صنع " البارون فريتاس - Baron Veritas " درعًا ضخمًا وثبته في الطريق أمام قلعته
وكان من حين إلى آخر يقف وراء أحد النوافذ ليشاهد المسافرين القادمين من الجنوب والقادمين من الشمال يقفون ويتأملون جمال الدرع، ويعلقون عليه. كان المسافرون غالبًا ما يحملون أسلحة لمواجهة مخاطر الطريق كما يميلون إلى الحوار في أي شيء.
جاء مسافر من الجنوب ووقف يتأمل الدرع في دهشة وهو ممتطي فرسه، وسرعان ما جاء من الاتجاه المضاد مسافر آخر يمتطي فرسه.
قال القادم من الجنوب: "يا لجمال الدرع وعظمته، حقًا إن البارون فريتاس إنسان غني يصنع هذا الدرع كله من الذهب!"
علق الرجل الآخر: "حقًا يا لغنى البارون وعظمته، لقد صنع هذا الدرع الجميل والثمين، لكنه ليس من الذهب بل من الفضة".
في لهجة قاسية قال رجل الجنوب: "إنه من الذهب، ليس من الفضة، أما تستطيع أن تميز الذهب من الفضة؟"
قال رجل الشمال: "ألا ترى؟ إنه من الفضة!"
رجل الجنوب: "لعل الضباب قد حجب عنك الرؤية، إنه من الذهب. تعال وأنظر!
رجل الشمال: "إنني متأكد مما أقول، إنه من الفضة!"
تشاجر الاثنان معًا وهما راكبان فرسيهما وفي تحركهما تحول اتجاه كل واحد ليقف في موضع الآخر.
إذ كان رجل الجنوب قد أصيب بتعب شديد قال لزميله: "إني آسف إنك على حق، إنه من الفضة لا من الذهب!"
تطلع الآخر إلى الدرع ثم قال: "لا، بل أنت كنت على حق، فإنه ليس من الفضة بل من الذهب!"
بدأ الاثنان يتحاوران بعنف، فنزل إليهما البارون وقال لهما: "فيمَ تتخاصمان؟ "
وإذ سمع لهما أخذهما معًا كأنهما قادمان من الجنوب فنظراه من الذهب، ثم سار بهما إلى الاتجاه الآخر فنظراه من الفضة، ثم قال لهما: "إن الدرع من جانب معين من الفضة، ومن الجانب الآخر من الذهب، لكن كل منكما قد رآه من جانب واحد فقط. ليتنا عوض أن نتخاصم ننظر إلى الحقيقة من كل جوانبها!"
* لماذا تتخاصمين يا نفسي مع الآخرين؟!
لماذا تعتدين برأيكِ، كأنه ليس من يفهم الأمور غيرك؟!
* لترفعني يا إلهي معك إلى سمواتك، فأتشبه بك!
هب لي يا رب البصيرة اللائقة يا ناظر كل الأمور!
هب لي يا رب القلب المتسع يا محب الجميع!
فأرى الأمور من كل جوانبها!
وأحترم بالحب رؤية الآخرين وأفكارهم