلمة الداكنة !!
|
|
|
|
17 - 03 - 2013, 01:17 PM
|
رقم المشاركة : ( 10 )
|
† Admin Woman †
|
رد: زكريا: النبي والملك والكاهن
زكريا والجواب على أسئلة الشعب عندما دمرت أورشليم وأخذ الشعب إلى السبى ، وتحول الهيكل ركاماً وأنقاضاً وتراباً ، فقد الشعب طقوسه وفرائضه ، غير أنه فى السبى - وقد سيطر عليه الحزن ، واستبد به الألم - رأى أن يأخذ نفسه بألوان من الصوم ، لم تكن عنده أصلا ، وعاش السبعين عاماً وهو يصوم وينوح فى الشهر الخامس والسابع ، ... وبعد أن انتهى السبى، كان لابد أن يسأل نفسه هذا السؤال : ترى هل يستمر فى الصوم ، أو يغيره ، أو يقلع عنه ؟؟ ، .. وقد كان من المشجع على الاستمرار ، أنه رغم العودة إلى أورشليم فإن الخراب الذى يسود البلاد ، والحياة التى يعيشها الناس فى ضعف وفقر وجدب ، وماتزال قائمة باقية ، فهل يستمر فى الصوم إلى أن تنتهى وتتلاشى ؟ وقد أجاب اللّه على لسان زكريا ، مقرراً أن الأصل عند اللّه ليس الطقس أو الصوم ، بل حياة البر والطاعة ، وأنهم لو عاشوا هذه الحياة ، لما جاء السبى ، ولما كانت هناك حاجة إلى التزيد فى الطقوس والأصوام ، ... وأن السر كل السر فى الضياع هو أن الناس لم تسمع لكلمة اللّه ولا لشريعته وإرشاده ، فكانت النتيجة مجئ غضب اللّه العظيم ، والعقاب المروع ، والنبى يكشف كيف أن الناس لم يسمعوا الشريعة ، إذ أصموا آذانهم وثقلوها ، وذلك سواء بالانتباه إلى أصوات أخرى تأتيهم من خداع العالم والخطية والشر ، أو أنهم تمردوا على الكلمة فامتنعوا عن سمعها ، بعد الإنصات أو عدم الذهاب إلى بيت اللّه ، ولم يقبلوا الخدمة ، فأداروا ظهورهم وأعطوا كتفاً معاندة ، وكانت النتيجة أن ضاع السلام وولى ، وجاء الخراب والتدمير والتشريد والنفى ، ...
والسلام لا يمكن أن يأتى بالفرائض والطقوس ، ... ومع أن زكريا كان يشجــــع على بناء هيكل اللّه ، ولكنه مع ذلك لم يحاول أن يربط السلام بمجرد المساهمة فى بناء البيت أو تزيينه . إن السلام يرتبط بشئ فى الداخل فى سريرة الإنسان وأعماقه ، ومن ثم فليس يكفى أن يصوم الصوم الطقسى فى شهور معينة من السنة ، بل المهم أن يحب الحق ويصنع الإحسان والرحمة ، ويمد يده للمساعدة ، ولمعونة الأرملة واليتيم والغريب والفقير ، إن مساعدة الضعيف والعاجز ثمرة من ثمرات الحياة الدينية المتعمقة مع اللّه ، وهنا نجد النبى يحض على الدين العملى ، وليس النظرى فحسب ، وإذ قد لا يفهم الإنسان العقائد اللاهوتية العميقة ، وقد يصعب عليه إدراك المباحثات الدينية البعيدة !! ... لكنه يستطيع أن يحيا الحياة الدينية بممارستها !!
إذ يحدث هذا ، يقودنا النبى إلى العصر الذهبى المجيد الذى يتمتع فيه الناس بالحياة المبتهجة السعيدة ، فنرى المدينة وقد امتلأت بصبيانها وبناتها ، بشيوخها وشيخاتها ، وهم يجلسون فى الراحة والأمن والسلام ، دون ضيق أو إزعاج ، فإذا بدت الصورة جزئياً فى العودة من السبى ، إلا أن الأمر لن يقصر على شعب واحد ، لأنه : « هكذا قال رب الجنود سيأتى شعوب بعد وسكان مدن كثيرة وسكان واحدة يسيرون إلى أخرى قائلين لنذهب ذهاباً لنرضى وجه الرب ونطلب رب الجنود . أنا أيضاً أذهب . فأتى شعوب كثيرة وأمم قوية ليطلبوا رب الجنود فى أورشليم وليترضوا وجه الرب . هكذا قال رب الجنود : فى تلك الأيام يمسك عشرة رجال من جميع ألسنة الأمم يتمسكون بذيل رجل يهودى قائلين نذهب معكم لأننا سمعنا أن اللّه معكم » " زك 8 : 02 - 32 " وهنا نخرج من نطاق اليهودية الضيق ، إلى مجد المسيحية العظيم !! ..
|
|
|
|
أدوات الموضوع |
|
انواع عرض الموضوع |
العرض العادي
|
الساعة الآن 09:27 AM
|